فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب استحباب الاضطجاع بعد بعد ركعتي الفجر عَلَى جنبه الأيمن والحث عليه سواءٌ كَانَ تهجَّدَ بِاللَّيْلِ أمْ لا

رقم الحديث -196 أي في المسجد وفي البيت كما يومىء إليه عموم حذفه التقييد بذلك ( على جنبه الأيمن) ليتذكر بذلك ضجعته في القبر فيحمله ذلك على الخشوع الذي هو لب العبادة، فإن تعذر الأيمن فالأيسر لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.
قال في «فتح الباري» : ويحتمل أنه يومىء بالاضطجاع، ولم أقف فيه على نقل إلا أن ابن حزم قال: يومىء ولا يضطجع على الأيسر أصلاً وحمل الأمر بالأيمن على غير الندب اهـ ( والحث عليه) أي على الاضطجاع المذكور ( سواء كان تهجد بالليل أم لا) وعليه فقيل فائدتها الفصل بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح، قال في «الفتح» : وعليه فلا يتقيد بالأيمن، قال الشافعي: تتأدى السنة بكل ما يحصل به الفصل من مشي وكلام وغيره، وقال: المختار أنها سنة لظاهر حديث أبي هريرة، وقد قال أبو هريرة الراوي: إن الفصل بالمشي إلى المسجد لا يكفي، وقال ابن العربي: لا يستحب إلا للمتهجد، قال في «فتح الباري» : ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق أن عائشة كانت تقول «إن النبي لم يكن يضطجع لسنته، ولكنه كان يدأب ليلته فيستريح» وفي إسناده راو لم يسم، وعلى هذا ففائدتها الراحة، وقيل فائدتها الفصل بين الفرض والسنة، ومقابل استحبابها قول مالك وجماعة من الصحابة ومن بعدهم إنها بدعة، وأيده القاضي عياض وغلطه فيه المصنف وقال: الصواب استحبابه، قال في «فتح الباري» : وهو محمول على أنهم لم يبلغهم الأمر بفعله.
على أن كلام ابن مسعود يدل على أنه أنكر تحتمها، وما حكى عن ابن عمر من أنه بدعة قد شذ بذلك اهـ.
وقول ابن حزم إنها واجبة وإنها شرط لصحة صلاة الصبح، قال في «فتح الباري» : رد عليه العلماء بعده حتى طعن ابن تيمية ومن تبعه في صحة الحديث لتفرد عبد الرحمن بن زياد به وفي حفظه مقال.
والحق أنه تقوم به الحجة ومقابل استحبابه في كل من البيت والمسجد قول بعض السلف إنه مخصوص بالبيت دون المسجد، قال في «فتح الباري» : وهو محكي عن ابن عمر، وقواه بعض شيوخنا بأنه لم ينقل عن النبي أنه فعله في المسجد، وصح عن ابن عمر «أنه كان يحصب من يفعله في المسجد» أخرجه ابن أبي شيبة اهـ.


رقم الحديث 1110 ( عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن) وذلك لشرفه ولأنها هيئة الإنسان في القبر فيتذكر بذلك فتحمله على الخشوع ( رواه البخاري) قال الحافظ في «الفتح» : قيل الحكمة في ذلك أن القلب في جهة اليسار، فلو اضطجع عليه لاستغرق نوماً لكونه أبلغ في الراحة، بخلاف اليمين فيكون القلب معلقاً فلا يستغرق.
وفي أن الاضطجاع إنما يطلب إذا كان على الشق الأيمن اهـ.


رقم الحديث 1111 ( وعنها قالت: كان رسول الله يصلي فيما) أي في الوقت الذي ( بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر) أي وقت صلاتها: أي ما بين صلاة العشاء وطلوعالفجر ( إحدى عشرة ركعة) وجاء عنها في رواية أخرى «ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة» ( يسلم بين كل ركعتين) جملة حالية من ضمير يصلي أو مستأنفة ( ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر) أي من أذان صلاته ( وتبين) أي ظهر ( له الفجر) الصادق جملة معطوفة على الفعل قبلها، واحترز به عن الأذان الأول للفجر ( وجاءه المؤذن) ليؤذنه بالصلاة ودخول وقتها ( قام) فإن كان به مقتضي غسل اغتسل وإلا توضأ ( فركع ركعتين خفيفتين) أي بالاقتصار على أقل كمالاتهما وتخفيفهما مسارعة لأداء الفرض بعدهما ( ثم اضطجع) أي بعد فعلهما ( على شقه الأيمن) واستمر كذلك ( حتى يأتيه المؤذن للإقامة) أي معلماً له باجتماع الناس للصلاة ( رواه مسلم) .
( قولها) أي عائشة ( يسلم بين كل ركعتين هكذا هو في مسلم) أي فيوهم أنه يسلم بعد كل ركعة ويصدق ذلك على ما عدا الأخيرة وليس دلك مرادها قطعاً ( ومعناه) أي وإنما معنى قولها المذكور ( بعد كل ركعتين) كما جاء ذلك من فعله وقوله، كقوله «صلاة الليل مثنى مثنى» .


رقم الحديث 1112 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع) أي عقب فعلهما ( على يمينه) أي شقة الأيمن ( رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة) فرواه أبو داود عن مسدد وأبي كامل الجحدري وعبيد الله بن عمر بن عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ الغفاري عن عبد الواحد بسنده المذكور، وحينئذ فمدار الحديث عندهما على عبد الواحد بسنده المذكور فليس له إلا سند واحد، ففي قولهبأسانيد ما لا يخفي ( قال الترمذي حديث حسن صحيح) غريب.
199