فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ ذِكْرِ الْفِتَنِ وَدَلَائِلِهَا

رقم الحديث 3769 [3769] ( قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا آكُلُ مُتَّكِئًا) قَالَ الْحَافِظُ اخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الِاتِّكَاءِ فَقِيلَ أَنْ يَتَمَكَّنُ فِي الْجُلُوسِ لِلْأَكْلِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ وَقِيلَ أَنْ يَمِيلَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ وَقِيلَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى مِنَ الْأَرْضِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَحْسَبُ الْعَامَّةُ أَنَّ الْمُتَّكِئَ هُوَ الْآكِلُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هو المعتمد على الوطأ الَّذِي تَحْتَهُ
قَالَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنِّي لَا أقعد متكئا على الوطأ عِنْدَ الْأَكْلِ فِعْلَ مَنْ يَسْتَكْثِرُ مِنَ الطَّعَامِ فَإِنِّي لَا آكُلُ إِلَّا الْبُلْغَةَ مِنَ الزَّادِ فَلِذَلِكَ أَقْعُدُ مُسْتَوْفِزًا
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ تَمْرًا وَهُوَ مُقْعٍ وَفِي رِوَايَةٍ وَهُوَ مُحْتَفِزٌ وَالْمُرَادُ الْجُلُوسُ على وركيه غير متمكن
وأخرج بن عَدِيٍّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عِنْدَ الْأَكْلِ
قَالَ مَالِكٌ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الِاتِّكَاءِ.

قُلْتُ وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ مِنْ مَالِكٍ إِلَى كَرَاهَةِ كُلِّ مَا يُعَدُّ الْآكِلُ فِيهِ مُتَّكِئًا وَلَا يَخْتَصُّ بِصِفَةٍ بِعَيْنِهَا
وَجَزَمَ بن الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِ الِاتِّكَاءِ بِأَنَّهُ الْمَيْلُ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِإِنْكَارِ الْخَطَّابِيِّ ذَلِكَ
وحكى بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ مَنْ فَسَّرَ الِاتِّكَاءَ بِالْمَيْلِ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَذْهَبِ الطِّبِّ بِأَنَّهُ لَا يَنْحَدِرُ فِي مَجَارِي الطَّعَامِ سَهْلًا وَلَا يُسِيغُهُ هَنِيئًا وَرُبَّمَا تَأَذَّى بِهِ
قَالَ الْحَافِظُ وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى فَالْمُسْتَحَبُّ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ لِلْأَكْلِ أَنْ يَكُونَ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَظُهُورُ قَدَمَيْهِ أَوْ يَنْصِبُ الرِّجْلَ الْيُمْنَى وَيَجْلِسُ على اليسرى انتهى
وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ نُقِلَ فِي الشِّفَاءِ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُمْ فَسَّرُوهُ بِالتَّمَكُّنِ لِلْأَكْلِ وَالْقُعُودِ فِي الْجُلُوسِ كَالْمُتَرَبِّعِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى وِطَاءٍ تَحْتَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ تَسْتَدْعِي كَثْرَةَ الْأَكْلِ وَتَقْتَضِي الْكِبْرَ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ يَحْسَبُ أَكْثَرُ الْعَامَّةِ أَنَّ الْمُتَّكِئَ هُوَ الْمَائِلُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ
وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَتَأَوَّلُ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى مَذْهَبِ الطِّبِّ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْبَدَنِ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْأَكْلَ مَائِلًا عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ لَا يَسْهُلُ نُزُولُهُ إِلَى مَعِدَتِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَلَيْسَ مَعْنَى الْحَدِيثِ ما ذهبوا إليه وإنما المتكئ ها هنا هو المعتمد على الوطأ الذي تحته وكل من استوى على وطأ فهو متكىء وَالِاتِّكَاءُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْوِكَاءِ وَوَزْنُهُ الِافْتِعَالُ فَالْمُتَّكِئُ هُوَ الَّذِي أَوْكَأَ مَقْعَدَتَهُ وَشَدَّهَا بِالْقُعُودِ عَلَى الوطأ الَّذِي تَحْتَهُ
وَالْمَعْنَى أَنِّي إِذَا أَكَلْتُ لَمْ أقعد متكأ مِنَ الْأَرْضِ عَلَى الْأَوْطِيَةِ وَالْوَسَائِدِ فِعْلَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَيَتَوَسَّعَ فِي الْأَلْوَانِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حديث علي بن الأقمر



رقم الحديث 3770 [377] ( بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ لِحَاجَةٍ ( وَهُوَ مُقْعٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْإِقْعَاءِ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ جَالِسًا عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا سَاقَيْهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ