فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب الوالي العادل

رقم الحديث -79 عبر بالوالي ليشمل كل ذي ولاية.
( قال الله تعالى) : ( { إن الله يأمر بالعدل والإحسان الآية} ) بالنصب: أي أتم الآية، وبالرفع: أي الآية المعروفة، وبالجرّ على حذف الجار وإبقاء عمله وهذا شاذ ( إلى آخرها) وقد سبق الكلام على معناها في الباب قبله.
( وقال تعالى) : ( { وأقسطوا} ) بفتح الهمزة أي اعدلوا من الإقساط: العدل ( { إن الله يحبّ} ) أي يثيب ويوفق ( { المقسطين} ) العادلين.


رقم الحديث 659 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ قال: سبعة) أي من أصناف الناس فهو مبتدأ سوغ الابتداء به ما أشرنا إليه، وقوله ( يظلهم الله في ظله) خبره وقوله ( يوم لا ظلّ إلا ظله) ظرف له وهو القيامة ( إمام عادل) بالرفع خبر مبتدإ محذوف: أي هم والعطف سابق على الربط، والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً جواباً لمن قال: من هم؟ وذكر الإمام لأنه الأشرف والأفضل العادل يشمله وغيره من الولاة كما تومىء إليه ترجمة المصنف ( وشاب نشأ في عبادة الله تعالى) مخلصاً لله سبحانه ( ورجل قلبه معلق بالمساجد) فهو من عمارها المشهود لهم بالاهتداء، وتعلق قلبه بها، ليعبد الله تعالى فيها بصلاة واعتكاف ونحو ذلك فلذا قرنة بما قبله ( ورجلان تحابا في الله) في تعليلية أي لله لا لغرض ولا لعرض.
وفي الحديث «أفضل الحبّ الحبّ في الله» ( اجتمعا عليه وتفرقا عليه) جملة صفة بعد صفة للكرة قبلها أو حال منها لتخصيصها بالوصف ( ورجل دعته امرأة ذات) صاحبة ( منصب) إشارة لغناها ( وجمال) إشارة لما يدعو لموافقتها، ومع ذلك كفّ نفسه عنها ( فقال إني أخاف الله) أي وخوفه يمنع من المعصية التي منها الزنى فذكر السبب وأراد المسبب ( ورجل تصدق بصدقة) هي ما يتبرع به لمحتاج تقرباً إلى الله سبحانه ( فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) أي أنه من شدة الإخفاء لو كان بجانبه إنسان نبيه فطن لما فطن بصدقته إلى من عن يمينه ( ورجل ذكر الله) أي جلاله وعظمته ( خالياً) قيد به لأنه حينئذ أبعد عن الرياء وأقرب إلى الإخلاص وإلا فالمراد البكاء خوفاً من الله مخلصاً له سواء كان في الخلا أو في الملا ( ففاضت عيناه) من هيبته وجلاله، أو ذكر نعماء الله عليه وتقصيره في أداء شكرها ففاضت عيناه حياء من الله تعالى ( متفق عليه) تقدم تخريجه مع بسط الكلام في شرحه في باب فضلالحبّ في الله تعالى.


رقم الحديث 660 ( وعن عبد الله بن عمرو بن العاص) بحذف الياء تخفيفاً وتقدم بيان وجهه مراراً ( رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: إن المقسطين) أو العادلين ( عند الله) عندية شرف ومكانة وهو محتمل لكونه خبر إنّ، وقوله ( على منابر من نور) في محل الحال من الضمير المستقر فيه أو خبر بعد خبر، أو هو خبر والظرف قبله حال من الضمير المستقر فيه، ومن نور صفة منابر مخصصة لبيان الحقيقة، ويجوز أن يكون حالاً بعد حال على التداخل.
قال العاقولى: هذا يحتمل الحقيقة وهي جمع منبر سمى به لارتفاعه، ويحتمل أن يكون كناية عن المنازل الرفيعة والمراد بذلك كرامتهم ولذا قال عند الله فهو كناية عن ارتفاع شأنهم في معارج القدس ( الذين يعدلون في حكمهم في أليهم وما ولوا) صفة المقسطين أو خبر محذوف: أي الممدوحون أو مفعول أمدح مقدراً وفي حكمهم صلة يعدلون وفي أهليهم صلة حكم، ويجوز كونه ظرفاً مستقراً: أي حال كون الحكم كائناً في أهلهم، قال العاقولي: أي إن هذا الفضل إنما هو لذي العدل فيما قلده من دنيوي أو أخروي كلي أو جزئي في أهله وغيره وهو ملخص من كلام المصنف في «شرح مسلم» ( رواه مسلم) وأحمد والنسائي، وعندهم زيادة «عن يمين الرحمن» بعد قوله: «من نور» .


رقم الحديث 661 ( وعن عوف بن مالك) هو الأشجعي كما في «أطراف» المزي ( رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: خيار) بكسر المعجمة فتحتية مخففة.
قال في المصباح جمع خير: ضد الشرّ كسهم وسهام ومنه: خيار المال الكرائم ( أتمتكم) بهمزتين وتخفف بقلب الثانية ياء جمع إمام وأصله أأممة علة وزن أفعلة فنقلت الكسرة إلى الساكن قبلها وأدغمت الميم الساكنة في المتحركة ( الذين تحبونهم) لحسن سيرتهم فيكم ورفقهم بكم ( ويحبونكم) وذلك لأن المحبة رابطة من الجانبين، ولذا عجب من حب زوج بريرة لها وبغضها إياه( وتصلون عليهم) أي تدعون لهم بخير وعدى بعلى لتضمنه معنى الحنو والعطف ( ويصلون عليكم) أي يدعون لكم لامتثالكم ما أمر الله بامتثاله واجتنابكم ما نهى الله عنه ويصلون عليكم إذا متم وتصلون عليهم كذلك.
قال العاقولي: وإن حمل على الدعاء فحسن.
أي تدعون لهم ويدعون لكم وذلك إنما يكون عند التقارب والتآلف والتناصف وكلا المعنيين قريب وكل منهما يلزم الآخر اهـ.
وكونه يلزم من كل منهما الآخر في محل المنع، والله أعلم ( وشرار أئمتكم) بكسر المعجمة جمع شرّ ضد الخير كما تقدم ( الذين تبغضونهم) لشقهم عليكم وعدم رفقهم بكم ( ويبغضونكم) كما تقدم في نظيره ( وتلعنونهم) أي تدعون عليهم بالبعد من الرحمة لسوء أعمالهم، ولا يلزم منه جواز الدعاء بلعن المعين لأن هذا بيان عادة الناس مع أمراء السوء لا أن ذلك مشروع ( ويلعنونكم) مجازاة لما فعلتم معهم ( قال قلنا يا رسول الله أفلا ننابدهم) أي أنطيعهم على سوء وصفهم المذكور فلا ننابذهم أي نخالفهم بترك الطاعة لهم ( قال لا) أي لا تنابذوهم ( ما) مصدرية ظرفية ( أقاموا فيكم الصلاة) أي مدة إقامتهم لها فيكم، وفيه دليل تعظيم الصلاة.
ويؤخذ منه أن ترك إقامة الصلاة كالكفر البواح لقوله في حديث عبادة «لا إلا أن تروا كفراً بواحاً» وقد تقدم في باب الأمر بالمعروف وكذا تقدم فيه من حديث أم سلمة «قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة» رواه مسلم، وبه يتبين تفسير ننابذهم في حديث الباب لأن تفسير السنة بالسنة أولى، وفي «المصباح» نابذته الحرب كاشفته إياها وجاهرته بها ( رواه مسلم) .
( تصلون عليهم: تدعون لهم) أي بخير كما يدل عليه تعدية دعا باللام وهذا أحد المحتملين في ذلك كما تقدم.


رقم الحديث 662 ( وعن عياض بن حمار) بكسر أول كل منهما وهو مهمل وتجفيف التحتية والميموآخر الأول ضاد معجمة والثاني راء، وقد تقدمت ترجمته ( رضي الله عنه) في باب فضل الاختلاط بالناس ( قال: سمعت رسول الله يقول: أهل الجنة ثلاثة) مفهوم العدد غير معتبر عند الأصوليين والاقتصار على ذلك لعله لدعاء المقام حين التكلم إليه، والتمييز محذوف أي ثلاثة أصناف ( ذو) أي صاحب ( سلطان) أي تسلطن بالولاية في شيء من أمور المسلمين ( مقسط) بالرفع صفة ذو أي عادل ( موفق) أي لمراضى الله سبحانه وتعالى من امتثال أوامره واجتناب مناهيه، وقد جاء في حديث عبادة «ساعة من الملك العادل تعدل عبادة سبعين سنة من غيره» والتوفيق لغة: جعل الأسباب موافقة للمسببات.
وشرعاً خلق قدرة الطاعة في العبد، وقيل خلقها فيه بالفعل ( ورجل رحيم) من الرحمة وهي ميل نفساني إلى جانب المرحوم ( رقيق القلب) بقافين من الرقة خلاف الغلظ والعنف أي إنه لصفاء قلبه ورحمته اللتين قامتا به خال عن الغلظ والعنف على الخلائق بل يحنو عليهم ويشفق في أحوالهم، وقوله ( لكل ذي قربى ومسلم) تنازعه الوصفان قبله، ففيه إيماء إلى صلته للرحم لأن الداعي لها موجود مع فقد المانع فكأنه قال الثاني واصل رحمه فذكر السبب مراداً به المسبب ( وعفيف) بالطبع عن السؤال بحسب أصل طبعه ( متعفف) مبالغ في ذلك بالاكتساب ففيه إيماء إلى أن الأخلاق غريزية باعتبار أصلها وإنما تزكو وتنمو بالمزاولة ( ذو عيال) أي إنه لكمال يقينه ووثوقه بمولاه لتضمنه بأرزاق العباد فضلاً منه لا يسأل أحداً وإن كان قام بسبب السؤال من كثرة العيال المؤذن بها الإتيان بذي التي هي أبلغ من صاحب وبصيغة جمع الكثرة ( رواه مسلم) .
8