فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه والصبر عَلَى مَا يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أَوْ قصاص ونحوهما.

رقم الحديث 913 ( عن عمران بن حصين) بضم المهملة وفتح الثانية وسكون التحتية ( رضي الله عنها أن امرأة) لم أقف على من سماها وهي واحدة نسوة من معناها ( من جهينة) بضمالجيم وفتح الهاء والنون وسكون التحتية بينهما: وعند مسلم في رواية «من غامد» قال المصنف في شرحه: وغامد بالغين المعجمة وبعد الألف ميم فدال مهملة.
بطن من جهينة ( أتت النبي وهي حبلى من الزنى) من فيه ابتدائية أو تعليمية ( فقالت: يا رسول الله أصبت حداً) أي موجبه ومقتضيه.
ففيه مجاز مرسل من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم ( فأقمه على) وذلك لتبالغ في تطهير نفسها من دنس ذلك الذنب الذي تطهرت منه بالتوبة إذ لولاها لما سمحت بنفسها ( فدعا نبي الله وليها) أي قريبها القائم عليها ( فقال: أحسن إليها) أمره بذلك للخوف عليها منه لما أن العار يلحقهم من الغيرة ولحوق العار بهم ما يحملهم على أذاها، فأوصى بها تحذيراً من ذلك، ولمزيد الرحمة بها لأنها تابت وحرض على الإحسان إليها لما في قلوب الناس من النفرة من مثلها وإسماعها الكلام المؤذي، فنهى عن ذلك كله كما أشار إليه المصنف ( فإذا وضعت فأثنى بها) إنما وجه الأمر إليه بذلك ليحمله على الاهتمام بحفظها ودفع الموبقات عنها ( ففعل) أي الرجل ( فأمر بها النبي) أي بعد استغناء ولدها عنها ( فشدت) وفي رواية النسائي وابن ماجه «فشكت» بالكاف بدل الدال ( عليها ثيابها) لئلا ينكشف شيء من بدنها عند رجمها ( ثم أمر بها فرجمت) وهي معنى قوله في رواية النسائي فرجمها، ويحتمل أنه ابتدأ بالرجم فرجمها الناس بعد فيكون كل من الروايتين بعض ما وقع.
وفيه دليل على أن ذلك موقوف على إذن الإمام فيه فمن افتات فيه عليه عزر ( ثم صلى عليها) وعلل ذلك في «صحيح مسلم» بأنها «تابت توبة لو قسمت على أهل المدنية لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل» .
وفيه الصلاة على المقتول حداً وأن الحد طهرة له من دنس الذنب ( رواه مسلم) في الحدود ورواه أبو داود والترمذي في الحدود، وقال الترمذي: صحيح أيضاً، ورواه النسائي في الجنائز وفي الرجم، والحديث مر شرحه بكماله في باب التوبة.
باب جواز قول المريض أنا وجع بكسر الجيم: أي مريض متألم كما في «المصباح» اسم فاعل من وجه من باب علم ( أو شديد الوجع) بفتح أوليه من إضافة الصفة إلى الموصوف ( أو موعوك) أي محموم ( أو وا رأساه) هو مندوب والمندوب المنادى المتفجع عليه نحو واعمراه، أو المتوجع منه نحو وارأساه والهاء فيه للوقف فإن وصلت حذفتها، ويجوز إثباتها في الضرورة، ويجوز حينئذ كسرها على أصل التخلص من التقاء الساكنين وضمها وتشبيهاً بهاء الضمير ( ونحو ذلك، وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن على وجه التسخط) أي تكلف السخط مما نزل به وكأنه أشار بذلك إلى أن من شأن المؤمن ألا يبدو منه غضب امتحان المولى سبحانه له، وأن ما يظهر منه على بغض كأنه تكلف صدر عن غير سجيته ( وإظهار الجزع) وفي تعبير المصنف بالجواز أولاً وعدم الكراهة ثانياً إيماء إلى أن الأفضل والأعلى الصبر على ما نزل به وعدم إبرازه وإظهاره وما فعله المصطفى فهو على وجه التشريع وبيان جوازه كما فعل التداوي لذلك وإن كان تركه توكلاً أعلى وأغلى.