فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب الحثِّ عَلَى حضور الجماعة في الصبح والعشاء

رقم الحديث 1071 ( عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: من صلى العشاء في جماعة) يشمل قليل الجماعة من إمام ومأموم وكثيرها وفاضلها ومفضولها ( فكأنما قام نصف الليل) أي بصلاة التهجد، إذ القيام في عرف الشرع عبارة عن ذلك، ففيه فضل الجماعة في العشاء ( ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله) ما أفاده ظاهره من ترتبحصول ثواب قيام جميع الليل لمن صلى الصبح جماعة وإن لم يصل العشاء جماعة غير مراد، بل إن المراد مجموع صلاتي العشاء والصبح جماعة كقيام الليل كله، فصلاة كل منهما جماعة كقيام نصف الليل كما يشهد بهذا التفصيل الحديث بعده ( رواه مسلم) في الصلاة.
( وفي رواية للترمذي) في الصلاة من «جامعه» ( عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله: من شهد العشاء في جماعة كان له كقيام نصف ليلة) أي مثل ثوابه غير مضاعف كما يومىء إليه قوله في الحديث قبله «فكأنما قام نصف الليل» ( ومن شهد العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام اليلة) وإنما: حمل الحديث الأول على هذا الحديث لأن ذاك مجمل هذا مبين وهو يقضي به على المجمل، وإنما لم يجعل الحديثان من قبيل أنه أعلم أولاً بما اشتمل عليه حديث الترمذي هذا فأخبر به، ثم تفضل الله بما اشتمل عليه حديث مسلم فأخبر به ثانياً لأن الحديث واحد وليس متعدداً، فحمل حديث مسلم المجمل على حديث الترمذي البين الواضح ( وقال الترمذي: حديث حسن صحيح) كذا في نسخ «الرياض» .
والذي في «أطراف» المزي عنه الاقتصار على قوله حسن، وزاد: وقد روي من وجه عن عثمان موقوفاً ومن غير وجه عن عثمان مرفوعاً.


رقم الحديث 1072 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ولو يعلمون) أي الناس المذكورون أول الحديث، ولذا أتى المصنف بالعاطف أول الحديث تنبيهاً على أنه قطعة من الحديث ( ما في العتمة والصبح) أي ما في شهود جماعتهما من الأجر العظيم المفصح به الحديثان قبله ( لأتوهما ولو حبواً) فيه مزيد الحض على حضورهما ( متفق عليه) وقد سبقالحديث بطوله في باب فضل الأذان.


رقم الحديث 1073 ( وعنه قال: قال رسول الله: ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء) أي جماعة لو منفرداً، وذلك لأن وقت الصبح وقت طيب الرقاد لحسن الهواء عنده، ووقت العشاء وقت غلبة النوم لمزاولة الأعمال النهارية، والمنافقون لا يؤمنون بالله، ولا يصلون إلا رياء، فهي أثقل الصلوات عليهم، لأنها لكونها تفعل في ظلام لا يحصل غرضهم من المراءاة الحاصلة في صلاة الثلاثة الباقية جماعة مع ما فيها من فوات لذة النوم حينئذ، بخلاف المؤمن فإنهما وإن كانتا في ذينك الوقتين أشق عليه إلا أن عظم ثوابهما المرتب عليهما يخفف عنه ألم معاناتهما ( ولو يعلمون ما فيهما) لا يخفى ما فيه من الإيماء إلى عظم ثواب ذلك فكأن العبارة تضيق عن تفصيله ( لأتوهما ولو حبواً، متفق عليه) .
193

رقم الحديث -190 خصا بالذكر لثقلهما على النفوس غالباً، لأن وقت الأولى وقت طيب النوم ولذته ولذا أمر المؤذن أن يقول في أذانه: الصلاة خير من النوم، والعشاء وقت العشاء مع غلبة الظلمة وقتها فاختصا بالتحريض عليهما لذلك.