فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب تحريم احتقار المسلمين

رقم الحديث -271 باب تحريم احتقار المسلم أي: إهانته وإسقاطه من النظر والاعتبار ( قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم) السخرية: الازدراء والاحتقار.
وقوم أي: رجال ( عسى أن يكونوا) أي: المسخور بهم ( خيراً منهم) أي: الساخرين.
استئناف علة للنهي، واكتفى عسى "بأن" ومنصوبها عن الخبر.
والذي اختاره ابن مالك، أنها حينئذ تامة ( ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن) أي: عند الله ( ولا تلمزوا أنفسكم) أي: لا يعتب بعضكم بعضاً فإن عيب أخيه، عيب نفسه.
أو لأن المؤمنين كنفس واحدة.
واللمز: الطعن باللسان ( ولا تنابزِوا بالألقاب) أي: يدعو بعضكم بعضاً، باللقب السوء، والنبز مختص باللقب السوء عرفاً، ومنه يا فاسق يا كافر ( بئس الاسم الفسوق) يعني السخرية واللمز والتنابز، وبئس الذكر، الذي هو الفسق ( بعد الإِيمان) يعني لا ينبغي أن يجتمعا فإن الإِيمان يأبى الفسوق، أو كان في شتائمهم، يا يهودي يا فاسق، لمن أسلم فنهوا عنه ( ومن لم يتب) من ذلك ( فأولئك هم الظالمون) .
( وقال تعالى: ويل) كلمة عذاب، أو واد في جهنم ( لكل همزة لمزة) أي: كثير الهمز واللمز، أو الغيبة.
وقيل الهمزة: من اعتاد كسر أعراض الناس، واللمزة من اعتاد الطعن فيهم، وعن بعض السلف الأول الطعن بالغيب، والثاني في الوجه.
وقيل باللسان وبالحاجب.
نزلت فيمن كان يغتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، كأمية بن خلف، والأخنس بن شريف.
وعن مجاهد وهي عامة.


رقم الحديث 1574 (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بحسب) أي: كافي (امرىء) أي: إنسان (من الشر أن يحقر أخاه المسلم) أي: وذلك لعظمه في الشر، كاف له عن اكتساب آخر، ولا يخفى ما فيه من فظاعة هذا الذنب، والنداء عليه بأنه غريق في الشر حتى إنه لشدته فيه، يكفي من تلبس به عن غيره (رواه مسلم) في أثناء حديث (وقد سبق قريباً) في باب النهي عن التجسس (بطوله) مشروحاً، وسبق معظمه في باب تعظيم حرمات المسلمين.
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رجل والله لا يغفر الله لفلان) وذلك من القائل، احتقاراً للمقول عنه، وازدراء له أن تناله المغفرة لعظمها وجلالتها؛ (فقال الله عز وجل: من ذا الذي) قال السفاقسي في إعراب نظيره، من آية الكرسي: الأولى أن "من" ركبت مع ذا للاستفهام، والمجموع في موضع رفع بالابتدا والموصول بعد هو (يتألى) أي يحلف قال في المصباح: يقال آلى إيلاء، مثل آتى إيتاء إذا حلف، فهو مولٍ وتألي وائتلي كذلك (علي ألا أغفر لفلان) أي: بأن لا أغفر له (إني قد غفرت له) جملة مستأنفةً لبيان أن المحتقر عند ذلك القائل، هو عند الله بمكان، وأن القائل بضده كما قال (وأحبطت عملك) أي: أبطلت ثوابه.
وفي الحديث تحذير من احتقار أحد من المسلمين، وإن كان من الرعاع.
فإن الله تعالى أخفى سره في عباده (رواه مسلم) .
باب النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم قال في المصباح: شمت به يشمت أي: من باب فرح، إذا فرح بمصيبة نزلت به، والاسم: الشماتة.
واحترز بقوله "إظهار" عن الفرح الباطني، فإن طبع الإِنسان، الفرح بلحاق المصيبة لمن يعاديه وينافيه، إلا من طهره الله من ذلك.
(قال الله تعالى: إنما المؤمنون إخوة) أي: وشأن الأخوة، أن يتحرك الأخ لما يلحق أخاه من الضرر.
(وقال تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع) أي: تفشو (الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) وجه استشهاده بالآية أنه إذا توعد على محبة شيوع الأمر القبيح الذي باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع ولا نظر لطعن طاعن، فيما كان كذلك.
(قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) ولا شبهة في أن الطعن في النسب، من أعظم أنواع الأذى فالآية تشمله شمولاً بيناً.