فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب تحريم الكِبْر والإِعجاب

رقم الحديث -72 هو: احتقار المرء غيره وازدراؤه له، والكبر على الله كفر بأن لا يطيعه ولا يقبل أمره، فمن ترك أمر الله أو وقع في منهيه استخفافاً به تعالى فهو كافر، وأما من تركه لا على سبيل ذلك بل لغلبة الشهوة أو الغفلة فعاص.
والتكبر على الخلق وهو ما عرّف به الكبر في الترجمة فعصيان إن لم يكن فيه استخفاف الشرع، وإلا كأن يحقر نبياً أو ملكاً أو عالماً عن اعتقاد حقارة العلم فذاك كفر أيضاً قاله المظهري ( والإعجاب) أي النظر إلى النفس بعين الكمال والفخر بما فيها من علم أو صلاح صورى أو عندها من مال أو جاه ( قال الله تعالى) : ( { تلك الدار الآخرة} ) الإشارة لتعظيم الآخرة: أي التي سمعت بذكرها، أو بلغك وصفها هي الدار الآخرة ( { نجعلها} ) إما خبر تلك والدار صفة أو الدار خبره، والجملة استئناف أو خبر بعد خبر ( { للذين} ) أو حال من الدار والعامل فيها ما في تلك من معنى الإشارة ( { لا يريدون علواً} ) كبراً أو استكباراً ( { في الأرض} ) يحتمل أن يكون مستقراً على أنه صفة لما قبله، ويحتمل أن يكون لغواً متعلقاً به ( { ولا فساداً} ) عملاً بالمعاصي أو دعوة الخلق إلى الشرك ( { والعاقبة} ) الحسنى ( { للمتقين} ) عن معاصيه ( وقال تعالى) : ( { ولا تمش في الأرض مرحاً} ) بفتح أوليه عند الجمهور وسيأتي معناه في الأصل وهو مصدر في موضع الحال أي مرحاً أو ذا مرح أو مفعول له.
قلت: فيكون كقوله تعالى: { ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس} ( الأنفال: 47) ويجوز أن يكون مفعولاً من معناه مطلقاً عامله: أي لا تمرح مرحاً وقرىء بكسر الراء منصوب على الحال، وفضل أبو الحسن المصدر على اسم الحال لما فيه من التأكيد: أي والمبالغة، ولم يظهر حكمة إيراد هذه الآية مع أنها من جملة التي بعدها، ولعل المصنف كتبها قبل استحضار ما بعدها ثم رأى إبقاءها وإن اشتمل ما بعدها عليها تأكيداً في النهي عن ذلك بذكر ما فيه النهي عنه المرة بعد الأخرى ( وقال تعالى) : ( { ولا تصعر خدك للناس} ) كما يفعله المتكبر أي تعرض وجهك عنهم إذا حدثوك تكبراً ( { ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب} ) أي لا يوافق ( { كل مختال فخور} ) ذي خيلاء أي تكبر يفخر على الناس ولا يتواضع لهم.
وقوله إن الله الخ مستأنفة على النهي ( ومعنى تصعر خدك) برفع تصعر كما يومىء إليه قوله ( أي تميله) إذ لو كان المفسر مجزوماً لكان المفسر كذلك لأن ما بعد أي عطف بيان لما قبله أو بدل منه والمراد تميله عن مخاطبك ( وتعرض عن الناس) حال خطابهم لك ( تكبراً عليهم) مفعول له بخلاف ما إذا به كانت الإمالة والإعراض عن الناس المخاطبين تأديباً لهم لكونهم وقعوا في منكر أو تركوا معروفاً فذلك لا يكون تصعيراً بل هو مندوب، فقد أمر بمهاجرة الثلاثة المخلفين حتى نزلت توبتهم، وفي الحديث «من أحبّ لله وغضب لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان» ( والمرح) أي بفتح أوليه مصدر معناه ( التبختر) وذلك يكون عن الإعجاب النفس واحتقار الناس.
( وقال تعالى) : ( { إن قارون} ) اسم أعجمي فلذا منع من الصرف ( كان من قوم موسى) ابن عمه كما قال ابن جريج وإبراهيم النخعي وهو أشهر الأقوال، وقال ابن إسحاق: هو عمه، وقيل هو ابن خالته، وهو بالإجماع من بني إسرائيل آمن بموسى وحفظ التوراة ثم لحقه الزهو والإعجاب ( فبغى) أي تكبر ( عليهم) بأنواع من البغي، من ذلك كفره بموسى واستخفافه به ورميه له بما رماه من البغي فبرأه الله من ذلك، وقيل كان عاملاً لفرعون على بني إسرائيل فظلمهم وبغى عليهم، وقيل بغى بكثرة ماله، وقيل بزيادة في طول ثيابه شبراً وقيل بالكبر والعلو ( وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه) جمع مفتاح، وهو ما يفتح به الباب، وقيل خزائنه، قال ابن عطية وأكثر المفسرون في شأن قارون: فروي أن في الإنجيل أن مفاتيح قارون كانت من جلود الإبل، وكان المفتاح من نصف سير وكانت وقر ستين بعيراً أو بغلاً لكل كنز مفتاح، وقد روي غير هذا مما يقرب منه، وذلك كله ضعيف، والنظر يشهد بفساده، ومن كان الذي يميز بعضها عن بعض وما الداعي إلى هذا وفي الممكن أن ترجع كلها إلى مالا يحصى ويقدر على حصره بسهولة، ولكان يقال مفاتيح بالياء كما قرىء به شاذاً، والذي يشبه على هذا أن تكون المفاتيح من حديد ونحوه وفي «النهر» قيل أظفره الله بكنز من كنوز يوسف عليه السلام، وقيل سمى ماله كنوزاً لأنها كانت لا تزكى، وبسبب ذلك كانت أول معاداته لموسى.
وفي «تفسير الكواشي» قيل: سبب كثرة ماله أنه كان يعلم الكيمياء ويعلمها وما موصولة ثاني مفعولي آتى وصلتها إن ومعمولاها ( { لتنوء بالعصبة} ) أي الجماعة الكثيرة ( { أولي القوة} ) والجملة خبر إن، ومعنى تنوء: تثقل.
قال أبو حيان: الصحيح أن الباء للتعدية: أي لتثقل على العصبة أي هذه الكنوز لكثرتها واختلاف أصنافها يتعب حفظها القائمين عليها اهـ.
وهو ما نحاه سيبويه وشيخه الخليل فجعلا الباء للتعدية وقالا: التقدير لتنوء العصبة، فجعل بدل ذلك تعدية الفعل بحرف الجر كما تقول: ناء الحمل وأناءه ونؤت به بمعنى جعلته ينوء، وجعله ابن عطية من باب القلب فقال: والوجه أن يقال لتنوء العصبة بالمفاتيح المثقلة لها، وكذا قال كثير من المتأولين إن المراد هذا، لكنه قلب كما تفعله العرب كثيراً، ثم نقل ما تقدم عن سيبويه: ثم قال: ويحتمل أن تنوء مسند إلى المفاتيح إسناداً مجازياً لأنها تنهض بتحامل إذا فعل ذلك الذي ينهض بها.
والعصبة قال ابن عباس: ثلاثة، وقال قتادة: من العشرة إلى الأربعين، وقال مجاهد خمسة عشر، وقيل أحد وعشرون.
وقيل أربعون ( { إذ قال له قومه} ) قال «البيضاوي» «كالكشاف» منصوب بتنوء، قال في «النهر» : وهو ضعيف جداً لأن إيناء المفاتيح العصبة ليس مقيداً بوقت قول قومه له.
وقال ابن عطية: متعلق ببغى، قال أبو حيان: وهذا ضعيف أيضاً لأن الإيتاء لم يكن وقت ذلك القول.
قال ابن عطية أيضاً: ويجوز أن يكون ظرفاً لمحذوف دل عليه الكلام: أي بغى عليهم وقت قولهم له.
قال في «النهر» : ويظهر لي أن يكون التقدير: وأظهر التفاخر والفرح بما أوتي من الكنوز وقت قولهم له ( لا تفرح) أي فرحاً مطغياً، وهو انهماك النفس والأشر والإعجاب، ونهى عنه لأن الفرح بالدنيا مذموم لأنه ينتجه حبها والرضا بها والذهول عن ذهابها فإن العلم بمفارقة ما فيها من اللذات لا محالة يوجب النزع، قال الشاعر: أشد الغم عندي في سرور تيقن عنه صاحبه انتقالاً وعلل النهي هنا بقوله ( { إن الله لا يحبّ الفرحين} ) أي بزخارف الدنيا، قال ابن عطية: لا يحبّ في هذا الموضع صفة فعل لأنه أمر قد وقع لا محالة، فمحال أن يرجع إلى الإرادة وأنها هو، لا تظهر عليهم بركته ولا تعمهم رحمته ( { وابتغ} ) أي اطلب ( { فيما آتاك الله} ) من المال ( { الدار الآخرة} ) بأن تصرفه في مرضاة الله تعالى ( { ولا تنس نصيبك من الدنيا} ) ( القصص: 77) أي ما ينفعك منها في المآل وما هو إلا الأعمال الصالحة فنصيب الإنسان من الدنيا عمره وعمله الصالح فيه فلا ينبغي أن يهمله، وقيل هو أخذ ما يكفيك منها ( { وأحسن} ) فيما أنعم الله عليك ( { كما أحسن الله إليك} ) وقيل أحسن بالشكر والطاعة، كما أحسن إليك بالإنعام ( ولا تبغ) أي تطلب ( الفساد في الأرض) بأمر يكون علة للظلم والبغي، قيل كل من عصى الله فقد طلب الفساد في الأرض ( { إن الله لا يحبّ المفسدين} ) لسوى أفعالهم ( قال) أي لما وعظه قومه وأخذته العزّة بالإثم وأعجب بنفسه ( { إنما أوتيته على علم عندي} ) أي فضل وخير علمه الله عندي فرآني أهلاً لهذا ففضلني بهذا المال عليكم كما فضلني بغيره.
واختلف في هذا العلم فقيل علم التوراة وحفظها، قالوا: وكانت هذه مغالطة منه، وقيل العلم بالتجارة ووجوه تثمير المال فكأنه قال أوتيته بإدراكي وسعيي، وقيل علم الكيمياء، وقيل مراده إنما أوتيته على علم من الله وتخصيص من لدنه قصدني به: أي فلا يلزمني فيه شيء مما قلتم، وعلى هذا فقوله عندي خبر مبتدأ: أي هذا عندي كما تقول: في معتقدي أو في رأيي، وعلى كلا الوجهين فقد نبه القرآن على خطئه في اعتزازه ( { أولم يعلم} ) عطف على مقدر: أي عنده مثل ذلك العلم الذي ادعى ولم يعلم ( { أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوّة وأكثر جمعاً} ) فلا تدل كثرة المال على أن صاحبها يستحق رضا الله ليبقى بعلمه بذلك نفسه مصارع الهالكين ( { ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} ) سؤال استعلام فإنه تعالى مطلع عليه أو معاتبة فإنهم يعذبون بها بغتة فلا ينافي الآيات التي فيها سؤال المجرمين لأنه سؤال توبيخ وتقريع وتبكيت ( { فخرج على قومه في زينته} ) قال ابن عطية: أكثر المفسرون في تحديد زينة قارون وتعيينها بما لا حجة له فاختصرته ( { قال الذين يريدون الحياة الدنيا} ) على ما هو عادة الناس من الرغبة فيها ( { يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} ) تمنوا مثله لاعينه حذراً عن الحسد ( { إنه لذو حظ} ) أي نصيب ( { عظيم} ) من الدنيا ( { وقال الذين أوتوا العلم} ) أي الأحبار لمن تمنى ( ويلكم) دعاء بالهلاك استعمل للزجر عما لا يرضى ( { ثواب الله} ) في الآخرة ( { خير} ) مما أوتي قارون ( { لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها} ) الضمير للكلمة التي تعلم بها العلماء أو للثواب فإنه بمعنى المثوبة أو الجنة أو الإيمان والعمل الصالح فإنهما في معنى السيرة والطريقة، وجرى ابن عطية على أن الضمير عاد إلى غير مذكور لفظاً دل عليه المقام كهو في حتى توارت بالحجاب، وكل من عليها فان ( { إلا الصابرون} ) أي على الطاعات وعن الشهوات وهذا جماع الخيرات كلها ( { فخسفنا به} ) أي بقارون ( { وبداره الأرض} ) وذلك لدعاء موسى عليه وأمر الله الأرض بطاعة موسى فقال لها: يا أرض خذيهم فأخذته ومن معه، ففي الآيات شؤم البغي وسوء مصرع الكبر، قال الشاعر: والبغي مصرع مبتغيه وخيم .


رقم الحديث 612 ( وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبيّ قال: لا يدخل الجنة) أي أبداً إن استحلّ ما يأتي مع علمه بتحريمه، والمراد من في قلبه كبر عن الإيمان.
وقيل لا يدخلها ذو كبر: أي لا يكون في قلبه شيء منه حال دخولها، قال تعالى { ونزعنا ما في صدورهم من غلّ} قال المصنف: وهذا كتأويل الخطابي فيهما بعد، فإن الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر الآتي معناه في الحديث، فلا ينبغي حمله على هذين المخرجين له عن المطلوب، بل الظاهر ما اختاره عياض وغيره من المحققين أنه لا يدخلها دون مجازاة إن جازاه، وقيل هذا جزاؤه إن جازاه وقد تكرم بأنه لا يجازيه، بل لا بد أن يدخل كل الموحدين الجنة إما أولاً وإما ثانياً بعد تعذيب أصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرين عليها، وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة ( من في قلبه مثقال ذرة) أي زنة نملة صغيرة أو جزء من أجزاء الهباء ( من كبر) بكسر فسكون ( فقال رجل) هو مالك بن مرارة بضم الميم الرهاوي بفتح الراء فيما ذكره الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وبضمها كما يؤخذ من كلام الجوهري في «صحاحه» وكون القائل مالكاً، قاله القاضي عياض وأشار إليه ابن عبد البرّ وقد جمع ابن بشكوال الحافظ في اسمه أقوالاً من جهات فقال: هو أبو ريحانة واسمه شمعون ذكره ابن الأعرابي.
وشمعون قال المصنف بالشين المعجمة وإهمال العين وإعجامها، وقيل ربيعة ابن عامر ذكره عليّ ابن المديني في «الطبقات» .
وقيل سواد بالتخفيف ابن عمرو ذكره ابن السكن، وقيل معاذ بن جبل ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب الخمول والتواضع.
وقيل مرارة الرهاوي ذكر أبو عبيد في غريب الحديث، وقيل عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره عمر في «جامعه» ، وقيل خُريم بن فاتك هذا ما ذكره ابن بشكوال ذكره المصنف في «شرح مسلم» ( إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، قال: إن اللَّه جميل يحب الجمال) أي فليس ذلك منالكبر: أي إذا لم يكن على وجه الفخر والخيلاء والمباهاة بل على سبيل إظهار نعمة الله امتثالاً لقوله تعالى: { وأما بنعمة ربك فحدث} ( الضحى: 11) واختلف في معنى قوله «إن الله جميل» فقيل معناه: كل أمره جميل فله الأسماء الحسنى والصفات العلا.
وقيل جميل بمعنى مجمل ككريم بمعنى مكرم.
وقال القشيري: معناه جليل.
وحكى الخطابي أنه بمعنى ذي النور والبهجة: أي مالكها.
وقيل معناه جميل الأفعال بكم والنظر إليكم، يكلفكم اليسير ويغنيكم عن الكثير ويثيب الجزيل ويشكر عليه.
واعلم أن هذا الاسم ورد في هذا الحديث الصحيح ولكنه من أخبار الآحاد، وورد أيضاً في الأسماء الحسنى وفي إسناده مقال، والمختار جواز إطلاقه عليه تعالى.
ومن العلماء من منعه، قال إمام الحرمين: ما ورد في الشرع إطلاقه في أسماء الله تعالى وصفاته أطلقناه، وما منع الشرع من إطلاقه منعناه، وما لم يرد فيه إذن ولا منع لم نقض فيه بتحليل ولا تحريم لأن الأحكام الشرعية تتلقى من موارد الشرع، ولو قضينا بتحليل أو تحريم لكنا مثبتين حكماً بغير الشرع، قال: ثم لا يشترط في جواز الإطلاق ورود ما يقطع به في الشرع ولكن ما يقتضي العمل وإن لم يوجب العلم فإنه كاف، إلا أن الأقيسة الشرعية من مقتضيات العمل، ولا يجوز التمسك بها في تسمية الله تعالى ووصفه، هذا كلام إمام الحرمين ومحله من الإتقان والتحقيق بالعلم مطلقاً، وبهذا العلم خصوصاً معروف بالغاية العليا، وكذا قال القاضي عياض: الصواب جواز العمل في ذلك بخبر الآحاد لاشتماله على العمل: أي بأن يدعي بها ويثني على الله بها، وذلك عمل لقوله { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} ( الأعراف: 18) ( الكبر بطر الحق) وعدم الانقياد له ( وغمط الناس.
رواه مسلم)
في كتاب الإيمان من «صحيحه» ، ورواه أبو داود في كتاب اللباس من «سننه» ، والترمذي في البرّ والصلة من «جامعه» ، والنسائي في السنة من «سننه» ، ومداره عندهم على الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود اهـ ملخصاً من «الأطراف» ( بطر) بفتح الموحدة والطاء والراء المهملتين ( الحق دفعه) قال في «النهاية» : هو أن يجعل ما جعله الله حقاً من توحيده وعبادته باطلاً.
وقيل هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله اهـ.
قلت: وعليه فالدفع على المعنى الأول عدم الإذعان لذلك، وعلى المعنى الثاني عدم الانقياد.
ومن الأول آية النساء { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} ( النساء: 65) الآية.
ومن الثاني آية النور في صفة المنافقين { وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهممعرضون} ( النور: 48) أقول: إن جعلت أل في الحق للاستغراق فالكبر لا يكون إلا من الكافر وهو لا يدخلها أبداً، وإن أريد بالحق بعض أفراده: أي ما عدا الإيمان من أحكام الشرع كان الكبر موجوداً في الكافر والمؤمن، لأنه قد يمتنع من الانقياد له عصياناً ولا يخرجه ذلك عن إيمانه، ويؤيد إرادة الثاني قوله ( ورده على قائله) أي كائناً من كان من كبير أو صغير جليل أو حقير، وذلك الدفع والردّ قد صدرا منه ترفعاً وتجبراً، أما لو لم يتضح له حقيقة أمر ولم ينقد له ورده على قائله لا تكبراً عن الحق ولا ترفعاً عليه بل لعدم ظهور أن ذلك من الحق عنده فلا يكون من الكبر، وقد تقدم في التواضع أنه قبول الحق والإذعان له من غير نظر لقائله فهذا ضده ( وغمط الناس) بفتح الغين المعجمة وسكون الميم وبالطاء المهملة، قال: وبالظاء ذكره أبو داود في «مصنفه» ، وذكره أبو عيسى الترمذي وغيره بالصاد المهملة وهما بمعنى واحد، وهو ما بينه المصنف بقوله ( احتقارهم) يقال في الفعل منه غمطه يغمطه من باب ضرب، وجاء من باب علم.


رقم الحديث 613 ( وعن سلمة) بفتح أوليه ( ابن الأكوع رضي الله عنه أن رجلاً) تقدم تعيينه مع الكلام على الحديث وشرحه في باب المحافظة على السنة ( أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله) يحتمل أن يكون فعله لذلك ابتداء جهلاً بالسنة ثم لما عرفها كما قال ( فقال) يعني النبيّ ( كل بيمينك) أي كما هو الأدب المندوب المحبوب، أخذته نفسه فلم ينقد للحق واعتذر بما ليس كذلك في الواقع ( فقال: لا أستطيع) أي الأكل بها أي لعلة تمنع من إعمالها ( فقال: لا استطعت) ويحتمل أن يكون ذلك منه من أوّل الأمر عناداً واستكباراً فأصابه ما أصابه، وقوله ( ما منعه إلا الكبر) جملة مستأنفة لبيان الذي اقتضى دعاءه عند ذلك مع كمال رحمته ومزيد عفوه وصفحه: أي إنه لما علم أن المانع له عن الانقياد كبره عن الحق ودفعه له دعا عليه، ففيه الدعاء على من قصد الخروج عن الشريعة عمداً ( قال) أي سلمة ( فما رفعها) أي فما رفع المدعو عليه شماله ( إلى فيه) إجابة لدعائه، وقدمنا ثمة أنهكان مؤمناً خلافاً لما قال القاضي عياض إنه كان من المنافقين ( رواه مسلم) في باب الأطعمة من «صحيحه» .


رقم الحديث 614 ( وعن حارثة) بالحاء المهملة والمثلثة ( ابن وهب) وهو الخزاعي أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه، ذكره ابن الأثير في «أسد الغابة» وقال روى عنه أبو إسحاق السبيعي ومعبد بن خالد الجهني ثم أخرج عنه الحديث الذي فيه الكلام ولم يزد عليه في ترجمته ( رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ألا أخبركم بأهل النار؟) أي بأغلبهم ( كل عتلّ) بضم المهملة والفوقية وتشديد اللام: أي غليظ جاف ( جواظ) بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة: أي جموع منوع.
وقيل المختال في مشيته ( مستكبر) وفي التعبير بتاء الاستفعال إيماء إلى أن داء الكبر يطلبه لنفسه وليس هو له، بل الذي له العبودية والتذلل، والكبرياء لله سبحانه ( متفق عليه.
وتقدم شرحه)
ومن خرّجه ( في باب ضعفة المسلمين) وكذا ذكر في الباب المذكور الحديث عقبه.


رقم الحديث 615 ( وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: احتجت الجنة والنار) قال المصنف: هو على ظاهره، وإن الله تعالى جعل فيهما تمييزاً يدركان به فتحاجا، ولا يلزم من ذلك دوام التمييز لهما ( فقالت النار: فيَّ الجبارون) قال الراغب في «مفرداته» :الجبار في صفة الإنسان يقال لمن تجبر بمعصية بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها، ولا يقال إلا على طريق الذم نحو { وخاب كل جبار عنيد} ( إبراهيم: 15) ويقال للقاهر غيره جبار نحو { وما أنت عليهم بجبار} ( ق: 45) اهـ.
قلت: والأنسب هنا المعنى الأول بقرينة قرينه وهو ( والمتكبرون) وأنه جاء عند أبي هريرة «أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين» كما سيأتي، ويحتمل المعنى الثاني ويراد يجبر غيره على الباطل فيكون مذموماً إذ الجبر على الحق لمن تمكن منه محمود، وفي التعبير بصيغة التفعيل إيماء إلى ما تقدم فيما قبله من تكلف المتكبر صفة التكبر وادعائه ما ليس له ( وقالت الجنة: فيَّ ضعفاء الناس) جمع ضعيف وألفه ممدودة: أي الخاضعون لله سبحانه المذلون أنفسهم له ( ومساكينهم) جمع تكسير لمسكين: أي ذوو حاجاتهم من فقير ومسكين قال الشافعي رضي الله عنه: الفقير والمسكين إذا اجتمعا: أي في الذكر افترقا: أي في المعنى، وإذا افترقا: أي بأن ذكر أحدهما فقط اجتمعا: أي في المعنى بأن يفسر المذكور بما يشملهما ( فقضى الله بينهما) أي فصل بينهما قائلاً ( إنك) بكسر الهمزة والكاف ( الجنة) يجوز رفعه كما رأيته مضبوطاً بالقلم في أصل مصحح من الرياض خبر إن ونصبه بدلاً من الضمير بدل كل، وقوله ( رحمتي) خبر إن على الثاني، وعلى الأول خبر بعد خبر، ويكون ذلك الخبر الأول كالموطىء للثاني نحو جاء كما في جاء زيد رجلاً راكباً من الحال الموطئة وضابطها كل جامد موصوف بما يبين الهيئة به، وظاهر أن ما ذكر يجيء في قوله وإنك النار الخ، وجملة ( أرحم بك من أشاء) مستأنفة ببيان حكمة إنشائها وإيجارها، ويجوز كونهاحالاً مما قبلها ( وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء) وتقديم الأول على الثاني إيماء إلى سبق الرحمة على العذاب والفضل على العقاب ( ولكليكما عليّ ملؤها) أي ما يملؤها من الخلائق ( رواه مسلم) في باب صفة الجنة والنار منفرداً به عن باقي السنة، لكن قضية صنيع المصنف أنه ساقه بهذا اللّفظ عن أبي سعيد.
والذي في مسلم أنه أورد الحديث عن أبي هريرة من طرق قال في أولها «تحاجت النار والجنة فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، فقالت الجنة: وما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم، فقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاى من عبادي، وقال للنار: أنت النار أعذب بك من أشاءمن عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فلا تمتلىء فيضع قدمه عليها فتقول قط قط، فهنالك تمتلىء ويزوى بعضها إلى بعض، وفي باقيها عنه نحو هذا وفي آخره «قال اللَّه للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أتت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها» الحديث، وهو بهذا اللّفظ عند البخاري بالطريق التي عند مسلم، ثم أورد مسلم الحديث عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله «احتجت الجنة والنار» وقال مسلم: فذكر أبو سعيد نحو حديث أبي هريرة إلى قوله: ولكليكما عليّ ملؤها، ولم يذكر ما بعده من الزيادة انتهت عبارة مسلم، وبهذا يظهر أن ما ساقه المصنف من لفظ الحديث لم يسقه مسلم كذلك، وإنما أشار إلى أنه نحو حديث أبي هريرة، ولعل المصنف وقف عليه من طريق آخر أن هذا لفظه، وأنه الذي أشار إليه الحافظ مسلم بقوله نحو حديث أبي هريرة والله أعلم.


رقم الحديث 616 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ينظر الله يوم القيامة) أي نظر رحمة ( إلى من جر إزاره بطراً) بفتح أوليه الموحدة والطاء المهملة، قال الراغب: البطر دهش يعتري من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها إلى غير وجهها، ويقارب البطر الطرب وهو خفة أكثر ما يعتري من الفرح، وقد يقال ذلك من البرح اهـ.
وبطراً منصوب على العلة أو الحالية بتقدير مضاف: أي ذا بطر أو بتأويله بالوصف أي بطراً أو بإبقائه على ظاهره مبالغة في وصفه كأنه عينه ( متفق عليه) أخرجاه في اللباس، وعندهما عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله إلى من جرّ ثوبه خيلاء» قال المصنف: والخيلاء بالمد والمخيلة والبطر والزهو والكبر والتبختر كلها بمعنى واحد، وهو حرام، وحديث ابن عمر يدل على أن الإسبال يكون في الإزار والقميص والعمامة، والمستحبّ فيما ينزل إليه طرف القميص والإزار من الرجل نصف الساق، ففي حديث أبي سعيد مرفوعاً: «إزرة المؤمن إلى أنصاف سامية لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين فما نزل عن الكعبينفممنوع تحريماً إذا كان على سبيل الخيلاء وتنزيهاً إن لم يكن كذلك والأحاديث المطلقة بأن ما تحت الكعبين في النار محمولة على ما كان للخيلاء، لأن المطلق يحمل على المقيد، قاله المصنف في «شرح مسلم» ، وحديث أبي هريرة قال السيوطي في «الجامع الكبير» : خرّجه البيهقي أيضاً في «الشعب» ، ولم أره تعرض فيه لحديث ابن عمر مرفوعاً «لا ينظر الله إلى من جرّ ثوبه خيلاء» مع أنه عندهما وهذا من العجب/ والنسيان من طبع الإنسان وبالله المستعان.


رقم الحديث 617 ( وعنه قال: قال رسول الله: ثلاثة) أي أصناف ثلاثة، أو ثلاثة من الأصناف، فللوصف ساغ الابتداء به ( لا يكلمهم الله يوم القيامة) كناية عن الغضب أو لا يكلمهم بما يسرهم، قال المصنف: وقيل المعنى لا يكلمهم تكليم أهل الخير بإظهار الرضا بل كلام أهل السخط ( ولا يزكيهم) أي لا يقبل أعمالهم فيثنى عليهم أو لا يطهرهم من الذنوب ( ولا ينظر إليهم) أي نظر رحمة ( ولهم عذاب أليم) أي مؤلم، قال الواحدي: هو الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه، قال: والعذاب كل ما يعي الإنسان ويشق عليه، وهذا منه على أن أليم بمعنى مؤلم اسم فاعل، ويجوز أن يكون بمعنى المفعول فيكون فيه إيماء إلى شدة فظاعة العذاب، لأنه إذا تألم من نفسه فكيف بمن فيه، وقدم الخبر للاهتمام به تحذيراً عما يؤدي إلى الاندراج في شيء منه ( شيخ) أي من طعن في السن واستطال فيه، وذلك من الخمسين فما فوق ( زان، وملك) بكسر اللام ( كذاب، وعائل مستكبر) قال القاضي عياض: سبب تخصيص هؤلاء بهذا الوعيد أن كلاً منهم التزم المعصية المذكورة مع بعدها منه وعدم ضرورته إليها وضعف دواعيها عنده، وإن كان لا يعذر أحد بذنب، لكن لما لم يكن إلى هذه المعاصي ضرورة مزعجة ولا دواعي معتادة أشبه إقدامهم عليها المعائدة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصيته لا لحاجة غيرها، فإن الشيخ لكمال عقله وتمام معرفته بطول ما مرّ عليه من الزمان وضعف أسباب الجماع والشهوة للنساء واختلاف دواعيه لذلك عنده ما يريحه من دواعي الحلال في هذا وتخلى سرّه فكيف بالزنى الحرام، وإنما دواعي ذلك الشباب والحرارة الغريزية وقلة المعرفة وغلبة الشهوة لضعف العقل وصغر السن.
وكذلك الإمام لا يخشى من أحد من رعيته، ولا يحتاج إلى مداهنة ومصانعة، فإن الإنسان إنما يداهن ويصانع بالكذب من يحذره ويخشى أذاه أو معاتبته ويطلب عنده بذلك منزلة أو منفعةفهو غنى عن الكذب مطلقاً، وكذلك الفقير العائل قد عدم المال، وإنما سبب الفخر والخيلاء والكبر الارتفاع عن القرناء بالثروة في الدنيا لكونه ظاهراً فيها وحاجات أهلها إليه، فإذا لم يكن عنده أسبابها فلماذا يستكبر ويستحقر غيره؟ فلم يبق فعله وفعل الشيخ الزاني والإمام الكاذب إلا لضرب من الاستخفاف بحق الله تعالى اهـ ( رواه مسلم) في كتاب الإيمان من «صحيحه» ، ورواه النسائي في الرحم من «سننه» ( العائل الفقير) من العيلة بفتح العين وهو الفقر وجمع عائلاً عالة وهو في تقدير فعله ككافر وكفرة، قاله في «المصباح» .


رقم الحديث 618 ( وعنه: قال رسول الله: يقول الله عزّ وجل: العزّ إزاري والكبرياء ردائي) قال المظهري: الكبرياء غاية العظمة والترفع عن أن ينقاد لأحد أو إلى شيء بوجه من الوجوه، وهذا لا يكون إلا لله، والإزار والرداء متشابهان، لأن الرداء ما يلبس به الرجل رأسه وكتفه وأسفل من ذلك، والإزار ما يلبس به الرجل من وسطه إلى قدميه، والعزّ والكبرياء صفتان مختصتان بي لا يشاركني فيهما غيري كما لا يشارك الرجل في ردائه وإزاره اللذين هما لباساه ( فمن نازعني عذبته) يقال نازعه إذا جذب وأخذ شيئاً من واحد وجذب ذلك الواحد من صاحبه ذلك ويقول كل منهما هذا ملكي وحقي: أي يقول تعالى: إن هذين حق لا يستحق واحداً منهما غيري، فمن ادعى العزّ أو الكبرياء فقد خاصمني ومن خاصمني صار كافراً عذبته ( رواه مسلم) قال المزي في «الأطراف» : رواه في اللباس من «صحيحه» ، ورواه أبو داود في الزهد وابن ماجه في «سننهما» / ورواه البزار اهـ ملخصاً.
وفي الأحاديث القدسية التي جمعها الحافظ العلائي بعد إبراد الحديث عن الأغرّ عن أبي هريرة كما أورده مسلم باللفظ المذكور ما لفظه متفق عليه من هذا الوجه.


رقم الحديث 619 ( وعنه: أن رسول الله قال: بينما رجل) قال الدماميني في «المصابيح» نقلا عنالسهيلي في «مبهمات القرآن» : إنه الهيزن رجل من أعراب فارس وهم من الترك.
وفي «صحاح الجوهري» : إنه قارون اهـ.
وفي «تفسير الخازن» : قال قتادة: خسف به، أي قارون فهو يتجلجل في الأرض كل يوم قامة رجل لا يبلغها: أي إلى قعرها إلى يوم القيامة ( يمشي في حلة) بضم المهملة: ثوب له ظهارة وبطانة ( تعجبه نفسه) جملة مستأنفة لبيان سبب الخسف به أو حالية من ضمير يمشي أو خبر بعد خبر ( مرجل رأسه) بتشديد الجيم من الترجيل وهو تسريح الشعر ( يختال) أي يزهو ويتكبر في مشيته بكسر الميم ( إذ خسف الله به) أشار ابن حجر الهيثمي في شرح حديث جبريل في الإسلام والإيمان والإحسان أن إذ أفادت هنا مع كونها ظرف زمان المفاجأة.
قال وخالف في ذلك أبو حيان في «بحره» فقال: وهو ملازم للظرفية، ولا يكون مفعولاً به ولا حرفاً للتعليل أو المفاجأة ولا ظرف مكان خلافاً لزاعمي ذلك اهـ.
وقد بسطت الكلام في «إذ» في أوّل رسالتي في قوله تعالى: { وإذ استسقى موسى لقومه} ( البقرة: 6) ( فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة) وإنما فعل به ذلك تدريجاً ليدوم عليه العذاب فيكون أبلغ في نكايته وإهانته لكبره ( متفق عليه) روياه في اللباس.
والذي في مسلم في روايته «قد أعجبته جمته وبرداه» وفي أخرى له «بينما رجل يتبختر يمشي في برديه قد أعجبته نفسه» وفي رواية له «بينما رجل يتبختر يمشي في بردين» وفي رواية «إن رجلاً ممن كان قبلكم يتبختر في حلته» ولم أر قوله «يختال في مشيته» عند البخاري في أبواب اللباس ولا عند مسلم، والله أعلم ( مرجل رأسه: أي ممشطه) كذا بصيغة الماضي والأنسب ممشط قال: بصيغة الوصف ( يتجلجل بالجيمين: أي يغوص وينزل) به إلى أسفل.
وروي بالخاء المعجمة واستبعده القاضي إلا أن يكون من قولهم خلخلت العظم إذ أخذت ما عليه من اللحم، ورويناه في غير الصحيحين بحاء مهملة.


رقم الحديث 620 ( وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله: لا يزال الرجل يذهببنفسه) قال العاقولي: الباء فيه للتعدية: أي يرفع نفسه ويعتقدها عظيمة مرتفعة المقدار على الناس، ويجوز أن تكون للمصاحبة: أي يرافقها ويوافقها على ما تريد من الاستعلاء ويعززها ويكرمها كما يكرم الخليل الخليل حتى تصير متكبرة.
وفي الأساس ذهب به فرّ مع نفسه، ومن المجاز ذهب به الخيلاء اهـ ( حتى يكتب في الجبارين) أي من جملتهم ومندرجاً غمارهم ( فيصيبه ما أصابهم) أي من العذاب، وأتى به بلفظ ما الموصولة تفظيعاً في الوعيد ( رواه الترمذي) في البر والصلة ( وقال: حديث حسن.
يذهب بنفسه: أي يرتفع ويتكبر)
سكت عن الكلام على الباء وقد علمته.
73