فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين

رقم الحديث 389 ( وعن جندب) بضم الجيم وفتح الدال المهملة وسكون النون بينهما آخره موحدة ( ابن عبد ا) بن سفيان البجلي العلقي بفتح المهملة وباللام وبالقاف نسبة إلى غفلة بن عبقر بن أنمار سكن جندب ( رضي الله عنه) الكوفة ثم تحوّل عنها إلى البصرة، وقد تقدمت ترجمته في باب تحريم الظلم، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة وأربعون حديثاً، اتفقا على سبعة منها، وانفرد مسلم بخمسة منها، وروى عنه الحسن وأبو عمران الجوني.
مات بعد الستين رضي الله عنه.
( قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلى صلاة الصبح) أي جماعة كما في رواية أخرى لمسلم، قال العلقمي: فهي مقيدة لبقية الروايات المطلقة ( فهو في ذمة ا) بكسر الذال المعجمة وتشديد الميم قيل ضمانه، وقيل أمانه، وكأنها إنما خصت بذلك لأنها أول النهار الذي هو وقت انتشار الناس في حوائجهم المحتاجين فيه وفي دوامه إلى أمن بعضهم من بعض لا لأفضليتها، لأن الأصح أن العصر هي الوسطى فهي أفضل منها ( فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء) أي لا تتعرضوا له بغير حق، فذلك سبب طلبه سبحانه ما وقع منكم من انقض عهده وخيانة أمانه فهو من باب وضع المسبب موضع السبب ( فإنه) تعليل للنهي ( من يطلبه) أي الله تعالى ( من ذمته) أي من أجل خيانته لأمانته ويصح أن يكون من للتبعيض وظاهر جريان هذين الوجهين في من المذكورة أولاً ( بشيء يدركه) إذ لا مهرب ولا مفرّ منه تعالى ( ثم) بعد إدراكه ( يكبه) بضم الكاف يقال كبه فأكب، وهو من غرائب اللغة، إذ المعروف أن الهمزة يتعدى بها اللازم وهنا صار بها المتعدي قاصراً: أي يلقيه ( على وجهه في نار جهنم) فيه غاية التحذير عن التعرض لمن صلى الصبح المستلزم ذلك لصلاة بقية الخمس، وأن في التعرض له بسوء غاية الإهانة والعذاب ( رواه مسلم) ورواه الترمذي إلا أنه قال: فلا يتبعكم الله بشيء من ذمته وليس فيه قوله فإنه الخ، كذا يستفاد من «الجامع الصغير» ، والعجب أنه لم يورد فيه حديث مسلم، واقتصر على حديث الترمذي المذكور، وفي «الجامع الكبير» «من صلى الغداة فهو في ذمةالله، فإياكم أن يطلبكم الله بشيء من ذمته» رواه أبو نعيم في «الحلية» من حديث أنس مرفوعاً وفيه «من صلى صلاة الصبح فله ذمة الله تعالى فلا تخفروا الله في ذمته، فإنه من أخفر ذمته طلبه الله تعالى حتى يكبه على وجهه» رواه أحمد عن ابن عمر مرفوعاً اهـ.
هذا والحديث قد تقدم مع شرحه في باب تعظيم حرمات المسلمين.


رقم الحديث -49 يحتمل أن يراد به المعنى الأعم: أي المسلمين كما حمل عليه الولد الصالح في قوله: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» الحديث، ويشهد لهذا الآية الأولى ويحتمل أن يراد به المعنى الخاص، وهو القائم بما عليه من حق الله سبحانه أو لأحد من عباده (والضعفة) جمع ضعيف (والمساكين) المراد منه ما يشمل الفقراء والمراد التحذير من إيذاء من لا ناصر له إلا الحق سبحانه: من صالح ومسكين وضعيف لا يؤبه به ولا يقام للتعرض، وظاهره أن الكلام في الإيذاء بغير حق كما في الآية فلا يرد نحو حد لأنه مأمور به.
(قال الله تعالى) : { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا} ) بغير جناية استحقوا بها ( { فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً} ) ظاهراً قيل إنها نزلت في المنافقين يؤذون علياً رضي الله عنه وقيل في أهل الإفك، وقيل في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات.
(وقال تعالى) : { فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر} ) تقدم الكلام عليها في باب ملاطفة اليتيم والمسكين (وأما الأحاديث) المرفوعة في ذلك فكثيرة.