فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - بابُ الحثِّ عَلَى الازدياد من الخير في أواخِر العُمر

رقم الحديث 112 ( والله أعلم) ( وأما الأحاديث) النبوية.
( فـ) الحديث ( الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ قال: أعذر الله إلى امرىء) أي: شخص ( أخر) بتشديد المعجمة ( أجله حتى بلغ ستين سنة.
رواه البخاري.
قال العلماء: معناه)
أزال عذره فـ ( لم يترك له عذراً) يعتذر به في ترك صالح الأعمال ( إذ أمهله هذه المدة) فالهمزة للسلب ( يقال) في كلام العرب ( أعذر الرجل) بالرفع ( إذا بلغ الغاية في العذر) .
قال الحافظ العسقلاني: الأعذار إزالة العذر، والمعنى: أنه لم يبق له اعتذار كأن يقول: لو مدّ لي في الأجل لفعلت ما أمرت به، وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذٍ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية ونسبة الإعذار إلى الله تعالى مجازية، والمعنى: أن الله لم يترك للعبد سبباً للاعتذار يتمسك به.
والحاصل أنه تعالى لا يعاقب إلا بعد حجة.
وقال التوربشتي: ومنه قولهم: أعذر من أنذر: أي: أتى بالعذر وأظهره وهذا مجاز من القول، فإن العذر لا يتوجهعلى الله وإنما يتوجه له على عبيده، وحقيقة المعنى فيه أن الله تعالى لم يترك للعبد شيئاً في الاعتذار يتمسك به اهـ.


رقم الحديث 113 ( الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر رضي الله عنه يدخلني مع أشياخ بدر) أحد جموع شيخ، وقد ذكرتها في أول هذا الشرح، والمراد منه ذوو الأسنان من الصحابة البدريين وهم من أفاضل الصحابة وأكارمهم: أي: يدخله معهم في المشورة والمهمات وإدخاله معهم مع كبر سنهم لكبر قدره بما عنده من العلوم والمعارف، وقد كان يسمى البحر لسعة علمه ( فكأن) بتشديد النون ( بعضهم) قال ابن النحوي: هو عبد الرحمنبن عوف كما صرح به البخاري في موضع آخر ( وجد) غضب ( في نفسه) من ذلك ( فقال) له ( لم) بتحريك الميم وهي ما الاستفهامية حذفت ألفها لأنها جرت وحقها أن ترسم بهاء السكت بعد الميم لأنها يوقف عليها كذلك ( تدخل) بضم الفوقية وكسر الخاء المعجمة، وفي نسخة «يدخل» بفتح التحتية وضم المعجمة ( هذا معنا، ولنا أبناء مثله) في السن، ويحتمل أن يكون في لقيّ النبي أيضاً بالنسبة لبعضهم ( فقال عمر: إنه من حيث علمتم) أي: من بيت النبوّة ومنبح العلوم ومصدر الآراء السديدة، ثم أراد زيادة بيان لشرفه بكثرة علمه المقتضي لتقدمه ( فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيت) علمت بقرائن الأحوال، وفي أصل متعمد من «صحيح البخاري» «فما أريته» بصيغة المجهول واتصل الضمير به أي ظننته ( أنه دعاني يومئذٍ إلا ليريهم) بضم التحتية الأولى: أي: يعلمهم ( مني) ما أستحق به الإدخال مع الشيوخ البدريين، زاد في رواية ابن سعد «فقال: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون به فضله» ( فقال: ما تقولون في قوله تعالى: { إذا جاء نصر الله والفتح} ( النصر: 1) ، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد ا) بفتح النون والميم ( ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا) جعل هذا القائلالخطاب بالسورة شاملاً لجميع الأمة ( وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي) عمر ( أكذلك) أي: كما يقول هؤلاء مما ذكر ( تقول يابن عباس؟ فقلت لا) أي: لا أقول ذلك ( قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له) أي: للنبيّ: أي: إن المراد من السورة تنبيهه على ما يعرف به قرب أجله وعلى ما يأتي به حينئذٍ ( قال تعالى: { إذا جاء نصر ا} ) نبيه على أعدائه ( { والفتح} ) فتح مكة، وقيل: المراد جنس نصر الله المؤمنين وفتح مكة وسائر البلاد عليهم ( { ورأيت} ) أي: أبصرت ( { الناس يدخلون في دين ا} ) أي: الإسلام ( { أفواجا} ) جماعات بعد ما كان يدخل فيه واحد بعد واحد وذلك بعد فتح مكة ( وذلك) أي: النصر وما بعده ( علامة) قرب انتهاء ( أجلك) .
قال البيضاوي في «التفسير» : لعل ذلك لدلالتها على تمام الدعوة وكمال أمر الدين، فهي كقوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم} ( المائدة: 3) أو لأن الأمر بالاستغفار ينبه على دنوّ الأجل: أي: لأنه يكون في خواتم الأمور، ولذا كان يستغفر بعد صلاته، وإذا خرج من الخلاء وإذا أفاض ولذا سميت سورة التوديع.
والأكثر على أن هذه السورة نزلت قبل فتح مكة وأنه نعي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اهـ.
قال أبو حيان في «النهر» : قيل: نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع فعاش بعدها ثمانين يوماً.
وفي «شرح البخاري» لابن النحوي بعد نقله عنبن التين أنها لعلها نزلت جميعاً، أي: كاملة منصرفه من حنين، قاله الواحدي، قال: وعاش بعد نزولها سنتين، قال: وهو غريب كأنه تصحيف، والذي رواه غيره ستين يوماً.
قال في «فتح الباري» : وسئلت عن قول «الكشاف» : إن سورة النصر نزلت في حجة الوداع أيام التشريق فكيف صدرت بإذا الدالة على الاستقبال؟ فأجبت بتضعيف ما نقله، وعلى تقديم صحته فالشرط لم يكمل بالفتح، لأن مجيء الناس أفواجاً لم يكن كمل فبقية الشرط مستقبل.
قال: وقد أجاب الطيبي عن هذا السؤال بجوابين: أن إذا بمعنى إذ، وبأن كلام الله تعالى قديم.
قال الحافظ: وفي كلمن الجوابين نظر اهـ.
قال الإيجي: وقيل: إن فتح مكة أم الفتوح والدستور لما يكرون بعده من الفتوحات فهو وإن كان متحققاً في نفسه لكنه مترقب باعتبار ما يدل عليه ( فسبح بحمد ربك) أي: متلبساً ( واستغفره إنه كان توّاباً) على العباد، وكان بعد نزول هذه السورة يكثر من قوله: «سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي» وفي رواية «أستغفرك وأتوب إليك» كما يأتي في الحديث عقبه ( فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول.
رواه البخاري)
والترمذي، أي: فأشار إلى أن سبب تقديمه له على إخوانه وأقرانه هو سعة علمه وكمال فهمه، وأن التقدم بالمعنى المقتضي له وإن صغر السن: ما أحسن ما قيل: فكم من صغير لاحظته عناية من الله فاحتاجت إليه الأكابر

رقم الحديث 114 ( الثالث، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة بعد أن نزلت) بالبناء للفاعل، وفي نسخة أنزلت بزيادة الهمزة أوله مبنياً للمفعول ( عليه سورة إذا جاء نصر الله والفتح) وتسمى سورة النصر ( إلا يقول فيها) أي: في ركوعها وسجودها كما يأتي في الحديث بعده ( سبحانك) أي: تنزيهاً لك عما لا يليق بك من كل نقص، وسبحان منصوب على أنه واقع موقع المصدر بفعل محذوف تقديره: سبحت سبحانك، ولا يستعمل إلا مضافاً وهو مضاف إلى المفعول: أي: سبحتك، ويجوز أن يكون مضافاً للفاعل: أي: نزهت نفسك كما تقدم ( اللهم) يا أ ( وبحمدك) الواو للحال ومتعلق الظرف محذوف: أي: متلبساً بحمدك من أجل توفيقك لي، وقيل: عاطفة لجملة على جملة: أي: أنزهك وأتلبس بحمدك، وقيل: زائدة: أي: أسبحك مع ملابسة حمدك: وقدم التسبيح على التحميد لأنه تنزيه عن النقائص، والحمد ثناء بصفات الكمال، والتخلية مقدمة على التحلية ( اللهم اغفر لي) أي: ما هو نقص بالنظر إلى عليّ مقامي وإن لم يكن ذنباً في نفس الأمر، إذ الأنبياءمعصومون من الذنب مطلقاً كما تقدم، وتقدم وجه آخر في بيان المطلوب غفرانه ( متفق عليه.
وفي رواية في «الصحيحين» عنها)
أيضاً ( كان رسول الله) الأصح كما نقله المصنف في «شرح مسلم» عن المحققين والأكثرين من الأصوليين أنّ «كان» في مثل هذا المقام لا تفيد التكرار.
وقال ابن الحاجب: تفيده وكذا ابن دقيق العيد لكن قال عرفاً وهو واضح ( يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا) أي: يا ربنا، أو بدل من قوله اللهم، لا وصف له، لأن الميم تمنع منه عند سيبويه ( وبحمدك اللهم اغفر لي) وتقدم وجه عدم أخذ الفقهاء بقضية هذا الحديث حيث قالوا: إنه يقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، دون ما ذكر في هذا الحديث من أن ما ذكروه هو ما واظب عليه طول عمره وغيره مما ضمه إليه تارة واقتصر عليه أخرى، كان في بعض الأوقات ( يتأول) بفتح التحتية والفوقية والهمزة وتشديد الواو ( القرآن، معنى) قولها ( يتأول القرآن أي) أي: هذه تفسيرية وما بعدها عطف بيان لما قبلها أو بدل منه فلا يظهر موقعها فإن قوله: ( يعمل ما أمر به في القرآن في قوله: فسبح بحمد ربك واستغفره) خبر عن «معنى» لا بدل من قولها يتأول القرآن، إلا أن يخص كون ما بعدها عطف بيان أو بدلاً بما إذا كان مفرداً كما أشرت إليه في شرح نظمي قواعد الإعراب، وقوله: «في قوله الخ» بدل بعض من كل.
وقال الحافظ العسقلاني: معنى يتأول القرآن يخص عمومه ببعض الأحوال.
( وفي رواية لمسلم عنها: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول قبل أن يموت) أي: بعد نزول هذه السورة ( سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك) هذا من مزيد خضوعه لربه وانطراحه بين يديه ورؤية التقصير في أداء مقام العبودية وحق الربوبية مما هو ذنب بالنظر إلى عليّ مقامه ورفعة مرتبته.
وهذا الحديث والذي بعده فيه إبقاء الأمر في الآية على التعميم وعدم التأول بالتخصيص السابق، وهو لا يخالفه للإكثار منه في الصلاة وخارجها.
وفي جمعه بين الاستغفار والتوبة احتياط، لأن الاستغفار محتمل لكل من لمعنيين، ويقرب حمله علىالتوبة قوله: { إنه كان توّاباً} ( النصر: 3) وفيه دليل لمن قال بجواز حمل اللفظ على معنييه دفعة واحدة ( قالت عائشة: قلت يا رسول الله ما هذه الكلمات التي أراك حد تقولها؟) في محل الحال من مفعول أحدثتها ( قال جعلت) بالبناء للمفعول ( لي علامة في أمتي فإذا رأيتها) بصرتها أو عرفتها ( قلتها) والعلامة المذكورة هي ( إذا جاء نصر الله والفتح لي آخر السورة) ويحتمل أن قوله: «إذا جاء نصر الله الخ» في محل رفع تابع لعلامة على أنه عطف بيان أو بدل، ويجري هذان الوجهان في نظيره الآتي ( وفي رواية له) أي: لمسلم ( عنها) وروا أبو نعيم في «مستخرجه» إلا أنه قال: سبحان ربي، وليس فيه وأتوب إليه ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، قالت: قلت يا رسول الله أراك) أي: أبصرك حال كونك ( تكثر من قولك سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، فقال: أخبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثرت) بضم التاء فيهما ( من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه) أي: وإكثار ذلك عند رؤيا العلامة إما باعتبار عظم النعمة المرتب عليها ذلك المقتضى للتكثير زيادة في العظم، أو باعتبار صيغة التفعيل في سبح وهي للكثرة واستحبّ ذلك فيما عطف عليه لاقترانه به ولقوله: { إنه كان توابا} المعلل به طلب الاستغفار ( فقد رأيتها) ثم بين العلامة بقوله: ( { إذا جاء نصر الله والفتح} فتح مكة { ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفرهإنه كان توّابا} ) .


رقم الحديث 115 ( الرابع: عن أنس رضي الله عنه قال: إن الله عزّ) غلب فلا يغالب على مراده ( وجل) عما لا يليق بشأنه ( تابع الوحي على رسول الله) فيه الإظهار في مقام الإضمار إشارة إلى كمال التشريف له وتبركاً بذكر اسمه تعالى وتلذذاً به ( قبيل) بالتصغير ( وفاته) وذلك لتكمل الشريعة ولا يبقى مما يوحي إليه به شيء ( حتى) غاية للمبالغة ( توفي) بالبناء للمجهول ( أكثر ما كان الوحي) أي: وقت أكثريته ولما تكامل ما أريد إنزاله للعالم مما به انتظام معاشهم ومعادهم قال تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم} ( المائدة: 3) فتوفي بعده بأشهر ( متفق عليه) .


رقم الحديث -11 باب الحث بالمثلثة: أي: الحض ( على الازدياد) افتعال من الزيادة وأبدلت المثناة الفوقية دالاً لوقوعها بعد الزاي ( من الخير) أي: الطاعات والبر الموصلة إلى مرضاة الله عزّ وجل ( في أواخر العمر) لأنه أوان الختام وبحسنه تحصل ثمرات الطاعات وبركات الحسنات.
( قال الله تعالى: { أو لم نعمركم} ) هو استفهام توبيخ وتقرير ( { ما يتذكر فيه من تذكر} ) ما موصولة: أي: المدة التي يتذكر فيها المتذكر، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة: أي: تعميراً أو زمناً يتذكر فيه من تذكر ( { وجاءكم النذير} ) .
قال البيضاوي: عطف على معنى «أو لم نعمركم» فإنه للتقرير كأنه قيل: عمرناكم وجاءكم النذير.
( قال ابن عباس والمحققون) من المفسرين ( معناه أو لم نعمركم ستين سنة، ويؤيده الحديث الذي سنذكره) أول أحاديث الباب ( إن شاء الله تعالى) وعند ابن أبي حاتم عن عطاء مرفوعاً «إذا كان يوم القيامة قيل: أين أبناء الستين، وهو العمر الذي قال الله تعالى فيه: أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر» وكذا رواه ابن جرير والطبراني من طرق بعضها ضعيف كذا في أخبار الأعمال لابن فهد ( وقيل: معناه) أو لم نعمركم ( ثماني عشرة سنة) قال ابن الجوزي في «زاد المسير» ، قاله عطاء ووهب ابن منبه وأبو العالية وقتادة اهـ.
قال قتادة: طول العمر حجة، فنعوذ با أن نغترّ بطول العمر قد نزلت هذه الآية: وإن فيم لابن ثماني عشرة سنة ( وقيل: أربعين سنة قاله الحسن) أي: البصري ومحمدبن السائي ( والكلبي ومسروق) بن سعيد، سمي بذلك لأنه سرق في صغره ( ونقل) ذلك ( عن ابن عباس أيضاً) أخرجه ابن جرير عن مجاهد عنه قال: العمر الذي أعذر الله إلى ابن آدم أربعون سنة، واختاره ابن جرير ونقله غيره، وكأنه أخذه من قوله تعالى: { حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة} ( الأحقاف: 15) ( ونقلوا أن أهل المدينة كانوا إذا بلغ أحدهم أربعين سنة) تخلى عن العلائق والعوائق، و ( تفرّغ للعبادة) وإلى هذا المعنى رمز بعضهم بقوله: إذا العشرون من شعبان ولت فواصل شرب ليلك بالنهار ولا تشرب بأقداح صغار فقد ضاق الزمان عن الصغار قال القرطبي في «التفسير» : قال ابن مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا والعلم ويخالطون الناس حتى إذا بلغوا أربعين سنة تركوا المخالطة واشتغلوا بالعبادة حتى يأتيهم الموت ( وقيل: هو البلوغ) أي: سنه.
وهذا القول نقله البغوي والخازن في «التفسير» ولم يعينا قائله، وسنه عند إمامنا الشافعي خمس عشرة سنة وعند الإمام أبي حنيفة ثماني عشرة سنة.
أما الاحتلام وإمكانه فهو بعد استكمال التسع، ويمكن حمل كلام المصنف عليه لو قيل به.
( وقوله تعالى) : { وجاءكم النذير} .
( قال ابن عباس والجمهور) أي: جمهور العلماء ومنهم زيدبن علي وابن زيد، حكاه عنهما القرطبي ومنهم السريّ وهو الصحيح عن قتادة فيما رواه شيبان عنه أنه قال: احتج عليهم بالعمر والرسل وهو اختيار ابن جرير وهو الأظهر فقال هؤلاء: النذير «هو النبيّ» قال القرطبي: لأن الله تعالى بعثه بشيراً ونذيراً إلى عباده قطعاً لحجتهم، قال: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ( وقيل) : هو ( الشيب قاله) ابن عباس و ( عكرمة و) سفيان ( بن عيينة وغيرهما) كوكيع والحسينبن الفضل والفراء والطبري ذكره القرطبي.
قلت: واقتصر عليه البخاري في كتاب الرقاق من «صحيحه» ، قال: والشيب نذير لأنه يأتي في سنّ الاكتهال، وهو علامة لمفارقة سن الصبا الذي هو سن اللهو واللعب، قال: رأيت الشيب من نذر المنايا لصاحبه، وحسبك من نذير ( والله أعلم) .