فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب تخفيف ركعتي الفجر وبيان مَا يقرأ فيهما، وبيان وقتهما

رقم الحديث -195 أي قراءة وأركاناً بأن يقتصر من الوارد فيهما على المجزىء في كل منهما مسارعة لأداء الفرض ( وبيان ما يقرأ فيهما، وبيان وقتهما) إعادة بيان لمزيد البيان.


رقم الحديث 1104 ( عن عائشة رضي الله عنها أن النبي كان يصلي ركعتين، خفيفتين) أي وذلك بتخفيفه أركانهما باقتصار على المجزىء منها، وهذا بيان مستند الأول، من الترجمة ( بين النداء) أي الأذان ( والإقامة من) سببية ( صلاة الصبح) أي بسببها أو ابتدائية وهذا بيان لوقتها ( متفق عليه.
وفي رواية لهما)
أي الشيخين من حديث عائشة بلفظ ( يصلي ركعتي الفجر) أي السنة بدليل قوله ( فيخففهما) لأنه كان شأنه إطالة ركعتي فرضه ( حتى أقول) وفي البخاري ومسلم «حتى إني أقول» أي من شدة تخفيفهما ( هل قرأ فيهما بأم القرآن) أي حتى أتردد في إتيانه بالفاتحة وليست شاكة في قراءته لها، بل إنه لما بالغ في تخفيفها جداً وعادته تطويل النفل جعلته مبالغة كأنه لم يقرأ، وسميت أمّ القرآن لاشتمالها على معاني القرآن: المبدأ: وهو الثناء على الله تعالى، والمعاش، وهو العبادة، والمعاد: وهو الجزاء ( وفي رواية لمسلم) أي أنفرد بها عن البخاري من حديثها أيضاً ( كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان) أي انفرد بها عن البخاري من حديثها أيضاً ( كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان) أي بعد تمامه لأنه حال الأذان مشغول بإجابته ( ويخففهما) مسارعة لأداء الفرض الذي كان يطيل قراءته فيه ( وفي رواية) أي عنها ( إذا طلع الفجر) أي بدل قوله إذا سمع الأذان والمآل واحد لأن وقت الأذان وقت طلوعه فأفادت هذه الرواية مبادرته بهما وإسراعه لأدائهما اعتناء بشأنهما.


رقم الحديث 1105 ( وعن حفصة رضي الله عنها أن رسول الله: كان إذا أذن المؤذن للصبح وبدأ الصبح) جملة حالية بتقدير قد، وهي لدفع توهم فعلهما عقب الأذان الأول المشروع قبل دخول وقته، والمراد من الصبح الفجر الصادق وهو الذي يطلع معترضاً في الأفق ( صلى ركعتين خفيفتين، متفق عليه) .
( وفي رواية لمسلم) أي من حديثهما ( كان رسول الله إذا طلع الفجر) أي تحقق طلوع الفجر الصادق ( لا يصلى) من النوافل ( إلا ركعتين خفيفتين) وذلك ليتسع الوقت للفريضة.


رقم الحديث 1106 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي يصلي من الليل) أي فيه أو يتهجد بعضه، وفيه إيماء إلى أنه لم يقم طول الليل، وأن السنة نوم بعضه أداء لحق البدن والنفس وقيام بعضه أداء لحق الله تعالى ( مثنى مثنى) بلا تنوين وتكريره للتأكيد ومنع صرفه للعدل والوصف.
قال في «الكشاف» : لتكرر العدل أي ركعتين ركعتين ومن ثم كان الأفضل في صلاة الليل فعلها كذلك ( ويوتر بركعة) في آخر جزء ( من آخر الليل) فيه أن أقل الوتر ركعة وأنها مفصولة عما قبلها بالتسليم وبه قال الأئمة الثلاثة خلافاً لأبي حنيفة ( ويصلي الركعتين) أي سنة الفجر ( قبل صلاة الغداة) أي الصبح، ففيه أنها سنة قبلية ( وكأن) بالهمز وتشديد النون ( الأذان بأذنيه) أي لقرب صلاته من الأذان قال في «فتح الباري» : والمراد بهاهنا الإقامة.
والمعنى أنه كان يسرع ركعتي الفجر إسراع من يسمع إقامة الصلاة خشية فوات أول الوقت ( متفق عليه) أخرجه البخاري في الوتر ومسلم في الصلاة، ورواه أيضاً فيها الترمذي.
وقال حسن صحيح، ورواه ابن ماجه مختصراً فقال «كان يصلي الركعتين قبل الغداة» كأن الأذان بإذنه وقال في موضع آخر منه «وكان يصلي من الليل مثنى مثنى ويوتر بركعة» .


رقم الحديث 1107 ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله كان يقرأ) وفي رواية أبي داود عن ابن عباس أيضاً «أنه كثيراً ما كان يقرأ» ( في ركعتي الفجر) وأبدل منهما بدل مفصل من مجمل على اعتبار سبق العطف على الإبدال وأعاد العامل فقال ( في الأولى منهما) أي الركعتين ( قولوا آمناً بالله وما أنزل إلينا الآية) بالنصب: أي أتم الآية وبالرفع: أي هي الآية ( التي في) سورة ( البقرة) واحترز بذلك عن الآية التي في سورة آل عمران وهي: { قل آمناً بالله وما أنزل إلينا} ( ) الآية ( وفي الآخرة منهما آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) كذا في نسخ «الرياض» مثل ما في «صحيح مسلم» ، والمراد كما قال ابن رسلان في «شرح سنن أبي داود» أنه يبدأ في الركعة الأولى بقوله «قولوا آمناً بالله» وفي الثانية بقوله «آمناً» ويختم فيهما بقوله «ونحن له مسلمون» كذا قال في شرح حديث أبي داود ولفظه كلفظ هذه الرواية، وما حمله عليه تصحيف العبارة لأن آخر آية { آمناً بالله} التي في آل عمران كآخر آية { آمنا بالله} التي في البقرة، وهو قوله { ونحن له مسلمون} وأما { واشهد بأنا مسلمون} فهو آخر آية أخرى في آل عمران هي قوله: { تعالوا إلى كلمة} ( آل عمران: 64) الآية الآتية في الرواية بعده، والذي يظهر لي أن مراده أنه كان يقرأ في الثانية منهما بقوله { آمنا بالله} الآية وبالآية الأخرى إلى آخرها { وأشهد بأنا مسلمون} ( آل عمران: 52) فذكر أول إحداهما وآخر الثانية،ويكون اقتصار الرواية الثانية الآتية على الآية الثانية إما نسياناف من الراوي أو غفلة من المخبر له، والله أعلم.
( وفي رواية) عن ابن عباس أيضاً ( وفي الآخرة التي في آل عمران: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) أي الآية بجملتها، فذكر في هذه الرواية أولها وفي الرواية الأولى آخرها ( رواهما مسلم) من طريقين عن ابن عباس وهما عند أبي داود أيضاً، وعنده أيضاً عن أبي هريرة «أنه سمع النبيّ يقرأ في الركعة الأولى: { قولوا آمناً بالله وما أنزل إلينا} الآية التي في البقرة وفي الآخرة { قل آمناً بالله وما أنزل إلينا} إلى آخر الآية كما صرح به ابن رسلان وبهذه الآية { ربنا آمناً بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} ( آل عمران: 53) أو { إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} ( البقرة: 119) .


رقم الحديث 1108 ( وعنْ أَبي هُريرةَ رَضِي اللَّه عَنْهُ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قرَأَ في رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ: { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [ الْكَافِرُونَ: 1] و { قُلْ هُوَ اللَّه أَحَدٌ} [ الإخلاص: 1] رواه مسلم.


رقم الحديث 1109 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رمقت النبي شهراً) قال في «المصباح» : رمقته بعيني من باب قتل أطلت النظر له اهـ والمراد به التفحص والتتبع ( يقرأ في الركعتينقبل) فرض ( الفجر: قل يا أيها الكافرون) أي في الأولى ( وقل هو الله أحد) أي في الثانية ( رواه الترمذي وقال حديث حسن) قال الأصحاب: فيسن الجمع بين ذلك كله بأن يأتي في الأولى بآية البقرة وبقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية بآية البقرة إنا أرسلناك وآي آل عمران وقل هو الله أحد، ولا ينافي ذلك تخفيفهما لأنه نسبي وهذا تخفيف بالنسبة إلى الصلاة المطولة، والله أعلم.
198