فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب ذكر الموت وقصر الأمل

رقم الحديث -65 الأكثر أنه أمر وجودىّ.
وهو عرض مضادّ الحياة، وقيل عدمي أي عدم الحياة عما من شأنه، وفسر هذا قوله تعالى: { خلق الموت} ( الملك: 2) بقوله أي قدرّه ( وقصر) بكسر ففتح ( الأمل) بفتحتين.
قال السيوطي في «التوشيح» : هو رجاء ما تحبه النفس، قال ابن الجوزى: وهو مذموم للناس لا للعلماء فلولا أملهم لما ألفوا ولا صنفوا ( قال الله تعالى) : ( { كل نفس ذائقة الموت} ) ألم مقدماته وحال سكراته، وهذا وعد ووعيد للمصدّق والمكذب ( { وإنما توفون أجوركم} ) تعطون جزاء أعمالكم خيراً كان أو شراً تاماً وافياً ( { يوم القيامة} ) إذ هو يوم الجزاء للعمال على ما لهم في الدنيا من الأعمال ( { فمن زحزح} ) أي نحى وأبعد ( { عن النار وأدخل الجنة} ) هو كالتصريح بالملزوم، إذ يلزم الإبعاد عن النار إدخال الجنة إذ لا واسطة بينهما عند أكثر أهل الحق ( { فقد فاز} ) من الفوز، وهو الظفر بالمراد والمرام ( { وما الحياة الدنيا} ) أى زخارفها ( { إلا متاع الغرور} ) أى كمتاع يدلس به على المستام فيغر ويشتريه، فمن اغترّ بها وآثرها فهو مغرور ( وقال تعالى) في الآية التي فيها ما جاء في الحديث: إنها من مفاتيح الغيب ( { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا} ) أي أيّ شىء خير أو شرّ ( { تكسب غدا} ) والجملة عطف على جملة: إن الله أثبت اختصاصه به تعالى على سبيل الكفاية على الوجه الأبلغ ( { وما تدري نفس بأيّ أرض تموت} ) وإذا كان هذا شأنها فيما هو أخص الأشياء بها فكيف هي بمعرفة ما عداهما.
( وقال تعالى) : ( { فإذا جاء أجلهم} ) أي وقت انقضاء عمرهم ( { لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ) أي لا يستمهلون لحظة.
( وقال تعالى) : ( { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} ) الصلوات الخمس وسائر العبادات، والمراد نهيهم عن اللهو بها ( { ومن يفعل ذلك} ) أي الشغل عن ذكر الله بالمال والولد ( { فأولئك هم الخاسرون} ) حيث آثروا العاجل على الآجل والفاني على الباقي ( { وأنفقوا مما رزقناكم} ) المراد كما قال جمهور المتأولين: الزكاة، وقيل: هو عام في كل مفروض ومندوب ( { من قبل أن يأتي أحدكم الموت} ) أي علامته وأوائل أمره ( { فيقول ربّ لولا أخرتني} ) أي أمهلتني وهو طلب الكرّة والإمهال ( { إلى أجل قريب} ) أي زمن يسير آخر، قال ابن عطية: سماه قريبا لأنه آت أو لأنه إنما تمناه ليقضي فيه العمل الصالح فقط، وليس يتسع الأمل حينئذ لطلب العيش ونضرته ( فأصدّق) أي أتصدق وهو منصوب في جواب الطلب ( { وأكن من الصالحين} ) بالتدارك، وكل مفرّط يندم عند الاحتضار ويسأل الإمهال للتدارك، وقرأ الجمهور أكن بالجزم.
قال الزمخشري: عطف على محل فأصدق، كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن، هذا مذهب أبي علي الفارسي.
وأما ما حكاه سيبويه عن الخليل، فهو غير هذا، وهو أنه جزم أكن على توهم الشرط الذي يدل على التمني، ولا موضع هنا لأنه الشرط ليس بظاهر، وإنما يعطف على الموضع حيث يظهر الشرط كقوله: «من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم» فيمن جزم ويذر عطف على موضع «فلا هادي له» لأنه لو وقع هنالك فعل كان مجزوماً.
والفرق بين العطف على الموضع والعطف على التوهم مفقود وأثره موجود دون مؤثره اهـ ( { ولن يؤخر الله إذا نفساً إذا جاء أجلها} ) حض على المبادرة والمسابقة للأجل بالعمل الصالح ( { والله خبير بما تعلمون} ) قرىء بالفوقية وعد وبالتحتية وعيد: أي فهو مجازيكم على صالح عملكم ومجازيكم على سيئها.
( وقال تعالى) ( { حتى} ) متعلق بيصفون المذكور قبله في قوله { وسبحان الله عما يصفون} وما بينهما اعتراض لتأكيد الاعتناء بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: أي لا يزالون على سوء الذكر إلى أن جاء أحدهم.
وجوّز ابن عطية كونها غاية لكلام محذوف، واقتصر عليه أبو حيان في «النهر» قال: والتقدير فلا أكون كالكفار الذين يهمزهم الشياطين ويحضرونهم ( { حتى إذا جاء أحدهم الموت} ) ورجح ابن عطية كونها ابتدائية ( { قال ربّ ارجعون} ) ردوني إلى الدنيا، والواو لتعظيم المخاطب.
وقيل: لتكرر قوله ارجعني، قال ابن عطية: أو استغاث بربه أوّلا ثم خاطب ملائكة العذاب بقوله أرجعون ( { لعلي أعمل صالحاً فيما تركت} ) أي في الذي تركته من الإيمان لعلي آتي به وأعمل فيه صالحاً، أو المال، أو الدنيا ( { كلا} ) ردع عن طلب الرجعة واستبعاد لها.
وفي النهر قيل: هي من قوله الله تعالى، وقيل من قول من عاين الموت، يقولها لنفسه تحسرا وتندما ( { إنها} ) أي رب أرجعون ألخ ( { كلمة} ) والكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض ( { هو قائلها} ) لا محالة لتسلط الحسرة عليه، وهذا محتمل كما قال ابن عطية للأخبار المؤكدة بوقوع هذا الشيء، أو بأن المعنى: إن هذه كلمة لا تغني من أكثر قولها ولا نفع له بها ولا غوث فيها، وإشارة إلى أنهم لو ردوا لعادوا كما كانوا، ففيه ذمهم، قال الصفوي: وعلى الثالث فهو علة الردع: أي ارتدعوا، فوعدكم بالعمل الصالح لو رجعتم مجرد وعد لا وفاء بحقه ( { ومن ورائهم} ) أي أمامهم ( { برزخ} ) حاجز بينهم وبين الرجعة ( { إلى يوم يبعثون} ) هو إقناط كلي للعلم بأن لا رجعة إلى الدنيا يوم البعث فلا رجعة أصلاً ( { فإذا نفخ في الصور} ) وهو القرن، وقيل جمع صورة وأيده القاضي البيضاوي بقراءة صور بضم ففتح وكسر، والمراد النفخة الأخيرة ( { فلا أنساب بينهم} ) أي لا تنفع ( { يومئذ ولا يتساءلون} ) كما يفعلون اليوم بل يفرح القريب إن وجب له حق ولو على ولد ووالده فيأخذ منهما، ولا يتساءلون: أي لا يسأل حميم قريب حميمه وقريبه، ولا ينافيه قوله تعالى: { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} لأن يوم القيامة مواطن ومواقف أو ما نحن فيه عند النفخة.
والآية الثانية بعد المحاسبة، أو دخول أهل الجنة.
هذا وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي» ( { فمن ثقلت موازينه} ) بأن تكون له عقائد وأعمال صالحة تثقل ميزانه ( فأولئك هم المفلحون) الفائزون بالنجاة والدرجات ( { ومن خفت موازينه} ) بأن لا عقائد ولا أعمال صالحة تثقل ميزانه ( { فأولئك الذين خسروا أنفسهم} ) حيث أبطلو استعدادها، وجمع الموازين من حيث أن الموزون جمع وهي أعمال.
ومعنى الوزن: إقامة الحجة على العباد وإظهار للعدل بالمحسوس على عادتهم وعرفهم.
وفي وزن الكافر وجهان: قيل يوضع كفره في كفة فلا يوجد شيء يعادله في الكفة الأخرى.
وقيل بأن يوضع في الثانية ماله من عمل صالح من صلة رحم ووجه برّ فيخف عمله ( { في جهنم خالدون} ) بدل من خسروا أنفسهم ولا محل له، لأن المبدل منه وهو الصلة لا محل له، أو خبر بعد خبر لأولئك، أو خبر مبتدإ محذوف: أي متعلق الظرف بدل من الصلة وهو من بدل المطابق كما في «النهر» ، قال: وأجاز أبو البقاء أن يكون الذين نعت أولئك وخبر أولئك في جهنم، والظاهر أنه خبر أولئك لا نعته وخالدون خبر ثان وفي جهنم متعلق به ( { تلفح} ) تحذف ( { وجوههم النار وهم فيها كالحون} ) أي عابسون وهو تقلص الشفتين من الإنسان، وخص الوجه باللفح لأنه أشرف ما في الإنسان، والإنسان أحفظ له من الآفات من غيره من الأعضاء، فإذا لفح فغيره ملفوح، ولما ذكر اللفح ذكر الكلوح المختص ببعض الأعضاء وهو الوجه فتتقلص الشفة العليا حتى تبلغ الرأس وتسترخى الشفة السفلى حتى تبلغ السرّة كما جاء ذلك في حديث مرفوع عند الترمذي وقال: إنه حسن صحيح ( { ألم تكن آياتي تتلى عليكم} ) أي يقال لهم ذلك ( { فكنتم بها تكذبون.
قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا}
)
الشقاوة: سوء العاقبة ( { وكنا قوماً ضالين} ) عن الهدى ( { ربنا أخرجنا منها فإن عدنا} ) لما تكره ( { فإنا ظالمون.
قال اخسئوا فيها}
)
أي ذلوا وانزجروا كما تنزجر الكلاب ( { ولا تكلمون} ) في رفع العذاب أو لا تكلمون رأساً.
وعن بعض السلف أنه لم يكن لهم بعد ذلك إلا زفير وشهيق وعواء كالكلاب ( { إنه} ) أي الشأن ( { كان فريق من عبادي يقولون.
ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين}
)
قال ابن عطية: والفريق المشار إليه هم المستضعفون من المؤمنين، وهي وإن نزلت في شأن الكفار من قريش مع صهيب وبلال وعمار ونظرائهم إلا أن نظراءهم في ذلك مثلهم ( فاتخذتموهم سخريا) بكسر السين وضمها لغتان بمعنى الهزؤ، وزيدت ياء النسبة للمبالغة.
وعند الكوفيين المضموم من السخرة بمعنى الانقياد والعبودية، وكسرها من الاستهزاء والكسر فيه أكثر وهو أليق بالآية، ألا ترى أن قوله ( { حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون} ) ونسبة الإنساء إلى الفريق من حيث إنه كان بسببهم.
والمعنى: اشتغالهم بالهزؤ بهؤلاء أنساهم ما ينفعهم ( { إني جزيتهم اليوم بما صبروا} ) أي بصبرهم على أذاكم ( { أنهم هم الفائزون} ) قال الزمخشري: من فتح همزة إن فهي ومعمولاها المفعول الثاني أني جزيتهم فوزهم، ومن كسر فهو استئناف، وقال في «النهر» : الظاهر أنه تعليل من حيث المعنى لا من الإعراب لاضطرار المفتوحة إلى عامل، والفائزون: المنتهون إلى غايتهم التي كانت أملهم، ومعنى الفوز: النجاة من هلكة إلى نعمة ( { قال} ) أي الله، أو الملك المأمور بسؤالهم ( { كم لبثتم في الأرض} ) أي أحياء ( { عدد سنين} ) تمييز لكم، وسؤاله لهم توقيف وهو تعالى يعلم عدد ما لبثوا، أو لفرط هول العذاب نسوا ذلك ( { قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم} ) قال ابن عطية.
والغرض توقيفهم على أن أعمارهم القصيرة أداهم الكفر فيها إلى عذاب طويل، وقيل معناه: السؤال عن مدة لبثهم في التراب أمواتاً، وعليه جمهور المتأولين.
قال ابن عطية: وهو أصوب من حيث إنهم أنكروا البعث وكانوا يرون أن لا يقوموا من التراب، قيل لهم لما قاموا منه كم لبثتم ( { فسئل العادين} ) أي القادرين على العدد فنحن في شيء لا نقدر معه على أعمال الكفر.
والعادين الملائكة الحفظة ( { قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون} ) أي ما لبثتم فيها إلا زماناً قليلا على فرض أنكم تعلمون مدة لبثكم ( { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً} ) أي عابثين بلا فائدة، حال أو مفعول له ملهياً بكم، وما زيدت للتأكيد ( { وأنكم إلينا لا ترجعون} ) عطف على أنما.
( وقال تعالى) ( { ألم يأن} ) أي ألم يحن، يقال أنى الشيء يأنى إذا حان ( { للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} ) أي ألم يأت وقت خشوعها عند ذكر الله، أو لأجل ذكر الله والموعظة وسماع القرآن.
عن ابن عباس: عوتب المؤمنون بهذه الآية بعد ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن.
وحكى السبكي عن ابن المبارك أنه في صباه حرّك العود ليضربه فإذا به قد نطق بهذه الآية، فتاب ابن المبارك وكسر العود وجاءه التوفيق والخشوع والإخبات والتطامن، وهي هيئة تظهر في الجوارح متى كانت في القلب ولذا خص القلب بالذكر ( { ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل} ) كاليهود والنصارى عطف على تخشع على قراءته بالتحتية، ونهى عن مماثلة أهل الكتاب على القراءة بالفوقية وفيه التفات ( { فطال عليهم الأمد} ) الزمان بينهم وبين أنبيائهم ( { فقست قلوبهم} ) معناه صلبت وقلّ خيرها وانفعالها للطاعات وسكنت إلى المعاصي ففعلوا منها ما هو مأثور عنهم ( { وكثير منهم فاسقون} ) خارجون عن الدين ( والآيات) القرآنية ( في الباب) أي التحريص على تذكر الموت وترك الاغترار بالحياة ( كثيرة معلومة) والسعيد يكفيه واعظ واحد، بخلاف من لا نور له فلا ينجع فيه ألف عظة وشاهد.


رقم الحديث 574 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي) كأنه فعل به ذلك ليقبل على سماع ما يلقي إليه ويفيق من عمرة ما هو فيه من الشغل عن ذلك، ونظير هذا التنبيه الفعلي التنيه القولي في قوله «ألا أنبئكم بخير أعمالكم» الحديث والياء يحتمل أن تكون بالتشديد على أن المضاف مثنى أدغمت ياؤه في ياء المتكلم، وإنما أخذ بهما زيادة في التنبيه، ويحتمل أن تكون بالتخفيف على إفراد ما قبله وهو الأقرب ( فقال كن في الدنيا كأنك غريب) أي فلا تستكثر فيها من أمتعتها وزهراتها فإن شأن ذي الأسفار التخفيف عن نفسه بإلقاء ما يثقله، قال الشاعر: ألقى الصحيفة كي يخفف رحله والزاد حتى نعله ألقاها والإنسان في الدنيا غريب على الحقيقة، لأن الوطن الحقيقي هو الجنة كما حمل عليه كثير «حب الوطن من الإيمان» على الجنة وهي التي أنزل الله بها الأبوين ابتداء وإليها المرجع إن شاء الله تعالى بفضل الله ومنه، والإنسان في الدنيا في دار غربة كالمسافر من وطنه حتى يرجع إليه، والله الموفق لما يوصل إلى الرجوع إليه ( أو عابر سبيل) أي داخل البلد على سبيل المرور بها لكونها على طريقك، ومن كان كذلك لا يأخذ منها إلا ما تدعوإليه ضرورة سفره من نحو طعام أو شراب ( وكان ابن عمر يقول) كالتذييل لما قبله من حيث المعنى، حضا للنّاس على ورود هذا المنهل ورد عناية ببركة حلول نظر المصطفى ( إذا أمسيت) أي دخلت في المساء ( فلا تنتظر الصباح) وهو لغة من نصف الليل إلى الزوال، ومنه إلى نصف الليل المساء كما نقله السيوطى عن الجمهرة لابن دريد وقال: إنها فائدة عزيزة النقل، أما الصباح شرعاً فمن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والمعنى: إذا أدركك المساء فبادر بصالح العمل والتوبة من الزلل ولا تسوّف بأن تدرك زمن الصباح فتؤخر ذلك له فلعل الأجل ينقضي قبله كما يقع كثيراً، وعقدت هذا المعنى في قولى: إذا أمسيت فابتدرالفلاحا ولا تهمله تنتظر الصباحا وتب مما جنيت فكم أناس قضوا نحبا وقد باتوا صحاحاً ( وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك) أي زمنها لعمل البر ما تدخره ( لمرضك) لعجزك عن ذلك ( ومن حياتك) لتمكنك فيها من عمل الطاعات ( لموتك) ليؤنسك في القبر ( رواه البخاري) والحديث تقدم مع «شرحه» في باب فضل الزهد.


رقم الحديث 575 ( وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما حق) أي ليس شأن ( امرىء مسلم) من جهة الحزم والاحتياط، والتقييد بالمسلم خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، أو للتهييج لتقع المبادرة إلى امتثاله لمايشعر به من نفي الإسلام عن تارك ذلك قاله في «فتح الباري» ( له شيء) في رواية: له مال ( يوصي فيه يبيت) كأنه على تقدير أن أي بيانه، وهو كقوله تعالى: { ومن آياته يريكم البرق} أي ليس شأنه من جهة الحزم والاحتياط بياته كذلك لعله يفجؤه الموت وهو على غير وصية، ولا ينبغي للمؤمن أن يغفل عن ذكر الموت والاستعداد له، والمصدر المؤول من أن بدل من امرىء، ويجوز أن يكون يبيت صفة لمسلم وبه جزم الطيبى وقال: هي صفة ثانية، وقوله «يوصى فيه» صفة شيء ومفعول يبيت محذوف: أي آمنا أو ذاكراً وقال ابن التين: تقديره موعكا، والأول أولى لأن طلبالوصية لا يختص بالمريض، وخبر «ما» هو المستثنى كذا نقل الطيبى والكرماني، وفيه أن الرواية بإثبات الواو في المستثنى وهي لا تدخل الخبر.
ويؤخذ عن إعراب ابن مالك لرواية مسلم الآلي أنّ يبيت خبر ما: أي من غير تقدير قبلها.
قال ابن عبد البر: والوصف بالمسلم خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، أو ذكر تهييجاً للمبادرة لامتثال مضمونه لإشعاره بنفي إسلام تاركها، ووصية الكافر جائزة في الجملة ( ليلتين) كذا لأكثر الرواة، ولأبي عوانة والبيهقي من طريق حماد بن زيد «يبيت ليلة أو ليلتين» وسيأتي ما عند مسلم، وكأن ذكر الليلتين والثلاث لرفع الحرج لتزاحم أشغال المرء التي لا بد له منها ففسح له بهذا القدر ليتذكر ما يحتاج إليه، واختلاف الروايات دال على أنه للتقريب لا للتحديد، والمعنى: لا يمضي عليه زمان وإن كان قليلا ( إلا ووصيته مكتوبة عنده) أي مشهود بها لأن الغالب في كتابتها الشهود، ولأن أكثر الناس لا يحسن الكتابة فلا دليل فيه على اعتماد الخط ( متفق عليه) رواه البخاري ومسلم في الوصايا وفي «الجامع الصغير» ، ورواه مالك والأربعة من حديث ابن عمر ( هذا لفظ البخاري) في أول كتاب الوصايا من «صحيحه» ( وفي رواية لمسلم يبيت ثلاث ليال) كأن التقييد بالثلاث غاية التأخير، ولذا قال ابن عمر: ما مرّت علىّ ليلة إلى آخر ما يأتي، وفي رواية لمسلم «ما حق امرىء مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا عنده وصيته» قال ابن مالك في شرح «المشارق» : ما نافية وتمر خبره.
والجمهور على استحباب الوصية لأنه جعلها حقا للمسلم لا عليه، ولو وجبت لكانت عليه لا له، وهو خلاف ما يدل عليه اللفظ، وهذا في الوصية المتبرّع بها، أما الوصية بأداء الدين ورد الأمانات فواجبة ( قال ابن عمر) وكان دأبه الاقتداء والاقتفاء ( ما مرت عليّ ليلة منذ) أي من زمن ( سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي) أخذا بالأحوط ومسارعة لما حرّض الشارع إلى فعله.


رقم الحديث 576 ( وعن أنس رضي الله عنه قال: خطّ النبيّ خطوطا) يحتمل أن يكون على الكيفيةالآتية في حديث ابن مسعود بما فيها من الخلاف ( فقال: هذه أمله) التأنيث باعتبار مفهوم الواحدة وهذا الذي هو خارج عن الخط المربع أمله وإلا فالخط مذكر كما قال فيه ( وهذا) أي المعترض القاطع للخط المستطيل ( أجله) ولعل في تأنيثه المشار إليه إلى الأمل إيماء إلى ذمه ونقصه، وأنه الذي ينبغي قصره ليبادر إلى صالح العمل والتوبة من الزلل، فإن التأنيث ناقص بالنسبة إلى التذكير ( فبينما هو كذلك) أي تتعارضه حال بعد حال والأمل مستطيل ( إذ جاء الخط الأقرب) أي من منتهى الخط الخارج الذي هو الأمل فقطعه ( رواه البخاري) في كتاب الرقاق.


رقم الحديث 577 ( وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خطّ النبيّ خطا مربعاً وخط خطاً في الوسط) بفتح السين ( خارجاً منه) أي من الخط المربع، قال الحافظ وقيل خارجاً منه ( وخط خططا) بضم المعجمة والطاء الأولى للأكثر، ويجوز فتح الطاء كذا في «فتح الباري» ( صغاراً) بكسر المهملة ( إلى هذا) أي الخط ( الذي في الوسط من جانبه) متعلق بقوله وخط ( الذي في الوسط) وهذا منه من باب تصوير المعاني وإدخالها في أذهان السامعين بالتمثيل بالمحسوسات ( فقال: هذا الإنسان) مبتدأ وخبره: أي هذا الخط هو الإنسان على سبيل التمثيل والمشار إليه هو الخط الأوسط ( وهذا الذي هو خارج) عن الخط المربع ( أمله وهذا) أي الخط الحافّ ( أجله) بدليل قوله «حافاً به» بالحاء المهملة وتشديد الفاء منصوب على الحال: أي محيطاً بحفافيه أي بجوانبه ( وهذه الخطط) بضمتين أو بضم ففتح ( الصغار الأعراض) جمع عرض بفتحتين: ما ينتفع به في الدنيا في الخير والشرّ ( فإن أخطأه هذا) بأن نجا منه ( نهشه) بالنون والهاء والشين المعجمة: أيأصابه ( هذا) وعبر بالنهش استعارة من لذغ ذات السم مبالغة في الإصابة والإهلاك.
واستشكلت هذه الإشارات الأربع مع أن الخطوط ثلاثة.
وأجاب الكرماني بأن للخط الداخل اعتبارين، فالمقدار الداخل منه هو الإنسان والخارج أمله، والمراد بالأعراض الآفات العارضة، فإن سلم من هذا لم يسلم من ذاك، وإن سلم من الجميع بأن لم تصبه آفة من مرض أو فقد حال أو غير ذلك بغته الأجل.
والحاصل أن من لم يمت بالسيف مات بالأجل، ففي الحديث التحريض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل ( رواه البخاري) .
قال الحافظ: والأول أي مما ذكرنا عنه وهو المعتمد، وسياق الحديث يدل عليه والإشارة بقوله هذا الإنسان إلى النقطة الداخلة، وبقوله هذا أجله محيط به إلى المربع، وبقوله الذي هو خارج أمله إلى الخط المستطيل المنفرد، وبقوله هذه الخطط وهي مذكورة على سبيل المثال، لا أن المراد انحصارها في عدد معين، ويدل عليه قوله في حديث أنس: «إذا جاء الخط الأقرب» فإنه أشار به إلى المحيط به، ولا شك أن الذي يحيط به أقرب إليه من الخارج عنه اهـ.
وفي «المفاتح» صورة هذه الخطوط، الخط الوسطهو الإنسان، والمربع هو أجله أحاط به بحيث لا يمكنه الفرار والخروج عنه، والصغار هي أعراضه: أي الآفات والعاهات من نحو مرض وجوع من سائر الحوادث فهذه الأعراض متصلة به، والقدر الخارج من المربع أمله، يعنى هو يظن أنه يصل إلى أمله قبل الأجل وظنه خطأ، بل الأجل أقرب إليه من الأمل فعسى أن يموت قبل أن يصل إليه أمله اهـ.


رقم الحديث 578 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بادروا بالأعمال) أي اسبقوا بما تمكنتم منه من الأعمال الصالحة ( سبعاً) من النوازل أو الشئون وتذكير العدد لحذف المعدود ( هل تنتظرون) أي في ترك المبادرة بالعمل ( إلا فقرا منسيا) استثناء من أعم المفاعيل: أي شيئاً من الأشياء المترقبة أو المترجاة، ونسبة النسيان إلى الفقر مجازية لأنه سبب النسيان والذي به تذهل الحافظة عمل أورد فيها، قال إمامنا الشافعي: لو احتجت إلى بصلة ما فهمت مسئلة، وكذا إسناد الإطغاء إلى الغنى في قوله ( أو غنى مطغياً) أي يجاوز المرء عن حده ومقامه فيقع به في هوة المخالفات ومهامه المشتبهات ( أو مرضا مفسداً) للأجزاء البدنية التي بسلامتها يحصل التمكن من التوجه إلى العبادات بخلافه فيذهل الشخص بما يلقاه من الألم على التوجه لها، ولذا قال ابن عمر: خذ من صحتك لمرضك ( أو هرما) عجز خلقي يحصل عند الكبر لا دواء له ( مفنداً) أي ينسب به صاحبه لنقص العقل بسبب الهرم: أي يتسبب عنه نقص العقل تارة واختلاله أخرى ( أو موتا مجهزا) بإسكان الجيم وكسر الهاء: أي سريعا.
قال في «النهاية» : يقال أجهز على الجريح إذا أسرع قتله وحرره ( أو الدجال فشر غائب) أي فهو شر غائب ( ينتظر) لما يمتحن به العباد، فلا يكادون ينجون من فتنته إلا من عصم الله، فكيف التمكن من صالح العمل ( أو الساعة فالساعة أدهى) أي أشد داهية وهي نازلة لا يهتدى لدوائها ( وأمرّ) مما ينزل به من مصائب الدنيا.
وحاصله أن الصحيح البدن ذا الكفاف المقصر في العبادات المفرّط في تعمير الوقت بصالح العمل مغبون في أمره ندمان في صفقته كما قال «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» ( رواه الترمذي) في «الزهد» من جامعه ( وقال: حديث حسن) وقد تقدم مع شرحه في باب المبادرة إلى الخيرات.


رقم الحديث 579 ( وعنه قال: قال رسول الله: أكثر واذكر هاذم اللذات) قال السيوطى في «حاشيته» على جامع الترمذي بالذال المعجمة: أي قاطعها، وفي التحفة لابن حجر الهيثمي: هو بالدال المهملة: أي مزيلها أي من أصلها، وبالذال المعجمة: أي قاطعها.
قال السهيلي: والرواية بالمعجمة اهـ.
والعجب أنه غفل عن نقل كلام السهيلي في «شرح المشكاة» مع أنه بذلك المحل أقعد وفيه بعد ذكر إعجام الذال وإهمالها وعليه فهو استعارة تبعية أو بالكناية، شبه وجود اللذات ثم زوالها بذكر الموت ببنيان مرتفع هدمته صدمات هائلة حتى لم تبق منه شيئاً ( يعني الموت) هذا تفسير لهاذم اللذات، وفي المشكاة بحذف يعني، وظاهر كلام شارحها أن الموت من جملة الحديث وليس مدرجاً فيه، فإن جوّز فيه الأعاريب الثلاثة بتقدير هو أو أعني أو أعطف بيان أو بدل من هاذم ( رواه الترمذي) والنسائي وابن ماجه ( وقال حديث حسن) قال في فتح الإله: وسند صحيح على شرطهما اهـ.
وفي «الجامع الصغير» حديث «أكثروا ذكر هاذم اللذات» رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو نعيم في «الحلية» من حديث ابن عمر، والحاكم في «المستدرك» ، والبيهقي في «الشعب» من حديث أبي هريرة، ورواه الطبراني في «الأوسط» وأبو نعيم في «الحلية» والبيهقي في «الشعب» من حديث أنس وحديث «أكثروا ذكر هاذم اللذات فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه» اهـ.
رواه البيهقي في «الشعب» وابن حبان من حديث أبي هريرة والبزار من حديث أنس ومن هذا وأمثاله أخذ أئمتنا قولهم: يسنّ لكل أحد من «صحيح» وغيره ذكر الموت بقلبه ولسانه وإلا فبقلبه، والإكثار منه حتى يكون نصب عينيه، فإن ذلك أزجر عن المعصية وأدعى إلى الطاعة كما يدل عليه زيادة «فإنه لم يذكره أحد» الخ.


رقم الحديث 580 ( وعن أُبيّ) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد الياء ( ابن كعب رضي الله عنه.
قال: كان رسول الله إذا ذهب ثلث)
بضم أوليه، وتسكين ثانيه تخفيف ( الليل) قال فيفتح الإله: وفي رواية: ربع الليل.
ويجمع بأنه كان يختلف قيامه، فتارة يقدم وتارة يؤخر ( قام) أي من نومه ( فقال) منبها لأمته من سنة الغفلة محرضا لها على ما يوصلها لمرضاة الله سبحانه من كمال رحمته ( با أيها الناس اذكروا الله) أي باللسان والجنان ليَحمِل ما يحصل من ثمرة الذكر على الإكثار من عمل البرّ وترك غيره ( جاءت الراجفة) وهي النفخة الأولى التي تضطرب وتتحرك عندها الجبال، قال تعالى: { يوم ترجف الأرض والجبال} ( المزمل: 14) ( تتبعها الرادفة) أي في الواقعة التي تردف الأولى وهي النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة، والجملة حال ( جاء الموت بما فيه) من الأهوال عند الاحتضار كما جاء في حديث «أنه كان يدخل يده في علبة الماء أو الركوة ويمسح وجهه ويقول: إن للموت سكرات» وفي القبر من فتنته وعذابه وأهواله كما صحّ الأمر بالاستعاذة منها وفي قوله «بما فيه» تفخيم للأمر على السامعين ( قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك) فيه جواز ذكر الإنسان صالح عمله إذا أمن نحو العجب لغرض كالاستفتاء هنا المدلول عليه بقوله ( فكم أجعل لك من صلاتي؟) أي من دعائي بدليل ما جاء في رواية أخرى «قال رجل: يا رسول الله أريد أجعل شطر دعائي لك» الحديث قال في «فتح الإله» : وبفرض صحة هذا فلا مانع أن يكون وقع له ما وقع لأبي ذر رضي الله عنهما: أي ما قدر ما أصرفه في الدعاء لك والصلاة عليك؟ وأشتغل فيه عن الدعاء لنفسي؟ وقيل المراد بالصلاة حقيقتها، والتقدير: فكم أجعل لك من ثوابها أو مثله.
قال في «فتح الإله» : وفيه نظر، بل السياق يرده لا سيما تفريع «فكم» على ما قبله إذ لا يلتئم مع إرادة الصلاة الحقيقية إلا بمزيد تعسف، وأيضاً فالثواب أمر يتفضل الله به على من يشاء من عباده ويحرمه من يشاء، إذ لا يجب عليه سبحانه لأحد شيء كائناً من كان.
وعندنا يمتنع النيابة في التطوّع البدني المحض كالصلاة فلا تجوز ولا إهداء ثواب ذلك ( فقال ما شئت) لم يحد له تحديداً بل فرضه لمشيئته حثا له على أنه لو صرف زمن عبادته لنفسه جميعه للصلاة عليه لكان أحرى وأولى، وخوفاً من أنه لوحد له بحد لأغلق عليه باب المزيد ( قلت الربع) بالنصب أي أجعل لك الربع وكذا ما بعد ( قال: ما شئت، فإن زدت) بالفاء وفي رواية بالواو في الكل ( فهو) أي المزيد ( خير لك) لزيادة الثواب بزيادتهبشهادته «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره» ( قلت فالنصف) الفاء فيه عاطفة على ما قبله: أي أجعل لك النصف ( قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك.
قلت: فالثلثين، قال: ما شئت.
فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل)
يحتمل الاستفهام لتناسب ما قبله ويحتمل الإخبار: أي فإذا أجعل ( لك صلاتي كلها) إذ ما بقي بعد الثلثين ما يستفهم عن زيادته عليها مما له وقع حتى ينتقل بعده إلى الجملة، فأخبر بذلك لأن الأمر انتهى إليه ووقف عنده، والمعنى: أصرف جميع أوقات دعائي لنفسي للصلاة عليه أو جميع صلواتي وثوابها إليه على ما عرفت ( قال: إذن تكفي همك) المتعلق بالدارين بدليل ما جاء في رواية سندها حسن «قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: إذن يكفيك الله أمر دنياك وآخرتك» وبفرض صحة هذه الرواية فلا مانع من تعدد القصة وأنها وقعت لأبي ولغيره ووجه كفاية المهمات بصرف ذلك الزمن إلى الصلاة عليه أنها مشتملة على امتثال أمر الله تعالى وعلى ذكره وتعظيمه وتعظيم رسوله، وقد جاء في الحديث القدسي «من شغله ذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» ففي الحقيقة لم يفت بذلك الصرف شيء على المصلي، بل حصل له بتعرضه بذلك الثناء الأعظم أفضل ما كان يدعو به لنفسه، وحصل له مع ذلك صلاة الله وملائكته عليه عشراً أو سبعين أو ألفاً كما جاء بذلك روايات، مع ما انضم لذلك من الثواب الذي لا يوازيه ثواب، فأيّ فوائد أعظم من هذه الفوائد، ومتى يظفر المتعبد بمثلها فضلا عن أنفس منها، وأنى يوازي دعاؤه لنفسه واحدة من تلك الفضائل التي ليس لها مماثل ببركته ( ويغفر لك ذنبك) لأنه يبارك على نفسك بواسطته الكريمة في وصول كل خير إليك إذ قمت بأفضل أنواع الشكر المتضمن لزيادة الإفضال والإنعام المستلزمين لرضا الحق عنك ومن رضى عنه لا يعذبه ( رواه الترمذي وقال: حديث حسن) ورواه عبد بن حميد في «مسنده» وأحمد بن منيع والروياني والحاكم وصححه.
66