فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إِلَى الله تَعَالَى والتحذير من الغفلة عن ذلك.

رقم الحديث -5001 باب ندب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم أي محل نزول العذاب عليهم: أي طلب الخوف قلباً وظهور آثاره على ظاهر البدن بالبكاء والخضوع ونحوه كما قاله المصنف ( وإظهار الافتقار) أي المبالغة في الفقر ( إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك) أي التحذير من الغفلة عما ذكر.


رقم الحديث 955 ( عن ابن عمر أن رسول الله قال لأصحابه لما وصلوا الحجر) بكسر المهملة وسكون الجيم، وعطف عليها عطف بيان قوله ( ديار ثمود) قوم صالح وهي فيما بين المدينة والشام، وكان ذلك لما توجهوا معه إلى غزوة تبوك في السنة العاشرة من الهجرة( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين) بفتح العين والذال المعجمة: أي على منازلهم أو عليهم في قبورهم ( إلا أن تكونوا باكين) استثناء من أعم الأحوال: أي لا تدخلوا على أي حال إلا حال بكائكم، وليس المراد الاقتصار عليه حال الدخول بل استمرار ذلك مطلوب عند كل جزء من أجزاء الدخول والمرور بهم، رجاء أنه لم ينزل فيه البتة» ( فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم) لأنها مواقع سخط ومنازل بلاء ( لا يصيبكم) بالرفع على أن لا نافية: أي لئلا يصيبكم ( ما أصابهم) أي مثل ما أصابهم من العذاب.
ويجوز الجزم على أنها ناهية وهو نهي بمعنى الخبر، وللبخاري في أبواب الأنبياء «أن يصيبكم» قلت: وهو كذلك في تفسير سورة الحجر منه: أي خشية أن يصيبكم، كذا قدر البصريون مثله، وقدره الكوفيون لئلا يصيبكم فحذف الجار، ووجه هذه الخشية أن البكاء في الأول أرجح لما يأتي ببعثه التفكر والاعتبار، فكأنه أمرهم بالتفكير في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه، وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك، فمن مرّ عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتباراً بحالهم فقد شابههم في الإهمال ودلّ على قساوة قلبه وعدم خشوعه فلا يأمن أن يجرّه ذلك إلى العمل بمثل عملهم فيصيبه ما أصابهم، ولهذا يندفع اعتراض من قال: كيف يصيب عذاب الظالم من ليس بظالم؟ لأنه بهذا التقدير لا يأمن أن يصير ظالماً فيعذب بظلمه اهـ.
ملخصاً من «فتح الباري» ( متفق عليه) .
( وفي رواية) للبخاري في أبواب الأنبياء، ورواه النسائي أيضاً في التفسير من «سننه» ( قال) أي ابن عمر ( لما مرّ رسول الله بالحجر) في غزوة تبوك ( قال) أي لأصحابه ( لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم) أي بالكفر بالله وتكذيب رسل الله بتكذيب صالح عليه السلام، إذ من كذب رسولاً بمنزلة من كذبهم لاتفاق دعوتهم واتحاد منهجهم، ولا يضرّ اختلاف فروع شرائعهم فيما ذكر ( أن يصيبكم ما أصابهم) أي خشية أن يصيبكم: أي خشية إصابة ما أصابهم، وهذا تقدير البصريين، وخرّج الكوفيون مثله كما مر آنفاً على أن حرف النفي محذوف بين أن ومنصوبها.
وتعقب بأن «لا» لا تضمر، إذ لا يجوز حذف النفي ولكن يراد للتأكيد، وحذف المضاف كثيروبهذا رجح طريق البصريين ( إلا أن تكونوا باكين) استثناء من أعم الأحوال كما تقدم: أي لا تدخلوها إلا حال الاعتبار الباعث على البكاء ( ثم قنع رأسه) أي ألقي عليه القناع ( وأسرع السير) واستمر كذلك ( حتى أجاز) أي إلى أن قطع وخلف ( الوادي) ففيه النهي عن دخول مواضع العذاب لا على وجه الاعتبار، وطلب الإسراع لداخلها، وفي «المصباح» : الوادي كل منفرج بين آكام أو جبال يكون منفذاً للسيل جمعه أودية.
- كتاب آداب السفر بفتح أوليه: هو قطع المسافة اسم مصدر سافر، يقال ذلك إذا خرج للارتحال أو لقصد مسافة فوق مسافة العدوى، لأن أهل العرف لا يسمون مسافة المدوى سفراً، قاله في «المصباح» وسمي سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، وفي «المصباح» أيضاً: قال بعض المصنفين: أصل السفر يوم كأنه أخذه من قوله تعالى: { ربنا باعد بين أسفارنا} ( سبأ: 19) فإن في التفسير كان أقل سفرهم يوماً يقيلون في موضع ويبيتون في آخر ولا يتزوّدون لهذا، وجمع السفر أسفار.
166