فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - أَبْوَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ

رقم الحديث 1168 [1168] ( عَنْ عُمَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ ( مَوْلَى بَنِي آبِي اللَّحْمِ) بالمداسم رَجُلٍ مِنْ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ أَوْ لَحْمِ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ
قِيلَ هُوَ الَّذِي يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ حَدِيثٌ سِوَاهُ وَعُمَيْرٌ عَنْهُ وَلَهُ أَيْضًا صُحْبَةٌ ( عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ) وَهُوَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْحَرَّةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَوَادِ أَحْجَارِهَا بِهَا كَأَنَّهَا طُلِيَتْ بِالزَّيْتِ ( مِنَ الزَّوْرَاءِ) بِفَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ ( قَائِمًا يَدْعُو يَسْتَسْقِي) حَالَانِ أَيْ دَاعِيًا مُسْتَسْقِيًا ( قِبَلَ وَجْهِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ قُبَالَتَهُ ( لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا) أَيْ بِيَدَيْهِ حِينَ رَفَعَهُمَا ( رَأْسَهُ) وَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يُبَالِغُ فِي الرَّفْعِ لِلِاسْتِسْقَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ أَحْوَالِهِ وَهَذَا فِي نَادِرٍ مِنْهَا أَوْ بِالْعَكْسِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ كَذَا قَالَ قُتَيْبَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ آبِي اللَّحْمِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ
وَعُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللحم قد روى عن النبي أحاديث وله صحبة

رقم الحديث 1169 [1169] ( أتت النبي بَوَاكِي) جَمْعُ بَاكِيَةٍ أَيْ جَاءَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ نُفُوسٌ بَاكِيَةٌ أَوْ نِسَاءٌ بَاكِيَاتٌ لِانْقِطَاعِ الْمَطَرِ عَنْهُمْ مُلْتَجِئَةً إِلَيْهِ وَهَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا شَاهَدْنَاهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ رَأَيْتُ النبي يُوَاكِي بِضَمِّ الْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا
انْتَهَى
قُلْتُ الْمُوَاكَاةُ وَالتَّوَكُّؤُ وَالِاتِّكَاءُ وَالتَّحَامُلُ عَلَى الشَّيْءِ
قال الخطابي في العالم مَعْنَاهُ التَّحَامُلُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا رَفَعَهُمَا وَمَدَّهُمَا فِي الدُّعَاءِ وَمِنْ هَذَا التَّوَكُّؤُ عَلَى الْعَصَا وَهُوَ التَّحَامُلُ عَلَيْهَا انْتَهَى
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ يَتَحَامَلُ عَلَى يَدَيْهِ أَيْ يَرْفَعُهُمَا وَيَمُدُّهُمَا فِي الدُّعَاءِ وَمِنْهُ التَّوَكُّؤُ عَلَى الْعَصَا وَهُوَ التَّحَامُلُ عَلَيْهَا انْتَهَى
وَقَدْ أَخَذَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ أَيْضًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَلِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ وَجْهٌ انْتَهَى
وَرَجَّحَ السِّنْدِيُّ الرِّوَايَةَ الْمَشْهُورَةَ وَبَالَغَ فِي رَدِّ غَيْرِهَا وَلَمْ يَقِفْ عَلَى كلام الخطابي وبن الْأَثِيرِ وَالْمُنْذِرِيِّ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ الْخَطَّابِيُّ لَمْ تَأْتِ بِهِ الرِّوَايَةُ وَلَا انْحَصَرَ الصَّوَابُ فِيهِ بَلْ لَيْسَ هُوَ وَاضِحُ الْمَعْنَى
وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هو ازل بَدَلَ بَوَاكِي انْتَهَى
قُلْتُ عَلَى رِوَايَةِ الْخَطَّابِيِّ يُوَافِقُ الْحَدِيثَ بِالْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ
( اسْقِنَا) بِالْوَصْلِ وَالْقَطْعِ ( غَيْثًا) أَيْ مَطَرًا ( مُغِيثًا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ مُعِينًا مِنَ الْإِغَاثَةِ بِمَعْنَى الْإِعَانَةِ ( مَرِيئًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمَدِّ وَيَجُوزُ إِدْغَامُهُ أَيْ هَنِيئًا مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ لَا ضَرَرَ فِيهِ مِنَ الْغَرَقِ وَالْهَدْمِ ( مَرِيعًا) يُرْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ بِالْيَاءِ وَالْبَاءِ فَمَنْ رَوَاهُ بِالْيَاءِ جَعَلَهُ مِنَ الْمَرَاعَةِ وَهُوَ الْخِصْبُ يُقَالُ مِنْهُ أَمْرَعَ الْمَكَانُ إِذَا أَخْصَبَ وَمَنْ رَوَاهُ مَرْبَعًا كَانَ مَعْنَاهُ مَنْبَتًا لِلرَّبِيعِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ
وَفِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ مَرِيعًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِضَمٍّ أَيْ كَثِيرًا
وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ ذَا مَرَاعَةٍ وَخِصْبٍ وَيُرْوَى مُرْبِعًا بِالْبَاءِ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مُنْبِتًا لِلرَّبِيعِ وَيُرْوَى مَرْتَعًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ أَيْ يَنْبُتُ بِهِ مَا يَرْتَعُ الْإِبِلَ وَكُلُّ خِصْبٍ مَرْتَعٌ وَمِنْهُ يَرْتَعُ وَيَلْعَبُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ ( فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَقِيلَ بِالْمَفْعُولِ يقال أطبق إذا جعل الطَّبَقَ عَلَى رَأْسِ شَيْءٍ وَغَطَّاهُ بِهِ أَيْ جُعِلَتْ عَلَيْهِمُ السَّحَابُ كَطَبَقٍ قِيلَ أَيْ ظَهَرَ السَّحَابُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَطَّاهُمُ السَّحَابُ كَطَبَقٍ فوق رؤوسهم بِحَيْثُ لَا يَرَوْنَ السَّمَاءَ مِنْ تَرَاكُمِ السَّحَابِ وَعُمُومِهِ الْجَوَانِبَ وَقِيلَ أَطْبَقَتْ بِالْمَطَرِ الدَّائِمِ يُقَالُ أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ الْحُمَّى أَيْ دَامَتْ
وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَيْ مَلَأْتُ وَالْغَيْثُ الْمُطْبَقُ هُوَ الْعَامُّ الواسع

رقم الحديث 1170 [117] ( إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ) قَالَ فِي النَّيْلِ ظَاهِرُهُ نَفْيُ الرَّفْعِ فِي كُلِّ دُعَاءٍ غَيْرَ الِاسْتِسْقَاءِ وَهُوَ مُعَارِضٌ لِلْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي الرَّفْعِ فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَقَدْ أَفْرَدَهَا الْبُخَارِيُّ بِتَرْجَمَةٍ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ وَسَاقَ فِيهَا عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَصَنَّفَ الْمُنْذِرِيُّ فِي ذَلِكَ جُزْءًا
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ قَالَ وَقَدْ جَمَعْتُ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنَ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَالَ وَذَكَرْتُهَا فِي آخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
انْتَهَى
فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِهَا أَوْلَى وَحَمَلَ حَدِيثَ أَنَسٍ عَلَى نَفْيِ رُؤْيَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ رُؤْيَةِ غَيْرِهِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَأْوِيلِ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِأَنْ يُحْمَلَ النَّفْيُ عَلَى جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ إِمَّا عَلَى الرَّفْعِ الْبَلِيغِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ غَالِبَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا مَدُّ الْيَدَيْنِ وَبَسْطُهُمَا عِنْدَ الدُّعَاءِ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَرَفَعَهُمَا إِلَى جِهَةِ وَجْهِهٍ حَتَّى حَاذَتَاهُ وَحِينَئِذٍ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ وَإِمَّا عَلَى صِفَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ يَسْتَسْقِي هَكَذَا وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْبَقَاءَ عَلَى النَّفْيِ الْمَذْكُورِ عَنْ أَنَسٍ فَلَا تُرْفَعُ الْيَدُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَدْعِيَةِ إِلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الرَّفْعُ وَيُعْمَلُ فِيمَا سِوَاهَا بِمُقْتَضَى النَّفْيِ وَتَكُونُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الرَّفْعِ فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ أَرْجَحَ مِنَ النَّفْيِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ إِمَّا لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ وَهِيَ أَوْلَى مِنَ النَّفْيِ
وَغَايَةُ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ نَفْيُ الرَّفْعِ فِيمَا يَعْلَمُهُ وَمَنْ عَلِمَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمِ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَالْحَقُّ أَنَّ أَنَسًا لَمْ يَنْفِ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ بَلْ إِنَّمَا مُرَادُهُ أن النبي لَا يُبَالِغُ فِي الرَّفْعِ رَفْعًا بَلِيغًا فَوْقَ حِذَاءِ الصَّدْرِ بِحَيْثُ يَجْعَلُ بُطُونَ يَدَيْهِ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 1171 [1171] ( وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا إِلَخْ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالسُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لرفع بلاء كَالْقَحْطِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلِهِ جَعَلَ بَطْنَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا بِنَحْوِهِ



رقم الحديث 1172 [1172] ( مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ التَّيْمِيُّ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 1173 [1173] ( خَالِدُ بْنُ نزار) بكسر النون وفتح الزاء الْمُخَفَّفَةِ ( قُحُوطَ الْمَطَرِ) بِضَمِّ الْقَافِ هُوَ مَصْدَرٌ كَالْقَحْطِ مَعْنَاهُ احْتِبَاسُ الْمَطَرِ وَفَقْدُهُ
فِي الْقَامُوسِ الْقَحْطُ احْتِبَاسُ الْمَطَرِ ( فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ إِلَخْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الصُّعُودِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِخُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ ( وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا) أَيْ عَيَّنَهُ لَهُمْ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ وَيَخْرُجَ بِهِمْ إِلَى خَارِجِ الْبَلَدِ ( حَاجِبُ الشَّمْسِ) فِي الْقَامُوسِ حَاجِبُ الشَّمْسِ ضَوْءُهَا أَوْ نَاحِيَتُهَا انْتَهَى
وَإِنَّمَا سُمِّيَ الضَّوْءُ حَاجِبًا لِأَنَّهُ يَحْجُبُ جُرْمَهَا عَنِ الْإِدْرَاكِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وقد أخرج الحاكم وأصحاب السنن عن بن عباس أن النبي صَنَعَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا صَنَعَ فِي الْعِيدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ صَلَّاهَا وَقْتَ صَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا قال الحافظ وقد حكى بن الْمُنْذِرِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا مُعَيَّنٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَحْكَامِهَا كَالْعِيدِ لَكِنَّهَا مُخَالِفَةٌ بِأَنَّهَا لا تختص بيوم معين
ونقل بن قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلَّى فِي وقت الكراهة
وأفاد بن حبان بأن خروجه لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ ( جَدْبَ دِيَارِكُمْ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ المهملة أي قحطها ( واستيخار الْمَطَرِ) أَيْ تَأَخُّرَهُ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَالسِّينُ لِلْمُبَالَغَةِ يُقَالُ اسْتَأْخَرَ الشَّيْءَ إِذَا تَأَخَّرَ تَأَخُّرًا بَعِيدًا ( عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ أَيْ وَقْتِهِ مِنْ إِضَافَةِ الْخَاصِّ إِلَى الْعَامِّ يعني عن أول زمان المطر وإلا بان أَوَّلُ الشَّيْءِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِيلَ نُونُهُ أَصْلِيَّةٌ فَيَكُونُ فِعَالًا وَقِيلَ زَائِدَةٌ فَيَكُونُ فِعْلَانُ مِنْ آبَ الشَّيْءُ يَؤُبُّ إِذَا تَهَيَّأَ لِلذَّهَابِ
وَفِي الْقَامُوسِ إِبَّانَ الشَّيْءِ بِالْكَسْرِ حِينُهُ أَوْ أَوَّلُهُ ( وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
( ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ افْتِتَاحِ الْخُطْبَةِ بِالْبَسْمَلَةِ بَلْ بِالْحَمْدَلَةِ وَلَمْ تأت رواية عنه أَنَّهُ افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ بِغَيْرِ التَّحْمِيدِ كَمَا فِي السُّبُلِ ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بِقَصْرِ الْمِيمِ أَيْ بِلَا أَلِفٍ بَعْدَ الْمِيمِ فِي مَالِكٍ ( قُوَّةً) أَيْ بِالْقُوتِ حَتَّى لَا نَمُوتَ وَالْمَعْنَى اجْعَلْهُ مَنْفَعَةً لَنَا لَا مَضَرَّةً عَلَيْنَا ( وَبَلَاغًا) أَيْ زَادًا يُبَلِّغُنَا ( إِلَى حِينِ) أَيْ مِنْ أَحْيَانِ آجَالِنَا
قَالَ الطِّيبِيُّ الْبَلَاغُ مَا يَتَبَلَّغُ بِهِ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَالْمَعْنَى اجْعَلِ الْخَيْرَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْنَا سَبَبًا لِقُوَّتِنَا وَمَدَدًا لَنَا مَدَدًا طِوَالًا ( ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَخْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ ( ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِ الْخَطِيبِ عِنْدَ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ الْقِبْلَةَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ التَّفَاؤُلُ بِتَحَوُّلِهِ عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَهِيَ الْمُوَاجَهَةُ لِلنَّاسِ إِلَى الْحَالَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهُمْ لِيَتَحَوَّلَ عَنْهُمُ الْحَالُ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَهُوَ الْجَدْبُ بِحَالٍ آخَرَ وَهُوَ الْخَصْبُ ( وَقَلَّبَ) بِالتَّشْدِيدِ ( أَوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً) أَيْ أَوْجَدَ وَأَحْدَثَ ( فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ ظَهَرَ فِيهَا الرَّعْدُ وَالْبَرْقُ فَالنِّسْبَةُ مَجَازِيَّةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بَرَقَتْ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى الْحِيرَةِ وَبِالْفَتْحِ مِنَ الْبَرِيقِ اللَّمَعَانِ ( ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ) فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَمْطَرَتْ بِالْأَلِفِ وَهُوَ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ أَمْطَرَتْ وَمَطَرَتْ لُغَتَانِ فِي الْمَطَرِ
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ أَمْطَرَتْ إِلَّا فِي الْعَذَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حجارة والمشهور الأول
قال تعالى عارض ممطرنا وَهُوَ الْخَيْرُ لِأَنَّهُمْ يُحِبُّونَ خَيْرًا ( فَلَمْ يَأْتِ) رسول الله مِنَ الْمَحِلِّ الَّذِي اسْتَسْقَى فِيهِ الصَّحْرَاءَ ( مَسْجِدَهُ) أَيِ النَّبَوِيَّ فِي الْمَدِينَةِ ( حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ) أَيْ مِنَ الْجَوَانِبِ ( رَأَى سُرْعَتَهَمْ) أَيْ سُرْعَةَ مَشْيِهِمْ وَالْتِجَائِهِمْ ( إِلَى الْكِنِّ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهُوَ مَا يُرِدْ بِهِ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ مِنَ الْمَسَاكِنِ
وَفِي الْقَامُوسِ الْكِنُّ وِقَاءُ كُلِّ شَيْءٍ وَسِتْرُهُ كَالْكِنَّةِ وَالْكِنَانِ بِكَسْرِهِمَا وَالْبَيْتُ الْجَمْعُ أَكْنَانٌ وَأَكِنَّةٌ انْتَهَى ( حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) النَّوَاجِذُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ أَقْصَى الْأَضْرَاسِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ أَوْ هِيَ الْأَنْيَابُ أَوِ الَّتِي تَلِي الْأَنْيَابَ أَوْ هِيَ الْأَضْرَاسُ كُلُّهَا جَمْعُ نَاجِذٍ وَالنَّجْذُ شِدَّةُ الْعَضِّ بِهَا انْتَهَى
قَالَ الطِّيبِيُّ وَكَأَنَّ ضَحِكَهُ تَعَجُّبًا مِنْ طَلَبِهِمُ الْمَطَرَ اضْطِرَارًا ثُمَّ طَلَبِهِمُ الْكِنَّ عَنْهُ فِرَارًا وَمِنْ عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِظْهَارِ قُرْبَةِ رَسُولِهِ وَصِدْقِهِ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ سَرِيعًا وَلِصِدْقِهِ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ ( هَذَا) أَيْ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي فِيهِ مَلِكُ يَوْمِ الدِّينِ ( حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ لِتَفَرُّدِ رُوَاتِهِ ( إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ) أَيْ قَوِيٌّ لَا عِلَّةَ فِيهِ لِاتِّصَالِ إِسْنَادِهِ وَثِقَاتِ رُوَاتِهِ وأخرجه أيضا أبو عوانة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وصححه بن السَّكَنِ ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أَيْ بِغَيْرِ أَلِفٍ
قال بْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ قَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ أَيْ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَقَرَأَ آخَرُونَ مَالِكِ بِالْأَلِفِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ مُتَوَاتِرٌ فِي السَّبْعِ وَقَدْ رَجَّحَ كُلًّا مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ مُرَجِّحٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَكِلَاهُمَا صَحِيحَةٌ حَسَنَةٌ وَرَجَّحَ الزَّمَخْشَرِيُّ مَلِكِ بِغَيْرِ أَلِفٍ لِأَنَّهَا قِرَاءَةُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ ( حُجَّةٌ لَهُمْ) أَيْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَجِيءُ الْكَلَامُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى



رقم الحديث 1175 [1175] ( عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

رقم الحديث 1176 [1176] ( عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ( قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِ) بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ أَوِ الْقَطْعِ ( عِبَادَكَ) يَشْمَلُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ ( وَبَهَائِمَكَ) أَيْ مِنْ جَمِيعِ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَحَشَرَاتِهَا ( وَانْشُرْ) بِضَمِّ الشِّينِ أَيِ ابْسُطْ ( وَأَحْيِي بَلَدَكَ الْمَيِّتَ) أَيْ بِإِنْبَاتِ الْأَرْضِ بعد موتها أي يبسها وفي تلميح إلى قوله تعالى يحيي به الأرض بعد موتها قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَحَدِيثُ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مرسل




رقم الحديث 1181 [1181] ( فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ رُكُوعَيْنِ تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وحديث جابر وبن عباس وبن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ ركعة ركوعان وسجدتان
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1182 [1182] ( صَلَّى بِهِمْ) أَيْ صَلَاةَ الْكُسُوفِ ( فَقَرَأَ بِسُورَةٍ مِنَ الطُّوَلِ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَتُكْسَرُ وَبِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ الطِّيبِيُّ جَمْعُ الطُّولَى كَالْكُبْرَى وَالْكُبَرِ ( وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ) أَيْ رُكُوعَاتٍ ( ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَفِي نُسْخَةٍ إِلَى الثَّانِيَةِ ( ثُمَّ جَلَسَ كَمَا هُوَ) أَيْ كَائِنًا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا ( مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) بِالنَّصْبِ أَيْ جَلَسَ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَجُلُوسِهِ فِيهَا يَعْنِي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ( يَدْعُو حَتَّى انْجَلَى كُسُوفُهَا) أَيِ انْكَشَفَ وَارْتَفَعَ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ.

     وَقَالَ  هَذَا سَنَدٌ لَمْ يَحْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِمِثْلِهِ وَهَذَا تَوْهِينٌ مِنْهُ لِلْحَدِيثِ بِأَنَّ سَنَدَهُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لَا أَنَّهُ تَقْوِيَةٌ لِلْحَدِيثِ وَتَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ كَمَا فَهِمَهُ بعض المتأخرين
وروي عن بن السَّكَنِ تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ رُوَاتُهُ صَادِقُونَ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَعْفَرٍ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ
قَالَ الْفَلَّاسُ سَيِّئُ الْحِفْظِ وقال بن المديني يخلط وقال بن مَعِينٍ ثِقَةٌ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسُ رُكُوعَاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَعْفَرٍ وَاسْمُهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاهَانَ الرَّازِيُّ وَفِيهِ مَقَالٌ وَاخْتُلِفَ فِيهِ قول بن معين وبن المديني رضي الله عنهم