فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن

رقم الحديث 1540 (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجدون الناس معادن) أي: ذوي أصول ينسبون إليها ويتفاخرون بها (خيارهم) أي: أشرفهم (في الجاهلية) ما قبل الإِسلام (خيارهم) أي: أشرفهم في (الإِسلام إذا فقهوا) قال المصنف كما تقدم في باب التقوى، بضم القاف على المشهور، وحكي كسرها أي: علموا الأحكام الشرعية.
(وتجدون خيار الناس في هذا الشأن) أي: الخلافة والإِمارة (أشدهم) متعلق بقوله كراهية (وقدم عليه مع أنه مصدر، ومعموله لا يكون إلا مؤخراً: لكونه ظرفاً، وهو يتوسع فيه ما يتوسع في غيره، وكراهية بتخفيف التحتية مصدر، أي: خير الناس في تعاطي الأحكام، من لم يكن حريصاً على الإِمارة، فإذا ولي شدد ووقف، بخلاف الحريص عليها، كما تقدم في باب كراهة الحرص على الإِمارة (وتجدون شر الناس) مفعول ثان، قدم اهتماماً به (ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء) أي: قوماً (بوجه) فيوهمهم أنه منهم لا من أضدادهم (و) يأتي (هؤلاء) أي: الأضداد (بوجه) أي: غير ما لقي به الأولين، كما يؤذن به التنكير.
قال المصنف: المراد من يأتي كل طائفة ويظهر لهم أنه منهم، ومخالف للآخرين: متبغض، فإن أتى كل طائفة بالإِصلاح فمحمود (متفق عليه) .


رقم الحديث 1541 ( وعن محمد بن زيد) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، المدني الحافظ ثقة من أوساط التابعين ( أن ناساً قالوا لجده عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إنا ندخل على سلاطيننا) أي: ذوي السلطنة والولاية علينا، أعم من أن يكون خليفة ومن دونه، والمراد الجنس بدليل قوله ( فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم) أي: بأن نثني عليهم بحضورهم، ونذمهم إذا خرجنا ( قال كنا نعد هذا نفاقاً) أي: من نفاق العمل، أو من أعمال المنافقين، إذ الصدق في الحضرة والغيبة، شأن المؤمنين الصادقين ( على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: زمنه ( رواه البخاري) "فائدة" ذكرها الشيخ تاج الدين السبكي في الطبقات الكبرى، قال: مصطلح الدول أن السلطان من ملك إقليمين فأكثر، فإن لم يملك إلا إقليماً واحداً سمي بالملك، وإذا اقتصر على مدينة واحدة لم يسم بالملك ولا بالسلطان.
بل بأمير البلد، وصاحبها، ومن شرط السلطان، ألا يكون فوق يده يد، وكذا الملك اهـ.
وهذا اصطلاح حادث فلا ينافي ما تقدم قبله.
باب تحريم الكذب بفتح فكسر هو الإِخبار عن الشيء، بخلاف ما هو عليه، ويأثم المخبر إذا علم بذلك، ثم إن علم الضرر فيه، كأن من الكبائر، وإلا فمن الصغائر، وإن كانت فيه مصلحة تقاوم ذلك الضرر، صار مندوباً تارة، وواجباً أخرى.
كما سيأتي في باب بيان ما يجوز منه قال الله تعالى: ( ولا تقف ما ليس لك به علم) .
وقال تعالى: ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) تقدم ما يتعلق بهما قريباً.


رقم الحديث -257 باب ذم ذي الوجهين ( قال الله تعالى: يستخفون من الناس) أي: يستترون منهم حال سرقتهم، ومثلها في ذم من يكون كذلك سائر المخالفات ( ولا يستخفون من الله) وهو أحق أن يستحيا منه ( وهو معهم) لا يخفي عليه شيء، وطريق إخفاء شيء عنه عدم فعله.
كذا في جامع البيان ( إذ يبيتون) يدبرون، وأصله أن يكون بالليل ( ما لا يرضى) الله ( من القول) كرمي البريء، وشهادة الزور، والقذف ( وكان الله بما يعملون محيطاً) فيجازيهم عليه ( الآيتين) يعني قوله ( هأنتم هؤلاء) مبتدأ وخبر ( جادلتم) خاصمتم ( عنهم) وهي جملة مبينة لوقوع هؤلاء خبراً، وصلة عند من يقول أنه موصول ( في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم) إذا أخذهم بعذابه ( يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً) فيروج دعواهم ( ومن يعمل سوءاً) يسوء به غيره أو صغيرة أو باعثاً دون الشرك ( أو يظلم نفسه) مما لا يتعداه ( ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً) فيه فرض التوبة.