فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - أَبْوَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ

رقم الحديث 1157 [1157] ( عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ) أَيْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ يُقَالُ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مَعْدُودٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِينَ عَمَّرَ بَعْدَ أَبِيهِ زَمَانًا طَوِيلًا ( عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ) جَمْعُ عَمٍّ كَالْبُعُولَةِ جَمْعُ بَعْلٍ
ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ كَأُبُوَّةٍ وَخُؤُولَةٍ ( مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صِفَةُ عُمُومَةِ وَجَهَالَةِ الصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ ( أَنَّ رَكْبًا) جَمْعُ رَاكِبٍ كَصَحْبٍ جَمْعُ صَاحِبٍ ( يَشْهَدُونَ) أَيْ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ ( أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ) وَلَفْظُ أَحْمَدَ في مسنده عم عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَشَهِدُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ وَأَنْ يَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنَ الْغَدِ وَهَكَذَا فِي رواية بن مَاجَهْ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَالدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُمْ قَدِمُوا آخر النهار وصحح الداقطني إِسْنَادَهَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مِنْ رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بَعْدَ الزَّوَالِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ وَقْتَهَا مِنَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إِلَى زَوَالِهَا إِذْ لَوْ كَانَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ تُؤَدَّى بَعْدَ الزَّوَالِ لَمَا أَخَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْغَدِ ( فَأَمَرَهُمْ) أَيِ النَّاسَ ( أَنْ يُفْطِرُوا) أَيْ ذَلِكَ الْيَوْمَ ( وَإِذَا أَصْبَحُوا يَغْدُوا) أَيْ يَذْهَبُوا فِي الْغَدْوَةِ جَمِيعًا ( إِلَى مُصَلَّاهُمْ) لِصَلَاةِ الْعِيدِ يَعْنِي لَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ فِي الْمَدِينَةِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رمضان فصاموا ذلك اليوم فجائت قَافِلَةٌ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِفْطَارِ وَبِأَدَاءِ صَلَاةِ الْعِيدِ في اليوم الحادي والثلاثين قاله علي القارىء
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِنْ لَمْ يَتَبَيَّنِ الْعِيدُ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ صَلَاتِهِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ
وَرَوَى الْخَطَّابِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ إِنْ عَلِمُوا بِالْعِيدِ قَبْلَ الزوال صلوا وَإِلَّا لَمْ يُصَلُّوا يَوْمَهُمْ وَلَا مِنَ الْغَدِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي وَقْتٍ فَلَا يُعْمَلُ فِي غَيْرِهِ قَالَ وَكَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ وَحَدِيثُ أَبِي عُمَيْرٍ صَحِيحٌ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَاجِبٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
وَأَبُو عُمَيْرٍ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى وَحَدِيثُ أَبِي عُمَيْرٍ صَحِيحٌ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَاجِبٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ قُبَيْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِذَلِكَ بَعْدُ وَيُحْتَجُّ لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ
تَمَّ كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
قلت وقد عرفت من رواية أحمد وبن مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِذَلِكَ آخِرَ النَّهَارِ
والحديث أخرجه أيضا بن حبان في صحيحه وصححه بن المنذر وبن السكن وبن حزم والخطابي وبن حجر وقول بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّ أَبَا عُمَيْرٍ مَجْهُولٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَهُ مَنْ صَحَّحَ لَهُ
قَالَهُ الْحَافِظُ



رقم الحديث 1158 [1158] ( إِسْحَاقُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى) قَالَ الذَّهَبِيُّ في الميزان لا يعرف لكن قال بن السكن إسناده صَالِحٌ
قُلْتُ لَا يُعْرَفُ إِسْحَاقُ وَبَكْرٌ بِغَيْرِ هَذَا الْخَبَرِ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ هُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ ( بَكْرُ بْنُ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيُّ) قَالَ بن الأثير هو بن جَبْرٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي عُبَيْدٍ بَطْنٍ مِنَ الْأَوْسِ لَهُ صُحْبَةٌ عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ قال بن مَنْدَهْ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ
قُلْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ سَالِمٍ وَأُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا أُنَيْسٌ رَاوٍ عَنْ إِسْحَاقَ
انْتَهَى كَلَامُ بن الْأَثِيرِ
وَفِي الْإِصَابَةِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَهُ صحبة وكذا قال بن حبان وقال بن السَّكَنِ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْبُخَارِيُّ فِي تاريخه والبارودي وقال بن الْقَطَّانِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا إِسْحَاقُ بْنُ سَالِمٍ وَإِسْحَاقُ لَا يُعْرَفُ
انْتَهَى ( كُنْتُ أَغْدُو) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ الْغُدُوُّ نَقِيضُ الرَّوَاحِ وقد غدا يغدوا غُدُوًّا
انْتَهَى
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْغَدْوَةُ الْمَرَّةُ مِنَ الْغُدُوِّ وَهُوَ سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ نَقِيضُ الرَّوَاحِ وَقَدْ غَدَا يَغْدُو غُدُوًّا وَالْغُدْوَةُ بِالضَّمِّ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ
انْتَهَى
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَغَدَا عَلَيْهِ غُدُوًّا وَغَدَوْا وَاغْتَدَى بَكَّرَ غَادَاهُ بَاكَرَهُ وَغَدَا عَلَيْهِ وَيُقَالُ غَدَا الرَّجُلُ يَغْدُو فَهُوَ غَادٍ
انْتَهَى
وَالْمَعْنَى أَيْ أَسِيرُ وَأَذْهَبُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى الْمُصَلَّى مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بَطْنُ بَطْحَانَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ اسْمُ وَادِي الْمَدِينَةِ وَالْبَطْحَانِيُّونَ مَنْسُوبُونَ إِلَيْهِ وَأَكْثَرُهُمْ يضمون الباء وَلَعَلَّهُ الْأَصَحُّ انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ بَكْرِ بْنِ مُبَشِّرٍ هَذَا وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ بَابِ إِذَا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج مِنَ الْغَدِ وَهَكَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُنْذِرِيِّ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هَذَا الْحَدِيثُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ أَيْ فِي بَابِ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ فَإِدْخَالُ الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ أَيْ بَابِ مُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ ظاهر لاخفاء فِيهِ مِنْ حَيْثُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَ الطَّرِيقَ كَمَا فِي حَدِيثِ بن عُمَرَ وَأَقَرَّ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ كَمَا فِي حَدِيثِ بَكْرِ بْنِ مُبَشِّرٍ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الطَّرِيقِ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ وَالْبَابُ يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ بَكْرٍ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا إِدْخَالُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فَلَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُنْتُ أَغْدُو ليس فعل مِنَ الْغَدِ الَّذِي أَصْلُهُ الْغُدُوُّ وَحَذَفَ الْوَاوَ بِلَا عِوَضٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلتَّعْرِيفِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ يَوْمِكَ أَيْ ثَانِي يَوْمِكَ فَلَا يُقَالُ كُنْتُ أَغْدُو بِمَعْنَى كُنْتُ أَسِيرُ وَأَذْهَبُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بَعْدَ يَوْمِي هَذَا وَلَا يُسْتَعْمَلُ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي مُحَاوَرَةِ الْعَرَبِ فَلَا يُطَابِقُ الْحَدِيثَ مِنَ الْبَابِ بَلْ هُوَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ النُّسَّاخِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ


رقم الحديث 1159 [1159] ( لَمْ يُصَلِّ) أَيْ سُنَّةً
قَالَهُ الطِّيبِيُّ
هَذَا النَّفْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُصَلِّي لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا فَإِذَا رَجَعَ إِلَى منزله صلى ركعتين رواه بن مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَحَسَّنَهُ الْحَافِظُ فِي الفتح
وحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
قَالَ بن قدامة وهو مذهب بن عباس وبن عمر
قال وروي ذلك عن علي وبن مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَبُرَيْدَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَجَابِرٍ وبن أَبِي أَوْفَى.

     وَقَالَ  بِهِ شُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ وَمَسْرُوقٌ وَالضَّحَّاكُ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَمَعْمَرٌ وبن جُرَيْجٍ وَالشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَطَوَّعُ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَلَهُ فِي الْمَسْجِدِ رِوَايَتَانِ.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ عُلَمَائِنَا يَذْكُرُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانَ يُصَلِّي قبل تلك الصلاة ولا بعدها
قال بن قُدَامَةَ وَهُوَ إِجْمَاعٌ كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ وعن غيره
انتهى
ويردد دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا جَوَازَ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَرَوَى ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ.
وَأَمَّا أَقْوَالُ التَّابِعِينَ فَرَوَاهَا بن أَبِي شَيْبَةَ وَبَعْضُهَا فِي الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ
وَرَوَى بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ الْكُوفِيُّونَ يُصَلُّونَ بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا وَالْبَصْرِيُّونَ يُصَلُّونَ قَبْلَهَا لَا بَعْدَهَا وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيُّ وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَبِالثَّالِثِ قَالَ الزهري وبن جُرَيْجٍ وَأَحْمَدُ.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَمَنَعَهُ فِي الْمُصَلَّى وَعَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَعَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا ( تُلْقِي خِرْصَهَا) هُوَ الْحَلَقَةُ الصَّغِيرَةُ مِنَ الْحُلِيِّ وَفِي الْقَامُوسِ الْخُرْصُ بِالضَّمِّ وَيُكْسَرُ حَلْقَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَوْ حَلْقَةُ الْقُرْطِ أَوِ الْحَلْقَةُ الصَّغِيرَةُ مِنَ الْحُلِيِّ انْتَهَى ( وَسِخَابَهَا) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَهُوَ خَيْطٌ تُنَظَّمُ فِيهِ الْخَرَزَاتُ
وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ السِّخَابَ كَكِتَابٍ قِلَادَةٌ مِنْ سُكٍّ وَقَرَنْفُلٍ وَمَحْلَبٍ بِلَا جَوْهَرٍ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْخِرْصُ الْحَلْقَةُ وَالسِّخَابُ الْقِلَادَةُ
وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَطِيَّةَ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ وَصَدَقَتَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا جَائِزَةٌ مَاضِيَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُفْتَقِرًا إِلَى إِذْنِ الْأَزْوَاجِ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمُرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِي ذَلِكَ
انْتَهَى


إِذَا كَانَ يَوْمُ مَطَرٍ

رقم الحديث 1160 [116] ( أَنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ ( أَصَابَهُمْ) أَيِ الصَّحَابَةَ ( صَلَاةَ الْعِيدِ في المسجد) أي مسجد المدينة
قال بن الْمَلَكِ يَعْنِي كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الصَّحْرَاءِ إِلَّا إِذَا أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَيُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَالْأَفْضَلُ أَدَاؤُهَا فِي الصَّحْرَاءِ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ وَفِي مَكَّةَ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَكَّةَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يُعْرَفْ خِلَافُهُ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الْكِرَامِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ بِحُكْمِ قَوْلِهِ تعالى إن أول بيت وضع للناس لِعُمُومِ عِبَادَاتِهِمْ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْجِنَازَةِ وَالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ
ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
وَفِي السُّبُلِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَوْلَيْنِ هَلِ الْأَفْضَلُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ الْخُرُوجُ إِلَى الْجَبَّانَةِ أَوِ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْبَلَدِ إِذَا كَانَ وَاسِعًا
الْأَوَّلُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَسْجِدُ الْبَلَدِ وَاسِعًا صَلَّوْا فِيهِ وَلَا يَخْرُجُونَ فَكَلَامُهُ يَقْضِي بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْخُرُوجِ طَلَبُ الِاجْتِمَاعِ وَلِذَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِ الْعَوَاتِقِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلِذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ لَا يَخْرُجُونَ لِسَعَةِ مَسْجِدِهَا وَضِيقِ أَطْرَافِهَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ قَالُوا الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِمَالِكٍ أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ أَفْضَلُ وَلَوِ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ لِلنَّاسِ وَحُجَّتُهُمْ مُحَافَظَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا لِعُذْرِ الْمَطَرِ وَلَا يُحَافِظُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الْأَفْضَلِ وَلِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ.

     وَقَالَ  لَوْلَا أَنَّهُ السُّنَّةُ لَصَلَّيْتُ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ قَالُوا فَإِنْ كَانَ فِي الْجَبَّانَةِ مَسْجِدٌ مَكْشُوفٌ فَالصَّلَاةُ فِيهِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ مَسْقُوفًا فَفِيهِ تُرَدَّدٌ
انْتَهَى
قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ وَهَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَا عَامَّةُ أَهْلِ الْبُلْدَانِ إِلَّا أَهْلَ مَكَّةَ
انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ.

     وَقَالَ  فِي التَّلْخِيصِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
انْتَهَى
قُلْتُ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَهُوَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي فَرْوَةَ الْفَرْوِيُّ الْمَدَنِيُّ قَالَ فِيهِ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ لَا يَكَادُ يعرف وقال هذا حديث منكر
وقال بن الْقَطَّانِ لَا أَعْلَمُ عِيسَى هَذَا مَذْكُورًا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الرِّجَالِ وَلَا فِي غَيْرِ هذا الإسناد انتهى
قال المنذري وأخرجه بن ماجه




رقم الحديث 1161 [1161] ( جُمَّاعٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ يُقَالُ جُمَّاعُ النَّاسِ أَيِ اخْتِلَاطُهُمْ ( وَتَفْرِيعُهَا) بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمَّاعِ أَيْ تَفْرِيعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْفَرْعُ مَا يَتَفَرَّعُ مِنْ أَصْلِهِ يُقَالُ فَرَّعْتُ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلَ فَتَفَرَّعَتْ أَيِ اسْتُخْرِجَتُ فَخَرَجَتْ وَالْمَعْنَى هَذِهِ مَجْمُوعُ أَبْوَابِ الِاسْتِسْقَاءِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَسَائِلِ مِنْ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ وَالْخُطْبَةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ بِهَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( عَنْ عَمِّهِ) الْمُرَادُ بِعَمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمُتَكَرِّرُ فِي الرِّوَايَاتِ ( خَرَجَ بِالنَّاسِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْخُرُوجِ لِلِاسْتِسْقَاءِ إِلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِافْتِقَارِ وَالتَّوَاضُعِ وَلِأَنَّهَا أَوْسَعُ لِلنَّاسِ ( فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ ( جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا) وَلَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ وذكره البخاري وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا وَلَا يُقَامُ لِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ عَنْ أَحْمَدَ أَبِي هُرَيْرَةَ

رقم الحديث 1163 [1163] ( عن محمد بن مسلم) هو بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ ( لَمْ يَذْكُرْ) أَيِ الزبيدي عَنِ الزُّهْرِيِّ قِصَّةَ الصَّلَاةِ ( وَقَالَ) أَيِ الزُّبَيْدِيُّ ( فَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْمَنَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُ الْعِطَافِ الرِّدَاءُ وَإِنَّمَا أَضَافَ الْعِطَافَ إِلَى الرِّدَاءِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَحَدَ شِقَّيِ الْعِطَافِ
انْتَهَى
قَالَ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ فَالْهَاءُ ضَمِيرُ الْرِدَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُرِيدُ بِالْعِطَافِ جَانِبَ الرِّدَاءِ
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ سُمِّيَ الرِّدَاءُ عِطَافًا لِوُقُوعِهِ عَلَى الْعِطْفَيْنِ وَهُمَا الْجَانِبَانِ
انْتَهَى



رقم الحديث 1164 [1164] ( وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ) أَيْ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ فِي طَرَفَيْهِ مِنْ صُوفٍ وَغَيْرِهِ وَسَوْدَاءُ صِفَةٌ لِخَمِيصَةٍ وَفِيهِ تَجْرِيدٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ ثَوْبُ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ مُعَلَّمٍ وَقِيلَ لَا تُسَمَّى خَمِيصَةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَوْدَاءَ مُعَلَّمَةً وَكَانَتْ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ قَدِيمِهَا وَجَمْعُهَا الْخَمَائِصُ انْتَهَى ( فَلَمَّا ثَقُلَتْ) الْخَمِيصَةُ أَيْ عَسُرَتْ عَلَيْهِ ( قَلَّبَهَا) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَقِيلَ بِتَخْفِيفِهَا ( عَلَى عَاتِقَيْهِ) بِالتَّثْنِيَةِ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْإِفْرَادِ وَالْمَعْنَى أَيْ لَمْ يَجْعَلْ أَسْفَلَهَا أَعْلَاهَا بَلْ جَعَلَ مَا عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ
وَزَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ حَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ هُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ



رقم الحديث 1165 [1165] ( نَحْوَهُ) أَيْ رِوَايَةُ عُثْمَانَ نَحْوُ رِوَايَةِ النُّفَيْلِيِّ وَهُوَ كَقَوْلِهِ الْمَعْنَى أَيْ مَعْنَى حَدِيثِهِمَا وَاحِدٌ ( قَالَ عُثْمَانُ) بْنُ أَبِي شيبة ( بن عُقْبَةَ) بِالْقَافِ بَعْدَ الْعَيْنِ هُوَ صِفَةُ الْوَلِيدِ أَيْ قَالَ عُثْمَانُ فِي رِوَايَتِهِ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ.
وَأَمَّا النُّفَيْلِيُّ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بِالتَّاءِ بَعْدَ الْعَيْنِ ( مُتَبَذِّلًا) بِتَقْدِيمِ التَّاءِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لَابِسًا لِثِيَابِ الْبِذْلَةِ تَارِكًا لِثِيَابِ الزِّينَةِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَعَالَى
التَّبَذُّلُ وَالِابْتِذَالُ تَرْكُ التَّزَيُّنِ وَالتَّهَيُّؤِ بِالْهَيْئَةِ الْحَسَنَةِ الْجَمِيلَةِ عَلَى جِهَةِ التَّوَاضُعِ ( مُتَضَرِّعًا) أَيْ مُظْهِرًا لِلضَّرَاعَةِ وَهِيَ التَّذَلُّلُ عند طلب الحاجة ( فلم يخطب خطبكم هَذِهِ) النَّفْيُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْقَيْدِ لَا إِلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمُصَرِّحَةُ بِالْخُطْبَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  فِي هَذَا الحديث فرقي المنبر ولم يخطب خطبكم هَذِهِ فَإِنَّمَا نَفَى وُقُوعَ خُطْبَةٍ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشَابَهَةً لِخُطْبَةِ الْمُخَاطَبِينَ وَلَمْ يَنْفِ وُقُوعَ مُطْلَقِ الْخُطْبَةِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ خَطَبَ لَكِنَّهُ لَمْ يَخْطُبْ كَمَا يَفْعَلُ فِي الْجُمُعَةِ وَلَكِنَّهُ خَطَبَ الْخُطْبَةَ وَاحِدَةً فَلِذَلِكَ نَفَى النَّوْعَ وَلَمْ يَنْفِ الْجِنْسَ وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ فَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَاهِدًا انْتَهَى ( ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا الْحَنَفِيَّةُ ( كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ) تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَعَهُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَتَكْبِيرِ الْعِيدِ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أن المراد كصلاة العيد في عدد الركعة وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَكَوْنِهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِهِ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا انْتَهَى




رقم الحديث 1166 [1166] ( اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِهَا لِلدُّعَاءِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْقِرَاءَةُ وَالْأَذَانُ وَسَائِرُ الطَّاعَاتِ إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ كَالْخُطْبَةِ ( ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ) فِيهِ دَلِيلٌ لِجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ فِي اسْتِحْبَابِ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ وَلَا يَسْتَحِبُّهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَدِيثُ يُرَدُّ عَلَيْهِ
قَالُوا وَالتَّحْوِيلُ شُرِعَ تَفَاؤُلًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ مِنَ الْقَحْطِ إِلَى نُزُولِ الْغَيْثِ وَالْخِصْبِ وَمِنْ ضِيقِ الْحَالِ إِلَى سَعَةٍ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ




رقم الحديث 1167 [1167]