فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا

رقم الحديث 318 [318] ( أَنَّهُمْ تَمَسَّحُوا) مِنَ التَّفَعُّلِ وَالْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ هُوَ إِصَابَةُ الْمَاءِ بِالْيَدِ وَفِي التَّيَمُّمِ إِمْرَارُ الْيَدِ بِالتُّرَابِ ( وَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ( بِالصَّعِيدِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمَسَّحُوا ( فَمَسَحُوا بِأَيْدِيهِمْ) الْيَدُ مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ مِنَ الْمَنْكِبِ إِلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ ( إِلَى الْمَنَاكِبِ) جَمْعُ مَنْكِبٍ وَهُوَ مُجْتَمَعُ رَأْسِ الْعَضُدِ ( وَالْآبَاطِ) الْإِبْطُ مَا تَحْتَ الْجَنَاحِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ آبَاطٌ ( مِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَسَحُوا أَيْ مَسَحُوا مِنْ بُطُونِ الْأَيْدِي لَا مِنْ ظُهُورِهَا قال العلامة محمد إِسْحَاقَ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ شَيْخُ شَيْخِنَا هَذَا قِيَاسُ الصَّحَابَةِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ بَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَيَّنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمُوا كَيْفِيَّةَ التَّيَمُّمِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ عَمَّارٌ تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المناكب وروى عنه النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ فَكَأَنَّ قَوْلَهُ تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى



رقم الحديث 322 [322] ( فَقَالَ إِنَّا نَكُونُ بِالْمَكَانِ الشَّهْرَ أَوِ الشَّهْرَيْنِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رُبَّمَا نَمْكُثُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَلَا نَجِدُ الْمَاءَ ( إِذْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي الْإِبِلِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَنَحْنُ نَرْعَى الْإِبِلَ ( فَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ) مِنْ بَابِ التَّفَعُّلِ وَأَصْلُ الْمَعْكِ الدَّلْكُ مَعَكَهُ فِي التُّرَابِ يَمْعَكُهُ مَعْكًا وَمَعَكَهُ تَمْعِيكًا مَرَّغَهُ فِيهِ وَالتَّمَعُّكُ التَّقَلُّبُ فِيهِ
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ في سرية فأجنبنا فلم نجد ماءا فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ.
وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ ( أَنْ تَقُولَ هَكَذَا) أَيْ تَفْعَلَ هَكَذَا ( إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَبِي حَبِيبِ بْنِ صَهْبَانَ
فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ
وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَمَّارٍ نَفْسِهِ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى رِوَايَةِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فَهُوَ فَقِيهٌ حَافِظٌ لَمْ يَشُكَّ فِي الْحَدِيثِ وَسِيَاقُهُ أَحْسَنُ انْتَهَى
وَسَتَأْتِي رِوَايَةُ الْحَكَمِ ( إِنْ شِئْتَ وَاللَّهِ لَمْ أَذْكُرْهُ أَبَدًا) أَيْ إِنْ رَأَيْتَ الْمَصْلَحَةَ فِي إِمْسَاكِي عن التحديث به راجحة على مصلحة فِي تَحْدِيثِي بِهِ أَمْسَكْتُ فَإِنَّ طَاعَتَكَ وَاجِبَةٌ عَلَيَّ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَأَصْلُ تَبْلِيغِ هَذِهِ السُّنَّةِ قَدْ حَصَلَ ( فَقَالَ عُمَرُ كَلَّا وَاللَّهِ) لَا تُمْسِكْ تَحْدِيثَكَ بِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَذَكُّرِي أَنْ لَا يَكُونَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَيْسَ لِي أَنْ أَمْنَعَكَ مِنَ التَّحْدِيثِ بِهِ ( لَنُوَلِّيَنَّكَ) أَيْ نَكِلُ إِلَيْكَ مَا قُلْتَ وَنَرُدُّ إِلَيْكَ ( مِنْ ذَلِكَ) مِنْ أَمْرِ التَّيَمُّمِ ( مَا تَوَلَّيْتَ) أَيْ مَا وَلَّيْتَهُ نَفْسَكَ وَرَضِيتَ لَهَا بِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا



رقم الحديث 323 [323] ( ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَالذِّرَاعَيْنِ إِلَى نِصْفِ السَّاعِدَيْنِ وَلَمْ يَبْلُغِ الْمِرْفَقَيْنِ) الذِّرَاعُ من المرفق إِلَى طَرَفِ الْأَصَابِعِ وَالسَّاعِدِ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقِ وَالْكَفِّ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِيُّ وَالسَّاعِدُ سَاعِدُ الذِّرَاعِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الزَّنْدَيْنِ وَالْمِرْفَقِ وَالزَّنْدُ بِالْفَتْحِ مَوْصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ وَهُمَا زَنْدَانِ الْكُوعُ وَالْكُرْسُوعُ فَطَرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ هُوَ الْكُوعُ وَطَرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الْخِنْصَرَ كُرْسُوعٌ
وَالرُّسْغُ مُجْتَمَعُ الزَّنْدَيْنِ وَمِنْ عِنْدِهِمَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ انْتَهَى
وَالْمِرْفَقُ كَمِنْبَرٍ موصل الذراع في العضد والعضد هو مابين الْمِرْفَقِ إِلَى الْكَتِفِ



رقم الحديث 324 [324]

رقم الحديث 325 [325] ( كَانَ سَلَمَةُ) بْنُ كُهَيْلٍ ( فَقَالَ لَهُ) أَيْ لِسَلَمَةَ ( ذَاتَ يَوْمٍ) ذَاتُ الشَّيْءِ نَفْسُهُ وَحَقِيقَتُهُ
وَالْمُرَادُ مَا أُضِيفَ لَهُ وَالْمَعْنَى يَوْمٌ مِنَ الْأَيَّامِ ( انْظُرْ) يَا سَلَمَةُ ( مَا تَقُولُ) فِي رِوَايَتِكَ ( فَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ ( لَا يَذْكُرُ الذِّرَاعَيْنِ غَيْرُكَ) فَأَنْتَ مُتَفَرِّدٌ مَا بَيْنَ أَصْحَابِ ذَرِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِذِكْرِ لفظ الذراعين

رقم الحديث 319 [319] ( الْمَهْرِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى مَهْرَةَ بْنِ حَيْدَانَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةٍ تُنْسَبُ إِلَيْهَا الْإِبِلُ الْمَهْرِيَّةُ ( وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ ضَرْبُ الْأَيْدِي عَلَى الصَّعِيدِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَتَحْصُلُ الطَّهَارَةُ بِالضَّرْبِ لَا بِالتَّغْيِيرِ ( فَذَكَرَ) أَيْ سُلَيْمَانُ ( نَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ ( وَلَمْ يَذْكُرْ) في حديثه ( قال بن اللَّيْثِ) هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ ( إِلَى مَا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ) أَيْ مَسَحُوا بِأَيْدِيهِمْ كُلِّهَا إِلَى مَا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ لَمْ يُدْرِكْ عَمَّارَ بْنَ ياسر
وقد أخرجه النسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن عتيبة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارٍ مَوْصُولًا



رقم الحديث 320 [32] ( عَرَّسَ) مِنَ التَّفْعِيلِ
يُقَالُ عَرَّسَ إِذَا نَزَلَ الْمُسَافِرُ لِيَسْتَرِيحَ نَزْلَةً ثُمَّ يَرْتَحِلُ.

     وَقَالَ  الْخَلِيلُ وَأَكْثَرُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ التَّعْرِيسُ نُزُولُ الْمُسَافِرِ آخِرَ اللَّيْلِ لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَلَا يُسَمَّى نُزُولُ أَوَّلِ اللَّيْلِ تَعْرِيسًا ( بِأُولَاتِ الْجَيْشِ وَفِي رِوَايَةِ) الشَّيْخَيْنِ بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بذات الجيش
قال بن التِّينِ شَارِحُ الْبُخَارِيِّ الْبَيْدَاءُ هُوَ ذُو الْحُلَيْفَةِ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ وَذَاتُ الْجَيْشِ وَرَاءَ ذِي الْحُلَيْفَةِ
انْتَهَى
وَذَاتُ الْجَيْشِ وَأُولَاتُ الْجَيْشِ وَاحِدٌ ( فَانْقَطَعَ عِقْدُهَا) عِقْدٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ كُلُّ مَا يُعْقَدُ وَيُعَلَّقُ فِي الْعُنُقِ وَيُسَمَّى قِلَادَةً ( مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ) الْجَزْعُ خَرَزٌ فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ الْوَاحِدُ جَزْعَةٌ مِثْلُ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ
وَحُكِيَ فِي ضَبْطِ ظَفَارٍ وَجْهَانِ كَسْرُ أَوَّلِهِ وَصَرْفُهُ أَوْ فَتْحُهُ وَالْبِنَاءُ بِوَزْنِ قَطَامِ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ بسواحل اليمن
وقال بن الأثير وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ ظَفَارِ كَقَطَامِ اسْمُ مَدِينَةٍ لِحِمْيَرٍ ( فَحَبَسَ النَّاسَ ابْتِغَاءُ عِقْدِهَا ذَلِكَ) النَّاسُ مَفْعُولُ حُبِسَ وَابْتَغَاءُ فَاعِلُهَا ( فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مَعَهُمْ وَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعُوا بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ قَامُوا لِلتَّيَمُّمِ وَهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ ( فَمَسَحُوا بِهَا) أَيْ بِالْيَدِ الْمَضْرُوبَةِ عَلَى الْأَرْضِ ( وَمِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ) مِنْ لِلِابْتِدَاءِ أَيْ ثُمَّ ابْتَدَءُوا مِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ وَمَدُّوا إِلَى الْآبَاطِ فمسحوا أولامن ابْتِدَاءِ ظُهُورِ الْأَكُفِّ إِلَى الْمَنَاكِبِ
وَثَانِيًا مِنِ ابْتِدَاءِ بُطُونِ الْأَكُفِّ إِلَى الْآبَاطِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
( وَلَا يَعْتَبِرُ بِهَذَا النَّاسُ) أَيِ النَّاسُ لَا يَعْتَبِرُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَأْخُذُونَهُ وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إِلَى التَّيَمُّمِ إِلَى الْآبَاطِ وَالْمَنَاكِبِ
هَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ
وَأَمَّا هُوَ فَقَدْ ذَكَرَ بن الْمُنْذِرِ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يرى التيمم إلى الآباط ( وكذلك رواه بن إِسْحَاقَ) أَيْ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بَيْنَ عَمَّارٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ( قال فيه عن بن عَبَّاسٍ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ كَذَلِكَ رَوَاهُ بن إِسْحَاقَ ( وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ) أَيْ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتَيْبَةَ بَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ كَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ ( وَشَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ( مَرَّةً قَالَ عَنْ أَبِيهِ ومرة قال عن بن عباس) تفسير لما قبله ( اضطرب بن عُيَيْنَةَ فِيهِ) فَمَرَّةً قَالَ عَنْ أَبِيهِ وَمَرَّةً أسقطه وجعل مكانه عن بن عَبَّاسٍ ( وَفِي سَمَاعِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ) أَيْضًا اضْطَرَبَ فَمَرَّةً رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِنَفْسِهِ وَمَرَّةً جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ وَاسِطَةً عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ والاضطراب في اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ هُوَ الَّذِي يُرْوَى عَلَى أَوْجُهٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَقَارِبَةٍ مِنْ رَاوٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مِنْ رَاوِيَيْنِ أَوْ رُوَاةٍ وَيَقَعُ الِاضْطِرَابُ فِي الْإِسْنَادِ تَارَةً وَفِي الْمَتْنِ أُخْرَى وَيَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ مَعًا مِنْ رَاوٍ وَاحِدٍ أَوْ رَاوِيَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ
وَالِاضْطِرَابُ مُوجِبٌ لِضَعْفِ الْحَدِيثِ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الضَّبْطِ مِنْ رُوَاتِهِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ فَإِنْ رَجَحَتْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِحِفْظِ رَاوِيهَا مَثَلًا أَوْ كَثْرَةِ صُحْبَةِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ فَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحَةِ وَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ مُضْطَرِبًا ( وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ رُوَاةِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ( الضَّرْبَتَيْنِ إِلَّا مَنْ سَمَّيْتُ) أَيْ ذَكَرْتُ اسْمَهُ
وَهُمْ يونس وبن إِسْحَاقَ وَمَعْمَرٌ فَإِنَّهُمْ رَوَوْا عَنِ الزُّهْرِيِّ لَفْظَ الضَّرْبَتَيْنِ
وَمَا عَدَاهُمْ كَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَالِكِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمْ فَكُلُّهُمْ رَوَوْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ ضَرْبَتَيْنِ.
وَأَمَّا لَفْظُ الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ فَقَدِ اتَّفَقَ الْكُلُّ فِي رِوَايَاتِهِمْ عَنِ الزهري على هذه اللفظة غير بن إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ الْمِرْفَقَيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ أَبِي دَاوُدَ حَدِيثُ عَمَّارٍ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ هَذَا وَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ مَعَ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ وَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَنْسُوخٌ وَنَاسِخُهُ حَدِيثُ عَمَّارٍ أَيْضًا
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ عَلَى عَمَّارٍ إِذَا ذَكَرَ تَيَمُّمَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ إِلَى الْمَنَاكِبِ إِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ عِنْدَهُ إِذْ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَوْ يَكُونُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا تَيَمُّمًا وَاحِدًا وَاخْتَلَفَ رِوَايَتُهُ عَنْهُ
فَتَكُونُ رِوَايَةُ بن الصِّمَّةِ الَّتِي لَمْ تَخْتَلِفْ أَثْبَتَ وَإِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ فَأَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا لِأَنَّهَا أَوْفَقُ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رُوِيَتَا مُخْتَلِفَتَيْنِ أَوْ يَكُونُ إِنَّمَا سَمِعُوا آيَةَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ حُضُورِ صَلَاةٍ فَتَيَمَّمُوا فَاحْتَاطُوا وَأَتَوْا عَلَى غَايَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْيَدِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُمْ كَمَا لَا يَضُرُّهُمْ لَوْ فَعَلُوهُ فِي الْوُضُوءِ فَلَمَّا صَارُوا إِلَى مَسْأَلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ يَجْزِيهِمْ مِنَ التَّيَمُّمِ أَقَلُّ مِمَّا فَعَلُوا وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فَعَلُوا وَهَذَا أَوْلَى الْمَعَانِي عِنْدِي بِرِوَايَةِ بن شِهَابٍ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ بِمَا وَصَفْتُ مِنَ الدَّلَائِلِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُتَيَمِّمَ أَنْ يَمْسَحَ بِالتُّرَابِ مَا وَرَاءَ الْمِرْفَقَيْنِ وَفِيمَا قاله نظر فقد ذكر بن الْمُنْذِرِ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّيَمُّمَ إِلَى الْآبَاطِ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي انْقِطَاعِ الْعِقْدِ وَلَيْسَ فِيهِ كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ



رقم الحديث 321 [321] ( يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ( أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي وَهَذَا اللَّفْظُ شَائِعٌ عَلَى لِسَانِ الْفُصَحَاءِ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الرُّؤْيَةِ وَإِرَادَةُ الْإِخْبَارِ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ وَإِرَادَةِ الْمُسَبَّبِ ( أَجْنَبَ) أَيْ صَارَ جُنُبًا ( أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ( فَقَالَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ ( لَا) أَيْ لَا يَتَيَمَّمُ ( لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ ( فِي هَذَا) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ ( لَأَوْشَكُوا) أَيْ قَرَبُوا ( إِذَا بَرَدَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ ضَمَّهَا ( فَقَالَ لَهُ) أَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ ( لِهَذَا) لِأَجْلِ تَيَمُّمِ صَاحِبِ الْبَرْدِ ( فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ) أَيْ تَقَلَّبْتُ فِي التُّرَابِ ظَنًّا بِأَنَّ الْجُنُبَ يَحْتَاجُ أَنْ يُوصَلَ التُّرَابُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مِنَ الْغُسْلِ فَيَقَعُ عَلَى هَيْئَةِ الْغُسْلِ ( فَضَرَبَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ( فَنَفَضَهَا) تَخْفِيفًا لِلتُّرَابِ ( فَقَالَ لَهُ) لِأَبِي مُوسَى ( لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ) وَوَجْهُ عَدَمِ قَنَاعَتِهِ بِقَوْلِ عَمَّارٍ هُوَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عُمَرُ ذَلِكَ أَصْلًا وَلِهَذَا قَالَ لِعَمَّارٍ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ فِيمَا تَرْوِيهِ وَتَثَبَّتْ فِيهِ فَلَعَلَّكَ نَسِيتَ أَوِ اشْتَبَهَ عَلَيْكَ فَإِنِّي كُنْتُ مَعَكَ وَلَا أَتَذَكَّرُ شَيْئًا مِنْ هَذَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ