فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب كراهة قول الإِنسان: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إن شئت بل يجزم بالطلب

رقم الحديث 1743 ( عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت) أشار الداودي إلى حمل الكراهة على ما إذا أتى بذلك على سبيل الاستثناء، أما إذا أتى به على سبيل التبرك فلا كراهة.
قال الحافظ: وهو جيد ( بل ليعزم المسألة) قال العلماء: عزم المسألة الشدة في طلبها، والجزم به من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئه ونحوها.
وقيل: هو حسن الظن بالله في الإجابة ومعنى الحديث استحباب الجزم في الطلب، وكراهة التعليق على المشيئة.
قال العلماء: سبب كراهته أنه لا يتحقق استعمال المشيئة، إلا في حق من يتوجه عليه الإِكراه فيخفف عنه، ويعلم أنه لا يطلب منه ذلك الشيء إلا برضاه، والله منزه عن ذلك، وهو معنى قوله ( فإنه لا مكره له) فليس للتعليق فائدة.
وقيل: سبب الكراهة أن في هذا اللفظ سورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه.
قال الحافظ: والأول أولى ( متفق عليه) وعند مسلم "فإن الله صانع ما شاء لا مكره له".
ورواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ( وفي رواية لمسلم ولكن ليعزم وليعظم الرغبة) شدة الطلب ( فإن الله لا يتعاظمه) أي: لا يتعاظم عليه والصيغة للمبالغة ( شيء أعطاه) أي: مطلوب كان من دنيوي وأخروي.


رقم الحديث 1744 ( وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة) ويثبت الدعاء ( ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني) أي: لا يأتي بأداة التعليق في دعائه، وعلل ذلك بقوله ( فإنه لا مستكره له) أي: لا مكره، والاستفعال يحتمل بقاؤه على بابه وأنه بمعنى الإفعال.
قال ابن عبد البر: لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا، ولأنه كلام مستحيل لا وجه له، لأنه لا يفعل إلا ما يشاء، وظاهره حمل النهي على التحريم، وهو الظاهر، وحمل المصنف النهي على الكراهة، كما تقدم في الترجمة، قال الحافظ: وهو أولى ( متفق عليه) قال ابن بطال: في الحديث: أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة، فإنه يدعو كريماً، وقال ابن عيينة لا يمنع أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه يعني من التقصير، فإن الله تعالى قد أجاب شر خلقه إبليس، إذ قال ( انظرني إلى يوم يبعثون) .
باب كراهة قول ما شاء الله وشاء فلان أي: لما توهمه الواو من المشاركة في المشيئة وقتاً.
ومشيئة الله تعالى قديمة أزلية، ومشيئة العبد حادثة ممكنة.