فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها

رقم الحديث 744 ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيّ قال: البركة) التي أودعها الله في الطعام ( تنزل وسط الطعام) فلا يأكل وسط الصحن جامداً كان كالثريد أو مائعاً كالأمراق.
وقال الغزالي: ولا يأكل من وسط الرغيف بل من استدارته، إلا إذا قلّ الخبز فيكسر الخبز ( فكلوا من حافتيه) بتخفيف الفاء: أي من ناحيته، قال في «المصباح» : حافة كل شيء ناحيته، وأصله حوفة مثل قصبة فقلبت الواو ألفاً، والمراد من التثنية هنا ما فوق الواحد فيعم سائر الجوانب ( ولا تأكلوا من وسطه) والنهي كما قال المصنف محمول على التنزيه، وتعقبه الإسنوي بأن الشافعي نص على تحريم ذلك، ولفظه في «الأم» : فإن أكل مما يلي غيره أو من رأس الطعام أثم بالفعل الذي فعله إذا كان عالماً بنهي النبيّ.
( رواه أبو داود) أي ينحوه ( والترمذي) في الأطعمة واللفظ له، وكان على المصنف تقديمه ذكراً لكونه راوي اللفظ، وإنما لأبي داود منه المعنى ( وقال: حديث حسن صحيح) إنما نعرفه من حديث عطاء بن السائب/

رقم الحديث 745 ( وعن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة المازني أحد من صلى إلىالقبلتين تقدمت ترجمته ( رضي الله عنه) في باب المجاهدة ( قال: كان للنبي قصعة) بفتح القاف وجمعها قصع كبدرة وبدر ( يقال لها الغراء) بالغين المعجمة وغراء تأنيث الأغرّ، مشتق من الغرّة: وهي بياض الوجه وإضاءته، ويجوز أن تكون من الغرة بمعنى الشيء النفيس والمرغوب فيه، فيكون وصفها بذلك لرغبة الناس فيها لنفاسة ما فيها أو لكثرة ما تسعه.
وقال المنذري.
وسميت غراء لبياضها بالألية والشحم أو لبياض وبرها أو لبياضها باللبن ( ويحملها أربعة رجال) يحتمل أن يكون لها حلق أربع، فقد جاء عند أحمد في «مسنده» من حديث ابن بسر هذا قال «كان للنبي جفنة لها أربع حلق» ويحتمل ألا يكون لها حلق وما في حديث أحمد في جفنة غير الغراء ( فلما أضحوا) أي دخلوا في الضحى وهو قدر ربع النهار ( وسجدوا) أي صلوا ( الضحى) أي صلاته، وظاهره أنهم صلوها جماعة، ويحتمل أن كلاً صلاها بمفرده ( أتى) بالبناء للمفعول ( بتلك القصعة) وقوله ( يعني وقد ثرد فيها) من كلام بعض الرواة بعد ابن بسر.
والثريد بالمثلثة فتّ الخبز وبله بالمرق، والمراد ثرده بماء اللحم لأن الثريد غالباً لا يكون إلا من لحم ( فالتفوا) بتشديد الفاء: أي استداروا ( عليها فلما كثروا) بضم الثاء وضاقت بهم الحلقة ( جثا رسول الله) بالجيم والمثلثة: أي قعد على ركبتيه جالساً على ظهور قدميه.
وفيه استحباب هذه الجلسة عند ضيق المجلس ( فقال أعرابي) أي من الحاضرين ( ما هذه الجلسة) بكسر الجيم: أي ما هذه الهيئة التي جلست عليها ( قال رسول الله: إن الله جعلني عبداً كريماً) أي شريفاً بالنبوة والعلم ( ولم يجعلني جباراً) من الجبر: وهو قهر الغير على مراد القاهر ( عنيداً) قال في «النهاية» : هو الجائز عن القصد الباغي الذي يردّ الحق مع العلم به ( ثم قال رسول الله: كلوا من حواليها) قال ابن رسلان: أي من جوانبها بدليل رواية ابن ماجه «كلوا من جوانبها» اهـ، وبه يتبين أن حركة اللام فيه الكسر فإنه جمع ( ودعوا) أي اتركوا ( ذروتها يبارك) بالجزم: أي يكنذلك مع ذكر الله تعالى سبب حصول البركة ( فيها) أي في جميع ما فيها من الأعلى والأسفل.
وفيه الحرص على إبقاء ما فيه البركة والخير وعدم إزالته، فبحصولها يحصل الخير الكثير.
وجاء في الحديث «من بورك له في شيء فليلزمه» ( رواه أبو داود) في الأطعمة من «سننه» ( بإسناد جيد) وهو من رباعياته ورواه ابن ماجه مختصراً.
( ذروتها) أعلاها بكسر الذال وضمها، وكذا عبر به في «المصباح» ، لكن قال ابن رسلان بكسر الذال، ويقال بضمها فاقتضى أن الكسر هو الأصل.
18