فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب النهي عن الغش والخِداع

رقم الحديث 1579 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من حمل علينا السلاح) كناية عن البغي، الخروج عن جماعة المسلمين وبيعتهم ( فليس منا) أي: على هدينا ومن أهل طريقتنا، وإلا فذلك لا يخرج عن الإسلام، عن أهل الحق ( ومن غشنا فليس منا) ومن الغش خلط الجيد بالرديء، ومزج اللبن بالماء، وترويج النقد الزغل ( رواه مسلم) وكذا رواه ابن ماجه بجملته، وروى الجملة الأولى من الحديث مالك والشيخان والنسائي والحاكم في المستدرك، من حديث ابن عمر، والأخيرة الترمذي من حديث أبي هريرة، ولكن قال: "غش" بلا ضمير.
ورواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن مسعود بلفظ "غشنا" وزاد في آخره "والمكر والخداع في النار" كذا في الجامع الصغير.
وفي الجامع الكبير روى البخاري من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "من حمل علينا السلاح فليس منا ولا راصد بطريق".
وقال في حديث: "من حمل علينا السلاح فليس منا" زيادة في مخرجيه على من ذكر في الجامع الصغير.
ورواه أبو داود والطيالسي وعبد بن حميد عن ابن عمر رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي موسى، ورواه ابن نافع والطبراني عن سلمة بن الأكوع والطبراني عن ابن الزبير ( وفي رواية له) أي: مسلم ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على صبرة طعام) بضم الصاد المهملة وسكون الموحدة، جمع صبر، كغرفة وغرف.
وعن أبي زيد اشتريت الشيء صبرة أي: بلا كيل ولا وزن.
قال في المصباح نقلاً عن التهذيب للأزهري: إذا أطلق أهل الحجاز لفظ الطعام، عنوا به البر خاصة.
وفي العرف اسم لما يؤكل، كالشراب لما يشرب ( فأدخل يده فيها فنالت) أي: أصابت ( أصابعه بللاً) مستوراً بالطعام اليابس ( فقال ما هذا) أي: البلل المنبىء غالباً عن الغش.
( يا صاحب الطعام) يحتمل أن ترك نداءه باسمه، لعدم العلم به؛ أو أنه للتسجيل عليه، بإضافته إلى ما غش به زيادة في زجره وتنكيله ( قال أصابته السماء) أي: المطر لأنه ينزل منها، فهو من مجاز التعبير، بالمحل عن الحال فيه وقوله: ( يا رسول الله) أتى به تيمناً وتلذذاً به ( قال) أسترت ما ابتل غشاً ( أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس) فتسلم من الغش الذي هو أقبح الأوصاف، القاطعة لرحم الإِسلام، الموجبة لكون المسلم للمسلم، كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ومن قطع رحم الإِسلام خشي عليه الخروج من عدادهم، كما ينشأ عن ذلك ما هو مقرر في شرعنا ( من غشنا فليس منا) المراد بالغش هنا، كتم عيب المبيع أو الثمن، والمراد بعيبه هنا: كل وصف يعلم من حال آخذه، أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن، الذي يريد بدله فيه.


رقم الحديث 1580 ( وعنه) رضي الله عنه ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا تناجشوا) الأولى ولا تناجشوا، ليعلم أنه بعض من حديث ( متفق عليه) تقدم قريباً.


رقم الحديث 1581 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش) بفتح فسكون أو بفتحتين، في المصباح نجش الرجل نجشاً، من باب قتل، إذا زاد في سلعته أكثر من ثمنها، وليس قصده أن يشتريها، بل يغر غيره فيوقعه فيها، وكذا في النكاح.
وغيره النجش بفتحتين، وأصل النجش الاستتار، لأنه يستر قصده؛ ( متفق عليه) ورواه النسائي وابن ماجه.


رقم الحديث 1582 ( وعنه قال ذكر رجل) وهو حبان بفتح الحاء ابن منقذ ( لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع) بصيغة المجهول أي: يغبن ( في البيوع) أي: يغلب فيها لعدم فطانته للدسائس فيها ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من بايعت فقل لا خلابة.
متفق عليه)
قال في الوشيح: زاد الدارقطني والبيهقي "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال فإن رضيتها فأمسك".
فبقي حتى أدرك زمن عثمان، فكان إذا اشترى شيئاً فقيل له إنك غبنت فيه، رجع فيشهد له الرجل من الصحابة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعله بالخيار ثلاثاً، فيرد له دراهمه اهـ.
( والخلابة بخاء وبالموحدة) حقيقة اسم مصدر، من خلب من باب قتل وضرب إذا خدعه، ولذا قال المصنف إنها ( الخديعة) .


رقم الحديث -274 باب النهي عن الغش بكسر الغين أي: ترك النصيحة والتزيين لغير المصلحة ( والخداع) بكسر الخاء المعجمة مصدر خادعه.
وفي القاموس: خدعه كمنعه خدعاً، ويكسر ختله، وأراد به المكروه، من حيث لا يعلم والاسم الخديعة.
( قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين، والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) ومن أشد الإِيذاء الغش، لما فيه من تزيين غير المصلحة، والخديعة لما فيها من إيصال الشر إليه من غير علمه.


رقم الحديث 1583 (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من خبب زوجة امرىء) أفسدها عليه، أو أوقع بينهما الشقاق والتنافر، فحملها على الخروج عن طاعته (أو مملوكه) ذكراً كان أو أنثى (فليس منا) أي: على هدينا، لأن شأن المؤمن التعاون والتناصر؛ وهذا بخلافه (رواه أبو داود) ورواه أحمد والدارقطني من حديث أبي هريرة "من خبب خادماً على أهلها فليس منا، ومن أقسر امرأة على زوجها فليس منا".
ورواه الشيرازي في الألقاب من حديث ابن عمر بلفظ "من خبب عبداً على مولاه فليس منا".
كذا في الجامع الكبير (خبب حقها أن تكون قائمة بالمنافق، كما هو شأنهم، فينبغي للمؤمن التباعد منها والتنزه عنها (إذا ائتمن) بصيغة المجهول (خان) أي: في الأمانة (وإذا حدث كذب) أي: أخبر بما لا يطابق الواقع (وإذا عاهد غدر) أي: نقض عهده (وإذا خاصم فجر) أي: دفع الحق ولم ينقد إليه، وخرج عنه بالإِيمان الكاذبة، والقول الباطل (متفق عليه) .