فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ

رقم الحديث 1299 [1299] ( حَدَّثَنِي الْأَنْصَارِيُّ) قَالَ الْحَافِظُ فِي أَمَالِي الْأَذْكَارِ وَالْأَنْصَارِيُّ غَيْرُ مُسَمًى قَالَ الْمِزِّيُّ قِيلَ إِنَّهُ جابر بن عبد الله وأن بن عَسَاكِرٍ أَخْرَجَ فِي تَرْجَمَةِ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ أَحَادِيثَ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ فَجَوَّزَ أَنْ يكون هو الذي ها هنا لَكِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ وَقَدْ وُجِدَتْ فِي تَرْجَمَةِ عُرْوَةَ هَذَا مِنَ الشَّامِيِّينَ لِلطَّبَرَانِيِّ حَدِيثَيْنِ أَخْرَجَهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ بِهَذَا السَّنَدِ بِعَيْنِهِ فَقَالَ فِيهِمَا حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيُّ فَلَعَلَّ الْمِيمَ كَبُرَتْ قَلِيلًا فَأَشْبَهَتِ الصَّادَ فَإِنْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَصَحَابِيٌّ هَذَا حَدِيثُ أَبِي كَبْشَةَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَسَنَدُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَنْحَطُّ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ فَكَيْفَ إِذَا ضُمَّ إِلَى رِوَايَةِ أَبِي الْجَوْزَاءِ عن عبد الله بن عمرو كذا فِي اللَّآلِئِ
هَذَا مُلَخَّصٌ مِنْ غَايَةِ الْمَقْصُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَ حَدِيثَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ الترمذي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ.

     وَقَالَ  أَيْضًا وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ حَدِيثٍ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَبِيرُ شَيْءٍ
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُقَيْلِيُّ الْحَافِظُ لَيْسَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَقَدْ وَقَعَ لَنَا حَدِيثُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا وَفِي كِلَيْهِمَا مَقَالٌ
وَأَمْثَلُ الأحاديث فيها حديث عكرمة عن بن عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ أبا داود وبن مَاجَهْ أَخْرَجَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ الْعَبْدِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ وَهُوَ مِمَّنِ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْعَدَنِيُّ الْقَنْبَارِيُّ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَسَدٍ الْخُشَنِيُّ.

     وَقَالَ  يَحْيَى بْنُ معين لا أرى به بَأْسًا عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَحَدُ الْعُبَّادِ وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى بن عَبَّاسٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ فَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَفِي التَّلْخِيصِ وَالْحَقُّ أَنَّ طرقه كلها ضعيفة وإن كان حديث بن عَبَّاسٍ يَقْرُبُ مِنْ شَرْطِ الْحَسَنِ إِلَّا أَنَّهُ شَاذٌّ لِشِدَّةِ الْفَرْدِيَّةِ فِيهِ وَعَدَمِ الْمُتَابِعِ وَالشَّاهِدِ مِنْ وَجْهٍ مُعْتَبَرٍ وَمُوسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا صَالِحًا فَلَا يَحْتَمِلُ مِنْهُ هذا التفرد وقد ضعفها بن تيمية والمزي وتوقف الذهبي حكاه بن عَبْدِ الْهَادِي عَنْهُمْ فِي أَحْكَامِهِ انْتَهَى




رقم الحديث 1300 [13] ( الْفِطْرِيُّ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ قَالَهُ الْحَافِظُ ( كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ ( بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ) طَائِفَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ( رَآهُمْ يُسَبِّحُونَ) أَيْ يَتَطَوَّعُونَ وَيُصَلُّونَ نَافِلَةً ( فَقَالَ هَذِهِ) أَيِ النَّوَافِلُ ( صَلَاةُ الْبُيُوتِ) أَيِ الْأَفْضَلُ كَوْنُهَا فِيهَا لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ وَأَقْرَبُ إِلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ فِيهِ حَظٌّ لِلْبُيُوتِ مِنَ الْبَرَكَةِ فِي الْقُوتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى بَيْتِهِ بِخِلَافِ الْمُعْتَكِفِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ بِالِاتِّفَاقِ
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ قَامَ نَاسٌ يَتَنَفَّلُونَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ انْتَهَى قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ إِنَّ إِسْحَاقَ بْنَ كَعْبٍ تَابِعِيٌّ مَسْتُورٌ تَفَرَّدَ بِحَدِيثِ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَهُوَ غَرِيبٌ جدا انتهى
قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالصَّحِيحُ مَا روي عن بن عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ

رقم الحديث 1302 [132] .
وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ داود فلم يذكرا في روايتهما بن عَبَّاسٍ لَكِنْ قَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فهو مسند عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ الْحَدِيثُ مَوْصُولًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْقُمِّيُّ الْأَشْعَرِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو الْحَسَنِ
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ انتهى




رقم الحديث 1303 [133] ( الْعُكْلِيُّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ ( إِلَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) أي ركعتان مؤكدة بتسليمة وركعتان مستحبة قاله القارىء ( أَوْ سِتَّ رَكَعَاتٍ) يَحْتَمِلُ الشَّكَّ وَالتَّنْوِيعَ فَرَكْعَتَانِ نافلة قاله القارىء
وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ قَطُّ فَدَخَلَ بَيْتِي إِلَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَيْ تَارَةً أَوْ سِتَّ رَكَعَاتٍ أَيْ أُخْرَى فَلَيْسَتْ أَوْ لِلشَّكِّ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ وَيَدْخُلُ بيتي فيصلي ركعتين وكذا في حديث بن عُمَرَ الشَّيْخَيْنِ
وَمُفَادُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِحَسَبِ مَا تَيَسَّرَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا وَسِتًّا إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ انْتَهَى ( وَلَقَدْ مُطِرْنَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( فَطَرَحْنَا لَهُ) أَيْ فَرَشْنَا وَبَسَطْنَا لَهُ عَلَى الْأَرْضِ ( نِطَعًا) بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ عَلَى وَزْنِ عِنَبٍ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْأَدِيمِ وَالْجِلْدِ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا تَصِلُ إِلَيْهِ رُطُوبَةُ الْأَرْضِ النَّدَى
قَالَتْ عَائِشَةُ وَإِنِّي أَحْفَظُ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ ( فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ثَقْبٍ) أَيْ خَرْقٍ الَّذِي كَانَ ( فِيهِ) أَيِ النِّطَعِ ( يَنْبُعُ الْمَاءُ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ وَفَتَحَ أَيْ يَخْرُجُ وَيَجْرِي الْمَاءُ ( مِنْهُ) أَيْ مِنَ الثَّقْبِ الَّذِي كَانَ فِي النِّطَعِ وَوَصَلَ الْمَاءُ إِلَى قَرِيبِ النِّطَعِ فَأَصَابَهُ .

     وَقَالَتْ  عَائِشَةُ فِي كَيْفِيَّةِ تَوَاضُعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَمَا رَأَيْتُهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مُتَّقِيًا) مِنَ الِاتِّقَاءِ أَيْ مُجْتَنِبًا ( الْأَرْضَ) أَيْ مِنَ الْأَرْضِ النَّدَى أَوِ الْيَابِسَةَ ( بِشَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهِ قَطُّ) بِشَيْءٍ مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهَا مُتَّقِيًا أَيْ بِسَبَبِ صِيَانَةِ الثِّيَابِ مِنَ الطِّينِ وَالتُّرَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي الشَّرْحِ




رقم الحديث 1304 [134] ( قَالَ فِي الْمُزَّمِّلِ) أَيْ فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ يُقَالُ تَزَمَّلَ وَتَدَثَّرَ بِثَوْبِهِ إِذَا تَغَطَّى بِهِ أَرَادَ ياأيها النَّائِمُ قُمْ فَصَلِّ
قَالَ الْعُلَمَاءُ كَانَ هَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَحْيِ قَبْلَ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ خُوطِبَ بعد بالنبي والرسول ( قم الليل) أي للصلاة ( إلا قليلا) وَكَانَ الْقِيَامُ فَرِيضَةً فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ بَيَّنَ قَدْرَهُ فَقَالَ تَعَالَى نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قليلا أَيْ إِلَى الثُّلُثِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ خَيَّرَهُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَنَازِلِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ وَكَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي مَتَى ثُلُثُ اللَّيْلِ وَمَتَى النِّصْفُ وَمَتَى الثُّلُثَانِ فَكَانَ يَقُومُ حَتَّى يُصْبِحَ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ وَخَفَّفَهُ عَنْهُمْ وَنَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ الْآتِي كَمَا قَالَ الرَّاوِي ( نَسَخَتْهَا) أَيْ هَذِهِ الْآيَةُ ( الْآيَةُ) الْأُخْرَى ( الَّتِي فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  ( عَلِمَ أَنْ لن تحصوه) أي لن تطيقوه ( فتاب عليكم) أي فعاد عليكم بالعفو والتخفيف ( فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لِوَقْتٍ لَكِنْ قُومُوا مِنَ اللَّيْلِ مَا تَيَسَّرَ عَبَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ فَهَذِهِ الْآيَةُ نَسَخَتِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا سَنَةٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ عَشْرَ سِنِينَ
أَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ لَمَّا قَالَ اللَّهُ لَهُ قُمِ اللَّيْلَ إلا قليلا وأخرج بن أبي شيبة والحاكم والبيهقي وغيرهم عن بن عباس قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى أُنْزِلَ آخِرُهَا وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا وآخرها نحو من سنة وأخرج بن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قال لما نزلت ياأيها الْمُزَّمِّلُ قَامُوا حَوْلًا حَتَّى وَرِمَتْ أَقْدَامُهُمْ وَسُوقُهُمْ حتى نزلت فاقرؤوا ما تيسر منه فاستراح الناس وأخرج بن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ لما نزلت ياأيها المزمل قم الليل إلا قليلا مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ عَشْرَ سِنِينَ يَقُومُ اللَّيْلَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُومُونَ مَعَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ إِلَى قَوْلِهِ فَأَقِيمُوا الصلاة فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ كَذَا فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ ( وَنَاشِئَةُ اللَّيْلِ أَوَّلُهُ) أَيْ أول الليل هذا تفسير من بن عَبَّاسٍ فِي مَعْنَى نَاشِئَةِ اللَّيْلِ
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ قَالَ قِيَامُ اللَّيْلِ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ قَالُوا نَشَأَ
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا فِي سُنَنِهِ عن بن أبي مليكة قال سألت بن عباس وبن الزُّبَيْرِ عَنْ نَاشِئَةِ اللَّيْلِ قَالَا قِيَامُ اللَّيْلِ ( وَكَانَتْ صَلَاتُهُمْ) أَيِ الصَّحَابَةِ ( لِأَوَّلِ اللَّيْلِ) أَيْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُونَ لِلتَّهَجُّدِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ خَشْيَةَ أَنْ لا يقومون بَعْدَ نَوْمِهِمْ فَيَفُوتُ عَنْهُمُ الْفَرْضُ وَهُوَ قِيَامُ الليل ( يقول) أي بن عَبَّاسٍ ( هُوَ) قِيَامُ أَوَّلِ اللَّيْلِ ( أَجْدَرُ) أَيْ أَلْيَقُ وَأَحْرَى ( وَقَولُهُ) تَعَالَى ( أَقْوَمُ قِيلًا) قَالَ بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهِ ( هُوَ أَجْدَرُ أَنْ يُفَقَّهَ فِي الْقُرْآنِ) لِأَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ أَصْوَبُ قِرَاءَةً وَأَصَحُّ قَوْلًا مِنَ النَّهَارِ لِسُكُوتِ الْأَصْوَاتِ فِي الليل فيتدبر في معاني القرآن ( يقول) بن عباس في تفسير قوله سبحا طويلا أَيْ فِرَاقًا طَوِيلًا أَيْ لَكَ تَقَلُّبًا وَإِقْبَالًا وَإِدْبَارًا فِي حَوَائِجِكِ وَتَصَرُّفًا فِي أَشْغَالِكِ لَا تَفْرُغُ فِيهِ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فَعَلَيْكَ بِهَا فِي اللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْفَرَاغِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدِ المروزي وفي مَقَالٌ



رقم الحديث 1305 [135] ( وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا) أَيْ أَوَّلِ السُّورَةِ وهو قوله قم الليل إلا قليلا ( وَآخِرِهَا) أَيِ السُّورَةِ ( سَنَةٌ) وَاحِدَةٌ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ آنِفًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السماء انتهى


رقم الحديث 1306 [136] ( يَعْقِدُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ يَشُدُّ ( عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ) أَيْ قَفَاهُ وَمُؤَخَّرِهِ وَقِيلَ وَسَطِهِ ( ثَلَاثَ عُقَدٍ) جَمْعُ عُقْدَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا عُقَدُ الْكَسَلِ أَيْ يَحْمِلُهُ الشَّيْطَانُ عليه قاله بن الملك
قال الطيبي أراد تثقليه وَإِطَالَتَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ شَدَّ عَلَيْهِ شَدًّا وَعَقَدَهُ ثَلَاثَ عُقَدٍ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْقَافِيَةُ الْقَفَا وَقَفَا كُلِّ شَيْءٍ وَقَافِيَتُهُ آخِرُهُ وَعَقَدَ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَتِهِ اسْتِعَارَةٌ عَنْ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ وَتَحْبِيبِهِ النَّوْمَ إِلَيْهِ وَالدَّعَةَ وَالِاسْتِرَاحَةَ وَالتَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِأَنَّ الَّذِي يَنْحَلُّ بِهِ عُقْدَتُهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءٍ الذِّكْرُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ مَنَعَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ عَقَدَهَا عَلَى قَافِيَتِهِ وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ الْقَفَا لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْوَاهِمَةِ وَمَحَلُّ تَصَرُّفِهَا وَهُوَ أَطْوَعُ الْقُوَى لِلشَّيْطَانِ وَأَسْرَعُ إِجَابَةً لِدَعَوْتِهِ ( يَضْرِبُ) أَيْ بِيَدِهِ تَأْكِيدًا أَوْ إِحْكَامًا ( مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ) قِيلَ مَعْنَى يَضْرِبُ يَحْجُبُ الْحِسَّ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى لَا يَسْتَيْقِظَ
قَالَ مَيْرَكُ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْعَقْدِ فَقِيلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا يَعْقِدُ السَّاحِرُ مَنْ يَسْحَرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ إِنَّ عَلَى رَأْسِ كُلِّ آدَمِيٍّ حَبْلًا فِيهِ ثَلَاثُ عقد وذلك عند بن ماجه ونحوه لأحمد وبن خزيمة وبن حِبَّانَ
وَقِيلَ عَلَى الْمَجَازِ كَأَنَّهُ شَبَّهَ فِعْلَ الشَّيْطَانِ بِالنَّائِمِ مِنْ مَنْعِهُ مِنَ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ بِفِعْلِ السَّاحِرِ بِالْمَسْحُورِ مِنْ مَنْعِهِ عَنْ مُرَادِهِ ( عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ) وَهَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ لَيْلٍ بِالرَّفْعِ
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ عَنْ مُسْلِمٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَيْ قَوْلِهِ ( فَارْقُدْ) مَفْعُولٌ لِلْقَوْلِ الْمَحْذُوفِ أَيْ يُلْقِي الشَّيْطَانُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ يَعْقِدُهَا هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ ( فَإِنِ اسْتَيْقَظَ) أَيْ مِنْ نَوْمِ الْغَفْلَةِ ( فَذَكَرَ اللَّهَ) بِقَلْبِهِ أَوْ لِسَانِهِ ( انْحَلَّتْ) أَيِ انْفَتَحَتْ ( عُقْدَةٌ) أَيْ عُقْدَةُ الْغَفْلَةِ ( فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ) أَيْ عُقْدَةُ النَّجَاسَةِ ( فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ) أَيْ عقدة الكسالة والبطالة
قال الحافظ بن حَجَرٍ وَقَعَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَيْ عُقْدَةٌ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ ( فَأَصْبَحَ) أَيْ دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ أَوْ صَارَ ( نَشِيطًا) أَيْ لِلْعِبَادَةِ ( طَيِّبَ النَّفْسِ) أَيْ ذَاتَ فَرَحٍ لِأَنَّهُ تَخَلَّصَ عَنْ وِثَاقِ الشَّيْطَانِ وتخفف عنه أَعْبَاءُ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ وَحَصَلَ لَهُ رِضَا الرَّحْمَنِ ( وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَلِكَ بَلْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ وَنَامَ حَتَّى تَفُوتَهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ
ذَكَرَهُ مَيْرَكُ وَالظَّاهِرُ حَتَّى تَفُوتَهُ صَلَاةُ التَّهَجُّدِ ( أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ) مَحْزُونَ الْقَلْبِ كَثِيرَ الْهَمِّ مُتَحَيِّرًا فِي أَمْرِهِ ( كَسْلَانَ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا كَسْلَانًا أَيْ لَا يَحْصُلُ مُرَادُهُ فِيمَا يَقْصِدُهُ مِنْ أُمُورِهِ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدِ الشَّيْطَانِ وَمُبْعَدٌ عَنْ قُرْبِ الرَّحْمَنِ
ذَكَرَهُ عَلِيٌّ القارىء
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ



رقم الحديث 1307 [137] ( وَكَانَ إِذَا مَرِضَ أَوْ كَسِلَ) أَيْ تَعِبَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّنَفُّلِ قَاعِدًا مَنْ لَهُ كَسَلٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وهو إجماع العلماء
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَمِنْ خَصَائِصِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ ثَوَابَ تَطَوُّعِهِ جَالِسًا كَهُوَ قَائِمًا لِأَنَّ الْكَسَلَ الْمُقْتَضِي لِكَوْنِ أَجْرِ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَجْرِ الْقَائِمِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ مَأْمُونٌ فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ انْتَهَى
وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَلَّى جَالِسًا ضَرُورَةً فَرْضًا أَوْ نَفْلًا يَكُونُ ثَوَابُهُ كَامِلًا فَلَا يُعَدُّ مِثْلُ هَذَا مِنَ الْخَصَائِصِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِطْلَاقُ سَوَاءٌ جُلُوسُهُ يَكُونُ بِعُذْرٍ أَوْ بغير عذر قاله علي القارىء وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ قال فأتيته فوجدته يصلي جالسا قلت يارسول اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ أَجَلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ



رقم الحديث 1308 [138] ( قَامَ مِنَ اللَّيْلِ) أَيْ بَعْضَهُ ( فَصَلَّى) أَيِ التَّهَجُّدَ ( وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ) بِالتَّنْبِيهِ أَوِ الْمَوْعِظَةِ وَفِي مَعْنَاهَا مَحَارِمُهُ ( فَإِنْ أَبَتْ) أَيِ امْتَنَعَتْ لِغَلَبَةِ النَّوْمِ وَكَثْرَةِ الْكَسَلِ ( نَضَحَ) أَيْ رَشَّ ( فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ) وَالْمُرَادُ التَّلَطُّفُ مَعَهَا وَالسَّعْيُ فِي قِيَامِهَا لِطَاعَةِ رَبِّهَا مَهْمَا أَمْكَنَ قَالَ تعالى وتعاونوا على البر والتقوى وقال بن الْمَلَكِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِكْرَاهَ أَحَدٍ عَلَى الْخَيْرِ يَجُوزُ بَلْ يُسْتَحَبُّ ( رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ) أَيْ وُفِّقَتْ بِالسَّبْقِ ( فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا) وَالْوَاوُ لمطلق الجمع وفي الترتيب الذكري إشارة لطيفة لَا تَخْفَى وَفِيهِ بَيَانُ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَكَمَالُ الْمُلَاطَفَةِ وَالْمُوَافَقَةِ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَقَدْ وَثَّقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابَعَةِ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ



رقم الحديث 1309 [139] ( إِذَا أيقظ الرجل أهله) أي امرأته أو نسائه وَأَوْلَادَهُ وَأَقَارِبَهُ وَعَبِيدَهُ وَإِمَاءَهُ ( مِنَ اللَّيْلِ) أَيْ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ ( فَصَلَّيَا) أَيِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ أَوِ الرَّجُلُ وَأَهْلُهُ ( أَوْ صَلَّى) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا) قَالَ الطِّيبِيُّ حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ مِنْ فَاعِلِ فَصَلَّيَا عَلَى التَّثْنِيَةِ لَا الْإِفْرَادِ لِأَنَّهُ تَرْدِيدٌ مِنَ الرَّاوِي فَالتَّقْدِيرُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ أَدْخَلَ أَوْ صَلَّى فِي الْبَيْنِ فَإِذَا أُرِيدَ تَقْيِيدُهُ بِفَاعِلِهِ يُقَدَّرُ فَصَلَّى وَصَلَّتْ جَمِيعًا فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ التَّنَازُعِ انْتَهَى
وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ جَمِيعًا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِقَوْلِهِ فَصَلَّى مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ فَصَلَّيَا جَمِيعًا أَوْ صَلَّى فَالصَّحِيحُ أَنَّ الشَّكَّ إِنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْإِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْبَقِيَّةُ عَلَى حَالِهَا فَيُقَالُ حِينَئِذٍ إِنَّ جَمِيعًا حَالٌ مِنْ مَعْنَى ضَمِيرِ فَصَلَّى وَهُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جميعا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( كُتِبَا) أَيِ الصِّنْفَانِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كُتِبَ ( فِي الذَّاكِرِينَ) أَيِ اللَّهَ كَثِيرًا أَيْ فِي جُمْلَتِهِمْ ( وَالذَّاكِرَاتِ) كَذَلِكَ
وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ( ولم يرفعه بن كَثِيرٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حَاتِمٍ رَفَعَهُ وَجَعَلَ مِنْ مُسْنَدَاتِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ
فَلَمْ يَرْفَعِ الْحَدِيثَ وَلَا ذَكَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَلْ جَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْقُوفًا عليه وأما عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ وَأَرَاهُ أَيْ أَظُنُّ أَنَّ سُفْيَانَ ذَكَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ مِسْعَرٍ مَوْقُوفٌ عَلَى الصَّحَابِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن ماجه مسندا