فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - أَبْوَابُ النَّوْمِ

رقم الحديث 4485 [4485] ( قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنَا عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا وَالضَّمِيرُ فِي قَالَ لِسُفْيَانَ وَفِي أَخْبَرَنَا لِلزُّهْرِيِّ أَيْ قَالَ سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ قَبِيصَةَ ( فَإِنْ عَادَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ) شَكٌ مِنَ الراوي ( فَأُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ) وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ رَجُلٍ ( وَرَفَعَ الْقَتْلَ) أَيْ رَفَعَ رسول الله الْقَتْلَ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَيْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ ثُمَّ أتي النبي بَعْدَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ ( فَكَانَتْ رُخْصَةً) هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ مَنْسُوخٌ إِنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَسَيَظْهَرُ لَكَ حَالُهُ فِي كَلَامِ الْمُنْذِرِيِّ
قَالَ الطِّيِبِيُّ هَذَا أَيْ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَقْتُلْهُ قَرِينَةٌ نَاهِضَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَاقْتُلُوهُ مَجَازٌ عَنِ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ مُبَالَغَةً لَمَّا عَتَا وَتَمَرَّدَ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَ جَلْدَ ثَمَانِينَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى انْتَهَى ( وَعِنْدَهُ) أَيِ الزُّهْرِيِّ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ ( مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ) أَحَدُ الْأَعْلَامِ الْمَشْهُورُ الْكُوفِيُّ ( وَمُخَوَّلُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ كَمُعَظَّمٍ ( بْنُ رَاشِدٍ) النَّهْدِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو رَاشِدٍ الْكُوفِيُّ ( فَقَالَ) الزُّهْرِيُّ ( كُونَا) أَمْرٌ مِنَ الْكَوْنِ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ ( وَافِدَيْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِهَذَا الْحَدِيثِ) وَافِدَيْ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ سَقَطَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَفَدَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَدِمَ وَوَرَدَ
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ وَمُخَوَّلَ بْنَ رَاشِدٍ لَمَّا كَانَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ الزهري لهما بعد ما حَدَّثَهُمَا هَذَا الْحَدِيثَ اذْهَبَا بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَخْبِرَاهُمْ بِهِ لِيَعْلَمُوا أَنَّ الْقَتْلَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ مَنْسُوخٌ وَأَنَّ النَّاسِخَ لَهُ هُوَ هَذَا الْحَدِيثُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْقَتْلُ مَنْسُوخٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ غَيْرُهُ قَدْ يُرَادُ الْأَمْرُ بِالْوَعِيدِ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الرَّدْعُ وَالتَّحْذِيرُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ فِي الْخَامِسَةِ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَالَ غَيْرُهُ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ إِلَّا طَائِفَةٌ شَاذَّةٌ قَالَتْ يُقْتَلُ بَعْدَ حَدِّهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِلْحَدِيثِ وَهُوَ عِنْدَ الْكَافَّةِ مَنْسُوخٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ وَقِيلَ إِنَّهُ وُلِدَ أَوَّلَ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يذكر له سماع من رسول الله وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ مِنَ التَّابِعِينَ وَذَكَرُوا أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الصَّحَابَةِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ سمع من رسول الله وقد قيل إنه أتي به النبي وَهُوَ غُلَامٌ يَدْعُو لَهُ
وَذُكِرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ قَالَ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
وَأَمَّا أَبُوهُ ذُؤَيْبُ بْنُ حَلْحَلَةَ فَلَهُ صُحْبَةٌ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ إِلَى آخِرِهِ قَالَ ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الرَّابِعَةِ فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ محمد بن إسحاق به أن النبي أتي بِالنُّعْمَانِ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ الْحَدَّ فَكَانَ نَسْخًا انْتَهَى ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَتْ فِي عَامَّةِ النُّسَخِ ( رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ) أَيْ حَدِيثَ الْقَتْلِ فِي الرَّابِعَةِ ( وَشُرَحْبِيلُ بْنُ أَوْسٍ) وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ
وَمَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ رَوَوْا عَنِ النبي أَنَّهُ أَمَرَ بِالْقَتْلِ فِي الرَّابِعَةِ.
وَأَمَّا قَبِيصَةُ فروى عنه رُخْصَةً فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



رقم الحديث 4486 [4486] ( قَالَ لَا أَدِي) مِنَ الدِّيَةِ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا أَدْرِي وَهُوَ غَلَطٌ ( أَوْ مَا كُنْتُ أَدِي) شَكٌ مِنَ الرَّاوِي أَيْ مَا كُنْتُ أَغْرَمُ الدِّيَةَ ( مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ حَدًّا) أَيْ فَمَاتَ ( إِلَّا شَارِبَ الْخَمْرِ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ وَدَيْتُ شَارِبَ الْخَمْرِ لَوْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فمات
وفي رواية النسائي وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مَنْ أَقَمْنَا عَلَيْهِ حَدًّا فَمَاتَ فَلَا دِيَةَ لَهُ إِلَّا مَنْ ضَرَبْنَاهُ فِي الْخَمْرِ ( لَمْ يَسُنَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ فَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ( فِيهِ شَيْئًا) أَيْ لَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ حَدًّا مَضْبُوطًا مُعَيَّنًا ( إِنَّمَا هُوَ) أَيِ الْحَدُّ الَّذِي نُقِيمُ عَلَى الشَّارِبِ ( شَيْءٌ قُلْنَاهُ نَحْنُ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ
قَالَ الْحَافِظُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْحَدِّ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ إِلَّا فِي حَدِّ الْخَمْرِ فَعَنْ عَلِيٍّ مَا تَقَدَّمَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ ضَرَبَ بِغَيْرِ السَّوْطِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ جَلَدَ بِالسَّوْطِ ضَمِنَ قِيلَ الدِّيَةَ وَقِيلَ قَدْرَ تَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْجَلْدِ بِالسَّوْطِ وَبِغَيْرِهِ
وَالدِّيَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى عاقلة الإمام وكذلك لو مات في ما زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ انْتَهَى
فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَاسَانَ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ النبي جَلَدَ أَرْبَعِينَ.

قُلْتُ جَمَعَ الْحَافِظُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ النَّفْيُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّ الثَّمَانِينَ أَيْ لَمْ يَسُنَّ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعْنَاهُ نَحْنُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَشَارَ بِهِ عَلَى عُمَرَ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  لَوْ مَاتَ لَوَدَيْتُهُ أَيْ في الأربعين الزائدة وبذلك جزم البيهقي وبن حَزْمٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَسُنَّهُ أَيِ الثَّمَانِينَ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعْنَاهُ فَكَأَنَّهُ خَافَ مِنَ الَّذِي صَنَعُوهُ بِاجْتِهَادِهِمْ أَنْ لَا يَكُونَ مُطَابِقًا
وَاخْتَصَّ هُوَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ الَّذِي كَانَ أَشَارَ بِذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَوْلَى فَرَجَعَ إِلَى تَرْجِيحِهِ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْحَدَّ ثَمَانِينَ فَمَاتَ الْمَضْرُوبُ وَدَاهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَسُنَّهُ لِصِفَةِ الضَّرْبِ وَكَوْنِهَا بِسَوْطِ الْجِلْدِ أَيْ لَمْ يَسُنَّ الْجَلْدَ بِالسَّوْطِ وَإِنَّمَا كَانَ يُضْرَبُ فِيهِ بِالنِّعَالِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَشَارَ إِلَى ذلك البيهقي
وقال بن حَزْمٍ أَيْضًا لَوْ جَاءَ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ مَسْنُونٌ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَسْنُونٍ لَوَجَبَ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى غَيْرِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَضْلًا عَنْ عَلِيٍّ مَعَ سَعَةِ عِلْمِهِ وَقُوَّةِ فَهْمِهِ وَإِذَا تَعَارَضَ خَبَرُ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَخَبَرُ أَبِي سَاسَانَ فَخَبَرُ أَبِي سَاسَانَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ فِيهِ بِرَفْعِ الْحَدِيثِ وَإِذَا تَعَارَضَ الْمَرْفُوعُ وَالْمَوْقُوفُ قُدِّمَ الْمَرْفُوعُ
وَأَمَّا دَعْوَى ضَعْفِ سَنَدِ أَبِي سَاسَانَ فَمَرْدُودَةٌ وَالْجَمْعُ أَوْلَى مَهْمَا أَمْكَنَ مِنْ تَوْهِينِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهْمًا فَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ وَقَدْ سَاعَدَتْهَا رِوَايَةُ أَنَسٍ انتهى
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ
قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ في من مَاتَ مِنْ ضَرْبِ حَدٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهِ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى بيت المال واختلفوا في من مَاتَ مِنَ التَّعْزِيرِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَقِيلَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
فَإِذَا ضَرَبَ الْإِمَامُ شَارِبَ الْخَمْرِ الْحَدَّ أَرْبَعِينَ وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَمَنْ جَلَدَهُ ثَمَانِينَ وَمَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ الدِّيَةِ فَإِنْ جَلَدَهُ وَاحِدًا وَأَرْبَعِينَ وَمَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ الدِّيَةِ وَقِيلَ يَضْمَنُ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ الدِّيَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ



رقم الحديث 4487 [4487] ( عَنْ عَبْدِ الرحمن بن أزهر) أي القرشي وهو بن أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَهِدَ حُنَيْنًا رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَغَيْرُهُ مَاتَ بِالْحَرَّةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي الْإِكْمَالِ فِي الصحابة ( كأني أنظر إلى رسول الله الْآنَ) الْمَقْصُودُ بَيَانُ اسْتِحْضَارِ الْقِصَّةِ كَالْعِيَانِ ( وَهُوَ) أي رسول الله ( فِي الرِّحَالِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رَحْلٍ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى الْمَنْزِلِ وَالْمَسْكَنِ ( يَلْتَمِسُ) أَيْ يَطْلُبُ ( وَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالْمِيتَخَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَبَعْدَهَا تَاءٌ مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ ثُمَّ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ كَذَا ضُبِطَ فِي النُّسَخِ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهَا فَقِيلَ هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ وَبِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ التَّشْدِيدِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّاءِ قَبْلَ الْيَاءِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَقْدِيمِ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ عَلَى التَّاءِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَهَذِهِ كُلُّهَا أَسْمَاءٌ لِجَرَائِدِ النَّخْلِ وَأَصْلِ الْعُرْجُونِ وَقِيلَ هِيَ اسْمٌ لِلْعَصَا وَقِيلَ الْقَضِيبُ الدَّقِيقُ اللَّيِّنُ وَقِيلَ كُلُّ مَا ضُرِبَ بِهِ مِنْ جَرِيدٍ أَوْ عَصًا أَوْ دِرَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَصْلُهَا فِيمَا قِيلَ مِنْ مَتَخَ اللَّهُ رَقَبَتَهُ بِالسَّهْمِ إِذَا ضَرَبَهُ وَقِيلَ مِنْ تَيَّخَهُ الْعَذَابَ وَطَيَّخَهُ إِذَا أَلَحَّ عَلَيْهِ فَأُبْدِلَتِ التَّاءُ من الطاء انتهى ( قال بن وَهْبٍ الْجَرِيدَةُ الرَّطْبَةُ) الْجَرِيدَةُ هِيَ السَّعَفَةُ سُمِّيَتْ بِهَا لِكَوْنِهَا مُجَرَّدَةً عَنِ الْخُوصِ وَهُوَ وَرَقُ النخل أي قال بن وَهْبٍ فِي تَفْسِيرِ الْمِيتَخَةِ الْجَرِيدَةُ الرَّطْبَةُ وَفِي المشكاة قال بن وَهْبٍ يَعْنِي الْجَرِيدَةَ الرَّطْبَةَ بِزِيَادَةِ لَفْظِ يَعْنِي ( فَرَمَى بِهِ) أَيْ بِالتُّرَابِ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ رَمَاهُ فِي وَجْهِهِ قَالَ الطِّيِبِيُّ رَمَى بِهِ إِرْغَامًا لَهُ وَاسْتِهْجَانًا لِمَا ارْتَكَبَهُ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 4488 [4488] ( وَهُوَ بِحُنَيْنٍ) كَزُبَيْرٍ مَوْضِعٌ بَيْنَ الطَّائِفِ وَمَكَّةَ ( فَحَثَى فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ) أَيْ رَمَى بِهِ ( وَمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ) عَطْفٌ عَلَى نِعَالِهِمْ أَيْ ضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ وَمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَصَا وَالْقَضِيبِ وَغَيْرِهِمَا ( حَتَّى قَالَ لَهُمُ ارْفَعُوا) أَيْ كُفُّوا عَنْ ضَرْبِهِ ( صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ خِلَافَتِهِ ( ثُمَّ جَلَدَ ثَمَانِينَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ) أَيْ إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ( ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِينَ) بَدَلٌ مِنَ الْحَدَّيْنِ أَيْ جَلَدَ عُثْمَانُ مَرَّةً ثَمَانِينَ وَمَرَّةً أَرْبَعِينَ ( ثُمَّ أَثْبَتَ معاوية) أي بن أَبِي سُفْيَانَ ( الْحَدَّ ثَمَانِينَ) أَيْ عَيَّنَهُ وَأَقَرَّهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي هَذِهِ الطُّرُقِ انْقِطَاعٌ

رقم الحديث 4489 [4489] ( قال رأيت رسول الله إِلَخْ) حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى آخِرِ قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ من طرق والحاكم
وقال بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ وَأَبَا زُرْعَةَ فَقَالَا لَمْ يَسْمَعْهُ الزُّهْرِيُّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ انْتَهَى
وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَزْهَرِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْحُدُودِ
فَحَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَحَدِيثُ النسائي في رواية بن الْأَحْمَرِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى ( فَحَرَزُوهُ) أَيْ حَفِظُوهُ أَرْبَعِينَ يُقَالُ أَحْرَزْتُ الشَّيْءَ أُحْرِزُهُ إِحْرَازًا إِذَا حَفِظْتُهُ وَضَمَمْتُهُ وَصُنْتُهُ عَنِ الْأَخْذِ
كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( كَحَدِّ الْفِرْيَةِ) أَيْ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَهُوَ ثَمَانُونَ سَوْطًا
وَالْفِرْيَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ الِاسْمُ يُقَالُ افْتَرَى عَلَيْهِ كَذِبًا أَيِ اخْتَلَقَهُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ ( أَدْخَلَ عُقَيْلَ بْنَ خَالِدٍ إِلَخْ) فَصَارَ الْحَدِيثُ مُتَّصِلًا
وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ هَذَا بِضَمِّ الْعَيْنِ ثَبْتٌ ثِقَةٌ حُجَّةٌ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَاسِمٍ وَسَالِمٍ وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ أَثْبَتُ مِنْ مَعْمَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
أَمْ لَا



رقم الحديث 4490 [449] ( أَخْبَرَنَا الشُّعَيْثِيُّ) بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُثَلَّثَةِ مُصَغَّرًا صَدُوقٌ مِنَ السَّابِعَةِ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ( عَنْ زُفَرَ بْنِ وَثِيمَةَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ حَكِيمِ بن حزام) بن خويلد المكي بن أَخِي خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَصَحِبَ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً ثُمَّ عَاشَ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ أَوْ بَعْدَهَا قَالَهُ الْحَافِظُ ( أَنْ يُسْتَقَادَ) أَيْ يُطْلَبَ الْقَوَدُ أَيِ الْقِصَاصُ وَقَتْلُ الْقَاتِلِ بَدَلَ الْقَتِيلِ أَيْ يُقْتَصُّ ( فِي الْمَسْجِدِ) لِئَلَّا يَقْطُرَ الدَّمُ فِيهِ كَذَا قِيلَ
قُلْتُ وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُبْنَ لِهَذَا ( وَأَنْ تُنْشَدَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ تُقْرَأَ ( فِيهِ) أَيِ الْمَسْجِدِ ( الْأَشْعَارُ) أَيِ الْمَذْمُومَةُ ( وَأَنْ تُقَامَ فِيهِ الْحُدُودُ) أَيْ سَائِرُهَا أَيْ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ أَيِ الْحُدُودُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّهِ أَوْ بِالْآدَمِيِّ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَوْعُ هَتْكٍ لِحُرْمَتِهِ وَلِاحْتِمَالِ تلوثه بجرح أو حدث
قاله القارىء وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ لَا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِمَا بَوَّبَ لَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُهَاجِرٍ الشُّعَيْثِيُّ النَّصْرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَالشُّعَيْثِيُّ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَبَعْدَهَا ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ
وَالنَّصْرِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا العقيلي انتهى كلام المنذري
التَّعْزِيرُ مَصْدَرُ عَزَّرَ قَالَ فِي الصِّحَاحِ التَّعْزِيرُ التَّأْدِيبُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الضَّرْبُ دُونَ الْحَدِّ تَعْزِيرًا.

     وَقَالَ  فِي الْمَدَارِكِ وَأَصْلُ الْعَزْرِ الْمَنْعُ وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ مَنْعٌ عَنْ مُعَاوَدَةِ الْقَبِيحِ انْتَهَى وَمِنْهُ عَزَّرَهُ الْقَاضِي أَيْ أَدَّبَهُ لِئَلَّا يَعُودَ إِلَى الْقَبِيحِ وَيَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ كَذَا فِي إِرْشَادِ السَّارِي لَا يُجْلَدُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْجَلْدِ أَيْ لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرِ جَلْدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ الِاسْتِثْنَاءُ مُفْرَغٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِّ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الشَّارِعِ عَدَدٌ مِنَ الْجَلْدِ أَوِ الضَّرْبِ مَخْصُوصٌ أَوْ عُقُوبَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَالْمُتَّفَقُ عليه من ذلك أصل الزنى والسرقة وشرب المسكر والحرابة والقذف بالزنى وَالْقَتْلُ وَالْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ وَالْقَتْلُ فِي الِارْتِدَادِ وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ الْأَخِيرَيْنِ حَدًّا وَاخْتُلِفَ فِي مَدْلُولِ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَبْلُغُ أَدْنَى الْحُدُودِ وَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِحَدِّ الْحُرِّ أَوِ الْعَبْدِ قَوْلَانِ.

     وَقَالَ  الْآخَرُونَ هُوَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَأَجَابُوا عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا الطَّعْنُ فِيهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَهُمَا الْعُمْدَةُ فِي التَّصْحِيحِ وَمِنْهَا أَنَّ عَمَلَ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ يَقْتَضِي نَسْخَهُ فَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنْ لَا تَبْلُغَ بِنَكَالٍ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَوْطًا وَعَنْ عُثْمَانَ ثَلَاثِينَ وَضَرَبَ عُمَرُ أَكْثَرَ مِنَ الْحَدِّ أَوْ مِنْ مِائَةٍ وَأَقَرَّهُ الصَّحَابَةُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ النَّسْخِ وَمِنْهَا حَمْلُهُ عَلَى وَاقِعَةِ حَدِيثُهُ فِي آخِرِ بَابِ التَّعْزِيرِ أَيْضًا لَكِنْ بِدُونِ ذِكْرِ هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ فِي بَعْضِ النسخ ها هنا هَذَا الْبَابُ وَلَا حَدِيثُهُ لَكِنْ وَقَعَ حَدِيثُهُ فِي آخِرِ بَابِ التَّعْزِيرِ



رقم الحديث 4492 [4492] ( فَذَكَرَ مَعْنَاهُ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 4493 [4493] ( فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ) أَيْ فَلْيَجْتَنِبْ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ وَمَعْدِنُ جَمَالِهِ وَمَنْبَعُ حَوَاسِّهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحْتَرَزَ عَنْ ضَرْبِهِ وَتَجْرِيحِهِ وَتَقْبِيحِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِيهِ تَشْرِيفُ هَذِهِ الصُّورَةِ عَنِ الشَّيْنِ سريعا ولأن فيه أعضاء نَفِيسَةً وَفِيهَا الْمَحَاسِنُ وَأَكْثَرُ الْإِدْرَاكَاتِ وَقَدْ يُبْطِلُهَا بِفِعْلِهِ وَالشَّيْنُ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا سِيَّمَا الْأَسْنَانُ وَالْبَادِي مِنْهُ وَهُوَ الصُّورَةُ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَرَّمَ بِهَا بَنِي آدَمَ وَفِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ
وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ بِمَعْنَاهُ أَتَمَّ مِنْهُ


التَّعْزِيرُ مَصْدَرُ عَزَّرَ
قَالَ فِي الصِّحَاحِ التَّعْزِيرُ التَّأْدِيبُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الضَّرْبُ دُونَ الْحَدِّ تَعْزِيرًا
وَقَالَ فِي الْمَدَارِكِ وَأَصْلُ الْعَزْرِ الْمَنْعُ وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ مَنْعٌ عَنْ مُعَاوَدَةِ الْقَبِيحِ انْتَهَى
وَمِنْهُ عَزَّرَهُ الْقَاضِي أَيْ أَدَّبَهُ لِئَلَّا يَعُودَ إِلَى الْقَبِيحِ وَيَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ
كَذَا فِي إِرْشَادِ السَّارِي



رقم الحديث 4494 [4494] ( كَانَ قُرَيْظَةُ) بِالتَّصْغِيرِ ( وَالنَّضِيرُ) كَالْأَمِيرِ وَهُمَا قَبِيلَتَانِ وَخَبَرُ كَانَ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي الشَّرَفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ( قُتِلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْظَةَ ( بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهِ رَجُلًا مِنَ النَّضِيرِ ( فَوُدِيَ) أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الَّذِي كَانَ مِنْ قُرَيْظَةَ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْفِدَاءِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْفِدَاءُ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ وَالْفَتْحِ مَعَ الْقَصْرِ فِكَاكُ الْأَسِيرِ يُقَالُ فَدَاهُ يَفْدِيهِ فِدَاءً وَفَدَى وَفَادَاهُ يُفَادِيهِ مُفَادَاةً إِذَا أَعْطَى فِدَاءَهُ وَأَنْقَذَهُ ( بِمِائَةِ وَسْقٍ) بِفَتْحِ وَاوٍ وَسُكُونِ سِينٍ وكسر الْوَاوِ لُغَةً سِتُّونَ صَاعًا ( فَقَالُوا) أَيْ بَنُو قُرَيْظَةَ ( ادْفَعُوهُ) أَيِ الْقَاتِلَ مِنَ النَّضِيرِ ( نَقْتُلْهُ) أَيِ الْقَاتِلَ ( فَقَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) أَيْ قَالَتِ قريظة ذَاكَ حِينَ أَبَى النَّضِيرُ دَفْعَ الْقَاتِلِ إِلَيْهِمْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ السَّالِفَةِ ( فَأَتَوْهُ) أَيْ بَنُو قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَنَزَلَتْ) هَذِهِ الْآيَةُ ( بِالْقِسْطِ) أَيِ الْعَدْلِ ( والقسط النفس بالنفس) وهذا تفسير من بن عَبَّاسٍ أَيْ قَتْلُ النَّفْسِ بَدَلَ قَتْلِ النَّفْسِ
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْآيَاتِ مِنَ الْمَائِدَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ إِلَى قَوْلِهِ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الدِّيَةِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ وَذَلِكَ أَنَّ قَتْلَى بَنِي النَّضِيرِ كَانَ لَهُمْ شَرَفٌ يُرِيدُونَ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَأَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانُوا يُرِيدُونَ نِصْفَ الدِّيَةِ فَتَحَاكَمُوا فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِيهِمْ فَحَمَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَقِّ فَجَعَلَ الدِّيَةَ سَوَاءً
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَرُدُّوا فِي حُقُوقِهِمْ وَمَوَارِيثِهِمْ إِلَى أَهْلِ دِينِهِمْ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا رَاغِبِينَ فِي حَدٍّ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ فَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ لِرَسُولِهِ وَإِنْ حَكَمْتَ فاحكم بينهم بالقسط انتهى ( أفحكم الجاهلية يبغون) أَيْ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَطْلُبُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ
قَالَ النَّسَفِيُّ بَنُو النَّضِيرِ يَطْلُبُونَ تَفَاضُلَهُمْ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَدْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَتْلَى سَوَاءٌ فَقَالَ بَنُو النَّضِيرِ نَحْنُ لَا نَرْضَى بِذَلِكَ فَنَزَلَتِ انْتَهَى
وَفِي الْخَازِنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنَّ دَمَ الْقُرَظِيِّ وَفَاءٌ مِنْ دَمِ النَّضِيرِيِّ وَدَمَ النَّضِيرِيِّ وَفَاءٌ مِنْ دَمِ الْقُرَظِيِّ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ فِي دَمٍ وَلَا عَقْلٍ وَلَا جِرَاحَةٍ فَغَضِبَتْ بَنُو النَّضِيرِ وَقَالُوا لَا نَرْضَى بِحُكْمِكَ فأنزل الله أفحكم الجاهلية يبغون انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

( )
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْجَرِيرَةُ الْجِنَايَةُ وَالذَّنْبُ



رقم الحديث 4495 [4495] ( حَدَّثَنَا إياد) بكسر الهمزة بن لَقِيطٍ السَّدُوسِيُّ الْكُوفِيُّ ( عَنْ أَبِي رِمْثَةَ) بِكَسْرِ الراء الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا مِيمٌ سَاكِنَةٌ وَثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَتَاءُ تَأْنِيثٍ
قَالَ فِي أُسْدِ الْغَابَةِ أَبُو رِمْثَةَ التَّيْمِيُّ مِنْ تَمِيمِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بن أدوهم تَيْمُ الرَّبَابِ وَيُقَالُ التَّمِيمِيُّ مِنْ وَلَدِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي رِمْثَةَ كَثِيرًا قَالَهُ أَبُو عَمْرٍو
قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو رِمْثَةَ التَّيْمِيُّ اسْمُهُ حَبِيبُ بْنُ حَيَّانَ وَقِيلَ رِفَاعَةُ بْنُ يَثْرِبِيٍّ انْتَهَى ( آبْنُكَ) بِالْمَدِّ لِأَنَّهَا هَمْزَتَانِ الْأُولَى هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَالثَّانِيَةُ هَمْزَةُ لَفْظَةِ ابْنِكَ وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ ( قَالَ) أَبِي ( إِي) مِنْ حُرُوفِ الْإِيجَابِ ( قَالَ) أَبِي حَقًّا أَيْ نَقُولُ حَقًّا إِنَّهُ وَلَدِي ( قَالَ) أَبِي ( أَشْهَدُ بِهِ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ هَاءٍ أَيْ كُنْ شَاهِدًا بِأَنَّهُ ابْنِي مِنْ صُلْبِي وَبِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْضًا وَهُوَ تَقْرِيرٌ أَنَّهُ ابْنُهُ وَالْمَقْصُودُ الْتِزَامُ ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ عَنْهُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ مُؤَاخَذَةِ كُلٍّ مِنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ بِجِنَايَةِ الْآخَرِ ( قَالَ) أَيْ أَبُو رِمْثَةَ ( فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أي ابتداء ( ضاحكا) أي انتهاء ( مِنْ ثَبْتِ شَبَهِي) أَيْ مِنْ أَجْلِ ثُبُوتِ مُشَابَهَتِي فِي أَبِي بِحَيْثُ يُغْنِي ذَلِكَ عَنِ الْحَلِفِ وَمَعَ ذَلِكَ حَلِفَ أَبِي ( عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ( ثُمَّ قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدًّا لِزَعْمِهِ ( أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ ( إِنَّهُ) لِلشَّأْنِ أَوِ الِابْنِ ( لَا يَجْنِي عَلَيْكَ) أَيْ لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِكَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ السِّنْدِيُّ أَيْ جِنَايَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا قَاصِرَةٌ عَلَيْهِ لَا تَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْإِثْمُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ مُتَعَدِّيَةٌ انْتَهَى ( وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ) أَيْ لَا تُؤَاخَذُ بِذَنْبِهِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْجِنَايَةُ الذَّنْبُ وَالْجُرْمُ وَمَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ مِمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ أَوِ الْقِصَاصَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَبَاعِدِهِ فَإِذَا جَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً لَا يُعَاقَبُ بِهَا الْآخَرُ ( وَقَرَأَ) اسْتِشْهَادًا ( وَلَا تَزِرُ) أَيْ لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ ( وَازِرَةٌ) آثِمَةٌ ( وِزْرَ) إِثْمَ نَفْسٍ ( أُخْرَى)
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَادٍ