فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - كِتَاب الزَّكَاةِ

رقم الحديث 1266 [1266] ( أَخْبَرْنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) وَهُوَ يَرْوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كَمَا عِنْدَ الدَّارِمِيِّ ( عَنْ وَرْقَاءَ) وَهُوَ يَرْوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كما عند مسلم ( عن بن جُرَيْجٍ) يَرْوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ( عَنْ أَيُّوبَ) عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كَمَا عِنْدَ بن مَاجَهْ ( كُلُّهُمْ) أَيْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَوَرْقَاءُ وبن جُرَيْجٍ وَأَيُّوبُ وَزَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ أَصْلُ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي الْإِعْلَامِ ( إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشُّرُوعُ فِي النَّافِلَةِ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى تِسْعَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الْكَرَاهَةُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِي نَهْيِهِ وَلَا مُعَارِضَ لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ إِلَّا مِثْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْجَوَازِ وَاحِدٌ مِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحُ الْمَرْفُوعُ
فَإِنْ قُلْتَ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ إِلَّا رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ
قُلْتُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا أَصْلَ لَهَا وَحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ ضَعِيفَانِ انْتَهَى
وَقَالَ بن الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ كَاسْمِهَا زِيَادَةٌ فِي الْحَدِيثِ لَا أَصْلَ لَهَا انْتَهَى
وَقَدْ يُعَارِضُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وبن عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فلا صلاة إلا المكتوبة قيل يارسول اللَّهِ وَلَا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ وَلَا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ
قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِظَاهِرِهِ وَرَوَى الْكَرَاهِيَةَ فيه عن بن عمر وسعيد بن جبير وبن سِيرِينَ وَعُرْوَةِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءٍ والشافعي وأحمد وروى الرخصة فيه عن بن مسعود ومسروق وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ عَلَى صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَرَأَوْا أَنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ إِذَا أُقِيمَتْ عليه الصلاة وكلهم يقولون لا يبتدىء نافلة بعد الإقامة لنهيا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ




رقم الحديث 1268 [1268] ( يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَيْسٍ جَدِّ سَعْدٍ
قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعْدٍ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِيهِ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ قَيْسُ بْنُ فَهْدٍ وَقَيْسُ بْنُ عَمْرٍو أَصَحُّ
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ قَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ جَدُّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَحْيَى وَسَعْدٌ أَخَوَانِ انْتَهَى ( أَنَّ جَدَّهُمْ زَيْدًا) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ وَحَذْفُ لَفْظِ زَيْدٍ أَصَحُّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ زَيْدٌ جَدُّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَقَالَ قَالَ عَبْدُ رَبِّهِ وَيَحْيَى ابْنَا سَعِيدٍ صَلَّى جَدُّنَا زَيْدٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا قَرَأْتُ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُلْقِينِيِّ الْكَبِيرِ فِي هَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ تَجْرِيدِ الذَّهَبِيِّ وَلَمْ أَرَ فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنَ السُّنَنِ لَفْظَ زَيْدٍ بَلْ فِيهَا جَدُّنَا خَاصَّةً فَلْيُحْرَزْ فَإِنَّ نَسَبَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ إِلَّا زَيْدُ بن ثعلبة وهو جد أعلى جدا هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
انْتَهَى
كَذَا فِي غَايَةِ المقصود




رقم الحديث 1269 [1269] ( مَنْ حَافَظَ) أَيْ دَاوَمَ وَوَاظَبَ ( وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا) رَكْعَتَانِ مِنْهَا مُؤَكَّدَةٌ وَرَكْعَتَانِ مُسْتَحَبَّةٌ فَالْأُولَى بِتَسْلِيمَتَيْنِ ( حَرُمَ عَلَى النَّارِ) أَيْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ وَفِي رِوَايَةٍ لَمْ تَمَسَّهُ النار وفي رواية حرم اللَّهُ عَلَى النَّارِ وَفِي أُخْرَى حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهُ عَلَى النَّارِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ هَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَصْلًا أَوْ أَنَّهُ وَإِنْ قُدِّرَ عَلَيْهِ دُخُولُهَا لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ أَوْ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَسْتَوْعِبَ أَجْزَاءَهُ وَإِنْ مَسَّتْ بَعْضَهُ كَمَا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ فَتَمَسَّ وَجْهَهُ النَّارُ أَبَدًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَحَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مَوَاضِعَ السُّجُودِ فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْكُلَّ وَأُرِيدَ الْبَعْضُ مَجَازًا وَالْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحَرِّمُ جَمِيعَهُ عَلَى النَّارِ وَفَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْسَعُ وَرَحْمَتُهُ أَعَمُّ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ اسْتِحْبَابِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهُ وَكَفَى بِهَذَا التَّرْغِيبِ بَاعِثًا عَلَى ذَلِكَ
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَنْ صَلَّى أَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَى النَّارِ يَحْصُلُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ مَنْ حَافَظَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ إِلَّا الْمُحَافِظُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَذَكَرَ أَبُو زُرْعَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أَنَّ مَكْحُولًا لَمْ يسمع من عنبسة بن أَبِي سُفْيَانَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبِ أَبِي أُمَامَةَ
وَالْقَاسِمُ هَذَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُضَعِّفُ رِوَايَتَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَثِّقُهُ



رقم الحديث 1270 [127] ( أَرْبَعٌ) مِنَ الرَّكَعَاتِ يُصَلِّيهِنَّ الْإِنْسَانُ ( قَبْلَ الظُّهْرِ) أَيْ قَبْلَ صَلَاتِهِ أَوْ قُبَيْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ وَهُوَ عِنْدَ الزَّوَالِ ( لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ) أَيْ لَيْسَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فَصْلٌ بِسَلَامٍ ( تُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) كِنَايَةٌ عَنْ حُسْنِ الْقَبُولِ وَسُرْعَةِ الْوُصُولِ وَتُسَمَّى هَذِهِ سُنَّةُ الزَّوَالِ وَهِيَ غَيْرُ سُنَّةِ الظُّهْرِ صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ
قَالَهُ المناوي
قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ عُبَيْدَةُ ضَعِيفٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَعُبَيْدَةُ هَذَا هو بن مُعَتِّبٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَهُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ




رقم الحديث 1271 [1271] ( رحم الله امرءا صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا) فِي النَّيْلِ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَنِ بِلَفْظِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يفصل بينهن بالتسليم وزاد الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ بِمَعْنَاهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ
وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ حَرَّمَ اللَّهُ بَدَنَهُ عَلَى النَّارِ وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالدُّعَاءُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ بَدَنِهِ عَلَى النَّارِ مِمَّا يَتَنَافَسُ فِيهِ الْمُتَنَافَسُونَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَدِيثٌ حَسَنٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَأَبُو الْمُثَنَّى اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ المثنى الكوفي القرشي
وقال بن مِهْرَانَ مُؤَذِّنُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْكُوفَةِ وَهُوَ ثِقَةٌ



رقم الحديث 1272 [1272] ( كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ أَحْيَانًا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَرْبَعِ
وَمِنْ جِهَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الرِّوَايَاتِ صَارَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَالرَّكْعَتَيْنِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأَرْبَعُ أَفْضَلُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ


رقم الحديث 1273 [1273] ( فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا طُلِبَ مِنْهُ تَحْقِيقُ أَمْرٍ مُهِمٍّ وَيَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ أَعْلَمُ بِهِ أَوْ أَعْرَفُ بِأَصْلِهِ أن يرشد إليه إذا أمكنه
وفي الِاعْتِرَافُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ بِمَزِيَّتِهِمْ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَدَبِ الرَّسُولِ فِي حَاجَةٍ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِتَصَرُّفٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ كُرَيْبٌ بِالذَّهَابِ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ فَلَمَّا أَرْشَدَتْهُ عَائِشَةُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَ رَسُولًا لِلْجَمَاعَةِ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالذَّهَابِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَرْسَلُوهُ إِلَيْهَا ( فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ) فِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالسَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَقُولِي لَهُ تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ) إِنَّمَا قَالَتْ عَنْ نَفْسِهَا تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَنَّتْ نَفْسَهَا وَلَمْ تَقُلْ هِنْدُ بِاسْمِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ بِكُنْيَتِهَا وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِالْكُنْيَةِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ إِلَّا بِهَا أَوِ اشْتُهِرَ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ غَالِبًا إِلَّا بِهَا وَكُنِّيَتْ بِابْنِهَا سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَكَانَ صَحَابِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( فَأَشَارَ بِيَدِهِ) فِيهِ أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِيَدِهِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَفِيفَةِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ ( فَهُمَا هَاتَانِ) فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا إِثْبَاتُ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَهَا وَمِنْهَا أَنَّ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ إِذَا فَاتَتْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ لَا تُكْرَهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مَا لَا سَبَبَ لَهَا
فَإِنْ قِيلَ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا الْأَصْلُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمُ التَّخْصِيصِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ بِهِ بَلْ هُنَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ وَهِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ أَنَّهَا سُنَّةُ الظُّهْرِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْفِعْلَ مُخْتَصٌّ بِي وَسُكُوتُهُ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ
نَعَمْ إِنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِمَا مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى كَلَامُ النووي مختصرا
وقال الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّمَا الْمَعْنَى فِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ عَلَى التَّطَوُّعِ الْمُبْتَدَأِ وَالنَّافِلَةِ.
وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ أَوِ الصَّلَوَاتُ الْمَسْنُونَاتُ أَوْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ مِنَ النَّوَافِلِ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ
وَاحْتَجُّوا بِالْإِجْمَاعِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَلَا عِنْدَ الطُّلُوعِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ الْحَدِيثَ
وَبِقَوْلِهِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَبِحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ وَبِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَصَلَّى عِنْدِي رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ
قَالُوا فَفِي قَضَاءِ الرَّجُلِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَسُكُوتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَائِهِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَهُمَا مِنَ السُّنَّةِ شُغِلَ عَنْهُمَا فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْمَسْنُونَاتِ وَالْمُفْتَرَضَاتِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ نَهْيَهُ إِنَّمَا أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَا أَبَاحَهُ وَلَا سَبِيلَ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِمَا ذَكَرَ
قَالَ وَفِي صَلَاةِ النَّاسِ بِكُلِّ مِصْرٍ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرَ
هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّهُمْ كَرِهُوا الصَّلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْفَوَائِتُ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُقْضَى بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَقَدْ أَسْرَدَ الرِّوَايَاتِ فِي إِعْلَامِ أَهْلِ الْعَصْرِ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ فَثَبَتَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ قَضَاءَ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ جَائِزٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى رَكْعَتَيِ الظُّهْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بَعْدَ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهَكَذَا نَقُولُ إِنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالسُّنَنَ الرَّوَاتِبَ تُقْضَى بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ


رقم الحديث 1274 [1274] فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ حَيَّةً بَيْضَاءَ
قَالَ الْحَافِظُ بن عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ رَوَوُا النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ
قَالُوا فَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ هَذَا مَعْنَاهُ وَحَقِيقَتُهُ
قَالُوا وَنَهْيُهُ عَلَى قَطْعِ الذَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أُبِيحَتِ الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَمْ يُؤْمَنِ التَّمَادِي فِيهِمَا إِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَهِيَ حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وحين غروبها
هذا مذهب بن عُمَرَ.

     وَقَالَ  بِهِ جَمَاعَةٌ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرنا بن جريج عن نافع سمع بن عُمَرَ يَقُولُ أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي مِنْ لَيْلٍ وَنَهَارٍ غَيْرَ أَنْ لَا يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن ذَلِكَ
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار عن بن عمر معناه وهو قول عطاء وطاووس وعمرو بن دينار وبن جريج وروى عن بن مسعود نحوه ومذهب بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ خِلَافُ مَذْهَبِ أَبِيهِ ومذهب عائشة في هذا الباب كمذهب بن عمر لما روى بن طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَهِمَ عُمَرُ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ أَنْ يَتَحَرَّاهَا طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبَهَا انْتَهَى
كَذَا فِي إِعْلَامِ أَهْلِ الْعَصْرِ
وَفِي الْفَتْحِ حَكَى أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُمَا لَا يُتَطَوَّعُ بَعْدَهُمَا وَلَمْ يَقْصِدِ الْوَقْتَ بِالنَّهْيِ كَمَا قَصَدَ بِهِ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَوَقْتَ الْغُرُوبِ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ وَقْتُ الطُّلُوعِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ وَمَا قَارَبَهَا
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ العزيز بن رفيع قال رأيت بن الزُّبَيْرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُخْبِرُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهَا إِلَّا صَلَّاهُمَا وَكَأَنَّ بن الزُّبَيْرِ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا فَهِمَتْهُ خَالَتُهُ عائشة
انتهى ( إِلَّا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ) فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَكْتُوبَةَ الْفَائِتَةَ أَوْ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا أَوِ الْجِنَازَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1275 [1275] ( فِي إِثْرِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الثَّاءِ أَيْ خَلْفِ ( إِلَّا الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ) فَلَا يُصَلِّي بَعْدَهُمَا أَيْ فِي الْمَسْجِدِ لِقَطْعِ الذَّرِيعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ



رقم الحديث 1276 [1276] ( حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) قَالَ فِي الْإِعْلَامِ إِنَّ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ فِيهَا عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى نَوْعَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَتَعَلَّقُ الْكَرَاهَةُ فِيهِ بِالْفِعْلِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ تَأَخَّرَ الْفِعْلُ لَمْ تُكْرَهِ الصَّلَاةُ قَبْلَهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ كُرِهَتْ وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فَفِي هَذَا يَخْتَلِفُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ
وَثَانِيهِمَا مَا يَتَعَلَّقُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ بِالْوَقْتِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الِارْتِفَاعِ وَوَقْتِ الِاسْتِوَاءِ وَوَقْتِ الْغُرُوبِ وَمُحَصَّلُ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي تَعْيِينِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ أَنَّهَا خَمْسَةٌ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَتَرْجِعُ بِالتَّحْقِيقِ إِلَى ثَلَاثَةٍ وَقْتُ الِاسْتِوَاءِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ فَيَدْخُلَ فِيهِ الصَّلَاةُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَكَذَا مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ظَاهِرٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ غُرُوبِهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ
وَقَيَّدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الْكَرَاهَةَ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ فَقَالُوا لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِصَلَاتِهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ وغروبها
وقوى هذا المعنى الإمام بن الْمُنْذِرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ