فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب نَهْي من أكل ثوماً أَوْ بصلاً أَوْ كُرَّاثاً أَوْ غيره مِمَّا لَهُ رائحة كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلاَّ لضرورة

رقم الحديث 1702 ( وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكل من هذه الشجرة) سكت عن تعيين المشار إليه، لوجود ما يعينه من قرينة حالية أو مقالية؛ والمراد الثوم ( فلا يقربنا) أي: في المساجد وغيرها، وذلك لئلا يؤذي الغير بالرائحة الكريهة الخبيثة، وقد صرح أصحابنا بأن على الإِمام أن يمنع الأبخر ونحوه، من مخالطة الناس دفعا لأذى ريحه عنهم، والفعل مؤكد بالنون الخفيفة، والثانية نون ضمير المتكلم ومعه غيره ( ولا يصلين معنا) خص بالذكر مع تناول ما قبله له اهتماماً بأمر بالصلاة، ودفعا لسلب الخشوع عن المصلى، ليأتي بها على الكمال المطلوب منا، ومع بفتح العين ظرف مكان ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1703 ( وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أكل ثوماً أو بصلاً) أو فيه للتنويع ومثله كل ذي ريح كريه من الكراث وكذا الفجل باعتبار ما يتولد عنه من الجشاء القبيح ( فليعتزلنا أو) شك من الراوي ( فليعتزل مسجدنا) أي: ولو في غير أوقات الصلاة، لأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
وهو في الجامع الصغير بلفظ "فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته" بالواو في الجميع فأفاد الأمر باعتزاله الناس مطلقاً والمساجد بالتخصيص وأكد مفهوم الجملة الأولى بقوله وليقعد الخ ( متفق عليه، وفي رواية لمسلم من أكل البصل والثوم والكراث) الجمع بينها ليس قيداً في النهي عنه للاكتفاء فيه بأحدها في الرواية قبله، في المصباح: الكراث بقلة معروفة والكراثة أخص منه، وهي خبيثة الريح ( فلا يقربن مسجدنا) نهى عن القرب، مبالغة في الإِبعاد لمن كان كذلك، عن المسجد وعلل ذلك بقوله: ( فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) أي: غالباً فلا ينافي استطابتها، للخلوف الناشىء عن الصيام، مع تأذي الناس منه.
أو ذلك لأن الله تعالى يجعلهم يجدونه ذا عرف أطيب من المسك، لا كما يجده النوع الإِنساني والله على كل شيء قدير.


رقم الحديث 1704 ( وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب يوم جمعة فقال في خطبته ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين) بفتح المعجمة والجيم والشجرة ما له ساق صلب يقوم عليه ( لا أراهما) بفتح الهمزة أي أعلمهما، وبضمها أي: أظنهما ( إلا خبيثتين) في المصباح.
يطلق الخبيث على الحرام كالزنى، وعلى الرديء المستكره طعمه أو ريحه كالثوم والبصل.
ومنه الخبائث التي كانت العرب تستخبثها كالحية والعقرب ( البصل والثوم) بالنصب بدل من شجرتين، وبالرفع على القطع خبر محذوف ( لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أبصرته ( إذا وجد ريحهما في الرجل في المسجد أمر) بالبناء للفاعل أي: أوقع أمره ( به) أي: بإخراجه من المسجد دفعاً لضرر الناس به؛ ( فأخرج إلى البقيع) مدفن موتى أهل المدينة، مبالغة في الإِبعاد عن المسجد وتنظيفه وتنزيهه عن الروائح الرديئة ( فمن أكلهما) أي: أراد أكلهما ( فليمتهما) باذهاب ريحهما ( طبخاً) تمييز عن نسبة الأمانة إليهما ( رواه مسلم) .
باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات ( وأراد أن يضحي) أو يذبح هدياً تطوعاً، أو لنحو تمتع أو لغير جناية وصرح بالهدي ابن سراقة وقال: إنه أولى بذلك من الأضحية ( عن أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحى) ليكون ذلك مبعداً عن النار، بما يذبحه تقرباً إلى الله تعالى.