فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرُها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أَو الفصل بينهما بكلام

رقم الحديث -202 أي من الصلاة بقرينة المقام ( في البيت) لكونه أبعد عن الرياء وإخراج المنزل عن كونه شبيهاً بالقبر ولعود البركة عليه وعلى أهله ( سواء الراتبة وغيرها) ما لم يخش بالتأخير نحو فوات لها ( والأمر) معطوف على استحباب، وهو أمر ندب فهو من عطف الرديف ( بالتحول للنافلة من موضع) فعل ( الفريضة) إلى موضع آخر ليتميز بذلك الفرض عن النفل، ولتشهد له المواضع بالطاعة ( أو الفصل) معطوف على التحول ( بينهما بكلام) .


رقم الحديث 1128 ( عن زيد بن ثابت) بالمثلثة فالموحدة فالفوقية بن الضحاك بن زيد بن لوذان بفتح اللام وإسكان الواو وبذال معجمة، ابن عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النجارالأنصاري النجاري المدني الفرضي الكاتب كاتب الوحي وكاتب المصحف ( رضي الله عنه) كان عمره حين قدم رسول الله المدينة إحدى عشرة سنة، وحفظ قبل قدوم النبيّ المدينة مهاجراً ست عشرة سورة، وقتل أبوه ولزيد ست سنين، واستصغره يوم بدر فرده، وشهد أحداً، وقيل لم يشهدها، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله، وأعطاه النبيّ يوم تبوك راية بني النجار وقال: القرآن مقدم وزيد أكثر أخذاً للقرآن، وكان يكتب الوحي لرسول الله ويكتب له المراسلات إلى الناس، وكتب لأبي بكر وعمر في خلافتهما، وكان أحد الثلاثة الذين جمعوا المصحف، وكان أمر بذلك أبو بكر وعمر، وكان كل من عمر وعثمان يستخلفه إذا حج، ورمى يوم اليمامة بسهم فلم يضره، وولى قسم غنائم اليرموك.
قال ابن أبي داود: وكان زيد أعلم الصحابة بالفرائض لحديث «أفرضكم زيد» قال: وكان من الراسخين في العلم، وكان على بيت المال لعثمان، وأحواله كثيرة مشهورة.
روي له عن رسول الله اثنان وتسعون حديثاً، اتفقا منها على خمسة، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بحديث.
روى عنه جماعات من الصحابة منهم ابن عمرو وابن عباس وأنس وأبو هريرة، وخلائق من كبار التابعين منهم سعيد بن المسيب وسليمان وعطاء بن يسار وآخرون، توفي بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقيل ست وخمسين، وقيل أربعين، وقيل غير ذلك.
روى البخاري في «تاريخه» بإسناده الصحيح عن أبي عمار قال: لما مات زيد بن ثابت جلسنا إلى ابن عباس فقال: هذا ذهاب العلماء، دفن اليوم علم كذا وكذا، هكذا في «التهذيب» للمصنف بنوع تلخيص، وقد حوى اسمه لطائف في الفرائض نظمها الدميري فقال في كتابه «رموز الكنوز» : لطيفة قواعد الوراثة مرجعها للأحرف الثلاثة فالزاي للأصول والنسوان واليا لأهل الفرض والذكران والدال أسباب ورتبة العدد هبادبز أصحاب فرض بالمدد ( أن النبيّ قال: صلوا أيها الناس) الأمر متوجه للذكور والإناث، ففيه تغليب لهمعليهن لشرفهم في الإتيان بواو جماعة الذكور ( في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) ففعلها في المساجد أفضل للذكور، أما النساء فلا استثناء بالنسبة إليهن، وصلاة النافلة ببيت الإنسان أفضل من فعلها في جوف الكعبة، وإن قيل باختصاص مضاعفة الأعمال بها وذلك لأن في الاتباع من الفضل ما يربو على ذلك ( متفق عليه) اقتصر السيوطي في «الجامع الصغير» على رمز البخاري، وكأنه لكون اللفظ له، والمصنف عزاه لهما لاتفاقهما على معناه والله أعلم.


رقم الحديث 1129 ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: اجعلوا من صلاتكم) أي بعضها وهو النفل ( في بيوتكم) بكسر الموحدة وضمها وذلك لتعود البركة على المنزل ومن فيه، ولما أشار إليه بقوله ( ولا تتخذوها قبوراً) أي كالقبور في عدم من عمل بها شيئاً من عمل البرّ، ففيه تشبيه بليغ ( متفق عليه) ورواه الترمذي والنسائي بلفظ «صلوا في بيوتكم ولا تتركوا النوافل فيها» ورواه أبو يعلى والضياء المقدسي من حديث الحسن بن علي بلفظ «صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً» كذا في «الجامع الصغير» .


رقم الحديث 1130 ( وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إذا قضى) أي أدى ( أحدكم صلاته) أي المفروضة ( في المسجد فليجعل لبيته نصيباً) التنوين فيه إن كان للتقليلفلنقص مرتبة النفل عن الفرض، وإن كان للتعظيم ففيه إيماء إلى طلب الإكثار من النفل ( من صلاته) أي وذلك النفل، وعلل ذلك بقوله على سبيل الاستئناف البياني بقوله ( فإن الله جاعل) عدل عن المضارع إليه ليدل على الدوام والاستمرار ( في بيته من) سببية ( صلاته خيراً) أي عظيماً كا يومىء إليه التنوين بدليل السياق ( رواه مسلم) .


رقم الحديث 1131 ( وعن عمرو بن عطاء) بن أبي الخوار بضم المعجمة.
قال في «الكاشف» : هو صدوق خرّج له مسلم وأبو داود ( أن نافع بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة وسكون التحتية وهو ابن مطعم، قال في «الكاشف» : هو شريف مفت، توفي سنة تسع وتسعين خرّج عنه الستة ( أرسله إلى السائب بن يزيد) بفتح التحتية منقول من مضارع الزيادة ( ابن أخت نمر) بفتح النون وكسر الميم وبعدها راء الكندي الصحابي توفي ( رضي الله عنه) سنة إحدى وتسعين على الصحيح، وقيل سنة ست وثمانين، خرّج عنه الجميع.
وفي «التهذيب» للمصنف: هو ابن أخت نمر لا يعرف إلا بذلك، ويقال له أيضاً الأسدي، ويقال الليثي، ويقال الهذلي، وأبوه صحابي، وله حلف في قريش في عبد شمس.
ولد السائب سنة ثلاث من الهجرة.
روى له عن رسول الله خمسة أحاديث، اتفق الشيخان على واحد منها وانفرد البخاري بأربعة اهـ.
روى عن عمر وعنه ابنه عبد الله والزهري ويحيى بن سعيد ( يسأله) الضمير المستكن لعمرو والبارز للسائب ويصح عود المستكن لنافع، ويراد منه يسأله بواسطة عمرو ( عن شيء رآه منه معاوية) أي ابن أبي سفيان ( في الصلاة) أي طلب منه تبيين ذلك الشيء وتعيينه ( فقال: نعم صليت معه الجمعة في المقصورة) قال في «المصباح» : مقصورة الدار حجرتها وكذا مقصورة المسجد اهـ.
قال المصنف: فيه دليل على جواز اتخاذها فيالمسجد إذا رآها ولي الأمر مصلحة، قالوا: وأول من عملها معاوية بن أبي سفيان حين ضربه الخارجي.
قال القاضي: واختلفوا في المقصورة فأجازها كثير من السلف وصلوا فيها منهم الحسن والقاسم بن محمد وسالم وغيرهم، وكرهها ابن عمر والشعبي وأحمد وإسحاق وكان ابن عمر إذا حضرت الصلاة وهو في المقصورة خرج منها إلى المسجد ( فلما سلم الإمام) أي وسلمت معه ( قمت في مقامي) بفتح الميم اسم مكان ( فصليت) أي الراتبة ( فلما دخل) أي منزله ( أرسل إليّ) فيه لزوم الأدب مع أهل الفضل وفيه حسن الإنكار، قال الشافعي: من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه جهراً فقد فضحه وشانه ( فقال لا تعد) أي ندباً ( لما فعلت) من وصل النافلة بالمكتوبة ثم قال على سبيل الاستئناف البياني ما هو كالدليل لما ذكره ( إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة) وقوله ( حتى تتكلم أو تخرج) غاية لمقدر: أي واستمر على ترك التنفل إلى أحد هذين، إما الكلام بغير ذكر أو مفارقة محل فعل الفرض، ويصح جعله غاية لما قبله بأن يراد من الوصل فعل الثانية عقيب الأولى ( فإن رسول الله أمرنا بذلك) ثم أبدل من المجرور قوله ( أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج) أي من المسجد إلى المنزل وهو أفضل أماكن فعل النفل كما تقدم، أو من محل الفرض الخ، فيحصل الفصل بمفارقة محل فعل الفريضة ( رواه مسلم) .
25