فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الصُّفُوفِ

رقم الحديث 593 [593] ( مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا) أَيْ لِلْإِمَامَةِ ( وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) قَالَ فِي النَّيْلِ وَقَدْ قَيَّدَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكَرَاهِيَةِ الدِّينِيَّةِ لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَأَمَّا الْكَرَاهَةُ لِغَيْرِ الدِّينِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا وَقَيَّدُوهُ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ الْكَارِهُونَ أَكْثَرُ الْمَأْمُومِينَ وَلَا اعْتِبَارَ بِكَرَاهَةِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إِذَا كَانَ الْمُؤْتَمُّونَ جَمْعًا كَثِيرًا إِلَّا إِذَا كَانُوا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنَّ كَرَاهَتَهُمْ أَوْ كَرَاهَةَ أَكْثَرِهِمْ مُعْتَبَرَةٌ وَالِاعْتِبَارُ بِكَرَاهَةِ أَهْلِ الدِّينِ دُونَ غَيْرِهِمُ
انْتَهَى مُلَخَّصًا.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ.

قُلْتُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَعِيدُ فِي الرَّجُلِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِمَامَةِ فَيَقْتَحِمُ فِيهَا وَيَتَغَلَّبُ عَلَيْهَا حَتَّى يَكْرَهُ النَّاسُ إِمَامَتَهُ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْإِمَامَةِ فَاللَّوْمُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ دُونَهُ
وَشُكِيَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَخَرُوطٌ يُرِيدُ إِنَّكَ مُتَعَسِّفٌ فِي فِعْلِكَ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى ذَلِكَ ( وَرَجُلٌ أَتَى الصَّلَاةَ دِبَارًا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَانْتِصَابِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ إِتْيَانَ دِبَارٍ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى آخِرِ الشَّيْءِ وَقِيلَ جَمْعُ دُبُرٍ وَهُوَ آخِرُ أَوْقَاتِ الشَّيْءِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اتَّخَذَهُ عَادَةً حَتَّى يَكُونَ حُضُورُهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ فَرَاغِ النَّاسِ وَانْصِرَافِهِمْ عَنْهَا ( وَالدِّبَارُ أَنْ يَأْتِيَهَا) مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ( بَعْدَ أَنْ تَفُوتَهُ) أَيِ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً
قَالَ فِي النهاية أي بعد ما يَفُوتُ وَقْتُهَا وَقِيلَ دِبَارٌ جَمْعُ دُبُرٍ وَهُوَ آخِرُ أَوْقَاتِ الشَّيْءِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْتِي الصَّلَاةَ حِينَ أَدْبَرَ وَقْتُهَا
انْتَهَى
( وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرَةً) أَيِ اتَّخَذَ نَفْسًا مُعْتَقَةً عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً
قال بن الْمَلَكِ تَأْنِيثُ مُحَرَّرَةٍ بِالْحَمْلِ عَلَى النَّسَمَةِ لِتَنَاوُلِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ مُحَرَّرَهُ بِالضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ اعْتِبَادٌ الْمُحَرَّرِ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَيْ يُعْتِقُهُ ثُمَّ يَكْتُمُ عِتْقَهُ أَوْ يُنْكِرُهُ وَهَذَا شَرُّ الْأَمْرَيْنِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَعْتَقِلَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهًا
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه بن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ


رقم الحديث 594 [594] ( الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَاجِبَةٌ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا) وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِمَعْنَاهُ
وَقَالَ مَكْحُولُ لَمْ يَلْقَ أَبَا هُرَيْرَةَ
وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ كُلِّهَا كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَاهِيَةٌ جِدًّا قَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَيْسَ فِي هَذَا الْمَتْنِ إِسْنَادٌ يَثْبُتُ.

     وَقَالَ  فِي سُبُلِ السَّلَامِ وَهِيَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ إِلَّا أَنَّهَا كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ وَقَدْ عَارَضَهَا حَدِيثُ لَا يَؤُمَّنَّكُمْ ذُو جُرْأَةٍ فِي دِينِهِ وَنَحْوُهُ وَهِيَ أَيْضًا ضَعِيفَةٌ قَالُوا فَلَمَّا ضَعُفَتِ الْأَحَادِيثُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ رَجَعْنَا إِلَى الْأَصْلِ وَهِيَ أَنَّ مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صَحَّتْ إِمَامَتُهُ وَأَيَّدَ ذَلِكَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ قَالَ أدركت عشرة من أصحاب محمد صلىالله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ مُسْلِمٍ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءٌ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا قَالَ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ فَقَدْ أَذِنَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ وَجَعَلَهَا نَافِلَةً لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا عَنْ وَقْتِهَا
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْهَا فِي وَقْتِهَا لَكَانَ مَأْمُورًا بِصَلَاتِهَا خَلْفَهُمْ فَرِيضَةً
انْتَهَى




رقم الحديث 595 [595] ( استخلف بن أُمِّ مَكْتُومٍ) أَيْ أَقَامَ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ ( يَؤُمُّ النَّاسَ) بَيَانُ الِاخْتِلَافِ
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْأَعْمَى مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي ذَلِكَ قَالَ فِي النَّيْلِ وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَالْغَزَالِيُّ بِأَنَّ إِمَامَةَ الْأَعْمَى أَفْضَلُ مِنْ إِمَامَةِ الْبَصِيرِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ خُشُوعًا مِنَ الْبَصِيرِ مِنْ شُغْلِ الْقَلْبِ بِالْمُبْصَرَاتِ وَرَجَّحَ الْبَعْضُ أَنَّ إِمَامَةَ الْبَصِيرِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَشَدُّ تَوَقِّيًا لِلنَّجَاسَةِ
وَالَّذِي فَهِمَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ إِمَامَةَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْكَرَاهِيَةِ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَضِيلَةٌ غَيْرَ أَنَّ إِمَامَةَ الْبَصِيرِ أَفْضَلُ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَامًا الْبُصَرَاءُ
وَأَمَّا اسْتِنَابَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي غَزَوَاتِهِ فَلِأَنَّهُ كَانَ لَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الْغَزْوِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا مَعْذُورٌ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْبُصَرَاءِ الْمُتَخَلِّفِينَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ لَمْ يَتَفَرَّغْ لِذَلِكَ وَاسْتَخْلَفَهُ لبيان الجواز
انتهى




رقم الحديث 596 [596] ( يَأْتِينَا إِلَى مُصَلَّانَا) أَيْ مَسْجِدِنَا ( فَصَلِّهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ ( وَسَأُحَدِّثُكُمْ لِمَ لَا أُصَلِّي بِكُمْ) أَيْ وَلَوْ أَنِّي أَفْضَلُ مِنْ رِجَالِكُمْ لِكَوْنِهِ صَحَابِيّا وَعَالِمًا ( مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ) فَإِنَّهُ أَحَقُّ مِنَ الضَّيْفِ وَكَأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنَ الْإِمَامَةِ مَعَ وجود اذن مِنْهُمْ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ثُمَّ إِنْ حَدَّثَهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَالسِّينُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَإِلَّا فَلِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ
قَالُوا صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنَ الزَّائِرِ
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا أَذِنَ لَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ
وَقَالَ إِسْحَاقُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ بِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ قَالَ وَكَذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا زَارَهُمْ يَقُولُ لِيُصَلِّ بِهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمُ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الزَّائِرِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَكَانِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَيُعَضِّدُهُ عموم ما رواه بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَدِيثُ
وَفِيهِ وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ انْتَهَى مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا
وَسُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ هَذَا فَقَالَ لَا يُعْرَفُ وَلَا يُسَمَّى


رقم الحديث 597 [597] ( بِالْمَدَائِنِ) هِيَ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ عَلَى دِجْلَةَ تَحْتَ بَغْدَادَ ( عَلَى دُكَّانٍ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ الْحَانُوتُ قِيلَ النُّونُ زَائِدَةٌ وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ وَهِيَ الدَّكَّةُ بِفَتْحِ الدَّالِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ يُجْلَسُ عَلَيْهِ ( فَجَبَذَهُ) أَيْ جَرَّهُ وَجَذَبَهُ ( فَلَمَّا فَرَغَ) أَيْ أَبُو حُذَيْفَةَ ( قَالَ) أَبُو مَسْعُودٍ ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ) بِفَتْحِ الياء والهاء ورواية بن حِبَّانَ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا كَذَا فِي النَّيْلِ ( حِينَ مَدَدْتَنِي) أَيْ مَدَدْتَ قَمِيصِي وَجَذَبْتَهُ إِلَيْكَ



رقم الحديث 598 [598] ( فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ) أَيْ مِنَ الصَّفِّ ( فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ أَمْسَكَهُمَا وَجَرَّ عَمَّارًا مِنْ خَلْفِهِ لِيَنْزِلَ إِلَى أَسْفَلِ وَيَسْتَوِي مَعَ الْمَأْمُومِينَ ( فَاتَّبَعَهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ طَاوَعَهُ ( قَالَ عَمَّارٌ لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ سَمَاعِي هَذَا النَّهْيَ مِنْهُ أَوَّلًا وَتَذَكُّرِي بِفِعْلِكَ ثَانِيًا ( اتَّبَعْتُكَ) فِي النُّزُولِ
قَالَ فِي النَّيْلِ وَالْحَاصِلُ مِنَ الْأَدِلَّةِ مَنْعُ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَلَى الْمُؤْتَمِّينَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ الْقَامَةِ وَدُونَهَا وَفَوْقَهَا لِقَوْلِ أَبِي مَسْعُودٍ إِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذلك وقول بن مَسْعُودٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فَوْقَ شَيْءٍ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ يَعْنِي أَسْفَلَ مِنْهُ
وَأَمَّا صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي وَغَايَةُ مَا فِيهِ جَوَازُ وُقُوفِ الْإِمَامِ عَلَى مَحَلٍّ أَرْفَعَ مِنَ المؤتمين إذا أراد تعليمهم
قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِارْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّعْلِيمِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلِانْفِرَادِ الْأَصْلِ بِوَصْفٍ مُعْتَبَرٍ تَقْتَضِي الْمُنَاسَبَةُ اعْتِبَارَهُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَفِيهِ جَوَازُ اخْتِلَافِ مَوْقِفِ الْإِمَامِ الْمَأْمُومَ فِي الْعُلْوِّ وَالسُّفْلِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ بَحْثٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ
قُلْتُ سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ وَكَذَا الْمُنْذِرِيُّ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ حَدِيثَيِ الباب وصححه بن خزيمة وبن حبان والحاكم وفي رواية للحاكم التصريح برفعه كذا قال الشوكاني




رقم الحديث 599 [599]

رقم الحديث 600 [6] وَقَدْ صَلَّى تلك الصلاة ( أم مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمَّ قَوْمَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلُ لِأَنَّ صَلَاةَ مُعَاذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ الْفَرِيضَةُ وَإِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى فَرِيضَةً فَصَلَاتُهُ بِقَوْمِهِ نَافِلَةٌ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِعَادَةِ صَلَاةٍ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ إِذَا كَانَ لِلْإِعَادَةِ سَبَبٌ من الأسباب التي تعادلها الصَّلَاةُ
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا اخْتَلَفَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ لَمْ يَعْتَدَّ الْمَأْمُومُ بِمَا صَلَّى مَعَهُ وَاسْتَأْنَفَ وَكَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِنْ كان الإمام متطوعا لم يجزه من خلفه الفريضة وإذا كان الإمام معترضا وكان من حلفه مُتَطَوِّعًا كَانَتْ صَلَاتُهُمْ جَائِزَةً وَجَوَّزُوا صَلَاةَ الْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ وَفُرُوضُ الْمُسَافِرِ عِنْدَهُمْ رَكَعَاتٌ.

     وَقَالَ  الشافعي والأوزاعي وأحمد صلاة المفترض خلف المتنقل جائزة وهو قول عطاء وطاؤس
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ جائزا أن صلاة معاذ مع النبي صلىالله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَافِلَةٌ وَبِقَوْمِهِ فَرِيضَةٌ قَالَ وَهَذَا فَاسِدٌ إِذْ لَا يَجُوزُ عَلَى مُعَاذٍ أَنْ يُدْرِكَ الْفَرْضَ وَهُوَ أَفْضَلُ الْعَمَلِ مَعَ أَفْضَلِ الْخَلْقِ وَيَتْرُكُهُ وَيُضَيِّعُ حَظَّهُ مِنْهُ وَيَقْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِالنَّفْلِ الَّذِي لَا طَائِلَ فِيهِ
وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ الرَّاوِي كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ وَهِيَ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ فَلَمْ يَكُنْ مُعَاذٌ يَتْرُكُ الْمَكْتُوبَةَ بَعْدَ أَنْ شَهِدَهَا وَقَدْ أُقِيمَتْ وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِقْهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفْقَهُكُمْ مُعَاذٌ انْتَهَى
قُلْتُ لَا شَكَّ أَنَّ صَلَاةَ مُعَاذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ هِيَ الْفَرِيضَةَ وَصَلَاتُهُ بِقَوْمِهِ كَانَتْ نَافِلَةً وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالشَّافِعِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ والدارقطني وغيرهم من طريق بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ زَادَ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَقَدْ صَرَّحَ بن جُرَيْجٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَمَاعِهِ فِيهِ فانتقلت تهمة التدليس
قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ وَأَسْلَمُ الْأَجْوِبَةِ التَّمَسُّكُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ
وَأَجَابَ الْحَافِظُ عَنْ تَأْوِيلَاتِ الطَّحَاوِيِّ الرَّكِيكَةِ جَوَابًا حَسَنًا وَأَوْرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ أَبْحَاثًا لَطِيفَةً مُفِيدَةً فِي فَتْحِ الْبَارِي فَارْجِعْ إِلَيْهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ




رقم الحديث 601 [61] وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَاعِدًا
( فَصُرِعَ عَنْهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ سَقَطَ ( فَجُحِشَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيِ انْخَدَشَ وَجُحِشَ مُتَعَدٍّ ( شِقُّهُ الْأَيْمَنُ) أَيْ تَأَثَّرَ مَنَعَهُ اسْتِطَاعَةُ الْقِيَامِ ( فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ) أَيِ الْمَكْتُوبَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْعِبَارَةِ ( وَهُوَ قَاعِدٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ( لِيُؤْتَمَّ بِهِ) أَيْ لِيُقْتَدَى بِهِ ( فَصَلُّوا قِيَامًا) مَصْدَرٌ أَيْ ذَوِي قِيَامٍ أَوْ جَمْعٌ أَيْ قَائِمِينَ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِيَّةِ ( جُلُوسًا) جَمْعُ جَالِسٍ أَيْ جَالِسِينَ ( أَجْمَعُونَ) تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فِي فَصَلُّوا قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرُ مَا صَلَّاهَا بِالنَّاسِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ وَهُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمِنْ عَادَةِ أَبِي دَاوُدَ فِيمَا أَنْشَأَهُ مِنْ أَبْوَابِ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يَذْكُرَ الْحَدِيثَ فِي بَابِهِ وَيَذْكُرُ الْحَدِيثَ الَّذِي يُعَارِضُهُ فِي بَابٍ آخَرَ عَلَى أَثَرِهِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ النُّسَخِ فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ أَغْفَلَ ذِكْرَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَهِيَ مِنْ أَمَّهَاتِ السُّنَنِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ
وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ لِتَحْصُلَ فَائِدَةٌ وَيُحْفَظُ عَلَى الْكِتَابِ رَسْمُهُ وَعَادَتُهُ
ثُمَّ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم آخر ما صلاها بالناس وهو قاعد وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ
وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَأَقَامَهُ فِي مَقَامِهِ وَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكبر بالناس فجلع أَبُو بَكْرٍ يُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِ وَالنَّاسُ يُكَبِّرُونَ بِتَكْبِيرِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ.

قُلْتُ وَفِي إِقَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَهُوَ مَقَامُ الْمَأْمُومِ وَفِي تَكْبِيرِهِ بِالنَّاسِ وَتَكْبِيرُ أَبِي بَكْرٍ بِتَكْبِيرِهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ الْإِمَامَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاسُ مِنْ خَلْفِهِ قِيَامٌ وَهِيَ آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ وَجَابِرٍ مَنْسُوخٌ وَيَزِيدُ مَا قُلْنَاهُ وُضُوحًا مَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي بِهِ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِأَبِي بَكْرٍ حَدَّثُونَا بِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَالْقِيَاسُ يَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُسْقِطُ عَنِ الْقَوْمِ شَيْئًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُحِيلُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ إِلَى الْإِيمَاءِ وَكَذَلِكَ لَا يُحِيلُ القيام إلى القعود وإلى ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ قَاعِدًا وَذَهَبَ أَحْمَدُ بن حنبل وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَنَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى خَبَرِ أَنَسٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا صَلَّوْا مِنْ خَلْفِهِ قُعُودًا وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ الرِّوَايَاتِ اخْتَلَفَتْ فِي هَذَا فَرَوَى الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَامًا وَرَوَى شَقِيقٌ عَنْهَا أَنَّ الإمام كان أبو بكر فلم يجزان يُتْرَكَ لَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ وَجَابِرٍ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَبُو دَاوُدَ إِنَّمَا تَرَكَ ذِكْرَهُ لِأَجْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الصَّلَاةُ بِإِمَامَيْنِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ يَحْدُثُ بِالْإِمَامِ الْأَوَّلِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَقَدُّمِ بَعْضِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ عَلَى بَعْضِ صَلَاةِ الْإِمَامِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه

رقم الحديث 602 [62] ( فَصَرَعَهُ) أَيْ أَسْقَطَهُ ( عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ) بِجِيمٍ مَكْسُورَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَصْلُ النَّخْلَةِ
وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ فَتْحَ الْجِيمِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ فَإِنَّ الْجَذْمَ بِالْفَتْحِ الْقَطْعُ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ ( فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ) الْفَكُّ نَوْعٌ مِنَ الوهم وَالْخَلْعِ وَانْفَكَّ الْعَظْمُ انْتَقَلَ مِنْ مَفْصِلِهِ يُقَالُ فَكَكْتُ الشَّيْءَ أَبَنْتُ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ
قَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ لَا تُنَافِي الرِّوَايَةَ الَّتِي قَبْلَهَا إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ خَدْشِ الْجِلْدِ وَفَكِّ الْقَدَمِ مَعًا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ ( فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَهِيَ الْغُرْفَةُ
وَقِيلَ كَالْخِزَانَةِ فِيهَا الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَلِهَذَا سُمِّيَتْ مَشْرُبَةٌ فَإِنَّ الْمَشْرُبَةَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَقَطْ هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ ( وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسٍ بِعُظَمَائِهَا) أَيْ بِأُمَرَائِهَا
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ إِنْ كُنْتُمْ آنِفًا تَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسٍ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلَا تَفْعَلُوا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا