فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب في مَسائل من الصوم

رقم الحديث 1242 ( عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا نسي أحدكم) عبر بإذا إيماء إلى غلبة النسيان على الإنسان؛ لكونه طبعاً، وفي نسخة: إذا نسي الصائم، وعلى الأول فالمفعول محذوف، أي: الصوم مدلول عليه بالسياق إلى الصوم.
قال الحافظ: وجاء عند ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم والدارقطني، من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: من أفطر في شهر رمضان ناسياً، فلا قضاء عليه ولا كفارة، قال: ففيه تعيين رمضان، وتصريح بأن لا قضاء، ثم نقل الكلام في حال الحديث بما فيه طول وحاصله قبوله ( فأكل أو شرب فليتم صومه) وعند الترمذي: فلا يفطر، والاقتصار على الأكل والشرب؛ لأنهما الأغلب، وإلا فكل المفطرات حكمها كذلك، ولا فرق بين قليل ما ذكر وكثيره حينئذ، وفارق بطلان الصلاة بالأكل ناسياً كثيراً بأن لها هيئة تذكر بها، ولا كذلك الصوم ( فإنما أطعمه الله وسقاه) وفي رواية الترمذي " فإنما هو رزق رزقه الله ".
وفي رواية الدارقطني "فإنما هو رزق ساقه الله تعالى إليه" قال القاضي زكريا في شرح الإعلام: ومقتضى الحديث أن لا قضاء عليه، وقد زاد الدارقطني في روايته: ولا قضاء عليه "لطيفة" روى عبد الرزاق عن عمرو بن دينار أن إنساناً جاء أبا هريرة فقال: أصبحت صائماً فدخلت على رجل فنسيت فطعمت، فقال: لا بأس.
قال: ثم دخلت على آخر فنسيت فطعمت وشربت فقال: لا بأس أطعمك الله وسقاك.
قال: ثم دخلت على آخر فنسيت فطعمت قال أبو هريرة: أنت إنسان لم تتعود الصيام.
( متفق عليه) .


رقم الحديث 1243 ( وعن لقيط) بفتح اللام وكسر القاف آخره طاء مهملة ( ابن صبرة) بفتح المهملة وكسر الموحدة.
قال الحافظ في التقريب: ويقال: إنه جده واسم أبيه عامر، صحابي مشهور، خرج عنه البخاري في التاريخ وأصحاب السنن الأربعة، وقال المصنف في التهذيب: قال ابن عبد البر: يقال فيه لقيط بن صبرة، ولقيط بن عامر، ولقيط بن المشفق، قال الترمذي: وقال أكثر أهل الحديث: لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر، وجعلهما مسلم في كتاب الطبقات اثنين، كما سلك ذلك الدارمي.
روى عنه ابن أخيه وكيع بن عدس، وقال ابن بغدسي وعاصم بن لقيط وعمرو بن أوس وغيرهم قالوا: أو كان يكره السائل فإذا سأله أبو رزين أعجبه مسألته.
اهـ وقوله ( رضي الله عنه) جملة خبرية لفظاً دعائية معنى ( قال: قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء) أي: عن سننه ومكملاته، بدليل قوله ( قال: أسبغ الوضوء) أي: أتممه بغسل ما زاد على الفرائض، من الغرة والتحجيل ( وخلل بين الأصابع) وذلك بالتشبيك بين أصابع اليدين، وفي الرجلين بأي كيفية كانت.
قال ابن حجر في شرح المنهاج: والأفضل بخنصر اليسرى من يديه، ومن أسفل مبتدياً بخنصر يمنى رجليه، مختتماً بخنصر يسراهما للأمر بتخليل اليدين والرجلين، في حديث ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - "كان يدلك أصابع رجليه بخنصره" ومحل كونه من السنن ما لم يتوقف وصول الماء عليه، وإلا كالأصابع الملتفة، فيجب إذا لم يصل الماء لباطنها إلا به، كتحريك خاتم، كذلك ويحرم فتق ملتحمة ( وبالغ في الاستنشاق) أي: بإيصال الماء إلى الخيشوم، وجذبه بالنفس مع إدخال خنصر يسراه، وإزالة ما في أنفه من أذى ولا يستقصي فيه فإنه يصير سعوطاً، لا استنشاقاً أي: كاملاً وإلا فيحصل به أصل السنة، وكذا يبالغ غير الصائم في المضمضة ندباً بأن يبلغ بالماء إلى أقصى الحنك ووجهي الإِنسان واللثات، ويسن إمرار الإصبع اليسرى عليها ومج الماء ( إلا أن تكون صائماً) أي: فلا تبالغ، فمن ثم كرهت له خشية السبق إلى حلقه، أو دماغه فيفطر، وإنما حرمت القبلة المحركة للشهوة؛ لأن أصلها غير مندوب مع أن قليلها يدعو لكثيرها والإنزال المتولد منها لا حيلة في دفعه، وهنا يمكنه مج الماء ( رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث صحيح) وفي نسخة مصححة لزيادة: حسن .


رقم الحديث 1245 ( وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنباً) وقولهما ( من جماع غير احتلام) وصف تقييدي إذ جنابته - صلى الله عليه وسلم - لا تكون بالاحتلام إذ هو من تلاعب الشيطان، ولا وصلة له إليه - صلى الله عليه وسلم -، أو تخصيصي بناء على أن الاحتلام نوعان: عن إمتلاء البدن: وهو لكونه من العوارض البشرية، جائز في حقه، وعن تلاعب الشيطان: وهو الممتنع عليه كسائر الأنبياء صلى الله عليه وعليهم وسلم ( ثم يصوم) وقد أومأ إلى صحة صوم من أصبح جنباً قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، إذ يلزم من حله آخر أجزاء الليل طلوع الفجر عليه وهو جنب، فيدل حله على صحة صومه، ذكره الأصوليون في دلالة الإِشارة ( متفق عليه) .