فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ

رقم الحديث 1031 [1031]

رقم الحديث 1034 [134] ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن بُحَيْنَةَ) مُصَغَّرًا بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن عبد مناف وهو صحابي ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ وَأَبُوهُ مَالِكٌ لَهُ صُحْبَةٌ أَيْضًا وَإِنَّمَا بُحَيْنَةُ امْرَأَتُهُ وابنه عبد الله
وكان عبد الله بن بُحَيْنَةَ نَاسِكًا فَاضِلًا صَائِمَ الدَّهْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ كَتِبَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ بن بحينة ينبغي أن يكتب ألف بن وينون مالك ليندفع الوهم ويعرف أن بن بُحَيْنَةَ نَعْتٌ لِعَبْدِ اللَّهِ لَا لِمَالِكٍ ( ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِقَامَ مِنْ بَابِ أَقُولُ لَهُ ارْحَلْ لَا تُقِيمَنَّ عِنْدَنَا أَيْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ( فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ حَيْثُ تَرَكُوا الْقُعُودَ الْأَوَّلَ وَتَشَهُّدَهُ ( فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) أَيْ لِلسَّهْوِ ( قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ سَلَّمَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الحديث دليل لمسائل كثيرة إحداهما أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ إِمَّا مُطْلَقًا كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ وَمَا فِي النَّقْصِ كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ الثَّانِيَةُ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَالْجُلُوسَ لَهُ لَيْسَا بِرُكْنَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا وَاجِبَيْنِ إِذْ لَوْ كَانَا وَاجِبَيْنِ لَمَا جَبَرَهُمَا السُّجُودُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِمَا وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي طَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ هُمَا وَاجِبَانِ وَإِذَا سَهَا جَبَرَهُمَا السُّجُودُ عَلَى مُقْتَضَى الْحَدِيثِ
الثَّالِثَةُ فِيهِ أَنَّهُ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ لِسُجُودِ السَّهْوِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا فَعَلَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ هَلْ يَتَحَرَّمُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ أَمْ لَا
وَالصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي التَّشَهُّدِ حَدِيثٌ انْتَهَى
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَمِيرُ فِي السَّيْلِ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ سَهْوًا يَجْبُرُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجُبْرَانُهُ هُنَا عِنْدَ تَرْكِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَإِنَّهُ يَجْبُرُهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا جَبَرَهُ السُّجُودُ إِذْ حَقُّ الْوَاجِبِ أَنْ يُفْعَلَ بِنَفْسِهِ لَا يُتَمُّ إِذْ يُمْكِنُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَكِنَّهُ إِنْ تُرِكَ سَهْوًا جَبَرَهُ سُجُودُ السَّهْوِ
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ أَنَّ كُلَّ وَاجِبٍ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ إِنْ تُرِكَ سَهْوًا وَقَولُهُ أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِسُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ يُكَبِّرُهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ بِالسَّلَامِ مِنْهَا
وَأَمَّا تَكْبِيرَةُ النَّفْلِ فَلَمْ تُذْكَرْ هُنَا وَلَكِنَّهَا ذُكِرَتْ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ وَيَسْجُدُ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ
انْتَهَى
قلت حديث عبد الله بن بحينة له أَلْفَاظٌ فَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الْجُلُوسِ
وَفِي لَفْظٍ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَامَ فِي الشَّفْعِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَجْلِسَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 914 [914] ( فِي خَمِيصَةٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ قَالَهُ الْحَافِظُ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ خَمِيصَةٌ هِيَ ثَوْبُ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ مُعَلَّمٍ وَقِيلَ لَا تُسَمَّى خَمِيصَةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَوْدَاءَ مُعَلَّمَةً وَكَانَتْ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ قَدِيمًا وَجَمْعُهَا الْخَمَائِصُ ( شَغَلَتْنِي) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَلْهَتْنِي وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ( أَعْلَامُ هَذِهِ) يَعْنِي الْخَمِيصَةَ
وَقَالَ فِي اللِّسَانِ عَلَمُ الثَّوْبِ رَقْمَةٌ فِي أَطْرَافِهِ ( إِلَى أَبِي جَهْمٍ) هُوَ عُبَيْدٌ وَيُقَالُ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَإِنَّمَا خَصَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِرْسَالِ الْخَمِيصَةِ لِأَنَّهُ كَانَ أَهْدَاهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْدَى أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَأَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِخَمِيصَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ فَلَبِسَ إِحْدَاهُمَا وَبَعَثَ الْأُخْرَى إِلَى أَبِي جَهْمٍ
وَلِأَبِّي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَأَخَذَ كرديا لأبي جهم فقيل يا رسول الْخَمِيصَةُ كَانَتْ خَيْرًا مِنَ الْكُرْدِيِّ قَالَهُ الْحَافِظُ ( وَأَتَوْنِي بِأَنْبِجَانِيتِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ النُّونِ يَاءُ النِّسْبَةِ كِسَاءٌ غَلِيظٌ لَا عَلَمَ لَهُ.

     وَقَالَ  ثَعْلَبٌ يَجُوزُ فَتْحُ هَمْزَتِهِ وَكَسْرُهَا وَكَذَا الْمُوَحَّدَةُ يُقَالُ كَبْشٌ أَنْبِجَانِيٌّ إِذَا كَانَ مُلْتَفًّا كَثِيرَ الصُّوفِ وَكِسَاءٌ أَنْبِجَانِيٌّ كَذَلِكَ
وَأَنْكَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ على من زعم أنه منسوب إلى من مَنْبَجَ الْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ بِالشَّامِ
قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ إِذَا نَسَبْتَ إِلَى مَنْبِجَ فَتَحْتَ الْبَاءِ فَقُلْتَ كِسَاءٌ مَنْبَجَانِيٌّ أَخْرَجُوهُ مَخْرَجَ مَنْظَرَانِيٍّ
وَفِي الْجَمْهَرَةِ مَنْبِجُ مَوْضِعٌ أَعْجَمِيٌّ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ وَنَسَبُوا إِلَيْهِ الثِّيَابَ الْمَنْبَجَانِيَّةَ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ لَا يُقَالُ كِسَاءٌ أَنْبِجَانِيُّ وَإِنَّمَا يُقَالُ مَنْبَجَانِيٌّ قال وهذا مما تخطىء فِيهِ الْعَامَّةُ.
وَتَعَقَّبَهُ أَبُو مُوسَى كَمَا تَقَدَّمَ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ النِّسْبَةَ إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ أَنْبِجَانُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَهُ الْحَافِظُ
قال بن بَطَّالٍ إِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ ثَوْبًا غَيْرَهَا لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ هَدِيَّتَهُ اسْتِخْفَافًا بِهِ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاهِبَ إِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ عَطِيَّتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِعُ فيها فله أن يقبلها مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 940 [94] ( ذَهَبَ إِلَى بني عمرو بن عوف) بن مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ أَحَدُ قَبِيلَتَيِ الْأَنْصَارِ وَهُمَا الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بَطْنٌ كَبِيرٌ مِنَ الْأَوْسِ فِيهِ عِدَّةُ أَحْيَاءٍ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بِقُبَاءَ ( لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ) وَلِلْبُخَارِيِّ فِي الصُّلْحِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ
وَلَهُ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ تَوَجُّهَهُ كَانَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ ( وَحَانَتِ الصَّلَاةُ) أَيْ قَرُبَ وَقْتُهَا وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ ( فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ) هُوَ بِلَالٌ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ ( فَأُقِيمَ) بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ ( فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ) أَيْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وَفِي رِوَايَةِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَاسْتَفْتَحَ أَبُو بَكْرٍ الصَّلَاةَ وَهِيَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ حَيْثُ امْتَنَعَ أَبُو بَكْرٍ هُنَا أَنْ يَسْتَمِرَّ إِمَامًا وَحَيْثُ اسْتَمَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى خَلْفَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي فَكَأَنَّهُ لَمَّا أَنْ مَضَى مُعْظَمُ الصَّلَاةِ حَسُنَ الِاسْتِمْرَارُ وَلَمَّا أن لم يمضي مِنْهَا إِلَّا الْيَسِيرُ لَمْ يَسْتَمِرَّ وَكَذَا وَقَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَيْثُ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي صَلَاتِهِ إِمَامًا لِهَذَا الْمَعْنَى
وَقِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ( فَتَخَلَّصَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ( وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ) قِيلَ كَانَ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ( فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْحَمْدِ ( يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ) فِيهِ سُؤَالُ الرَّئِيسِ عَنْ سَبَبِ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ قَبْلَ الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ وَفِيهِ إِكْرَامُ الْكَبِيرِ بِمُخَاطَبَتِهِ بِالْكُنْيَةِ وَاعْتِمَادُ ذِكْرِ الرَّجُلِ لِنَفْسِهِ بِمَا يُشْعِرُ بِالتَّوَاضُعِ مِنْ جِهَةِ اسْتِعْمَالِ أَبِي بَكْرٍ خِطَابَ الْغَيْبَةِ مَكَانَ الْحُضُورِ إِذْ كَانَ حَدُّ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لِي فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِهِ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى التَّوَاضُعِ مِنَ الْأَوَّلِ ( أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ يَؤُمُّهُ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ( أَكْثَرْتُمْ مِنَ التَّصْفِيحِ) هُوَ التَّصْفِيقُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِنْكَارَ إِنَّمَا حَصَلَ عَلَيْهِمْ لِكَثْرَتِهِ لَا لِمُطْلَقِهِ ( مَنْ نَابَهُ) أَيْ أَصَابَهُ ( فَلْيُسَبِّحْ) أَيْ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ ( الْتُفِتَ إِلَيْهِ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْفِقْهِ مِنْهَا تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمَّا حَانَتِ الصَّلَاةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ لَمْ يُؤَخِّرُوهَا انْتِظَارًا لَهُ
وَمِنْهَا أَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا مَا لَمْ يَتَحَوَّلِ الْمُصَلِّي عَنِ الْقِبْلَةِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ
وَمِنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ كَمَا صَفَّقُوا بِأَيْدِيهِمْ وَفِيهِ أَنَّ التَّصْفِيقَ سُنَّةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مَعْنَى التَّصْفِيحِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ أَنْ يُضْرَبَ بِظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَىَ صَفْحَ الْكَفِّ مِنَ الْيُسْرَى وَمِنْهَا أَنَّ تَقَدُّمَ الْمُصَلِّي عَنْ مُصَلَّاهُ وَتَأَخُّرَهُ عن مقامه لحاجة تعريض لَهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ صَلَاتَهُ مَا لَمْ تَطُلْ ذَلِكَ وَمِنْهَا إِبَاحَةُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ فِي أَضْعَافِ الْقِيَامِ عِنْدَ مَا يَحْدُثُ لِلْمَرْءِ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ وَيَتَجَدَّدُ لَهُ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهَا جَوَازُ الصَّلَاةِ بِإِمَامَيْنِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ وَمِنْهَا جَوَازُ الِائْتِمَامِ بِصَلَاةِ مَنْ لَمْ يَلْحَقْ أول الصلاة وفيه أن سنة الرجال عند ما يَنُوبُهُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ التَّسْبِيحُ وَفِيهِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إِذَا سَبَّحَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِعْلَامَ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُفْسِدًا لِلصَّلَاةِ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 941 [941] ( إِنْ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ بِلَالٍ لِأَبِي بَكْرٍ أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ اسْتَفْهَمَهُ هَلْ يُبَادِرُ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ يَنْتَظِرُ قَلِيلًا لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَحَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْمُبَادَرَةُ لِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ مُتَحَقِّقَةٌ فَلَا تُتْرَكُ لِفَضِيلَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ ( قَالَ فِي آخِرِهِ) أَيْ آخِرِ الْحَدِيثِ ( فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ أَيْ هُوَ مِنْ شَأْنِهِنَّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ عَلَى جِهَةِ الذَّمِ لَهُ وَلَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ لِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَتُعُقِّبَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهَا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَهِيَ تَرُدُّ مَا تَأَوَّلَهُ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْقَوْلُ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ
هُوَ الصَّحِيحُ خَبَرًا وَنَظَرًا



رقم الحديث 959 [959] ( قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى) بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ الْيُمْنَى وَتَجْلِسَ عَلَى الْيُسْرَى انْتَهَى



رقم الحديث 960 [96]

رقم الحديث 963 [963] ( فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ فِي مَحْضَرِ عَشَرَةٍ يَعْنِي بَيْنَ عَشَرَةٍ وَحَضْرَتِهِمْ ( قَالُوا فَاعْرِضْ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ أَيْ إِذَا كُنْتَ أَعْلَمُ فَاعْرِضْ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ عَرَضْتُ عَلَيْهِ أَمْرَ كَذَا أَوْ عَرَضْتُ لَهُ الشَّيْءَ أَظْهَرْتُهُ وَأَبْرَزْتُهُ إِلَيْهِ اعْرِضْ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ أَيْ بَيِّنْ عِلْمَكَ بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِيمَا تَدَّعِيهِ لِنُوَافِقُكَ إِنْ حَفِظْنَاهُ وَإِلَّا استنفدناه ( وَيَفْتَخُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ( أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ) أَيْ يَثْنِيهَا وَيُلِينُهَا فَيُوَجِّهُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ
وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ يُلَيِّنُهَا فَيَنْصِبُهَا وَيَغْمِزُ مَوْضِعَ الْمَفَاصِلِ وَيَثْنِيهَا إِلَى بَاطِنِ الرِّجْلِ يَعْنِي حِينَئِذٍ
قَالَ وَأَصْلُ الْفَتْخِ الْكَسْرُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعُقَابِ فَتَخٌ لِأَنَّهَا إِذَا انْحَطَّتْ كَسَرَتْ جَنَاحَهَا
قال بن حجر المكي والمراد ها هنا نصبها مع الاعتماد على بطونها وجعل رؤوسها لِلْقِبْلَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ
وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَجَدَ وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ وَمِنْ لَازِمِهَا الِاسْتِقْبَالُ بِبُطُونِهَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( وَيَرْفَعُ) أَيْ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا ( وَيَثْنِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ الْأُولَى أَيْ يَعْطِفُ ( حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ) أَيْ فِي عَقِبِهَا التَّسْلِيمُ ( أَخَّرَ) أَيْ أَخْرَجَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى أَيْ مِنْ تَحْتِ مَقْعَدَتِهِ إِلَى الْأَيْمَنِ ( مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقّهِ الْأَيْسَرِ) أَيْ مُفْضِيًا بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ غَيْرَ قَاعِدٍ عَلَى رِجْلَيْهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ التَّوَرُّكُ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ عَلَى وَرِكِهِ أَيْ جَانِبِ إِلْيَتِهِ وَيُخْرِجَ رِجْلَهُ مِنْ تَحْتِهِ ( قَالُوا) أَيِ الْعَشَرَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ ( صَدَقْتَ) أَيْ فِيمَا قُلْتَ هَكَذَا كَانَ أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ( ولم يذكر) أَيْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ ( فِي الثِّنْتَيْنِ) أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ( كَيْفَ جَلَسَ) وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدًا لَمْ يُبَيِّنَا فِي رِوَايَتِهِمَا كَيْفِيَّةَ الْجُلُوسِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ.
وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ فِي الْأُولَيَيْنِ مُفْتَرِشًا
وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ صَرِيحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْنُونَ فِي الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ الِافْتِرَاشُ وَفِي الْجُلُوسِ فِي الْأَخِيرِ التَّوَرُّكُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدَيْنِ التَّوَرُّكُ أَمِ الِافْتِرَاشُ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَطَائِفَةٌ تَفْضِيلُ التَّوَرُّكِ فِيهِمَا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَطَائِفَةٌ يَفْتَرِشُ فِي الْأَوَّلِ وَيَتَوَرَّكُ فِي الْأَخِيرِ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَرُفْقَتِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِتَوَرُّكٍ أَوِ افْتِرَاشٍ مُطْلَقَةٌ لَمْ يبين فيها أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَهُ أَبُو حُمَيْدٍ وَرُفْقَتُهُ وَوَصَفُوا الِافْتِرَاشَ فِي الْأَوَّلِ وَالتَّوَرُّكَ فِي الْأَخِيرِ وَهَذَا مُبَيَّنٌ فَوَجَبَ حَمْلُ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
وَقَدْ قِيلَ فِي حِكْمَةِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى عَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ تَعْقُبُهُ حَرَكَةٌ بِخِلَافِ الثَّانِي وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إِذْ رَآهُ عَلِمَ قَدْرُ مَا سَبَقَ بِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ تَشَهُّدَ الصُّبْحِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ غَيْرِهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ أَحْمَدَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ اخْتِصَاصُ التَّوَرُّكِ بِالصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا تَشَهُّدَانِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ البخاري والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ



رقم الحديث 964 [964] ( بِهَذَا الْحَدِيثِ) أَيِ الْمَذْكُورِ ( وَلَمْ يَذْكُرْ) أَيْ عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ ( أَبَا قَتَادَةَ) كَمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ فِي رِوَايَتِهِمَا الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ قَالَا مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةُ ( فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) أَيِ الْأُولَيَيْنِ ( جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى) زَادَ الْبُخَارِيُّ وَنَصَبَ الْيُمْنَى ( فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ تَحْتِ مَقْعَدَتِهِ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي أَنَّ هَيْئَةَ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ غَيْرُ هَيْئَةِ الْجُلُوسِ فِي الْأَخِيرِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ حَمَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى الْعُذْرِ وَعَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَهُوَ حَمْلٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَذُكَرَ فِي إِثْبَاتِ مَذْهَبِهِمْ وَهُوَ الِافْتِرَاشُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ أَحَادِيثُ لَا يَثْبُتُ بِهَا مَطْلُوبُهُمْ مِنْهَا حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَحَدِيثُ وَائِلٍ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَعَدَ وَتَشَهَّدَ فَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
وَحَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا جَلَسْتَ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَدِيثُ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
وَلَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ الْمُنْصِفِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَأَمْثَالَهَا بَعْضُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِهِمْ صَرِيحًا بَلْ يَحْتَمِلُهُ وَغَيْرُهُ وَمَا كَانَ مِنْهَا دَالًّا صَرِيحًا لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ فِي جَمِيعِ الْقَعَدَاتِ عَلَى مَا هُوَ الْمُدَّعَى وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَدِيثٌ يَدُلُّ صَرِيحًا عَلَى اسْتِنَانِ الْجُلُوسِ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ مُفَصَّلٌ فَلْيُحْمَلْ مُفَصَّلُ الْمُبْهَمِ عَلَى الْمُفَصَّلِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ



رقم الحديث 965 [965] ( فَإِذَا قَعَدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) أَيِ الْأُولَيَيْنِ ( أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ) أَيْ مَسَّ بِمَا لَانَ مِنَ الْوَرِكِ الْأَرْضِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ إِذَا مَسَّهَا بِبَطْنِ رَاحَتِهِ ( وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ) وَهِيَ نَاحِيَةِ الْيُمْنَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى نَوْعٍ آخَرَ مِنَ التَّوَرُّكِ وَهُوَ إِخْرَاجُ الْقَدَمَيْنِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ
وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ إِطْلَاقُ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْيُمْنَى تَغْلِيبٌ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ حَقِيقَةٌ هُوَ الْيُسْرَى لَا غَيْرَ