فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أَوْ ليلته بصلاة من بين الليالي

رقم الحديث 1760 ( عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام) هو في عرف الشرع القيام للصلاة ( من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة) أظهره مع أن المقام للإِضمار زيادة في الإِيضاح ( بصيام من بين الأيام) الظرفان متعلقان بتخصوا، وقدم صيام هنا على الظرف الزماني وعكس في الجملة تفنناً في التعبير ( إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم) نقل ابن مالك عن شرح المشكاة: أن تقديره إلا أن يكون يوم الجمعة واقعاً في صوم يوم يصومه أحدكم، وذلك بأن نذر صوم يوم لقي حبيبه فوافق يوم الجمعة.
ثم اعترض بأنه يلزم عليه أن يكون يوم الجمعة.
مظروفاً ليوم الصوم، وهو غير مستقيم.
والوجه أن يقال: الضمير في يكون، عائد إلى مصدر تخصوا.
قال الطيبي: سبب النهي أن الله استأثر يوم الجمعة بعبادة، فلم ير أن يخصه العبد بسوى ما يخصه الله به.
وقال المصنف: سببه أن يوم الجمعة يوم عبادة وتكبير إلى الصلاة وإكثار ذكر ويوم غسل، فاستحب الفطر فيه، ليكون أهون على هذه الوظائف وأدائها بلا سآمة، كما يستحب الفطر للحاج يوم عرفة، فإن قلت: لو كان كذلك لما زالت الكراهة بصوم يوم قبله أو بعده، أجيب عنه بأن الجمعة وإن حصل فتور في وظائفه بسبب صوم، لكن يمكن أن يحصل له بفضيلة صوم ما قبله أو ما بعده، ما ينجبر ذلك به قال المظهري ونهي عن تخصيصها تحذيراً عن موافقة اليهود والنصارى لأنهم يخصون السبت والأحد بالصيام، وليلتيهما بالقيام، زاعمين أنهما أعز أيام الأسبوع، فاستحب أن نخالفهم في طريق تعظيم ما هو أعز الأيام وهو يوم الجمعة: قال المصنف: في الحديث نهي صريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة، واحتج به العلماء على كراهة الصلاة المسماة بالرغائب، قاتل الله واضعها.
وقد صنفت الأئمة في تقبيحها وتضليل مبتدعها أكثر من أن تحصى.
( رواه مسلم) ورواه في أصل النهي عن القيام والصيام من غير استثناء، والطبراني عن سلمان وابن النجار عن ابن عباس أورده في الجامع الكبير.


رقم الحديث 1761 ( وعنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو يوماً بعده) أي: إلا أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده، وقد جاء كذلك في رواية للشيخين ( متفق عليه) فيه التصريح بالنهي عن إفراده بالصوم وأن لا نهي عند ضم صوم يوم قبله أو بعده إليه، وذلك لما سبق في كلام المصنف.
وقيل لأن بالصوم قبله، يعتاد الصوم في الجملة، فلا يحصل له بذلك سآمة عند أداء الأعمال يوم الجمعة.


رقم الحديث 1762 ( وعن محمد بن عباد) بفتح المهملة وتشديد الموحدة ابن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عامر بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي المكي: ثقة من أوساط التابعين.
خرج عنه الستة، كذا في التقريب للحافظ.
( قال: سألت جابراً رضي الله عنه أنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم الجمعة قال: نعم) وحمل النهي على التنزيه، لعدم وجود سبب الحرمة فيه، كإعراض عن ضيافة الله عز وجل في صوم الفطر والأضحى والتشريق، والضعف عن صوم الفرض بصوم النصف الأخير من شعبان عند عدم وصله بما قبله أو موافقته له عادة في الصوم ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1763 ( وعن أم المؤمنين جويرية) بضم الجيم وفتح الواو وتخفيف التحتية وكسر الراء ثم تحتية بعدها هاء ( بنت الحارث رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة) والظاهر أنها استأذنته فأذن من غيير استفصال ( فقال: أصمت أمس؟ قالت لا قال: تريدين أن تصومي غدا) أي: يوم السبت، ظاهره انتفاء الكراهة إذا كان لما نوي صوم يوم الجمعة مريداً صوم يوم السبت، وإن لم يفعله بعد ذلك لعذر أو غيره ( قالت: لا قال: فأفطري) فيه دليل لجواز قطع النفل.
وقد ورد: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر" ويؤخذ من أمره به ندبه إذا كان الصوم مكروهاً وإن كان ينعقد لو بقي عليه ( رواه البخاري) .
باب تحريم الوصال في الصوم وهو أن يصوم يومين أو أكثر ولا يأكل ولا يشرب بينهما.
قصداً على وجه التعبد بذلك، أما لو تركه سهواً أو لعدم طلب نفسه له، أو لفقده فلا.
وقيل: الوصال المحرم استدامة أوصاف الصائم، فعلى الأول الذي ذكره المصنف، لا يخرج منه بجماع أو تقايؤ، ويخرج به على الثاني.
والمختار الأول.