فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب الإيثار المواساة

رقم الحديث -63 بكسر الهمزة وسكون التحتية بعدها مثلثة مصدر آثر يؤثر ( والمواساة) مفاعلة من التواسي قال في «القاموس» : بماله مواساة: أناله منه وجعله أسوة ولا يكون ذلك إلا من كفاف، فإن كان من فضل فليس بمواساة الله - صلى الله عليه وسلم - هـ.
وقال في محل آخر منه: واساه مواساة أي بالواو بدل الهمزة لغة رديئة اهـ.
( قال الله تعالى) : ( { ويؤثرون} ) أي يقدمون يعني الأنصار والمهاجرين ( { على أنفسهم} ) فيما عندهم من الأموال ( ولو كان بهم خصاصة) أي حاجة إلى ما عندهم، ونزلت في قصة الأنصاري الآتية أوّل الحديث.
( وقال تعالى) : ( { ويطعمون الطعام على حبه} ) الأولى أن يكون الضمير للطعام ليكون موافقاً لقوله تعالى: { لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون} ( آل عمران: 92) ولأن فيما بعده وهو لوجه الله غنية عن أن يكون التقدير على حب الله ( مسكيناً ويتيماً وأسيراً) وإن كان من أهل الشرك أمر بإكرام الأسراء يوم بدر والمراد المسجونون من المسلمين { إنما نطعمكم لوجه ا} أي قائلين ذلك بلسان الحال أو المقال لتعريف الفقير أنها صدقة لا تطلب جزاء، وقوله لوجه الله: أي إطعاماً خالصاً غير مشوب { لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً} مصدر كالقعود والجملة حالية من فاعل نطعم { إنا نخاف من ربنا} جملة مستأنفة كالتعليل { يوماً} أي عذابه فهو مفعول به { عبوساً} شديد العبوس مجازاً: أي عبوساً فيه أهله أو كالأسد العبوس في الضرر والشدة { قمطريراً} شديد العبوس.
عن عكرمة وغيره يعبس الكافر حتى يسيل من عينيه عرق كالقطران.
وعن ابن عباس: العبوس الضيق، والقمطرير: الطويل { فوقاهم الله شرّ ذلك اليوم ولقاهم نضرة} بدل عبوس الكفار { وسروراً} بدل حزنهم { وجزاهم بما صبروا} بدل صبرهم على ترك الشهوات وأداء الواجبات { جنة وحريراً} يلبسونه وهذا مراد الشيخ رحمه الله بقوله: ( الآيات) فإن فيها بيان مثوبة الإيثار والمساواة في الله سبحانه.


رقم الحديث 564 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل) قال الشيخ زكريا في «تحفة القاري» : هو أبو هريرة، وفي «تفسير ابن عطية» : إنه مهاجري ولم يسمعه فلعله هو ( إلى النبي فقال: إني مجهود أي أصابني الجهد وهو المشقة والحاجة وسوء العيش، والجوع فأرسل إلى بعض نسائه) يحتمل بدؤه بها لتجويزه وجود شيء عندها مما يسدّ حاجة الرجل أو لقرب منزلهما منه وتأخير الباقيات لبعد منزلهن بالنسبة إلى الأولى ( فقالت) أي المرسل إليها منهن ( والذي بعثك بالحق) أي محقاً أو ملتبساً به ( ما عندي إلا ماء) ومرادهاما عندي من جنس ما يطعم شيء من الأشياء إلا الماء بقرينة السياق، فالاستثناء مفرغ من أعم الأشياء ( ثم أرسل إلى أخرى) أي منهن ( فقالت مثل ذلك) هذا من باب الرواية بالمعنى والمشار إليه قول السابقة والذي بعثك الخ: أي فقالت الثانية ذلك المقال وهكذا ( حتى قلن كلهن) توكيد للضمير قبله لا فاعل للفعل قبله إلا على لغة أكلوني البراغيث ( مثل ذلك) هو من باب الرواية بالمعنى ولذا فسره ببيان قول كل واحدة ( لا) نافية لجملة بعدها: أي لا أحد له ما طلبت، وقولها: ( والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء) جملة قسمية لتأكيد الأمر وأن ليس عندها ما يطعمه ذلك الضيف سوى المال ( فقال من يضيف) بضم أوله ( هذا) أي الرجل المجهود ( الليلة) بالنصب على الظرفية ( فقال رجل من الأنصار) زاد مسلم: يقال له أبو طلحة، وقيل: هو ثابت بن قيس بن شماس، وقيل: عبد الله بن رواحة ذكره السيوطي في «التوشيح» ، وفي «تفسير ابن عطية» قال أبو هريرة في كتاب مكي: هذا الرجل هو أبو طلحة.
وقال المتوكل: هو ثابت بن قيس، وخلط المهدوي في ذكر هذا الرجل اهـ.
عزوه كونه أبا طلحة إلى ما ذكره من أنه في «صحيح مسلم» عجيب منه مع أنه من حفاظ الإسلام ( أنا) يحتمل أن يكون مبتدأ حذف خبره لدلالة وجوده في السؤال: أي أنا أضيفه، ويحتمل كونه فاعلاً لمحذوف: أي أضيف فحذف الفعل اكتفاء بدلالة وجوده في السؤال عليه وانفصل الضمير ( يا رسولالله، فانطلق به إلى رحله) بفتح الراء وسكون المهملة: أي منزله قال في «المصباح» رحل الشخص مأواه في الحضر ثم أطلق على أمتعة المسافر لأنها هناك مأواه ( فقال لامرأته) إن كان أبا طلحة فامرأته أم سليم ( أكرمي ضيف رسول الله) أي فإنه نزل عليه ولم يكن في بيونه ما يضيفه به، وفيه أن كرامة الضيف كرامة مضيفه ( وفي رواية) هي لمسلم ( قال) في مسلم: فقال بفاء عاطفة على فانطلق في قوله قبله فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسولالله، فانطلق به إلى رحله فقال: ( هل عندك شيء) وهذا في هذه الرواية عوض قوله في الرواية السابقة: أكرمي الخ، ولعله سألها أولاً بما في رواية مسلم فلما أخبرته بما عندها كما قال: ( قالت: لا) بعدها جملة مقدرة لدلالة ما قبلها عليها: أي لا شيء عندي وقولها: ( إلا قوت صبياني) استثناء من ذلك القدر قال لها:أكرمي الخ ( قال: فعلليهم بشيء) محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاحين للأكل وإنما تطلبه أنفسهم على عادة الصبيان من غير جوع يضر، إذ لو كانوا بتلك الحال بحيث يضرهم ترك الأكل لكان طعامهم واجباً مقدماً على الضيافة، وقد أثنى الله عليه وعلى امرأته فدل على أنهما لم يتركا واجباً بل أحسنا وأجملا، قاله المصنف.
l قلت: وحينئذ فيراد بقولها: «قوت صبياني» أي ما يعتادون الاقتيات به على عادتهم من الولع بالطعام من غير حاجة حافة إليه فيكون فيه مجاز ( وإذا أرادوا العشاء فنوميهم) وذلك لئلا يضيقوا الطعام على الضيف فلا يبلغ حاجته منه ( وإذا دخل ضيفنا) أي منزلنا ( فاطفئي السراج) ( وأريه أنا نأكل) أي أظهري له فهو كناية عن تداول أيديهما على الطعام وتحريك الفم والمضغ كفعل الآكل، وليس ذلك من باب الشبع بما ليس للإنسان بل هو من باب المروءة والإيثار للضيف ليأنس ويأخذ حاجته ( فقعدوا) أي الضيف وهما ( وأكل الضيف وباتا طاويين) أي خاليين بطنهما جائعين ولم يأكلا، والجملة محتملة للعطف والحالية ( فلما أصبح) أي دخل الصباح ( غداً) أي جاء صباحاً عارضاً نفسه ( على النبي فقال: لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة) قال القاضي عياض: المراد بالعجب من الله رضاه عن ذلك الشيء وقيل: مجازاته عليه بالثواب، وقيل: تعظيمه ذلك قال: وقد يكون المراد عجبت ملائكة الله وأضافه إليه سبحانه وتعالى تشريفاً ( متفق عليه) واللفظ من قوله وفي رواية الخ لمسلم وللبخاري بنحوه، أخرجه البخاري في فضائل الأنصار وفي التفسير، وأخرجه مسلم في أواخر الأطعمة ورواه الترمذي بنحوه في التفسير من «جامعه» وقال: حسن صحيح، ورواه النسائي في التفسير أيضاً من «سننه» .


رقم الحديث 565 ( وعنه قال: قال رسول الله: طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافيالأربعة) : قال المهلب: المراد بهذا الحديث وما بعده الحض على المكارم والتقنع بالكفاية: يعني وليس المراد الحصر في مقدار الكفاية، وإنما المراد المواساة وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما وإدخال رابع أيضاً بحسب من يحضر.
ووقع عند الطبراني ما يرشد إلى العلة في ذلك وأوله: «كلوا جميعاً ولا تفرقوا، فإن طعام الواحد يكفي الاثنين» الحديث، فيؤخذ منه أن الكفاية تنشأ عن بركة الاجتماع، وأن الجمع كلما زاد زادت البركة.
وقال ابن المنذر: يؤخذ من الحديث استحباب الاجتماع على الطعام وألا يأكل المرء وحده، وفيه أيضاً الإشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصل معها البركة فتعم الحاضرين، وفيه أيضاً أنه ينبغي للمرء ألا يستحقر ما عنده فيمتنع من تقديمه فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء بمعنى سدّ الرمق وإقامة البنية لا حقيقة الشبع اهـ ملخصاً.
وأما «أمالي» العز بن عبد السلام قوله: طعام الاثنين الخ هو خبر بمعنى الأمر: أي أطعموا طعام الاثنين بين الثلاثة، أو أنه التنبيه على أن طعامهما يقوت الثلاثة وأخبر بذلك ليذهب الجزع، قال: والأول أرجح لأن الثاني معلوم ( متفق عليه) ورواه الترمذي أيضاً من حديث أبي هريرة: ورواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي من حديث جابر مرفوعاً بلفظ: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية» كذا في «الجامع الصغير» .
( وفي رواية لمسلم) ورواها أيضاً أحمد والترمذي والنسائي ( عن جابر رضي الله عنه عن النبي قال: طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية) لا يقال: يؤخذ منه أن طعام الواحد يكفي الثمانية بإسقاط المكرر فينتج ما ذكر من الشكل، لفقد شرط إنتاجه من كلية الكبرى.


رقم الحديث 566 ( وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال؛ بينما نحن في سفر مع النبي) يجوز أن يكون الظرفان خبراً بعد خبر ويجوز أن يكون أحدهما خبراً والثاني حالاً ( إذ جاءرجل على راحلة) هي المركب من الإبل ذكراً كان أو أنثى، وبعضهم يقول: هي الناقة التي تصلح أن ترجل والظرف في محل الصفة للفاعل، وقوله: ( له) في محل الصفة للراحلة ( فجعل من) أفعال الشروع ( يصرف) أي يحول ( بصره يميناً وشمالاً) ينظر من يجود عليه بما يسد خلته ( فقال رسول الله: من كان معه فضل ظهر) أي مركوب فاضل عن حاجته فهو من إضافته الصفة للموصوف ( فليعد) أي يتصدق ( به على) المحتاج إليه ( من لا ظهر) أي مركوب ( له) كافياً لحاجته بذلاً لما فضل عن الحاجة في مرضاة الله فيبقى له بعد أن كان فانياً ( ومن كان معه فضل) أي فاضل عن حاجته ( من زاد) في «المصباح» : زاد المسافر هو الطعام المعد لسفره ( فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر) جمع صنف.
قال ابن فارس: هو فيما ذكر عن الخليل الطائفة من كل شيء وقال الجوهري: الصنف هو النوع والضرب بكسر الصاد وفتحها لغة، حكاه ابن السكيت وجماعة وجمع المكسور أصناف كحمل وأحمال والمفتوح صنوف كفلس وفلوس، قاله في «المصباح» : أي ذكر أنواع المال وأمر ببذل الفاضل عن الحاجة من كل للمحتاج إليه من باب المواساة، وهذا الحديث كحديث: «إنك يا ابن آدم إن تبذل الفضل من مالك خير لك وإن تمسكه شر لك» وقد تقدم قريباً ( حتى) غاية لمقدر: أي أمر بالعود بما فضل عن الحاجة للمحتاج إلى أن ( رأينا) من الرأي أو بمعنى العلم ( أنه لا حقّ لأحد منا) أي معشر بني آدم، أو معشر الصحابة المخاطبين بذلك وحكم غيرهم من باقي الأمة حكمهم ( في فضل) أي في فاضل عن حاجته إلحاقه ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 567 ( وعن سهل بن سعد) الأنصاري الساعدي ( رضي الله عنه: أن امرأة) قال الحافظ في «الفتح» : لم أقف على اسمها ( جاءت إلى النبي ببردة) قال في «النهاية» : البرد نوع من الثياب معروف الجمع أبراد وبرود، والبردة: الشملة المخططة، وقيل: هي كساء أسود مربعفيه صفر تلبسه الأعراب وجمعها برد اهـ.
وقد روى البخاري في باب حسن الخلق والسخاء من كتاب الأدب من «صحيحه» تفسير البرد عن سهل ولفظه: «وقال سهل للقوم: أتدرون ما البرد؟ فقالوا: هي شملة، فقال سهل: شملة منسوجة فيها حاشيتها» اهـ.
وهذا أولى ما قيل فيه لأن بيان الراوي المشاهد للقصة ( منسوجة) صفة بردة ( فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبيّ) جبراً لخاطرها بتلقي هديتها بالقبول، ففيه استحباب المبادرة لأخذ الهدية لجبر خاطر مهديها وأنها وقعت منه موقعاً، وقوله: ( محتاجاً إليها) حال من الفاعل وكأنهم عرفوا ذلك بقرينة الحال أو بتصريح سابق منه بذلك، ومع ذلك فليس الباعث على أخذها الحاجة بل التشريع بما ذكرنا ( فخرج إلينا وإنها إزاره) بكسر الهمزة وجمعه أزر: وهو ما يلبس في أسفل البدن لستر العورة والجملة حال من ضمير خرج ( فقال: فلان) هو كما أفاد المحب الطبري في الأحكام له: عبد الرحمن بن عوف وعزاه للطبراني فقال الحافظ: لم أره في «المعجم الكبير» لا في «مسند سهل» ولا في «مسند ابن عوف» ، ونقل ابن النحوي عن المحبّ في «شرح العمدة» وكذا قال لنا شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي إنه وقف عليه لكن لم يستحضر مكانه، ووقع شيخنا ابن النحوي في «شرح التنبيه» أنه سهل بن سعد وهو غلط كأنه تلبس عليه الراوي، نعم أخرج الطبراني الحديث المذكور من طريق قتيبة بن سعيد عن سهل بن سعد وقال في آخره: قال قتيبة هو سعد بن أبي وقاص اهـ.
وقد أخرجه البخاري في اللباس والنسائي في الزينة عن قتيبة ولما يذكرا عنه ذلك، وجاء من طريق زمعة بن صالح أن السائل المذكور كان أعرابياً، قال الحافظ: فلو لم يكن زمعة ضعيفاً لانتفى أن يكون هو عبد الرحمن أو سعد، ويقال: تعددت القصة ( اكسينها ما أحسنها) بنصب النون وما تعجبية ( فقال: نعم) هذا وعد بأن يكسوه ( فجلس النبي في المجلس) الذي وقع فيه السؤال ( ثم رجع) إلى منزله ( فطواها ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم) ووقع في نفسير المعاتب له من الصحابة أنه سهل الراوي، قال سهل: فقلت للرجل: لم سألته وقد رأيت حاجته إليه؟ قال: رأيت ما رأيتم، ولكني أردت أن أخبأها حتى أكفن فيها ( ما أحسنت) ما نفاية ( لبسها النبي محتاجاً إليها) جملة استئنافية تعليل لنفي الإحسان عنه ( ثم سألته وعلمت) جملة حالية بتقدير قد: أي وقد علمت ( أنه لا يرد) قال في «الفتح» في كتاب الجنائز: كذا وقع هنا بحذفالمفعول، وثبت في رواية ابن ماجه بلفظ: لا يرد سائلاً ونحوه، وفي رواية يعقوب في البيوع وفي رواية ابن غسان في الأدب: لا يسأل شيئاً فيمنعه اهـ ويستفاد منه أن ( سائلاً) الذي أورده المصنف هنا إنما هو لابن ماجه، ولعله من تغيير الكتاب أو أنه التبس على المصنف لورود معناه به عند البخاري في البيوع فتوهمه فرواه والله أعلم ( فقال: إني وا ما سألته لألبسها إنما سألته لتكون كفني) في رواية أبي داود.
فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي» ( قال سهل: فكانت كفنه.
رواه البخاري)
في الجنائز من «صحيحه» بهذا اللفظ، ورواه ابن ماجه في اللباس من «سننه» .
وفي الحديث التبرّك بآثار الصالحين، وجواز إعداد الشيء قبل الحاجة إليه، لكن لا يندب عند الشافعية إعداد الكفن لنفسه لئلا يحاسب على ادخاره كما يحاسب على اكتسابه، إلا أن يقطع بحله أو يكون من أثر ذي صلاح، وفيه حسن خلق النبي وسعة جوده وقبول الهدية.


رقم الحديث 568 ( وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الأشعريين) نسبة للأشعر، وهو ثبت بن أدد بن يشجب بن يعرب بن قحطان ( إذا أرملوا) أي في أزوادهم، وأصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل من القلة كما في { ذا متربة} ( في الغزو) أي الخروج لقتال العدو ( أو) يحتمل أن تكون للشك من الراوي أقال ما تقدم أو قال إذ ( قل طعامهم في المدينة) أي محل إقامتهم، ويحتمل أن تكون للتنويع، أي إنهم يفعلون ذلك في السفر والحضر، ولفظ البخاري: «أو قل طعام عيالهم» ( جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية) على قدر الحاجة ( فهم مني) قريبون خلقاً وهدياً ( وأنا منهم) قال المصنف هذا معناه المبالغة في اتحاد طريقتهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى.
وقال الحافظ في «الفتح» : معناه هم متصلون بي وتسمى «من» هذه الاتصالية قال الشيخ زكريا، ومثله: «لا أنا من الدّد ولا الدّد مني» وقيل: المراد فعلهم فعلي ( متفق عليه) أخرجه البخاري في الشركة ومسلم في الفضائل، ورواه النسائي في السير.
قالالمصنف: في الحديث فضيلة الأشعريين وفضيلة الإيثار والمواساة وفضيلة خلط الأزواد في السفر وفضيلة جمعها في شيء عند قلتها ثم قسمها، وليس المراد من القسمة هنا المعروفة في كتب الفقه بشروطها ومنعها في الربويات واشتراط المساواة وغيرها، بل المراد إباحة بعضهم بعضاً ومواساتهم بالموجود ( أرملوا: فرغ زادهم) هو ما اقتصر عليه في «شرح مسلم» ( أو قارب الفراغ) وكأن الأول بيان موضوع اللفظ لغة.
والثاني بيان المراد هنا لأن القسمة إنما تكون في الموجود لا في الذاهب رأساً، والله أعلم.
63