فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب تحريم لَعْن إنسان بعَينه أَوْ دابة

رقم الحديث 1555 ( وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس المؤمن) أي: الكامل الإِيمان ( بالطعان) أي: الوقاع في أعراض الناس، بالذم والغيبة ونحوهما، وهو فعال من طعن فيه وعليه بالقول، يطعن بالفتح والضم إذا عابه: ومنه الطعن في النسب.
قاله في النهاية ( ولا اللعان) قال السيوطي في الدرر: اللعن من الله: الطرد والإِبعاد.
ومن الخلق السب والدعاء ( ولا الفحاش) هو: ذو الفحش في كلامه وفعاله ( ولا البذاء) قال في النهاية: البذاء المباذاة، وهي المفاحشة، وقد بذأ يبذو بذاءة.
وقال في المصباح: بذا على القوم يبذو بالفتح والمد سفه وأفحش في منطقه، وإن كان كلامه صدقاً فهو بذي على فعيل، وامرأة بذية كذلك، وأبذى بالألف وبذى وبذو، من بابي تعب وقرب، لغات فيه وبذأ يبذأ مهموز بفتحهما، بذاء وبذاءة بفتح الأول وبالمد ( رواه الترمذي وقال حديث حسن) ورواه أحمد، والبخاري في الأدب، وابن حبان، والحاكم في المستدرك.


رقم الحديث 1558 ( وعن أبي برزة) بفتح الموحدة وسكون الراء والزاي ( نضلة) بفتح النون، وسكون الضاد المعجمة ( ابن عبيد) بصيغة التصغير ( الأسلمي) تقدمت ترجمته ( رضي الله عنه) في باب الخوف ( قال بينما جارية) امرأة شابة ( على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت) بضم المهملة ( بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتضايق بهم) أي: بالقوم الذين فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ( الجبل فقالت حل) لتسرع في السير؛ ( اللهم العنها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تصاحبنا) لم يضبطه المصنف، أهو بسكون الباء، أو بفتحها وتشديد النون للتوكيد.
وحذفت نون الضمير، فيكون نهياً أو بالفعل المرفوع فيكون خبراً لفظا نهياً معنى ( ناقة عليها لعنة، رواه مسلم قوله حل بفتح الحاء المهملة وإسكان اللام وهي كلمة لزجر الإِبل) كما أن عدس بالمهملتين المفتوحتين، فالساكنة لزجر البغل ( واعلم أن هذا الحديث قد يستشكل) بالبناء للمجهول ( معناه) وذلك لما فيه من تسيب تلك الناقة؛ ولا سائبة في الإِسلام ( ولا إشكال فيه) أي: عند التأمل والإمعان، وذلك أنه لم يأمر بتسييبها، ومنع التصرف فيها رأساً ( بل المراد النهي أن تصاحبهم تلك الناقة) في سفر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ( وليس فيه نهي عن بيعها وذبحها وركوبها، في غير صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
بل كل ذلك وما سواه من التصرفات، جائز لا منع منه، إلا من مصاحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بها)
أي: استثناء منقطع.
( لأن هذه التصرفات كلها كانت جائزة فمنع بعضها) وهو صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بها ( فبقي الباقي على ما كان) عليه وقوفاً مع الوارد ( والله) تعالى ( أعلم) .
باب جواز أي إباحة ( لعن أصحاب المعاصي غير المعينين.
قال الله تعالى: ألا لعنة الله على الظالمين وقال تعالى: فأذن مؤذن بينهم)
أي نادى مناد ( أن) مخففة من الثقيلة أي أن الشأن ( لعنة الله على الظالمين وثبت في الصحيح) أي الحديث الصحيح ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعن الله الواصلة) وهي التي تصل شعرها بشعر آدمي، ولا فرق في حرمته، بين الزوجة غيرها، فإن وصلته بشعر غير آدمي، وهو نجس: حرم لأنه حمل نجاسة في صلاة وغيرها عمداً، أو وهو طاهر جاز إن كانت ذات حليل وأذن لها هذا تفصيل مذهبنا ومذهب مالك والطبري والأكثرون إلى تحريم الوصل مطلقاً سواء كان بشعر أو صوف أو خرق.
وقال الليث بن سعد النهي عن الوصل بالشعر ولا بأس بوصله بغيره.
والصحيح عن عائشة كقول الجمهور أما ربط خيوط الحرير الملونة مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه لأنه ليس بوصل ولا في معنى مقصود الوصل وإنما هو للتجمل والتزين قال المصنف وفي الحديث أن وصل الشعر من الكبائر للعن فاعلته ( والمستوصلة) هي التي تطلب من يفعل بها ذلك ويقال لها موصولة.
والحديث رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة ( وأنه) - صلى الله عليه وسلم - ( لعن آكل الربا) هو شامل الشيخان.
قال المصنف قال القاضي: معناه من أتى فيها إثماً، أو آوى من أتاه وضمه إليه وحماه.
ومحدثاً قال المازري: بفتح الدال، فيكون مصدراً ميمياً أي: الإِحداث نفسه.
ومن كسر أراد فاعل الحدث، واستدلوا به على أن ذلك من الكبائر، لأن اللعن لا يكون إلا في كبيرة، ومعناه أن الله تعالى يلعنه، وكذا الملائكة والناس أجمعون، وهذا مبالغة في إبعاده عن رحمة الله تعالى، فإن اللعن لغة الطرد والإِبعاد.
قالوا والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه، والطرد عن الجنة أول الأمر، وليست هي كلعنة الكفار المبعدين عن رحمة الله كل الإِبعاد ( وأنه) - صلى الله عليه وسلم - ( قال اللهم العن رعلاً) بكسر الراء وسكون العين المهملة ( وذكوان) بفتح المعجمة وسكون الكاف ( وعصية) بصيغة التصغير وأولاه مهملان ( عصوا الله ورسوله) استئناف بياني لسبب لعنهم ( وهذه) القبائل المذكورة ( ثلاث قبائل من العرب) تقدم الفرق بين القبيلة والشعب والبطن والفخذ، في باب ( 1) والحديث رواه البخاري في صحيحه، لكن بلفظ "يدعو عليهم" ( وأنه) - صلى الله عليه وسلم - ( قال لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يتعبدون بعبادتها، رواه البخاري في الجنائز ( وأنه) - صلى الله عليه وسلم - ( لعن المتشبهين من الرجال) من بيانية ( بالنساء) صلة متشبهين المحاكي منهم لهن في أفعالهن وأقوالهن وأحوالهن ( والمتشبهات من النساء بالرجال) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه وابن ماجة من حديث ابن عباس ( وجميع هذه الألفاظ المذكورة) عنه - صلى الله عليه وسلم - ( في الصحيح) أي: في جملة الحديث الصحيح ( وبعضها في صحيحي البخاري ومسلم) الأقصر في الصحيحين ( وبعضها في أحدهما) وبعضها خارج عنهما كما علم مما ذكرنا ( وإنما قصدت الاختصار بالإِشارة إليها) أي: الأحاديث المذكورة، الدالة لما عقد له الترجمة ( وسأذكر معظمها في أبوابها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى) .
باب تحريم سب المؤمن بغير حق أي: من اقتصاص منه بمثلها، قالوا مما لا يؤدي، لكذب أو سب أصلي الساب أو لا أو من تعزيز، أو تأديب.
أما لذلك فلا يحرم، بل يجب تارة ويندب أخرى.
قال الله تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) من جناية أو استحقاق لأذى ( فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) فذكر فيها سائر أنواع الأذى، القولية من غيبة ونميمة وسخرية به، والفعلية من ضرب وإهانة له، وغير ذلك.
قيل: ونزلت في الذين يسبون علياً رضي الله عنه.


رقم الحديث 1551 ( وعن أبي زيد ثابت) بالمثلثة وبعد الألف موحدة ( ابن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه وهو من أهل بيعة الرضوان) أي: البيعة التي نزل فيها قوله تعالى: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وكانت بالحديبية، سنة ست من الهجرة، سببها، أنه أشيع، أن قريشاً قتلوا عثمان بن عفان، فبايع - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على قتالهم إن صح ذلك الخبر.
( قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حلف على يمين بملة غير الإِسلام كاذباً متعمداً) كأن قال والله إن فعلت كذا، فهو يهودي أو نصراني ( فهو كما قال) أي: إذا أراد التدين بذلك، والعزم عليه إن فعل ذلك، فيصير كافراً حالاً، لأن العزم على الكفر كفر.
أما إذا أراد المبالغة في منع نفسه من ذلك، وألا يفعله ألبتة من غير عزم على ذلك المحلوف به ألبتة، فمعصية يستغفر الله منها.
وأتى بعلى التي للاستعلاء إيماء إلى عقد قلبه على تلك اليمين، وأنه لو جرى ذلك على لفظه، من غير قصدٍ لم يكن كما ذكر في الحديث ( ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة) ليكون الجزاء من جنس العمل؛ ( وليس على رجل نذر فيما ولا بغضبه ولا بالنار) يحتمل أن تكون المفاعلة على بابها، ويحتمل أنها للمبالغة، لا للمغالبة.
وقوله ولا بغضبه ولا بالنار، أي: ولا يدعو أحدكم على أحد بكل منهما، وذلك لعظم شأنهما؛ ( رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح) ورواه الطيالسي والطبراني والحاكم في المستدرك، وأبو يعلى، وسعيد بن منصور، كما في الجامع الكبير.


رقم الحديث 1556 ( وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن العبد إذا لعن شيئاً) أدمياً كان، أو غيره، كما يؤذن به التعميم، المستفاد من ذكرها في سياق النكرة ( صعدت) بكسر المهملة الثانية ( اللعنة إلى السماء فتغلق) بالفوقية مبني للمجهول، للعلم بالفاعل ونائبه