فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل صلاة الجماعة

رقم الحديث 1064 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: صلاة الجماعة) الإضافة فيه بمعنى في والظرفية مجازية أو بمعنى اللام ( أفضل) أي أكثر ثوابا ( من صلاة الفذ) بفتح الفاء وتشديد الذال المعجمة، قال في «المصباح» : هو الواحد وجمعه فذوذ ( بسبع وعشرين درجة) لا ينافي هذا ما يأتي في الحديث بعده من أنها تضعف على غيرها خمساً وعشرين، إما لأن العدد القليل لا ينفي الكثير أو أنه أعلم بالقليل أولاً فأعلم به ثم أعلم بالكثير فأخبر به، أو أن ذلك يختلف بحسب كمال الصلاة ومحافظة هيئتها وخشوعها وكثرة جماعتها وشرف البقعة ونحو ذلك.
وقال الحافظ في «الفتح» : ظهر لي في الجمع بين الحديثين أن أقل الجماعة إمام ومأموم، فلولا الإمام ما سمي المأموم مأموماً وبالعكس، فإذا تفضل الله على من صلى جماعة بزيادة خمس وعشرين درجة حمل الخبر الوارد بفضلها على الفضل الزائد، والخبر الوارد بلفظ سبعة وعشرين على الأصل والفضل اهـ.
قلت هذا أحسن من قول البرماوي بعد حكاية ما ذكر في أوجه الجمع بين الحديثين ما لفظه، وحيئذ يظهر وجه مناسبة السبع والعشرين أن فرائض اليوم والليلة سبع عشر ركعة، والرواتب المؤكدة للدوام عليها عشر، فضعف أجر الجماعة بهذا الاعتبار، وأماالوتر فلا مدخل له لأنه شرع بعد ذلك، وأحسن منه ما نقله الحافظ في الفتح عما كتبه شيخه السراج البلقيني على «العمدة» وقال: إنه لم يسبق إليه أن لفظ الحديث صلاة الجماعة معناه صلاة في الجماعة كما وقع في حديث أبي هريرة «صلاة الرجل في الجماعة» وعلى هذا فكل واحد من المحكوم له بذلك صلى في جماعة.
وأدنى الأعداد التي يتحقق فيها ذلك ثلاث حتى يكن، وكل واحد صلى في جماعة وكل واحد منهم أتى بحسنة وهي بعشر فتحصل من مجموعه ثلاثون، فاقتصر في الحديث علىالفضل الزائد وهو سبع وعشرون دون الثلاثة التي هي أصل ذلك اهـ ( متفق عليه) ورواه الإمام مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، كذا في «الجامع الصغير» .


رقم الحديث 1065 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: صلاة الرجل في جماعة) الظرف إما في محل الحال أو الصفة للرجل لأنه محلى بأل الجنسية، ويجوز جعله لغواً متعلقاً بصلاة ( تضعف) بتشديد العين المهملة ( على صلاته في بيته وفي سوقه) أي منفرداً كما يومىء إليه مقابلته بصلاة الجماعة، ولأن الغالب في فعلها في البيت والسوق الانفراد ( خمساً وعشرين ضعفاً) مفعول مطلق كقوله تعالى: { فاجلدوهم ثمانين جلدة} ( النور: 4) قال البرماوي: السرّ في الأعداد خفيّ لا يعلم حقيقته إلا الله تعالى، نعم يحتمل أن يقال في مناسبة الخمس والعشرين: إن صلوات اليوم والليلة خمس فإذا ضربت في نفسها بلغت ذلك، فأريد تضعيف ثوابها على الانفراد بذلك لمناسبته في جنس الأصل، ويحتمل أن الأربعة لما كانت تؤلف منها العشرة فيقال واحد واثنان وثلاثة وأربعة وهذا المجموع عشرة ومن العشرات المئات ومن المئات الألوف فكانت أصل جميع مراتب العدد، ومع ذلك زيد عليها واحد مبالغة ثم ضعفت بعدد الصلوات الخمس مبالغة أخرى اهـ.
( وذلك) إن كان المشار إليه فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ اقتضى اختصاص ذلك بجماعة المسجد، وقد حكى القرطبي في «المفهم» خلاف العلماء هل الفضل المضاف للجماعة لأجل الجماعة فقط حيث كانت، أو إنما يكون الفضل للجماعة التي تكون بالمسجد لما يلازمها من فضائل تختص بها من إكثار الخطا إليه وكتب الحسنة ومحو السيئة بكل خطوة المذكورة في قوله ( إنه) أي الشأن أو الرجل ( إذا توضأ فأحسن الوضوء) أي أسبغه مع الإتيان بالسنن والآداب ( ثم خرج إلى المسجد) أي متوجهاً إليه ( لا يخرجه إلا الصلاة) جملة حالية منفاعل خرج مقيدة لترتب الثواب الآتي على الخروج إلى المسجد بمضمونها، فإن أخرجه إليه غيرها أو هي مع غيرها فاته ما يأتي، وظاهر أن المفوت الخروج للشغل الدنيوي، أما إذا خرج للصلاة فيه وقراءة قرآن أو علم فذاك برّ ضم إلى بر ( لم يخط خطوة) بفتح المعجمة ( إلا رفعت) بالبناء للمجهول ( له بها درجة) نائب الفاعل، والظرفان إما لغوان كل منهما متعلق بالفعل لاختلاف الجار لفظاً ومعنى، وإما مستقران حالان من درجة كانا صفتين لها فقدما وأعربا حالين، ومثل هذا الإعراب جار في قوله ( وحط عنه بها خطيئة) أي من الصغائر المتعلقة بحق الله تعالى، ثم استظهر القرطبي أن الفضل للجماعة لذاتها قال: لأنها هي الوصف الذي علق عليه الحكم، وخالف الحافظ فقال: قوله: وذلك الخ ظاهر في أن الأمور المذكورة علة للتضعيف المذكور إذ التقدير وذلك لأنه، فكأنه يقول التضعيف المذكور سببه كيت وكيت، وإذا كان كذلك فما رتب على موضوعات متعددة لا يوجد بوجودها بعضها إلا إن دل الدليل على إلغاء ما ليس معتبراً أو ليس مقصوداً لذاته، وهذه الزيادة معقولة المعنى، فالأخذ بها متجه والروايات المطلقة لا تنافيها بل يحمل مطلقها على مقيدها ( فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه) تترحم وتستغفر له ( ما دام في مصلاه) أي جالساً فيه، ويحتمل أن يراد ما دام مستمراً فيه ولو مضطجعاً ( ما لم يحدث) وعطف عطف بيان على قوله تصلي عليه قوله ( اللهم صل عليه اللهم ارحمه) أي تقول ذلك ( ولا يزال) غير النافي للتفنن مع كون المحدث عنه فيما تقدم أمراً منقضياً وفيما هنا أمراً آتياً، واسم يزال مستتر يعود إلى المصلي المفهوم من السياق، والخبر قوله ( في صلاة ما انتظر الصلاة) أي مدة انتظاره إياها ( متفق عليه) أخرجه البخاري في مواضع من الصلاة من «صحيحه» ومسلم في صلاة الجماعة ( وهذا لفظ البخاري) ولفظ مسلم نحوه.


رقم الحديث 1066 ( وعنه قال: أتى النبيّ رجل أعمى) قال المصنف: وتبعه السيوطي في «الديباج» هو ابن أم مكتوم كما في «سنن أبي داود» وغيره، ونازعه في ذلك ابن حجر في «فتح الإله» فقال فيه لاختلاف سياق الحديثين كما يعلم من هذه وروايته الآتية بعد، قال: إلا أن تكون الواقعة متعددة ( فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله أن يرخص له) في ترك الجماعة ( فيصلي) بالنصب عطفاً على ما قبله وبالرعف على الاستئناف ( في بيته فرخص له) من الرخصة وهي: تغير الحكم من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام سبب الحكم الأصلي كتغير الحكم هنا من الصعوبة وهي إلزامه الحضور إلى سهولة، وهي التخفيف عنه بسقوط ذلك لعذر وهو العمى مع قيام سبب الحكم الأصلي وهو طلب اجتماع المسلمين ( فلما ولى دعاه فقال له) أي بعد أن جاءه ( هل تسمع النداء) أي الأذان ( بالصلاة) وعدي بالياء لتضمنه معنى الإعلام وعدي بإلى في قوله تعالى: { وإذا ناديتم إلى الصلاة} ( المائدة: 58) لبيان غاية النداء ( قال نعم، قال فأجب) أي إن أردت كمال الفضيلة الأليق بك، ومعنى لا رخصة لك الوارد في حديث ابن أم مكتوم عند أبي داود: أي تلحقك بفضيلة من حضرها، والداعي إلى ذلك أنه رخص لعتبان حين شكا ضعف بصره أن يصلي في بيته، فأولنا حديث الباب بما ذكر جمعاً بين الأحاديث المتعين حيث أمكن.
قال في «فتح الإله» : وفيه نظر بالنسبة لما ذكر عن عتبان، لأن الأصل في قصته في الصحيح أنه إنما سأل الترخيص في صلاته في منزله عند وجود مانع من حضور مسجد قومه من حيلولة السيل بينه وبينه، ولا شك أن في مثله يرخص حتى في حديث الباب اهـ.
وفي الحديث تأكيد طلب الجماعة واحتمال خفيف التعب في حصوله.
وذلك أن الغالب على من قرب داره من المسجد أن يعرف مكابد الطريق لقصره فيقل لحاق الضرر به، ثم الترخيص يحتمل أنه كان باجتهاد أو وحي ورفعه الناسخ له كان كذلك ( روه مسلم) .


رقم الحديث 1067 ( وعن عبد الله) حكاه المصنف في «التهذيب» بصيغة التمريض وقال: ويقال عبد الله بن زائدة، ويقال عامر بن زائدة، وقدّم ما حكاه هنا ممرضاً له بقوله ( وقيل عمر بن قيس) بن زائدة، ويقال زياد بن الأصم، والأصم جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن بغيض بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي العامري ( المعروف بابن أم مكتوم المؤذن) أي للنبي ( رضي الله عنه) قال المصنف في «التهذيب» : الصحيح في اسمه عمرو كما ذكرنا أولاً، وقد ثبت في «صحيح مسلم» أن النبي سماه كذلك فقال لفاطمة بنت قيس في حديثها في طلاق زوجها: «اعتدى في بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم» ونقل عن ابن الأثير أن الأكثر على أن اسمه عمرو قاله مصعب بن الزبير، وأم مكتوم: بالمثناة بصيغة المفعول اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بمهملة فنون ساكنة فكاف فمثلثة مفتوحتين ثم هاء: ابن عامر ابن مخزوم وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين رضي الله عنهما، لأن أم خديجة فاطمة بنت زائدة بن الأصم.
هاجر ابن أم مكتوم إلى المدينة قبل مقدم النبي وبعده مصعب بن عمير، واستخلفه النبي ثلاث عشرة مرة في غزواته على المدينة، وشهد فتح القادسية وقتل بها شهيداً وكان معه اللواء، هذا هو المشهور.
وذكر ابن قتيبة في «المعارف» أنه شهد القادسية ثم رجع إلى المدينة فمات بها، ونقل ابن الأثير هذا عن الواقدي، وهو الأعمى الذي ذكره الله تعالى في قوله: { عبس وتولى أن جاءه الأعمى} ( عبس: 1، 2) وفضله مشهور، روي له عن رسول الله على ما قال ابن الجوزي ثلاثة أحاديث، قال: وقال البرقاني له حديثان ( أنه قال: يا رسول الله إن المدينة) علم بالغلبة على طيبة دار الهجرة ( كثيرة الهوام) بتشديد الميم جمع هامة كذلك هي خشاش الأرض ومنها المؤذيات كالأفعى والعقرب ( والسباع) بكسر المهملة وتخفيف الموحدة آخر عين مهملة جمع سبع بفتح فضم أو سكون معروف، وقال في «المصباح» إسكان الباء هي اللغة الفاشية عند العامة، ولذا قال الصغاني السبع والسبع لغتان، وقرىء بالإسكان في قوله تعالى: { وما أكل السبع} ( المائدة: 3) وهو مروي عن الحسن البصري وطلحة بن سليمان وأبي حيوة، ورواه بعضهم عن ابن كثير أحد القراء السبعة، وبجمع المضموم على سباع كرجل ورجال لا جمع له على هذه اللغة غير ذلك، ويجمع على لغة السكون علىأسبع كفلس وأفلس، وهذا كما خفف ضبع وجمع على أضبع، وقال ابن السكيت: الأصل الضم لكن أسكن تخفيفاً.
ويقع السبع على كل ماله ناب يعدو به ويفترس كالذئب لا الثعلب، فإنه وإن كان ذا ناب إلا أنه لا يعدو به ولا يفترس، وكذا الضبع قاله الأزهري اهـ.
ومراد ابن أم مكتوم مما ذكره الترخيص له في ترك حضور الجماعة كما جاء عنه مصرحاً في رواية، ففي «المشكاة» بزيادة «وأنا ضرير البصر فهل تجد لي من رخصة أن أصلي في بيتي» ( فقال رسول الله: تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح) أي تسمع الأذان الذي فيه ما ذكر، وخصا بالذكر لأنهما الداعيان إلى الحضور ( فحيهلا) عطف على جواب ابن أم مكتوم المقدر: أي قال نعم المصرح به في رواية «المشكاة» وزاد «ولم يرخص له» وحى هلاً بالتنوين هنا وفيه لغات تقدم بيانها ( رواه أبو داود) قال في «المشكاة» بعد أن أورده بما ذكرناه عنه: ورواه النسائي ( بإسناد حسن) ورواه الترمذي في الصلاة عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء عن أبيه عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم ( ومعنى حيهلاً: تعال) .


رقم الحديث 1068 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال) وأقسم مؤكداً للمخبر عنه بقوله ( والذي نفسي بيده) أي بقدرته ( لقد هممت) أي قصدت ( أن آمر بحطب فيحتطب) بالبناء للمجهول: أي يجمع، وفي الصيغة إيماء إلى كلفة معاناة ذلك ( ثم آمر بالصلاة فيؤذن) بالبناء للمفعول: أي يعلم ( بها) أي بالإقامة المشروعة لها ( ثم آمر رجلاً فيؤم الناس) لاشتغاله عن الإمامة بما دل عليه قوله ( ثم أخالف) صيغة المفاعلة للمبالغة أذهب ( إلى) بيوت ( رجال) قال البرماوي: أي أخالف المشتغلين بالصلاة قاصداً إلى بيوت الذين لميخرجوا إليها، قال الجوهري: هو يخالف إلى أمرأة فلان: أي يأتيها إذا غاب عنها.
وفي «الكشاف» في قوله تعالى: { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} ( هود: 88) تقول خالفني إلى كذا إذا قصده وأنت مولّ عنه ( فأحرق) من التحريق والتفعيل لما ذكر فيما قبله ( عليهم بيوتهم) هذا الحديث ظاهره مقوَ لمن قال بفريضة الجماعة عيناً.
وأجاب عنه من قال إنها فرض كفاية بأنه ورد في قوم منافقين لا يشهدون الجماعة ولا يصلون العشاء فرادى والسياق يؤيده، فإنه افتتح الحديث في رواية أخرى بقوله «إن أثقل الى المنافقين صلاة العشاء والفجر» ومما يصرح به قوله في حديث ابن مسعود الآتي «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق» وكيف يظن بأدنى الصحابة رضي الله عنهم أنه يؤثر أدنى غرض دنيوي على الصلاة مع رسول الله أو أن همة بتحريقهم لاستهانتهم بصلاة الجماعة لا لمجرد الترك، أو أن المراد بها الجمعة أو أناس تركوا نفس الصلاة لا الجماعة، وجواز التحريق اللام لهمه به كان قبل تحريم المثلة، وقوله «لا يعذب بالنار إلا خالقها» وتركه إما لكونه هم به اجتهاداً ثم نزل وحي بالمنع أو تغير اجتهاده ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1069 ( وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من سرّه أن يلقى الله غداً) أي يوم القيامة أو في الزمن المستقبل ( مسلماً) حال من فاعل يلقى ( فليحافظ على هؤلاء الصلوات) أي يبالغ في حفظها مراعياً لأركانها وواجباتها وسننها وآدابها ( حيث ينادى بهن) أي في المكان الذي يعلم بهن للاجتماع لصلاتهن من نحو المساجد ( فإن الله شرع) أي أظهر وسن ( لنبيكم) عبر به دون نحولي إيماء إلى اتباعه في المشروع لأنه الأصل ما لم يقم دليل الخصوصية ( سنن) بضم ففتح جمع سنة: أي طرائق ( الهدى) ضد الضلال ( وإنهن) أي الصلوات ( من سنن الهدى) أي بعضها أو مبتدؤها ( ولو أنكم صليتم في بيوتكم) أي المكتوبة منفردين أو جماعة على وجه لا يظهر به الشعار ( كما يصلي هذا المتخلف في بيته) فيه أقصى غاية من تحقيره وتبعيده عن مواطن القرب ولم أقف على من سماه ( لتركتم سنة نبيكم) أي طريقه وهديه الذي أمر به من إظهار شعار الجماعة ( ولو تركتم سنة نبيكم) ( لضللتم) أي لوقعتم في الضلال ضد الهدى ( ولقد رأيتنا) الواو فيه عاطفة على ما يتصيد مما قبله واللام مؤذنة بالقسم قبلها ورأى بصرية، وجملة ( وما يتخلف عنها) أي عن الجماعة المدلول عليها بالسياق ( إلا منافق معلوم النفاق) محل الحال في من فاعل رأى أو مفعوله، وجملة ( ولقد كان الرجل يؤتى به) بالبناء للمجهول والظرف نائب فاعله مستأنفة ( يهادى) بالدال المهملة مبنياً للمفعول: أي يتمايل ( بين الرجلين) هما المعتمد عليهما ( حتى يقام في الصف) غاية المهاداة ( رواه مسلم) وفيه آكد حث وأبلغ داع على المحافظة على الصلوات في الجماعات وتحمل المشاق في تحصيلها ما أمكن ( وفي رواية له) أي لمسلم ( قال) أي ابن مسعود ( إن رسول الله علمنا سنن) بفتح أوليه وبضم ففتح ( الهدى) أي طريق الصواب والكمال وحثنا على الاعتناء بتحصيل الفضائل ما أمكن ( الصلاة) أي جماعة كما يدل عليه السياق، وهو بالنصب بدل من سنن، وبالرفع مبتدأ محذوف الخبر: أي منها الصلاة جماعة ( في المسجد الذي يؤذن فيه) أي الذي يحصل بإقامة الجماعة فيه شعارها، خرج به مسجد البيوت ونحوه مما لا يحصل به ذلك..

رقم الحديث 1070 ( وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ما من) مزيدة لتأكيد استغراق النفي ( ثلاثة) مقيمين ( في قرية) قال في «المصباح» : القرية الضيعة.
وفي كفايةالمتحفظ: القرية كل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قراراً ويقع على المدن وغيرها ( ولا بدو) بوزن فلس خلاف الحضر ( لا تقام فيهم الصلاة) أي جماعة ( إلا قد استحوذ) أي غلب ( عليهم الشيطان) حتى فوّتهم هذا الثواب الجزيل والأجر الجميل ( فعليكم بالجماعة) أي الزموها، والباء مزيدة في المفعول وعلل ذلك بقوله مستأنفاً بيانياً ( فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) أي الشاة البعيدة عن باقي الغنم المنفردة عنهن، شبه استيلاء الشيطان بوساوسه على المنفرد وتمكنه منه كيفما أراد عند بعده عن الجماعة باستيلاء الذئب على المنفردة من الغنم عند بعدها عن جماعتهنّ، ففي الكلام استعارة مكنية تتبعها استعارة تخييلية ( رواه أبو داود) في الصلاة من «سننه» ( بإسناد حسن) فرواه عن أحمد بن يونس عن زائدة عن السائب بن خنيس عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء، ورواه النسائي أيضاً في الصلاة عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك عن زائدة نحوه، قاله المزي في «الأطراف» .
192

رقم الحديث -189 واختلف فيها هل هي فرض أو سنة؟ وعلى الأول هل هي فرض عين أو كفاية؟ خلاف بين الأئمة.
والصحيح في مذهب الشافعي أنها في غير الجمعة فرض كفاية على الأحرار الذكور المقيمين غير أولي العذر، أما في الجمعة ففرض عين لأنها شرط لصحتها في الركعة الأولى، وأقلها في غير الجمعة إمام ومأموم.