فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - أَبْوَابُ النَّوْمِ

رقم الحديث 4499 [4499] (الْجُشَمِيُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ (الْعَائِذِيُّ) مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ (بِرَجُلٍ قَاتِلٍ) بِالْكَسْرِ صِفَةٌ لرجل (قال) وائل (فدعا) النبي (ولي المقتول) بفتح الياء (فقال) النبي لولي المقتول (أتعفو) عنه (قال) النبي لِلْوَلِيِّ (اذْهَبْ بِهِ) أَيِ الْقَاتِلِ (فَلَمَّا وَلَّى وأدبر الولي (قال) النبي (إِنْ عَفَوْتَ) خِطَابٌ لِلْوَلِيِّ (عَنْهُ) أَيْ عَنِ الْقَاتِلِ (يَبُوءُ) بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْوَاوِ أَيْ يَلْتَزِمُ وَيَرْجِعُ الْقَاتِلُ (بِإِثْمِهِ) أَيِ الْقَاتِلِ (وَإِثْمِ صَاحِبِهِ) يَعْنِي الْمَقْتُولَ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَصْلُ الْبَوَاءِ اللُّزُومُ وَمَعْنَى يَبُوءُ إِلَخْ أَيْ كَانَ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ ذَنْبِهِ وَعُقُوبَةُ قَتْلِ صَاحِبِهِ فَأَضَافَ الْإِثْمَ إِلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ سَبَبٌ لِإِثْمِهِ انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ إِثْمَهُ فِي قَتْلِ صَاحِبِهِ فَأَضَافَ الْإِثْمَ إِلَى صَاحِبِهِ إِذْ صَارَ بِكَوْنِهِ مَحَلًّا لِلْقَتْلِ سَبَبًا لِإِثْمِهِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لمجنون فَأَضَافَ الرَّسُولَ إِلَيْهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رسول الله أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ.
وَأَمَّا الْإِثْمُ الْمَذْكُورُ ثَانِيًا فَهُوَ إِثْمُهُ فِيمَا قَارَفَهُ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سِوَى الْإِثْمِ الَّذِي قَارَفَهُ مِنَ الْقَتْلِ فَهُوَ يَبُوءُ بِهِ إِذَا عَفَا عَنِ الْقَتِيلِ وَلَوْ قُتِلَ لَكَانَ كَفَّارَةً لَهُ انْتَهَى
وَقَالَ السِّنْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ أَيْ يَرْجِعُ مُلْتَبِسًا بِإِثْمِهِ السَّابِقِ وَبِالْإِثْمِ الْحَاصِلِ لَهُ بِقَتْلِ صَاحِبِهِ فَأُضِيفَ إِلَى الصَّاحِبِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُتِلَ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَكُونُ كَفَّارَةً لَهُ عَنْ إِثْمِ الْقَتْلِ انْتَهَى
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ يَتَحَمَّلُ إِثْمَ الْمَقْتُولِ لِإِتْلَافِهِ مُهْجَتَهُ وَإِثْمَ الْوَلِيِّ لِكَوْنِهِ فَجَعَهُ فِي أَخِيهِ وَيَكُونُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فِي هَذَا الرَّجُلِ خَاصَّةً وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ يَكُونُ عَفْوُكَ عَنْهُ سَبَبًا لِسُقُوطِ إِثْمِكَ وَإِثْمِ أَخِيكَ الْمَقْتُولِ وَالْمُرَادُ إِثْمُهُمَا السَّابِقُ بِمَعَاصٍ لَهُمَا مُتَقَدِّمَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَذَا الْقَاتِلِ فَيَكُونُ مَعْنَى يَبُوءُ يَسْقُطُ وَأُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَيْهِ مَجَازًا انْتَهَى
قَالَ السِّنْدِيُّ لَعَلَّ الْوَجْهَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِرُجُوعِهِ بِإِثْمِهِمَا هُوَ رُجُوعُهُ مُلْتَبِسًا بِزَوَالِ إِثْمِهِمَا عَنْهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَعَالَى يَرْضَى بِعَفْوِ الْوَلِيِّ فَيَغْفِرَ لَهُ وَلِمَقْتُولِهِ فَيَرْجِعُ الْقَاتِلُ وَقَدْ أُزِيلَ عَنْهُمَا إِثْمُهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ (قَالَ) وَائِلٌ (فَعَفَا) أَيِ الْوَلِيُّ (عَنْهُ) عَنِ الْقَاتِلِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْوَلِيَّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِيَةِ الْعَمْدِ تَجِبُ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَشْفَعُ إِلَى وَلِيِّ الدَّمِ فِي الْعَفْوِ بَعْدَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الِاسْتِيثَاقِ بِالشَّدِّ وَالرِّبَاطِ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِذَا خُشِيَ انْفِلَاتُهُ وَذَهَابُهُ وَفِيهِ جَوَازُ إِقْرَارِ مَنْ جِيءَ بِهِ فِي حَبْلٍ أَوْ رِبَاطٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ إِذَا عُفِيَ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْزِيرٌ وَيُحْكَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ يُضْرَبُ بَعْدَ الْعَفْوِ مِائَةَ سَوْطٍ وَيُحْبَسُ سَنَةً انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

رقم الحديث 4510 [451] ( شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ) أَيْ مَشْوِيَّةٌ ( ثُمَّ أَهْدَتْهَا) أَيِ الشَّاةَ الْمَسْمُومَةَ ( فَأَكَلَ مِنْهَا) أَيْ مِنَ الذِّرَاعِ ( وَأَكَلَ رَهْطٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ ( مَعَهُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثُمَّ قَالَ لَهُمْ) أَيْ لِأَصْحَابِهِ الْآكِلِينَ ( ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ) وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهَا ( وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رَجُلًا ( فَدَعَاهَا) أَيْ دَعَا الرَّجُلُ الْيَهُودِيَّةَ فَجَاءَتْ ( أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَجَعَلْتِ فِيهَا السُّمَّ ( قَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَذِهِ فِي يَدِي الذِّرَاعُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ بَدَلٌ مِنْ هَذِهِ ( قالت) اليهود ( قُلْتُ) أَيْ فِي نَفْسِي ( إِنْ كَانَ) أَيْ مُحَمَّدٌ ( نَبِيًّا) وَيَأْكُلُ الشَّاةَ الْمَسْمُومَةَ ( فَلَمْ يَضُرَّهُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلُ السُّمِّ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ مُحَمَّدٌ ( نَبِيًّا) فَيَأْكُلُهُ فَيَمُوتُ ( اسْتَرَحْنَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَعَفَا عَنْهَا) أَيْ عَنِ الْيَهُودِيَّةِ ( وَلَمْ يُعَاقِبْهَا) أَيْ لَمْ يُؤَاخِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّةَ بِهَذَا الْفِعْلِ
قَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا فَقُتِلَتْ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ الثَّابِتُ عِنْدَنَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَتَلَهَا وَأَمَرَ بِلَحْمِ الشَّاةِ فَأُحْرِقَ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي قَتْلِهَا وَمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَصَحُّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يُعَاقِبْهَا حِينَ لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ أَكَلَ فَلَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ أَمَرَ بِقَتْلِهَا فَرَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ مَا شَاهَدَ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتَلَفَ الْآثَارُ وَالْعُلَمَاءُ هَلْ قَتَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا فَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ قَالُوا أَلَا نَقْتُلُهَا قَالَ لَا وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَعَنْ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَهَا وفي رواية بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَهَا إِلَى أَوْلِيَاءِ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَكَانَ أَكَلَ مِنْهَا فَمَاتَ بِهَا فَقَتَلُوهَا
وَقَالَ بن سَحْنُونَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَهَا
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَالْأَقَاوِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلًا حِينَ اطَّلَعَ عَلَى سُمِّهَا وَقِيلَ لَهُ اقْتُلْهَا فَقَالَ لَا فَلَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ مِنْ ذَلِكَ سَلَّمَهَا لِأَوْلِيَائِهِ فَقَتَلُوهَا قِصَاصًا فَيَصِحُّ .

     قَوْلُهُ مْ لَمْ يَقْتُلْهَا أَيْ فِي الْحَالِ وَيَصِحُّ .

     قَوْلُهُ مْ قَتَلَهَا أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى ( عَلَى كَاهِلِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْكَاهِلُ مُقَدَّمُ أَعْلَى الظَّهْرِ مِمَّا يَلِي الْعُنُقَ.

     وَقَالَ  أَبُو زَيْدٍ الْكَاهِلُ مِنَ الْإِنْسَانِ خَاصَّةً وَيُسْتَعَارُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ ( حَجَمَهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بِالْقَرْنِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ فَإِمَّا هُوَ الْمِيقَاتُ أَوْ غَيْرُهُ وَقِيلَ هُوَ قَرْنُ ثَوْرٍ جُعِلَ كَالْمِحْجَمَةِ انْتَهَى وَبِالْفَارِسِيَّةِ شاخ كاو ( وَالشَّفْرَةِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الشَّفْرَةُ السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ ( وَهُوَ) أَيْ أَبُو هِنْدٍ ( مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ)
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ الزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّ الْيَهُودِيَّةَ أَهْدَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ بَعَثَتْهَا إِلَيْهِ فَصَارَتْ مِلْكًا لَهُ وَكَانَ أَصْحَابُهُ أَضْيَافًا لَهُ وَلَمْ تَكُنْ هِيَ قَدَّمَتْهَا إِلَيْهِ وَإِلَيْهِمْ وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ فَالْقَوَدُ فِيهِ سَاقِطٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عِلَّةِ الْمُبَاشَرَةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى السَّبَبِ
وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلٌ وَحَدِيثَ جَابِرٍ مُنْقَطِعٌ كَمَا ذَكَرْنَا



رقم الحديث 4513 [4513] ( مَا يُتَّهَمُ بِكَ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَمَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَرَضِ يُظَنُّ بِكَ
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ اتَّهَمْتُهُ بِالتَّثْقِيلِ أي ظننت به سوء ( فَإِنِّي لَا أَتَّهِمُ) أَيْ لَا أَظُنُّ ( بِابْنِي شَيْئًا) مِنَ الْمَرَضِ ( وَأَنَا) أَيْضًا ( لَا أَتَّهِمُ) أَيْ لَا أَظُنُّ ( بِنَفْسِي) مِنَ الْمَرَضِ ( إِلَّا ذَلِكَ) أَيْ أَثَرَ السُّمِّ
هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُنْذِرِيُّ
وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ أُمِّ مُبَشِّرٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الدِّيَاتِ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ بِهِ



رقم الحديث 4515 [4515] ( حَدَّثَنَا حَمَّادٌ) فَشُعْبَةُ وَحَمَّادٌ يَرْوِيَانِ عَنْ قَتَادَةَ ( عَنِ الحسن) هو البصري ( عن سمرة) بن جُنْدُبٍ ( مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ)
قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِلَى هَذَا
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قِصَاصٌ فِي النَّفْسِ وَلَا فِي دُونِ النَّفْسِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا قَتَلَ عَبْدَهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَإِذَا قَتَلَ عَبْدَ غَيْرِهِ قُتِلَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ انتهى
وقال القارىء قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا زَجْرٌ لِيَرْتَدِعُوا فَلَا يُقْدِمُوا عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ ثُمَّ لَمْ يَقْتُلْهُ حِينَ جِيءَ بِهِ وَقَدْ شَرِبَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ فِي عَبْدٍ كَانَ يَمْلِكُهُ فَزَالَ عَنْهُ مُلْكُهُ فَصَارَ كُفُؤًا لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ والعبد بالعبد إلى والجروح قصاص انْتَهَى
وَمَذْهَبُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِعَبْدِ غَيْرِهِ دُونَ عَبْدِ نَفْسِهِ
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ
وَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ نَفْسِهِ ( وَمَنْ جَدَعَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ( عَبْدَهُ) أَيْ قَطَعَ أَطْرَافَهُ ( جَدَعْنَاهُ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْجَدْعُ قَطْعُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالشَّفَةِ وَهُوَ بِالْأَنْفِ أَخَصُّ فَإِذَا أُطْلِقَ غَلَبَ عَلَيْهِ يُقَالُ رَجُلٌ أَجْدَعُ وَمَجْدُوعٌ إِذَا كَانَ مَقْطُوعَ الْأَنْفِ انْتَهَى
وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ ذَهَبَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ طَرَفَ الْحُرِّ لَا يُقْطَعُ بِطَرَفِ الْعَبْدِ فَثَبَتَ بِهَذَا الِاتِّفَاقِ أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ



رقم الحديث 4516 [4516] ( بِإِسْنَادِهِ) أَيِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ ( خَصَيْنَاهُ) فِي الْمِصْبَاحِ خَصَيْتُ الْعَبْدَ أَخْصِيهِ خِصَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ سَلَلْتُ خُصْيَيْهِ وَقَدْ مَرَّ تَأْوِيلُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ
قَالَ السِّنْدِيُّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَتَلْنَاهُ وَأَمْثَالِهِ عَاقَبْنَاهُ وَجَازَيْنَاهُ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِ إِلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لِلْمُشَاكَلَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مثلها وَفَائِدَةُ هَذَا التَّعْبِيرِ الزَّجْرُ وَالرَّدْعُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ لِمُجَرَّدِ الزَّجْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَعْنًى أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ حَقِيقَتَهُ لِقَصْدِ الزَّجْرِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مُهْمَلَةً وَالثَّانِي يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِبِ لِمَصْلَحَةِ الزَّجْرِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَكَذَا كُلُّ مَا جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِمْ هَذَا وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ فَمُرَادُهُمْ أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنًى مَجَازِيٍّ مُنَاسِبٍ لِلْمَقَامِ انْتَهَى ( ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ شُعْبَةَ) وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ خَصَى عَبْدَهُ خَصَيْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النسائي

رقم الحديث 4530 [453] (عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَضْرَمٌ (وَالْأَشْتَرُ) بِالْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ وَالْمُثَنَّاةِ الْمَفْتُوحَةِ كَذَا ضَبَطَهُ الْحَافِظُ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ (إلى علي) أي بن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ) أَيْ أَوْصَاكَ (فَأَخْرَجَ كِتَابًا) وَلَيْسَ يَخْفَى أَنَّ مَا فِي كِتَابِهِ مَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَخْصُوصَةِ (وَقَالَ أَحْمَدُ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ) أَيْ زَادَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كِتَابًا لَفْظَ مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ وَالْقِرَابُ بِكَسْرِ الْقَافِ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ شِبْهُ الْجِرَابَ يَطْرَحُ فِيهِ الرَّاكِبُ سَيْفَهُ بِغِمْدِهِ وَسَوْطَهُ (فَإِذَا فِيهِ) أَيْ فِي الْكِتَابِ (الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ أَيْ تَتَسَاوَى (دِمَاؤُهُمْ) أَيْ فِي الدِّيَاتِ وَالْقِصَاصِ
فِي شَرْحِ السُّنَّةِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْقِصَاصِ يُقَادُ الشَّرِيفُ مِنْهُمْ بِالْوَضِيعِ وَالْكَبِيرُ بِالصَّغِيرِ وَالْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ شَرِيفًا أَوْ عَالِمًا وَالْقَاتِلُ وَضِيعًا أَوْ جَاهِلًا وَلَا يُقْتَلُ بِهِ غَيْرُ قَاتِلِهِ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانُوا لَا يَرْضَوْنَ فِي دَمِ الشَّرِيفِ بِالِاسْتِقَادَةِ مِنْ قَاتِلِهِ الْوَضِيعِ حَتَّى يَقْتُلُوا عِدَّةً مِنْ قَبِيلَةِ الْقَاتِلِ (وَهُمْ) أَيِ الْمُؤْمِنُونَ (يَدٌ) أَيْ كَأَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ فِي التَّعَاوُنِ وَالتَّنَاصُرِ (عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسَعُهُمُ التَّخَاذُلُ بَلْ يُعَاوِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ (وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ) الذِّمَّةُ الْأَمَانُ وَمِنْهَا سُمِّيَ الْمُعَاهَدُ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ أُومِنَ عَلَى مَالِهِ وَدَمِهِ لِلْجِزْيَةِ
وَمَعْنَى أَنَّ وَاحِدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا آمَنَ كَافِرًا حَرُمَ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ دَمُهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُجِيرُ أَدْنَاهُمْ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ عَسِيفًا تَابِعًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يُخْفَرُ ذِمَّتَهُ (أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بكافر قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِأَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْهُمْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَفْيٌ عَنْ نَكِرَةٍ فَاشْتَمَلَ عَلَى جِنْسِ الْكُفَّارِ عُمُومًا (وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ) قَالَ الْقَاضِي أَيْ لَا يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ ما دام معاهدا غير ناقض
وقال بن الْمَلَكِ أَيْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً مَا دَامَ فِي الْعَهْدِ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقَادُ بِالْكَافِرِ أَمَّا الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ فَذَلِكَ إِجْمَاعٌ.
وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِصِدْقِ اسْمِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ وَذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ وَقَالُوا إِنَّ قَوْلَهَ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُؤْمِنٌ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ كَمَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَعْطُوفِ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَقَطْ بِدَلِيلِ جَعْلِهِ مُقَابِلًا لِلْمُعَاهَدِ لِأَنَّ الْمُعَاهَدَ يُقْتَلُ بِمَنْ كَانَ مُعَاهَدًا مِثْلَهُ مِنَ الذِّمِّيِّينَ إِجْمَاعًا فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَيَّدَ الْكَافِرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالْحَرْبِيِّ كَمَا قُيِّدَ فِي الْمَعْطُوفِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ
وَهُوَ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ الذِّمِّيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مَفْهُومٌ صِفَةً وَفِي الْعَمَلِ بِهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَالْحَنَفِيَّةُ لَيْسُوا بِقَائِلِينَ بِهِ وَبِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَعْطُوفَةَ أَعْنِي قَوْلَهَ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ لِمُجَرَّدِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ فَلَا تَقْدِيرَ فِيهَا أَصْلًا
وَبِأَنَّ الصَّحِيحَ الْمَعْلُومَ مِنْ كَلَامِ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ النُّحَاةِ وَهُوَ الَّذِي نص عليه الرِّضَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اشْتَرَاكُ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْحُكْمِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وَقَعَ العطف وهو ها هنا النَّهْيُ عَنِ الْقَتْلِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى كَوْنِهِ قِصَاصًا أَوْ غَيْرَ قِصَاصٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنُ إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ فِي الْقِصَاصِ أَنْ تَكُونَ الْأُخْرَى مِثْلَهَا حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ الْمُدَّعَى (مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ) أَيْ مَنْ جَنَى جِنَايَةً كَانَ مَأْخُوذًا بِهَا وَلَا يُؤْخَذُ بِجُرْمِ غَيْرِهِ وَهَذَا فِي الْعَمْدِ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ دُونَ الْخَطَأِ الَّذِي يَلْزَمُ عَاقِلَتَهُ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ (أَوْ آوَى مُحْدِثًا) أَيْ آوى جانيا أَوْ أَجَارَهُ مِنْ خَصْمِهِ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَائِيِّ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجهQقال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه آخِر الْبَاب.
وَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَاب الْمَرَاسِيل عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْعَزِيز الْحَضْرَمِيّ قَالَ

رقم الحديث 4539 [4539] ( عَنْ طَاوُسٍ قَالَ مَنْ قَتَلَ) هَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ بن السَّرْحِ فَلَمْ يُرْفَعِ الْحَدِيثُ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عبيد فرفعه كما قال المؤلف
وقال بن عُبَيْدٍ إِلَخْ ( مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيًّا) بِكَسْرِ عَيْنٍ وَتَشْدِيدِ مِيمٍ مَكْسُورَةٍ وَقَصْرِ فِعِّيلَا مِنَ الْعَمَى كَالرِّمِّيَا مِنَ الرَّمْيِ أَيْ مَنْ قُتِلَ في حال يعمى أمره فلا يتبين قاتله وَلَا حَالُ قَتْلِهِ ( فِي رَمْيٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ تَرَامَى الْقَوْمُ فَوُجِدَ بَيْنَهُمْ قَتِيلٌ ( فَهُوَ خَطَأٌ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْخَطَأِ حَيْثُ يَجِبُ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ ( وَعَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَأِ) أَيْ دِيَتُهُ دِيَةُ الْخَطَأِ ( فَهُوَ قَوَدٌ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ فَحُكْمُهُ الْقِصَاصُ ( وَقَالَ بن عُبَيْدٍ قَوَدُ يَدٍ) أَيْ زَادَ فِي رِوَايَتِهِ لَفْظَ يَدٍ بَعْدَ قَوَدٍ
قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ أَيْ فَحُكْمُ قَتْلِهِ قَوَدُ نَفْسِهِ وَعَبَّرَ عَنِ النَّفْسِ بِالْيَدِ مَجَازًا ( ثُمَّ اتَّفَقَا) أَيْ محمد بن عبيد وبن السَّرْحِ ( وَمَنْ حَالَ دُونَهُ) أَيْ صَارَ حَائِلًا وَمَانِعًا مِنَ الِاقْتِصَاصِ ( لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَسَّرُوا الْعَدْلَ الْفَرِيضَةَ وَالصَّرْفَ التَّطَوُّعَ انْتَهَى
وَقِيلَ الصَّرْفُ التَّوْبَةُ وَالْعَدْلُ الفدية قَالَ فِي الْمَعَالِمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ دِيَةُ هَذَا الْقَتِيلِ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ دِيَتُهُ عَلَى الَّذِينَ نَازَعُوهُمْ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ دِيَتُهُ عَلَى عَوَاقِلِ الْآخَرِينَ إِلَّا أَنْ يَدَّعُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَيَكُونَ قَسَامَةً وكذلك قال إسحاق
وقال بن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَرِيقَيْنِ الَّذِينَ اقْتَتَلُوا مَعًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَقْلُهُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَالْقِصَاصُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ قَسَامَةٌ إِنِ ادَّعَوْهُ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ طَائِفَةٍ بِعَيْنِهَا وَإِلَّا فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهِمْ إِنْ لَمْ يَدَّعِ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى غَيْرِهِمُ انْتَهَى



رقم الحديث 4543 [4543] ( وَعَلَى أَهْلِ الْقَمْحِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْبُرُّ ( لَمْ يحفظه محمد) أي بن إسحاق قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُرْسَلٌ وَفِيهِ مُحَمَّدٌ يَعْنِي بن إِسْحَاقَ

رقم الحديث 4547 [4547] ( فَكَبَّرَ) أَيْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ( وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ بِأَنْ أَرْسَلَ رِيحًا وَجُنُودًا وَهُمْ أَحْزَابٌ اجْتَمَعُوا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَيَحْتَمِلُ أَحْزَابَ الْكُفَّارِ في جميع الدهر والمواطن ( إلى ها هنا حَفِظْتُهُ مِنْ مُسَدَّدٍ) أَيْ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ وَحْدَهُ وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ وَمِنْ بَعْدِ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ قَدْ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ وَمُسَدَّدٌ كِلَاهُمَا ( ثُمَّ اتَّفَقَا) أَيْ سُلَيْمَانُ وَمُسَدَّدٌ ( أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ) الْمَأْثَرَةُ هِيَ مَا يُؤْثَرُ وَيُذْكَرُ مِنْ مَكَارِمِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَفَاخِرِهِمْ ( تَحْتَ قَدَمَيَّ) خَبَرُ إِنَّ أَيْ بَاطِلٌ وَسَاقِطٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ إِبْطَالُهَا وَإِسْقَاطُهَا ( إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ خِدْمَتُهُ وَالْقِيَامُ بِأَمْرِهِ أَيْ فَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى مَا كَانَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكَانَتِ الْحِجَابَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ وَالسِّقَايَةُ فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ بَنُو شَيْبَةَ يَحْجُبُونَ الْبَيْتَ وَبَنُو الْعَبَّاسِ يَسْقُونَ الْحَجِيجَ ( ثُمَّ قَالَ أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ ( شِبْهِ الْعَمْدِ) بَدَلٌ مِنَ الْخَطَأِ ( مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا) بَدَلٌ مِنَ الْبَدَلِ ( مِائَةٌ) خَبَرٌ ( فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) يَعْنِي الْحَوَامِلَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ قَتْلِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لَيْسَ الْقَتْلُ إِلَّا الْعَمْدُ الْمَحْضُ أَوِ الْخَطَأُ الْمَحْضُ وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فَقَالَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ هِيَ أَرْبَاعٌ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ أَخْمَاسٌ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ.
وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ فَلَا نَعْرِفُهُ
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا جَعَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ أَثْلَاثًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَمْدِ حَدِيثٌ مُفَسِّرٌ أَوِ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ كَذَلِكَ فَحُمِلَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَهَذِهِ الدِّيَةُ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ شِبْهِ الْخَطَأِ كَدِيَةِ الْجَنِينِ انتهى
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ وَسَاقَ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَسَاقَ أَيْضًا اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِيهِ

رقم الحديث 4548 [4548]