فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب احتمال الأذى

رقم الحديث -76 أي في فضل من احتمله لوجه الله سبحانه طلباً لمرضاته.
( قال الله تعالى) : ( { والكاظمين الغيظ} ) بحبس النفس عن مرادها من الانتقام ( { والعافين عن الناس} ) أي التاركين مؤاخذتهم في ذلك ( { والله يحبّ} ) أي يثيب ( { المحسنين} ) وفيه إيماء إلى أن من كان متصفاً بهذه الصفات فهو من المحسنين.
( وقال تعالى) : ( { ولمن صبر} ) على الإيذاء ( { وغفر} ) وصفح عمن آذاه ( { إن ذلك} ) أي ما ذكر ( { لمن عزم الأمور} ) أي معزومها شرعاً ( وفي الباب) أي باب احتمال الأذى ( الأحاديث السابقة في الباب قبله) وزيادة عليه.


رقم الحديث 648 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة) أي ذوي قرابة ( أصلهم ويقطعوني) كذا في النسخ بنون واحدة مخففة، وهو محمول على أن المحذوف نون الوقاية اكتفاء عنها بنون الرفع القائمة مقامها فيما قصد بها من وقاية آخر الفعل الكسر بكسرها.
ويجوز أن تكون الموجودة نون الوقاية، وحذف نون الأفعال الخمسة لغير جازم ولا ناصب لغة حكاها ابن مالك.
ولا يخفي حسن المقابلة في كلامه بين الوصل والقطع، وكذا المقابلة في قوله ( وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم) بضم اللام ( عنهم ويجهلون عليّ) وحذف متعلقات كل من أصل وأحسن لتذهب النفس في تعيين ذلك كل مذهب وليعم كل ما يطلق عليه اسم شيء من تلك الأنواع ( فقال: لئن) اللام فيه مؤذنة بقسم مقدر أتى به تأكيداً للمقام للترهيب من مقابلة الحسن بالسيء.
قال تعالى: { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} ( الرحمن: 6) أي والله لئن ( كنت كما قلت) من إسدائك الجميل لهم ومقابلتهم حسن صنيعك بقبيح فعلهم ( فكأنما تسفهم الملّ) بضم الفوقية أي تجعلهم يسفون الرماد الحار وهذا من خلاف الغالب فإن الغالب من اجتماع القسم، والشرط أن يذكر جواب المقدم منهما ويحذف جواب الثاني لدلالة ذلك عليه، وهذا بعكس ذلك فأجازه ابن مالك تبعاً للفراء ومنعه الجمهور وحملوا قول الشاعر: لئن كنت ما حدثته اليوم صادقاً أصم في نهار القيظ للشمس بادياً على أنه ضرورة أو على أن اللام زائدة.
ويمكن أن يخرج الحديث على وجه اتفقوا فيهعلى جواز جعل الجزاء للشرط وإن تأخر عن القسم، وذلك بأن يقدر قبله مبتدأ: أي وأنت والله لئن كنت الخ، وفي مثله يجوز ذلك.
وقال ابن مالك يجب، ومنه زيد والله إن يقيم أقم ( ولا يزال معك من الله تعالى ظهير) أي معين ( عليهم) من تجريدية لكمال إعانة المولى سبحانه لمن كان كذلك ( ما دمت على ذلك) ففيه تحريض على الصبر على الإيذاء وأن الانتصار في ذلك يكون من حضرة الحق سبحانه وتعالى لمن كان كذلك ( رواه مسلم، وقد سبق شرحه في باب صلة الأرحام) .
77