فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

رقم الحديث -241 أي: ما جاء فيها.
وتقدم المراد بالصلاة أول الكتاب وهي مخصوصة بالمعصوم من نبي وملك، وكذا الخضر وإلياس ولقمان ومريم وإن قلنا بعدم نبوتهم فيكره استعمالها في حق غيرهم إلا تبعاً له؛ لأنه في العرف صار شعاراً لذكر الرسل، ولذا كره أن يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزاً جليلاً.
قال البيضاوي: وأما حديث "إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم البيض يوم الجمعة"، وحديث "كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي على آل أبي أوفى عند مجيئه بالزكاة"، فأجيب عنه بأن الكراهة بالنسبة إلينا، وأما بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم - وإلى الملائكة فهي لهم، فلهم إطلاق ذلك على من شاءوا.
وما ذكرنا من أن سائر الأنبياء يصلى عليهم كنبينا - صلى الله عليه وسلم - هو الصحيح، خلافاً لمن شذ فيه فقال: باختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بها.
أخرج ابن أبي عمر والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة والخطيب عن أنس مرفوعاً "صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني " وأخرج الشاشي وابن عساكر عن وائل بن حجر مرفوعاً "صلوا على أنبياء الله إذا ذكرتموني فإنهم قد بعثوا كما بعثت" ( قال الله تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي) أي: يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه.
وأشار ابن هشام الأنصاري إلى أن الصواب كون الصلاة فيها بمعنى العطف، والعطف بالنسبة إلى الله تعالى الرحمة، وإلى الملائكة الاستغفار، والعباد دعاء بعضهم لبعض، وقرىء شاذاً وملائكته بالرفع، واستدل بها الكوفيون على جواز عطف المرفوع على اسم إن قبل استكمال خبرها.
والبصريون المانعون منه قدروا لاسم إن وهو لفظ الجلالة خبراً أي: إن الله يصلي وملائكته يصلون فيكون كقول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف ( يأيها الذين آمنوا صلوا عليه) اعتنوا أنتم أيضاً فإنكم أولى بذلك، وقولوا: اللهم صلِّ على محمد ( وسلموا تسليماً) أي: قولوا الصلاة والسلام على سيدنا محمد أو انقادوا لأوامره.
والآية قيل: نزلت في شهر شعبان ومن ثم سمي شهر الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -.
قيل: في ثاني سني الهجرة.
وقيل: ليلة الإِسراء ويؤيد الأول أن السورة مدنية أمر الله تعالى كل مؤمن بالصلاة والسلام عليه ووطأ قبله بالإِخبار عنه تعالى وعن ملائكته الكرام، بأنهم دائمون على ذلك وتجديده وقتاً فوقتاً كما اقتضته الجملة الاسمية، باعتبار صدرها المضارعية، باعتبار عجزها فهي ذات وجهين بعثاً للمؤمنين على الاعتناء وامتثال ذلك الأمر وحثاً لهم على الدوام والاستمرار عليه؛ ليفوزوا بقربه ويتحفوا بلحظه وإمداده.
وأكد السلام بالمصدر؛ ليعادل الصلاة فإنها مؤكدة بالتصدير بأن وبإعلام الله تعالى أنه يصلي عليه وملائكته بالتقديم، وأضيف السلام لنا فقط؛ لأنه بمعنى التحية والانقياد وهو إنما يتأتى فينادون الله وملائكته، فلو استعمل فيه تعالى وفيهم لأوهم ذلك، وهو محذور بالنسبة إليه تعالى، وغير مقصود بالنسبة للملائكة في مثل هذا المحل فلا ينافيه قوله تعالى ( سلام على إبراهيم) ولا قوله تعالى: ( وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ( 23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) ثم فائدة الصلاة تعود عليه - صلى الله عليه وسلم - بالزيادة على ما هو فيه، لأن الكامل يقبل الكمال وعلى المصلي بالثواب والإِمداد في الحال والمآب.
انتهى ملخصاً من فتح الإِله.


رقم الحديث 1403 (وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: البخيل) أي: كامل البخل كما يدل عليه رواية: البخيل كل البخيل (من ذكرت عنده فلم يصل عليّ) لأنه بامتناعه من الصلاة عليه قد شح وامتنع من أداء حق يتعين عليه أداؤه امتثالاً للأمر، ولما فيه من مكافأة جزئية لمن كان سبباً في سعادته الأبدية، بل في الحقيقة إنما شح وبخل عن نفسه، ومنعها أن يصل إليها عطاء عظيم ممن يعطي بلا حساب ولا تنقص خزائنه بالعطاء، فبهذا الشح تفوته تلك الكنوز التي لولاه لكان يكتالها بالمكيال الأوفى من غير أدنى مشقة، فلا أبخل من هذا كما يومىء إليه حديث "ليس البخيل من يبخل بمال نفسه ولكن البخيل من يبخل بمال غيره" وأبلغ منه من أبغض الجود حتى يحب أن لا يجاد عليه (رواه الترمذي وقال: حديث تنزيهه عما لا يليق به (ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -) بالرفع خبر لمبتدأ محذوف والجملة معطوفة على ما قبلها، وخالف بين لفظي الجملتين لتفاوت رتبتي مضمونهما من الثناء على الخالق والدعاء لأفضل الخلق (ثم يدعو بعد) بالضم، أي: بعدما ذكر من الحمد والصلاة بأي صيغة كانا (بما شاء.
رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح) وكذا صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال: هو على شرط مسلم: وفي موضع آخر هو على شرطهما أي: الشيخين، ولا أعرف له علة، ورواه النسائي بنحوه.


رقم الحديث 1397 ( وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من صلى عليّ) أي: بأي صيغة من صيغها ( صلاة) أي: واحدة كما يومىء إليه إفرادها ( صلى الله عليه بها) أي: بسببها ( عشراً) وهذا زائد على ما أفاده قوله تعالى: ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) لأن فيه أن الله تعالى يصلي عليه أي: يذكره وذكر الله أكبر، وقد بسطت الكلام في هذا الحديث في باب إجابة المؤذن من شرح الأذكار ( رواه مسلم) في الجامع الصغير بعد ذكر الحديث باللفظ المذكور ما لفظه رواه، أحمد ومسلم والنسائي من حديث أبي هريرة، وزاد في الجامع الكبير: ورواه الترمذي وابن حبان، ورواه بهذا اللفظ الطبراني عن أنس وعن أبي طلحة، ورواه الطبراني أيضاً عن ابن عمر، ورواه أيضاً عن أبي موسى بلفظ "صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات" وقال: رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والحاكم في المستدرك من حديث أنس، وزاد في الكبير فذكر فيمن خرجه بهذا الأخير أبو يعلى الموصلي وابن حبان والبيهقي في الشعب.


رقم الحديث 1398 ( وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أولى الناس بي) أي: قرباً أو شفاعه أي: أخص أمتي بي وأقربهم مني وأحقهم بشفاعتي ( يوم القيامة) فأولى من الولي أي: القرب ضمن معنى الاختصاص فعدي بالباء ( أكثرهم عليّ صلاة.
رواه الترمذي)
ورواه البخاري في التاريخ وابن ماجه وابن حبان كما في الجامع الصغير ( وقال) أي: الترمذي ( حديث حسن) غريب، لأن في سنده موسى بن يعقوب الربيعي قال الدارقطني: إنه تفرد به، وقال النسائي: إنه ليس بالقوي، لكن وثقه يحيى بن معين وأبو داود وابن حبان وابن عدي وجماعة.
وفي رواية عن أنس "إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن، أكثركم علي صلاة في الدنيا" الحديث رواة البيهقي بسند ضعيف وكذا رواه آخرون.


رقم الحديث 1399 ( وعن أوس ابن أوس) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالمهملة في كلها.
وقد تقدمت ترجمته ( رضي الله عنه) في باب فضل الجمعة عند ذكر أول هذا الحديث إلى قوله عليّ ( قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة) أتى بمن تنبيهاً على أنه ليس أفضلها، بل أفضل أيام السنة من حيث الأيام يوم عرفة؛ لما جاء أنه سيد الأيام وأفضل الأسبوع يوم الجمعة، ومن حيث الشهر شهر رمضان، وفرع على فضل يوم الجمعة قوله: ( فأكثروا علي من الصلاة فيه) وذلك لنمو ثواب العمل بشرف زمانه أو مكانه ( فإن صلاتكم معروضة علي) يعرضها عليه ملائكة موكلون بذلك كما ورد في حديث ابن مسعود مرفوعاً "أن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام" رواه أحمد وأبو داود والبيهقي في الدعوات الكبير.
وهذا فيمن صلى عليه من بعد.
أما من صلى عليه عند قبره الشريف فيسمعه كما جاء في حديث أبي هريرة مرفوعاً "من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائياً بلغته" رواه البيهقي في الشعب ( قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت) بفتحتين فسكون ففتح أصله أرممت، أي: صرت رميماً حذفت إحدى ميميه، وهي لغة لبعض العرب كما يقال ظلت في ظللت، أو بضم الهمزة والراء مضمومة أو مكسورة، والميم مشددة وإسكان التاء أي: أرمت العظام ( قال) أي: الراوي ( يقول) كذا في نسخ الرياض بالإِفراد والذي في أبي داود يقولون بضمير الجمع، أي: يعنون بقولهم: أرمت ( بليت) قال ابن رسلان: أصل هذه الكلمة من رم الميت إذا بلي، وقاعدة التصريف تقتضي في مثله أرممت بميمين ثانيتهما ساكنة، لملاقاتها ضمير الرفع المتحرك، لكن الذي جاء في الرواية ميم واحدة فإن صحت الرواية ولم تكن محرفة خرج على لغة بعض العرب كما تقدم، فإن الخليل زعم أن ناساً من بني وائل يقولون: ردت وردت يعني بتشديد الدال والتاء للمتكلم والمخاطب كأنهم قدروا الإِدغام قبل دخول التاء، فيكون لفظ الحديث أرمت بتشديد الميم فتح التاء اهـ ملخصاً.
وتحصل فيه ثلاثة أوجه أشهرها أولها وهو أنه بوزن ضرب كما في النهاية وضبطه بذلك المنذري ( قال) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إن الله حرم على الأرض) أن تأكل كما في رواية النسائي ( أجساد الأنبياء) عليهم الصلاة والسلام لأنهم أحياء في قبورهم؛ ولذا لا تكره الصلاة في مقابرهم؛ لانتفاء علة الكراهة وهي محاذاة النجاسة ( رواه أبو داود بإسناد صحيح) ورواه أحمد وابن أبي عاصم والبيهقي في عدة من كتبه، والنسائي وابن ماجه في سننهما؛ والطبراني في معجمه، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في صحاحهم.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وكذا صححه المصنف في الأذكار، وأشار إليه هنا، وقال الحافظ عبد الغني: هذا حديث صحيح، والمنذري أنه حسن، وقال ابن دحية: إنه صحيح محفوظ بنقل العدل عن العدل، والاعتراض عليهم بأن فيه علة خفية مردود بأنه سالم منها كما بينه الدارقطني، فقول أبي حاتم أنه منكر، وابن العربي أنه لم يثبت، وابن أبي الصيف اليمني أنه غريب، مردود بما ذكرت، كذا في فتح الإِله.


رقم الحديث 1400 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغم) بكسر الغين المعجمة، أي: لصق بالرغام أي: التراب، وهو كناية عن الذل والحقارة أي: ذل ( أنف رجل) والمرأة كذلك ( ذكرت عنده فلم يصل علي) أخذ منه بعض الحنفية، وابن عبد البر من المالكية، وابن بطة من الحنابلة.
وجوب الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر ( رواه الترمذي وقال: حديث حسن) وهو صدر حديث وتمامه "ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة".
ورواه الحاكم في المستدرك، وسكت المصنف عن باقي الحديث لعدم تعلقه بغرض الترجمة كما تقدم نظيره.


رقم الحديث 1401 ( وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجعلوا قبري عيداً) قال التوربشتي: إذا فسرنا العيد بواحد الأعياد ففي الحديث مضاف، أي: لا تجعلوا زيارة قبري عيداً أو لا تجعلوا قبري مظهر عيدٍ، ومعناه: النهي عن الاجتماع لزيارته - صلى الله عليه وسلم - اجتماعهم للعيد، إذ هو يوم رخص لهم فيه اللهو واتخاذ الزينة ويبرزون فيه للنزهة وإظهار السرور، وكان أهل الكتاب يسلكون ذلك في زيارة قبور أنبيائهم حتى ضرب الله على قلوبهم حجاب الغفلة واتبعوا سنن أهل الأوثان في زيارة طواغيتهم، فاتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ويحتمل أنه اسم من الاعتياد، والعيد ما اعتادك من هم أو غيره.
أي: لا تجعلوه محل اعتياد تعتادونه، أو إنما نهاهم لما ذكر في الوجه قبله، ولئلا يسلكوا مسلك العادة في العبادة، ولئلا يشتغلوا بذلك عما هو الأصلح لدينهم والأهم في وقتهم، ولأن اعتياده يفضي بالأكثرين إلى إضاعة الوقت وسوء الأدب والتعرض لما ينتهي بهم إلى حال يرتفع دونها حجاب الحشمة، ويؤيد هذين التأويلين تعقيبه لهما بقوله: ( وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) أي: لا تتكلفوا المعاودة إليه فقد استغنيتم عنها بالصلاة علي اهـ ملخصاً.
وحاصله أن المنهي عنه على الأول: الاجتماع عند قبره للزينة والرقص واللهو والطرب وغيرها، من المحرمات التي تعمل في الأعياد.
وعلى الثاني المنهي عنه معاودة تؤدي إلى الإِخلال لعظيم الحرمة، أو الملل أو سوء الأدب أو نحو ذلك.
وذكر بعض العلماء للحديث معنى آخر فقال: أي لا تتخذوه كالعيد الذي لا يؤتى إليه إلا مرتين في العام، فيكون فيه حث على إكثار زيارته، والتملي بمحادثته ومخاطبته، أي على وجه لا يؤدي لما ذكر فيما قبله ( رواه أبو داود بإسناد صحيح) ورواه أحمد والنسائي، وصححه المصنف في الأذكار وأشار إليه هنا.


رقم الحديث 1402 ( وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ما من أحد) أي: من مكلفي الإنس والجن ويحتمل قصره على الأول ( يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي) أي: نطقي، للنصوص والإِجماع على أنه - صلى الله عليه وسلم - حي في قبره على الدوام ( حتى أرد عليه السلام) وعلاقة التجوز بالروح عن النطق ما بينهما من التلازم، إذ يلزم من وجوده وجودها دائماً وبالعكس بالقوة دائماً وبالفعل غالباً، وفي الحديث أقوال كثيرة منها قول السبكي: يحتمل أنه رد معنوي لاشتغال روحه الشريفة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم، فإذا سلم عليه أقبلت روحه الشريفة إلى هذا العالم ليدرك سلام من يسلم عليه وليرد عليه " واعترض " بأنه يلزم استغراق روحه في الرد لعدم خلو الزمن عن مسلم عليه، فأي وقت للاشتغال بالحضرة وللعود إلى هذا العالم.
وأجيب بأن أمور الآخرة لا تدرك بالعقل، وأحوال البرزخ بأحوال الآخرة.
والحاصل أن روحه المقدسة كانت مستغرقة في شهود الحضرة الإلهية، لكنها عند السلام عليه ترد من تلك الحال للرد على المسلم عليه من غير أن تشتغل عما كانت فيه، ولا بعد في ذلك فإنه شأنه وعادته في الدنيا مع ضيقها بالنسبة لأحوال البرزخ، وقد بسط الكلام في معنى الحديث الحافظ السيوطي في حاشيته على سنن أبي داود بل أفرد لذلك جزءاً ( رواه أبو داود بإسناد صحيح) ورواه أحمد والبيهقي في الدعوات الكبير والطبراني، وأبو اليمن ابن عساكر، وسنده حسن، بل صححه المصنف في الأذكار وهنا.


رقم الحديث 1405 ( وعن أبي محمد) كنية ( كعب بن عجرة) بضم المهملة وسكون الجيم وبالراء قاله المصنف في التهذيب ( رضي الله عنه) في التهذيب أيضاً: عجرة بن أمية بن عدي بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سواد بن مري بن أراشة بن عامر بن غيلة بن قسميل بن قراد بن علي ، حليف الأنصار اختلف في كنيته فقيل ما تقدم، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو إسحاق تأخر إسلامه، وشهد بيعة الرضوان وغيرها، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعة وأربعون حديثاً اتفقا منها على حديثين وانفرد مسلم بآخر، سكن الكوفة، وتوفي بالمدنية سنة إحدى وقيل: اثنتين، وقيل: ثلاث وخمسين، وله سبع وسبعون، وقيل: خمس وسبعون سنة انتهى ملخصاً ( قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله قد علمنا) أي: عرفنا ( كيف نسلم عليك) أي: بما علمهم في التشهد من قولهم: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ( فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد) أي: ارحمه رحمة مقرونة بتعظيم لائق بمقامه الذي لا يعلمه إلا أنت ( وعلى آل محمد) يحتمل أن يراد بهم من تحرم عليهم الصدقة الواجبة من أقاربه المؤمنين من بني هاشم وبني المطلب، وأن يراد بهم أمة الإِجابة.
والأول: أقرب إلى السياق.
والثاني: أنسب بالعموم الأتم ( كما صليت على إبراهيم) في هذا التشبيه وجوه كثيرة نحو العشرين أودعتها في شرح الأذكار أقربها أنه من باب التوسل إلى الفضل بالفضل، أي: تفضل على حبيبك وخليلك، كما تفضلت على خلليك.
ولا شك أن تفضله على الخليل سابق في عالم الشهادة، على تفضله على الحبيب الخليل صلى الله وسلم عليهما ( إنك حميد مجيد) بكسر الهمزة، على الاستئناف وبفتحها، بتقدير لام التعليل قبلها، أي: لأنك أهل الثناء والمجد أي: إن العظمة تستحقها بالذات ( اللهم بارك) من البركة، وهي الزيادة والنماء وصيغة المفاعلة للمبالغة ( على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم) وفي نسخة زيادة آل بين الجار والمجرور ( أنك حميد مجيد) فصل هذه الجملة الدعائية عن الجملة قبلها إعلاماً بأن كلاً من المدعو به فيهما مقصود لذاته ( متفق عليه) رواه البخاري في الصلاة وفي الدعوات وفي التفسير، ورواه مسلم في الصلاة، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه كلهم في الصلاة، وقال الترمذي: حسن صحيح.


رقم الحديث 1406 ( وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في مجلس سعد بن عبادة) جملة حالية من مفعول أتى ( فقال له بشير) بفتح الموحدة وكسر المعجمة ( ابن سعد) الأنصاري الخزرجي ( أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله) أي: بقوله ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) ( فكيف نصلي عليك) لنخرج من عهدة الواجب به ( فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى) غاية لمقدر أي: وأطال سكوته حتى تمنينا ( أنه لم يسأله) شفقة لما رأوه منه حالتئذ، وسكوته يحتمل أن يكون لإِنتظار وحي وأن يكون أن يكون لاجتهاد ( ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم) من جملة وجوه التشبيه السابق الإشارة إليها، وهو من أقربها أن التشبيه للصلاة على الآل بالصلاة على إبراهيم، فيكون على أصل كون المشبه به أعلى من المشبه في وجه التشبيه ( وبارك على محمد وعلى آل محمد) أي: بركة مبالغاً فيها كما تومىء إليه الصيغة ( كما باركت على إبراهيم) وفي نسخة بزيادة آل، وآله إسماعيل وإسحاق وأولادهما ( إنك حميد) أي: محمود وعدل عنها إلى ذكره لما فيه من المبالغة إذ هو من صيغها ( مجيد والسلام) أي: المأمور به بقوله تعالى: ( وسلموا تسليماً) ( 2) ( كما قد علمتم) بضم المهملة وتشديد اللام المكسورة، أي: علمكم الله بقوله: ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) .
وبفتح أوله وكسر ثانيه، وهو ما أشير إليه بقولهم في حديث كعب بن عجرة "قد علمنا كيف نسلم عليك" ( رواه مسلم) في كتاب الصلاة من صحيحه.
ورواه أبو داود فيها، والترمذي في التفسير من جامعه.
وقال: حسن صحيح، والنسائي في الصلاة، وفي اليوم والليلة.