فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه

رقم الحديث 736 ( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما عاب رسول الله طعاماً قط) أي في زمن من الأزمنة، وذلك لأن إعابة الطعام إنما تكون من الترفه والرعونة وليس منها قوله في الضبّ «إني أعافه» لأنه إخبار عن طبعه لا إعابة للطعام ( إن اشتهاه أكله وإن كرهه) أي من جهة الطبع ( تركه) من غير ذم له ( متفق عليه) .


رقم الحديث 737 ( وعن جابر رضي الله عنه أن النبيّ سأل أهله الأدم) بضمتين ويجوز التسكين للثاني تخفيفاً جمع إدام بوزن كتاب وهو ما يؤدم به مائعاً كان أو حامداً كما في «المصباح» ، وفيه تجوز معاملته بعد تسكين ثانيه معاملة المفرد فيجمع على آدم مثل قفل وأقفال، وسبب سؤاله لهم ما جاء أن أهله قدموا له خبزاً فقال: ما من إدام ( فقالوا: ما عندنا إلا خل) استثناء مفرغ من عام شامل لسائر الأدم: أي ليس عندنا أدم إلا خل ( فدعا به) أي أمر بإحضاره ( فجعل) أي شرع ( يأكل ويقول: نعم الأدم الخل) هذا دليل الشطر الثاني من الترجمة، ثم قال المصنف تبعاً للقاضي عياض: معنى الحديث مدح الاقتصاد في الأكل ومنع النفس عن ملاذّ الأطعمة، والمعنى ائتدموا بالخل وما في معناه مما تخفّ مؤنته ولاتتنافسوا في الشهوات، وهذا قول الخطابي ومن تبعه، والصواب الذي ينبغي الجزم به أنه مدح الخل نفسه، وأما الاقتصاد في المأكل فمعلوم من دليل آخر اهـ.
ونوقش فيما قال إنه الصواب أنه غير ظاهر فضلاً عن كونه هو الصواب، إذ ثبت أنه لم يكن يمدح طعاماً ولا يذمه، لأن في الأول شائبة شهوة وفي الثاني احتقار للنعمة، وفي التنظير نظر لأن المنقول عنه محمول على مدح ينشأ عن ميل النفس لذلك الطعام، أشار إليه المصنف أنه مدحه لمعنى آخر جبراً لخاطرهم وتطييباً لقلوبهم والله أعلم ( رواه مسلم) وأخرجه الترمذي من حديث عائشة بنحوه.
12