فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب النهي عن سبَّ الريح، وبيان ما يقال عند هبوبها

رقم الحديث 1727 ( عن أبي المنذر) بصيغة الفاعل من الإنذار، كنية ( أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية ( ابن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تسبوا الريح) لأنها مسخرة مذللة فيما خلقت له ( فإذا رأيتم ما تكرهون) أي: من عصفها وشدتها ( فقولوا اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها) أي: المرتب عليها من جمع السحاب الناشىء عنه الغيث وحسن الكلأ، أو الخير الذي فيها من تسيير، نحو السفن بها ( وخير ما أمرت) بصيغة المجهول، والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل مستتر وقوله ( به) متعلق به ( ونعوذ بك من شر هذه الريح) لكونها عاصفة أو ريحاً مهلكة؛ ( وشر ما فيها وشر ما أمرت به) أي: من إهلاك ما مرت عليه، كريح عاد التي لم تمر على شيء، إلا جعلته كالرميم ( رواه الترمذي) في الفتن من جامعه ( وقال: حديث حسن صحيح) رواه النسائي في عمل اليوم والليلة، وأشار إلى الاختلاف على أبي: في رفعه ووقفه.


رقم الحديث 1728 (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الريح من روح الله) أي: يرسلها من رحمته لعباده ولطفه بهم (تأتي بالرحمة) أي: لمن أراد الله رحمته (وتأتي بالعذاب) أي: لمن أراد الله عذابه (فإذا رأيتموها فلا تسبوها) أي: لأنها مأمورة بما تجيء به من رحمة وعذاب (وسلوا الله خيرها) أي: من خير ما أرسلت به (واستعيذوا بالله من شرها) أي: من شر ما أرسلت به (فإنها مأمورة رواه أبو داود بإسناد حسن) ورواه البخاري في الأدب المفرد، والحاكم في المستدرك (قوله - صلى الله عليه وسلم - من روح الله هو بفتح الراء) الصبح) فيه مشروعية الجماعة في السفر في المكتوبات، وإن كان طلبها فيه دونه في الحضر للمشقة فيه (بالحديبية) بضم المهملة الأولى، وفتح الثانية وسكون التحتية وكسر الموحدة.
قال في المصباح: أهل الحجاز يخففون التحتية أي: التي بعد الباء.
قال الطرطوشي بالتخفيف.
وقال أحمد بن يحيى: لا يجوز فيها غيره.
وهذا هو المنقول عن الشافعي.
وقال السهيلي: التخفيف أعرف عند أهل العربية.
قال: وقال أبو جعفر النحاس: سألت كل من لقينا ممن أثق بعلمه، من أهل العربية، عن الحديبية فلم يختلفوا على أنها مخففة.
ونقل البكري التخفيف عن الأصمعي أيضاً.
وأشار بعضهم إلى أن التثقيل، سمع من فصيح، ووجه في المصباح بما يؤول لضعفه، وهي بين مغرب مكة على عريق جدة دون مرحلة من مكة بينها، وبين مكة عشرة أميال (على إثر) بكسر فسكون للمثلثة وبفتحتين (سماء) أي: مطر كانت من الليل، والتأنيث باعتبار لفظ سماء المؤنثة تأنيثاً لفظياً.
قال في المصباح: السماء المطر مؤنثة لأنها بمعنى السحاب (فلما انصرف) أي: من الصلاة بإتمامها (أقبل على الناس فقال: هل تدرون) أي تعلمون (ماذا قال ربكم) أي: قولاً نفسياً فاعله بذاته (قالوا الله ورسوله أعلم) ردوا ذلك لهما لزوماً للأدب، ووقوفاً عند حد العلم، وخروجاً عن مجاوزته (قال) أي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال) أي: الله تعالى (أصبح من عبادي) الإضافة للاستغراق (مؤمن بي وكافر) أي: بي وحذف اكتفاء بدلالة ما قبله عليه، وإيماء إلى أن القبيح لا ينبغي أن يؤتى معه بنسبته إليه، مبالغة في أدب الخطاب معه، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته إن كان المراد منها الفضيلة فالعطف تفسيري وإن أريد بها إرادته فعطف مغايرة (فذلك مؤمن بي) إذا أضاف الأمور إلى خالقها الموجد لها (كافر بالكوكب) أي: بنسبة إحداثها لشيء فإنه لا أثر لغير الله في شيء أصلاً، وأفرد الكوكب مراداً به الجنس، المدلول عليها بأل الداخلة عليه (وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا) كناية عما يضاف إليه النوء من النجوم غالباً (فذلك كافر بي) كفراً حقيقياً إن اعتقد أن النوء موجد للمطر حقيقة، وإلا فكافر للنعمة إن لم يعتقد ذلك، وأسند ما لله لغيره (مؤمن بالكوكب) قال ابن النحوي في لغات ابن المنهاج في النوء: كلام طويل لخصه ابن الصلاح، حيث قال: النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب فإنه مصدر ناء النجم ينوء أي: سقط وغاب وقيل أتي: طلع ونهض، بيان ذلك: أنها أربعة وعشرون نجماً معروفة الطالع في السنة كلها، وهي معروفة بمنازل القمر الثماني والعشرين، يسقط في ثلاث عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر مقابله من المشرق من ساعته، فكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر، ينسبونه إلى الساقط الغارب منها.
وقال الأصمعي: إلى الطالع منها قال أبو عبيدة: لم يسمع أن النوء السقوط، إلا في هذا الموضع.
ثم إن النجم نفسه قد يسمى نوءاً، تسمية للفاعل بالمصدر.
وقال أبو إسحاق الزجاج في بعض أماليه الساقطة في المغرب: هي الأنوار الطالعة، هي البواح في المحكم، بعضهم يجعل النوء السقوط، كأنه من الأضداد اهـ.
(متفق عليه) ورواه أبو داود والنسائي (والسماء هنا المطر) ظاهر كلام المصباح أنه إطلاق حقيقي.
باب تحريم قوله أي: المكلف (لمسلم يا كافر) .