فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك

رقم الحديث -89 أي إظهار ( الكلام) بأن لا يخفي شيء من حروفه فلا يسمعها المخاطب ( وإيضاحه) باستعمال الألفاظ الظاهرة الدالة على المراد واجتناب الغريب للمخاطب وذلك ليسهل فهمه ( تكريره) ظاهره ولو بإعادته مرة أخرى والخبر فيه فعل ذلك ثلاثاً فلعله أشار بهذا إلى أن التثليث هو الغاية، وأن أصل التكرار مطلوب إذا دعا إليه المقام ويحصل ولو بمرة أخرى ( ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك) أي المذكور من جميع الثلاثة.


رقم الحديث 696 ( وعن أنس رضي الله عنه أن النبي كان إذا تكلم بكلمة) المراد بها المعنى اللغوي ( أعادها) أي كررها ( ثلاثاً) أي إذا كان المقام يقتضي الإعادة، والتكرار إما لمزيد الاعتناء بمدلول ذلك أو لكثرة المخاطبين أو لغير ذلك، وقوله ( حتى تفهم) أي لتفهم ( عنه) فحتى تعليلية، إذ لو كانت غائية لما قيدت بالثلاث ( وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً) إما لكثرتهم بحيث أن سلامه على أولهم لا ينتهي إلى أواسطهم وأواخرهم وإما لغفلة بعضهم عن سلامه لكونه نائماً أو في شغل بال أو نحو ذلك كما بينته في «شرح الأذكار» أو أنه عند الاستئذان كما قال الخطابي، ففي الحديث «إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع» ونظر فيه بأن الإذن إذا حصل بنحو التسليمة الأولى لا تسن الثانية.
قال البرماوي: والأوجه أن معناه كان إذا أتى على قوم سلم تسليم الاستئذان، وإذا دخل سلم تسليم التحية، وإذا خرج سلم تسليم الوداع، والثالثة مسنونة.
وقال ابن بطال: إنما كان تكرار الكلام والسلام إذا خشي أن لا يفهم عنه أولاً يسمع سلامه، وفيه أن الثلاثة غاية ما يقع فيه البيان ( رواه البخاري) في كتاب العلم بهذا اللفظ ورواه في الأدب من «صحيحه» لكن بلفظ «كان إذا سلم سلم ثلاثاً وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً» ورواه الإمام أحمد والترمذيفي جامعه كلهم من حديث أنس كما في الجامع الصغير.


رقم الحديث 697 ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان كلام) أي ما يتكلم به ( رسول الله كلاماً فصلاً) أي بينا ظاهراً أو فاصلاً بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى: { إنه لقول فصل} ( الطارق: 2) أي فاصل قاطع، كذا في النهاية، ويقرب الأول قوله على سبيل الاستئناف ( يفهمه كل من يسمعه) فإن في الظهور أقرب، ويجوز أن يكون في محل الصفة لكلام بعد وصفه بالمفرد أو في محل الحال منه لتخصيصه بالوصف ( روه أبو داود) في «سننه» .
باب إصغاء أي إمالة ( الجليس) رأسه أو سمعه ( لحديث جليسه الذي ليس بحرام) كأن يقول مطلوباً أو مباحاً ( واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه) بكسر الراء جمع مذكر مفعول المصدر أي طلبهما الحاضرين أن ينصتوا، والوعظ غلب في المخوف من عذاب الله المرغب في ثوابه بذكر ما جاء في ذلك.