فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب التغليظ في تحريم السِّحْرِ

رقم الحديث 1793 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اجتنبوا السبع الموبقات) من باب قولك لبس الناس ثوبهم أي: لبس كل إنسان ثوبه، وليس من باب ترتيب المجموع على المجموع، إذ كل من السبع بانفراده موبق في الدين ( قالوا يا رسول الله وما هن) سألوا عن حقائق ما كنى عنه بالعدد ( قال الشرك بالله) أي: الكفر به، وخص الشرك لكونه كفراً للخاطئين ( والسحر) في قرنه بالشرك إيماء إلى غلظه وفظاعة، شأنه، لا سيما وقد كنى عنه ْبالكفر في الآية، وبعض أفراده كذلك، ولذا قدم على القتل المحرم.
إذ لا يكون من حيث ذاته كفراً، ففي تقديمه على القتل ذكراً إيماء إلى ذلك، وإن كانت الواو لا ترتيب ( وقتل ْالنفس التي حرم الله) وهي النفس المعصومة بإسلام أو ذمة أو عهد أو أمان ( إلا بالحق) كالقتل قصاصاً أو حداً أو زدة ( وأكل الربا وأكل مال اليتيم) هو صغير لا أب له أي: إتلاف ماله والتصرف فيه أو غيره: وخص الأكل بالذكر لأنه المقصود الغالب من المال ( والتولي) أي: الفرار من الصف ( يوم الزحف) أي: ولم يزد العدد على الضعف، وخرج بالتولي المهملة وسكون التحتية بعدها موحدة تقدم الكلام عليه في اللباس، وأنه ثوب سداه ولحمته إبريسم، ويقال هو معرب.
والخلاف في أن ياءه زائدة، وأنه بوزن فيعال أو أصل بدل من الموحدة وأصله دباج بالتضعيف ( والشرب في آنية الذهب والفضة وقال: هن) أي: أولى النقدين ( لهم) أي: الكفار ( في الدنيا) بمعنى حالها لهم ديمان الصحيح أنهم مخاطبون بفروع الشريعة، بل معنى أنهم المستعملون لها في الدنيا عادة، وهو نعيمهم الذي قدره الله لهم فيها، وما لهم في الآخرة من نصيب ( وهي) عبر به بعد أن عبر بضمير جمع النسوة، قيل تفنناً في التعبير ( لكم) أيها المؤمنون ( في الآخرة) يعني في الجنة ( متفق عليه) وفيه تحريم استعمال آنية النقدين على الرجال وغيرهم، بإدراج النساء في ضمن الذكور تغليباً على قول المحققين، وحقيقة على قول غيرهم، إذ علة الحرمة عين النقدين مع الخيلاء، وهي مشتركة بين الصنفين، ويحرم اتخاذهما أيضاً لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه عندنا، كالطنبور، ْوفيه المجازاة على الصبر على الزائل الفاني بالدائم الباقي ( وفي رواية في الصحيحين عن ْحذيفة رضي الله عنه) الأخصر والأولى عنه قال: ( سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لا تلبسوا الحرير ولا الديباج) هو مقصور على الذكور لأن علة تحريمه من أن فيه خنوثة تنافي شهامتهم مقصورة عليهم ( ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها) أي: صحاف آنية الذهب والفضة وهي بكسر الصاد المهملة جمع صحفة وهي دون القصعة، وخص فيه الشرب والأكل بالذكر لغلبتهما في الاستعمال لا للتقييد.
وخص الإِناء بالشرب، والصحاف بالأكل، لأنهما معدان لهما غالباً.