فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - كِتَاب الزَّكَاةِ

رقم الحديث 1246 [1246]

رقم الحديث 1247 [1247] ( بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ) الْكُوفِيِّ رَوَى عَنْهُ أَشْعَثُ وَالْأَعْمَشُ وَأَبُو عوانة
قال بن مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ ثِقَةٌ وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ ( وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ عَمِلَ بِظَاهِرِهِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ إِنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ وَجَبَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي السَّفَرِ وَجَبَ رَكْعَتَانِ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَالٍ من الأحوال وتأولوا حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَرَكْعَةٌ أُخْرَى يَأْتِي بِهَا مُنْفَرِدًا كَمَا جاءت الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ انْتَهَى
قَالَ السِّنْدِيُّ.

قُلْتُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وُجُوبِ وَاحِدَةٍ وَالْعَمَلِ بِاثْنَتَيْنِ حَتَّى يُحْتَاجَ إِلَى التَّأْوِيلِ لِلتَّوْفِيقِ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِالْأَحَبِّ وَالْأَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه

( )


رقم الحديث 1248 [1248] ( فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ صِفَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَحَدِيث أَبِي بَكْرَة هَذَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ فَقَالَ فِيهِ إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْقَوْمِ صَلَاة الْمَغْرِب ثَلَاث رَكَعَات ثُمَّ اِنْصَرَفَ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ ثَلَاث رَكَعَات وَكَانَ لَهُ سِتّ رَكَعَات وَلِلْقَوْمِ ثلاث ركعات قال بن الْقَطَّانِ وَعِنْدِي أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ غَيْر مُتَّصِلَيْنِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرَة لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ صَلَاة الْخَوْف لِأَنَّهُ بِلَا رَيْب أَسْلَمَ فِي حِصَار الطَّائِف فَتَدَلَّى بِبَكْرَةِ مِنْ الْحِصْن فَسُمِّيَ أَبَا بَكْرَة وَهَذَا كَانَ بَعْد فَرَاغه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَوَازِن ثُمَّ لَمْ يَلْقَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْدًا إِلَى أَنْ قَبَضَهُ اللَّه
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا رَيْب فِيهِ لَكِنَّ مِثْل هَذَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ وَلَا اِنْقِطَاع عِنْد جَمِيع أَئِمَّة الْحَدِيث وَالْفِقْه فَإِنَّ أَبَا بكرة وإن لَمْ يَشْهَد الْقِصَّة فَإِنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ صَحَابِيّ غَيْره وَقَدْ اِتَّفَقَتْ الْأُمَّة عَلَى قَبُول رِوَايَة بن عَبَّاس وَنُظَرَائِهِ مِنْ الصَّحَابَة مَعَ أَنَّ عَامَّتهَا مُرْسَلَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنَازِع فِي ذَلِكَ اِثْنَانِ مِنْ السَّلَف وَأَهْل الْحَدِيث وَالْفُقَهَاء
فَالتَّعْلِيل عَلَى هَذَا بَاطِل والله أعلم الْإِمَامُ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ مُفْتَرِضًا فِي رَكْعَتَيْنِ وَمُتَنَفِّلًا فِي رَكْعَتَيْنِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَكَوْهُ عَنِ الْحَسَنِ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إِذْ لَا دَلِيلَ لِنَسْخِهِ انْتَهَى
وَقَالَ السِّنْدِيُّ فِيهِ اقْتِدَاءُ المفترض بالمتنقل قَطْعًا وَلَمْ أَرَ لَهُمْ عَنْهُ جَوَابًا شَافِيًا انْتَهَى ( وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ) وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ وَلَكِنْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ نَحْوَهُ سَنَدًا وَمَتْنًا وَفِيهِ كَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ إِلَى آخِرِ الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا أَظُنُّهُ مِنْ قَوْلِ الْأَشْعَثِ
وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ وَالْبَكْرَاوِيِّ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْقَوْمِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ انْصَرَفَ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتُّ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ ثَلَاثٌ ثَلَاثٌ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَرَوَاهُ عُمَرُ وَالْبَكْرَاوِيُّ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَغْرِبِ وَهُوَ وَهْمٌ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ قَوْلُ أَشْعَثَ ( وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) يَعْنِي فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ ( وَكَذَلِكَ) أَيْ كَمَا رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ الْيَشْكُرِيُّ أَيْضًا وَهَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَفِي حَدِيثِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى بِالْقَوْمِ الْآخَرِينَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلِهَؤُلَاءِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ انْتَهَى
ثُمَّ.
اعْلَمْ أَنَّهُ قال الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ رُوِيَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ فَذَكَرَ مِنْهَا سِتَّةَ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ ما دل عليه حديث بن عُمَرَ قَالَ بِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَشْهَبُ
قَالَ الْعَيْنِيُّ.

     وَقَالَ  بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ الثَّانِي حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ
الثَّالِثُ حَدِيثُ بن مَسْعُودٍ قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ
الرَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قال به بن أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ
الْخَامِسُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ قَالَ بِهِ الثَّوْرِيُّ فِي مُجِيزِهِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ جماعة من الصحابة منهم حذيفة وبن عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
السَّادِسُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُفْتِي بِهِ وَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ كَانَ جَائِزًا قَالَ وَهَكَذَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَطْنِ نَخْلٍ
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَرُوِيَ أَنَّ صَلَاتَهُ هَكَذَا كَانَتْ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي سننه لصلاة الخوف ثمانية صور وذكرها بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ تِسْعَةَ أَنْوَاعٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وجها وذكر النووي أنها تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
وَقَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَدْ جُمِعَتْ طُرُقُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَبَلَغَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ وَجْهًا وَبَيَّنَهَا لكن يمكن التداخل في بعضها
وحكى بن الْقَصَّارِ الْمَالِكِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صلاها عشر مرات وقال بن الْعَرَبِيِّ صَلَّاهَا أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَبَيَّنَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تِلْكَ الْمَوَاطِنَ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ
كَذَا في عمدة القارىء مُخْتَصَرًا
وَفِي التَّخْلِيصِ رُوِيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعَةَ عشر نوعا ذكرها بن حَزْمٍ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ وَبَعْضُهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمُعْظَمُهَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ
وَذَكَرَ الحاكم منها ثمانية أنواع وبن حِبَّانَ تِسْعَةَ أَنْوَاعٍ.

     وَقَالَ  لَيْسَ بَيْنَهَا تَضَادٌّ وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ مِرَارًا وَالْمَرْءُ مُبَاحٌ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وهي من الاختلاف المباح
ونقل بن الْجَوْزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ مَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا إِلَّا صَحِيحًا انْتَهَى
هَذَا كُلُّهُ مُلَخَّصًا عَنْ غَايَةِ الْمَقْصُودِ




رقم الحديث 1249 [1249] ( عن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالْحَدِيثُ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ بِالْإِيمَاءِ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِأنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ زَمَانَ نُزُولِ الْوَحْيِ وَمُحَالٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَفِعْلُ الصَّحَابِيِّ أَيْضًا حُجَّةٌ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ حديث مرفوع
كذا في الغاية
قال بن الْمُنْذِرِ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمَ يَقُولُ أن المطلوب يصلي على دابته يؤمى إِيمَاءً وَإِنْ كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى بِالْأَرْضِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَيَخَافَ عَوْدَ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الطَّالِبَ فِيهِ التَّفْصِيلُ بِخِلَافِ الْمَطْلُوبِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ فِي الْمَطْلُوبِ ظَاهِرَةٌ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لَهَا.
وَأَمَّا الطَّالِبُ فَلَا يَخَافُ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَخَافُ أَنْ يَفُوتَهُ الْعَدُوُّ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وما نقله بن الْمُنْذِرِ مُتَعَقَّبٌ بِكَلَامِ الْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ طَالِبًا مِنْ مَطْلُوبٍ وَبِهِ قال بن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ لَهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا خَافَ الطَّالِبُونَ إِنْ نَزَلُوا الْأَرْضَ فَوْتَ الْعَدُوِّ وَصَلُّوا حَيْثُ وُجِّهُوا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ هَذَا الْخِلَافِ إِلَى الْخَوْفِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ فَمَنْ قَيَّدَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ مِنَ الْعَدُوِّ فَرَّقَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ وَمَنْ جَعَلَهُ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا وَجَوَّزَ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ لِلرَّاجِلِ وَالرَّاكِبِ عِنْدَ حُصُولِ أَيِّ خَوْفٍ قَالَهُ فِي شرح المنتقي
وقال في عمدة القارىء وَمَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَطْلُوبًا فَلَا بَأْسَ بِصَلَاتِهِ سَائِرًا وَإِنْ كَانَ طَالِبًا فَلَا.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ هُمَا سَوَاءٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي آخَرِينَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ إِنْ خَافَ الطَّالِبُ فَوْتَ الْمَطْلُوبِ أَوْمَأَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى ( عُرَنَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالنُّونِ وَادٍ بِحِذَاءِ عَرَفَاتٍ ( فَاقْتُلْهُ) أَيْ خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ ( أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) أَيْ خَالِدٍ ( مَا) مَوْصُولَةٌ أَيِ الْقِتَالُ والحرب أو الكيد والمكر ( أن أوخر الصَّلَاةَ) وَلَفْظُ أَحْمَدَ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ ( نَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ عُرَنَةَ فَكَانَ الِاسْتِقْبَالُ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ( قَالَ) خَالِدٌ ( إِنَّكَ تَجْمَعُ) الْعَسَاكِرَ ( لِهَذَا الرَّجُلِ) أَيْ لِقِتَالِهِ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِي ذَاكَ) الْأَمْرِ
وَهَذَا الْكَلَامُ ذُو الْمَعْنَيَيْنِ وَلَقَدْ صَدَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فِيمَا عَنَى بِهِ وَمَا اطَّلَعَ عَدُوُّ اللَّهِ خَالِدٌ عَلَى هَذِهِ التَّوْرِيَةِ ( لَفِي ذَاكَ) أَيْ فِي جَمْعِ الْعَسَاكِرِ ( فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً) لِأَجْلِ التَّمْكِينِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ( حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي) أَيْ سَهُلَ وَتَيَسَّرَ لِي أَمْرُ الْمُخَادَعَةِ ( حَتَّى بَرَدَ) أَيْ مَاتَ
باب

رقم الحديث 1250 [125] ( عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ) وَهِيَ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثِنْتَيْ عَشْرَةَ) بِسُكُونِ الشِّينِ وَتُكْسَرُ ( رَكْعَةً) بِسُكُونِ الْكَافِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ مِنَ الْوَاضِحَاتِ لِأَنَّهَا عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَامِّ تَجْرِي بِفَتْحِهَا لِكَوْنِ جَمْعِهَا كَذَلِكَ ( بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ) مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ النِّعْمَةِ
قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1251 [1251] ( كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ فِي الْبَيْتِ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ غَيْرُهَا وَسَوَاءٌ فِيهِ رَاتِبَةُ فَرَائِضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ الْأَفْضَلُ فِعْلُ نَوَافِلِ النَّهَارِ الرَّاتِبَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَاتِبَةِ اللَّيْلِ فِي الْبَيْتِ
قُلْتُ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى سُنَّةَ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ وَهُمَا صَلَاتَا نَهَارٍ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَهَذَا عَامٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ لَا مُعَارِضَ لَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْعُدُولُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( فَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ) أَيْ يَنْتَقِلُ مِنَ الْقِيَامِ وَكَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ لَكِنْ هَذَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَفِي بَعْضِهَا يَنْتَقِلُ مِنَ الْقُعُودِ إِلَى الْقِيَامِ وَيَقْرَأُ بَعْضَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنَ الْقِيَامِ إِلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَمْ يُرْوَ عَكْسُ ذَلِكَ فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ قَائِمًا فِي كُلِّهَا وَقَاعِدًا فِي بَعْضِهَا ثُمَّ قَائِمًا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا



رقم الحديث 1252 [1252] ( كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ) وَالتَّثْنِيَةُ لَا تُنَافِي الْجَمْعَ وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ ( فِي بَيْتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيَّدَ لِلْأَخِيرَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1253 [1253] ( كَانَ لَا يَدْعُ) أَيْ لَا يَتْرُكُ ( أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ) وَهِيَ سُنَّةُ الظُّهْرِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا فِي الْأَكْثَرِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا وَالرَّاجِحُ هُوَ الْأَرْبَعُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري والنسائي


رقم الحديث 1254 [1254] ( لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ عَلَى مُحَافَظَةِ شَيْءٍ ( مِنَ النَّوَافِلِ) أَيِ الزَّوَائِدِ عَلَى الْفَرَائِضِ مِنَ السُّنَنِ ( أَشَدَّ) خَبَرُ لَمْ يَكُنْ ( مُعَاهَدَةً) أَيْ مُحَافَظَةً وَمُدَاوَمَةً ( مِنْهُ) أَيْ مِنْ تُعَاهُدِهِ عَلَى السَّلَامِ ( عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ) قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهَا عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بمعاهدة ويجوز تقديم معمول التمييز عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ خَبَرَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ يَتَعَاهَدُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ وَأَشَدُّ مُعَاهَدَةً حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَلَى تَأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ الْمُعَاهَدُ مُتَعَاهِدًا كقوله أو أشد خشية قاله علي القارىء
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ فَضْلِهِمَا وَأَنَّهُمَا أَقْوَى وَأَوْكَدُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِمَا أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمَا
وَاسْتَدَلَّ بِهِ لِمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَنَقَلَ أَبُو غَسَّانَ مِثْلَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ




رقم الحديث 1255 [1255] ( حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ) لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهَا شَكَّتْ فِي قِرَاءَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَاتِحَةِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُطِيلُ فِي النَّوَافِلِ وَيُرَتِّلُ فَلَمَّا خَفَّفَ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي