فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب بر الوالدين وصلة الأرحام

رقم الحديث 332 ( وعن سلمان بن عامر) بن أوس بن حجر بن عمرو بن الحارث بن تيم بن ذهل بنمالك بن سعد بن بكر بن ضبة بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر الضبي ( رضي الله عنه) قال مسلم: لم يكن في الصحابة ضبيّ غيره، نزل البصرة وله بها دار بقرب الجامع، روى عنه محمد وحفصة ولدا سيرين، روي له عن النبيّ ثلاثة عشر حديثاً، انفرد البخاري بحديث واحد ذكره في «مختصر التلقيح» ، واقتصر المصنف في «التهذيب» على أن البخاري روى عنه حديثاً واحداً عن ( النبي قال: إذا أفطر أحدكم) أي أراد الفطر من صومه ( فليفطر على تمر) اسم جنس جمعي فأقله ثلاثة، وهذا عند فقد الرطب، وإلا فهو مقدم عليه كما جاء من فعله ذلك ( فإنه) أي التمر ( بركة) لما فيه من حفظ البصر وجمع ما تفرّق منه بالصوم، ومن أنه إذا وصل المعدة فإن وجد فيها فضلة من بقايا الطعام أخرجها وإلا كان غذاء.
وقول الأطباء: يضعف البصر محمول على كثيره المضرّ دون قليله ( فإن لم يجد تمراً فالماء) بالجر: أي فليفطر عليه كما جاء كذلك في رواية عند رواة هذا الحديث ( فإنه طهور) أي مزيل للخبائث المعنوية والحسية.
وأخذ من هذا الحديث لإطلاق الماء فيه ردّ ما قيل من تقديم زمزم لمن بمكة على التمر، فإن جمع بينهما فحسن، والترتيب المذكور للاستحباب، فلو أفطر بالماء مع وجود التمر حصل أصل سنة الإفطار على الماء ( وقال) أي النبيّ عطف على قال الأول، فهو من جملة ما رواه سلمان ( الصدقة على المسكين صدقة) أي ثوابها ثواب صدقة واحدة ( وعلى ذي الرحم) أي القرابة من الأب أو الأم وإن بعد ( ثنتان: صدقة وصلة) أي فيها ثوابان جليلان، ثواب الصدقة وثواب صلة الرحم ( حديث حسن) هذا التحسين من المصنف وما يأتي بعد من الترمذي فلا تكرار، وذلك لأن تحسينات الترمذي ليست مسلمة له كما علم من سرّ كلامهم ( رواه الترمذي وقال: حديث حسن) وكذا رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والدارمي، وروى الحديث عنه أبو داود أيضاً وابن عديّ، إلا أن قوله: «فإنه بركة» انفرد به عنهم الترمذي كما في «المشكاة» ، وفي «الجامع الصغير» بعد ذكر الحديث الأوّل بلفظ المذكور هذا رواه ابن عدي وابن خزيمة وابن حبان، وبعد ذكر الحديث الثاني ورواه الحاكم في «المستدرك» .


رقم الحديث 333 ( وعن ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما قال: كانت تحتي امرأة) لم أقف على من سماها ( وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي: طلقها) أمره بذلك لكراهته لها، والظاهر أنها دينية، أو خشي أن تجره إلى ضرر في دينه ( فأبيت) أي لما لها من الحبّ عندي ( فأتى عمر النبيّ فذكر له ذلك) أي إبائي وامتناعي من طلاقها بعد أمره به ( فقال النبيّ) من باب زيادة البر بالوالد ( طلقها) والظاهر أنه طلقها لأنه لا يتخلف عن امتثال أمر النبيّ، وكأن السكوت على ذلك للعلم به من أحواله وكمال اتباعه المانع ذلك من خطور البال لمخالفة أمره ( رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح) .


رقم الحديث 334 ( وعن أبي الدرداء) عويمر، تقدمت ترجمته ( رضي الله عنه) في باب ملاطفة اليتيم ( أن رجلاً أتاه فقال: إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها) أي وأنا لا أريد ذلك لمحبتها أو لسبب آخر ( فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الوالد) يشمل الأبوين وإن علوا ( أوسط أبواب الجنة) قال أبو موسى المدني؛ أي خيرها، يقال هو من أوسط قومه أي من خيارهم.
قال العراقي: والمعنى أن برّه مؤدّ إلى دخول الجنة من أوسط أبوابها.
وقال العاقولي: المعنى أحسن ما يتصول به إلى دخول الجنة بر الوالدين.
وكلام العراقي أقرب فيكون في الحديث مضاف إلى المبتدأ وآخر في الخبر ( فإن شئت فأضع ذلك الباب) أي بعدم برّها وترك امتثال أمرها ( أو احفظه) بذلك وإن لم يكن واجباً البرّ بالطلاق لكنه برّ لهما وإجلال لأمرهما فامتثله، وما ذكرته من أن ما ليس واجباً أصالة لا يصير واجباً بأمرهما هو ما عليه الجمهور فقالوا: إن أمرا بمباح في أصله صار مندوباً، أو بمندوب زاد تأكيد ندبه، وادعى القرطبي في «المفهم» أنه إذا أمراه أو أحدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه وإن لم يكنفي أصله واجباً بل كانت من المباحات، ثم نقل المقابل عن البعض ثم قال: والصحيح الأول لأن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بوجوب عبادته وتوحيده، وكذا جاء في السنة فذكر حديث ابن عمر المذكور ثم قال: فإن قيل يرتفع حكم الله الأصلي بحكم غيره الطارىء.
قلت: إنما ارتفع حكمه تعالى بحكمه لأنه أوجب علينا طاعتهما والإحسان إليهما، وكان من ذلك امتثال أمرهما فوجب لأنه لا يحصل ما أمر الله به إلا بالامتثال، ولأن مخالفتهما في أمرهما عقوق اهـ.
وفيه ما لا يخفى وقوله: «فإن شئت» مدرج في آخر الخبر من كلام أبي الدرداء والحديث ( رواه الترمذي وقال: حديث صحيح) قال في الجامع الصغير: ورواه أحمد وابن ماجه والحاكم في «المستدرك» .


رقم الحديث 335 ( وعن البراء) بالتخفيف والمد ( ابن عازب) بالمهملة والزاي والموحدة ( رضي الله عنهما عن النبيّ قال) في عمرة القضاء «لما خرج النبيّ وتبعته بنت حمزة تنادي يا عم يا عم، فتناولها عليّ فأخذها بيده وقال لفاطمة: دونك بنت عمك احمليها، فاختصر فيها عليّ وزيد وجعفر، فقضى بها النبيّ لخالتها وقال ( الخالة بمنزلة الأم) الحديث.
قال العلقمي: أي في هذا الحكم الخاص لأنها تقرب منها في الحنوّ والشفقة والاهتداء لما يصلح الولد فلا حجة فيه لمن قال: الخالة ترث.
وفي حديث مرسل للباقر «الخالة والدة، وإنما الخالة أمّ - وهو بمعنى قوله: «بمنزلة الأم» أي لا أنها أم حقيقة اهـ.
والمصنف أورده في الباب اعتباراً بعموم لفظه في طلب أنواع البرّ وإسداء المعروف لها كما تسدى ذلك للأم مطلب البرّ لها ( رواه الترمذي وقال: حديث صحيح) ورواه أبو داود من حديث عليّ بن أبي طالب كما في «الجامع الصغير» ( وفي الباب) أي البرّ والصلة ( أحاديث) مع حديث عليّ بن أبي طالب كما في «الجامع الصغير» ( وفي الباب) أي البرّ والصلة ( أحاديث) جمع حديث على غير قياس أو جمع أحدوثة بمعنى حديث كأراجيز جمع أرجوزة، قاله في «المفاتيح في شرح المصابيح» كما تقدم أوّل الكتاب بمزيد ( كثيرة في الصحيح) أي للبخاري لأنه صارعلماً بالغلبة في لسان المحدثين عليه، ويحتمل أنه يريد في الصحيح من الحديث للقابل للحسن والضعيف ( مشهورة منها حديث أصحاب الغار الثلاثة وحديث جريج وقد سبقا) سبق حديث الغار في باب الإخلاص وحديث جريج في باب فضل ضعفة المسلمين ( وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختصاراً) وقد ذكرا كثيراً منها المنذري في «ترغيبه» ( ومن أهمها حديث عمرو بن عبسة) بفتح المهملة والموحدة والسين المهملة ( رضي الله عنه الطويل) صفة حديث ( المشتمل على جمل كثيرة) بالمثلثة تأكيد لمدلول جمل وتنوينه ( من قواعد الإسلام) أي أصوله وضوابطه الشاملة لكثير من جزئياته ( وآدابه) جمع أدب وهو كالسنة في الطلب وإن تفاوت تأكيداً كما في «الروضة» ، وتقدم تعريف الأدب أوّل لكتاب ( وسأذكره بتمامه إن شاء الله تعالى في باب الرجاء، قال فيه: دخلت على النبيّ بمكة) وقوله: ( يعني في أول النبوّة) هذا مدرج لبيان زمن دخوله ووصوله ( فقلت له: ما أنت) المسؤول عنه وصفه، فلذلك أجابه بقوله ( قال: نبي) أي أنا نبي، ومراده به الرسول، فهو من إطلاق النبيّ بالمعنى الشامل للرسول كما يدل عليه قوله أرسلني الله ( قلت: وما نبيّ؟) أي ما حقيقة هذا اللفظ ومدلوله ( قال) بيان لما يؤخذ منه ذلك ( أرسلني ا) حذف المرسل لأجله للتعميم وليسأل عنه السائل فيصل إليه بعد الطلب فيكون أقرّ عنده ( فقلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: أرسلني بصلة الأرحام) أي بالأمر بها والحثّ عليها، وذلك داع لدوام الاتصال وترك التقاطع والانفصال ( وكسر الأوثان) جمع وثن، قيل هي الأصنام، وقيل أعم: أي إزالتها ( وأن يوحد) بالبناء للمفعول ( ا) حال كونه ( لا يشرك به شيء، وذكر) عمرو ( تمام الحديث) في باب الرجاء إن شاء الله تعالى ( والله أعلم) .
1

رقم الحديث -41 أي بيان ما ورد فيهما ويحصل به ذلك.
( قال الله تعالى) : ( { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} ) لا صنماً ولا غيره أو شيئاً من الشرك جلياً كان أو خفياً، فهو على الأول مفعول به، وعلى الثاني مفعول مطلق ( { وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم} ) تقدم الكلام على الآية في الباب قبله.
( وقال تعالى) : ( { واتقوا ا} ) بامتثال أوامره واجتناب منهياته: أي اجعلوا ذلك وقاية لكم من عذابه ( { الذي تساءلون به} ) بإدغام إحدى التاءين في السين وقرىء بالتخفيف على حذف إحداهما أي الذي يسأل بعضكم به بعضا فيقول أحدكم أسألك با ( { والأرحام} ) أي واتقوا الأرحام، وقرأ حمزة { والأرحام} بالخفض عطفا على الضمير لقولهم أسألك با وبالرحم، قاله مجاهد، قال ابن عطية: وهذه القراءة عند نحاة البصرة لا تجوز، لأنه لا يجوز عندهم العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض إلا في ضرورة كقوله: فاذهب فما بك والأيام من عجب لأن الضمير المخفوض لا ينفصل، فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، واستشكل بعض النحاة هذه القراءة اهـ.
قال السفاقسي: الصحيح جواز العطف على الضمير من غير إعادة الجار كمذهب الكوفيين، ولا ترد القراءة متواترة لمذهب البصريين، قال الثعالبي: وهو حسن، والرازي نحوه.
قلت: القراءة ثابتة ومقبولة على المذهبين، لكنها على قول البصريين محمولة على أن الواو للقسم والأرحام مقسم به، وتعالى أن يقسم بما شاء، والله أعلم.
( وقال تعالى) : ( { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل} ) قال ابن عباس: يريد الإيمان بجميع الكتب والرسل يعني يصلون بينهم بالإيمان بهم ولا يفرّقون بين أحد منهم، والأكثرون على أن المراد به صلة الرحم ( الآية) بالنصب على تقدير أتم الآية، أو بالرفع على تقدير الآية معلومة، وتمامها { ويخشون ربهم} ( الرعد: 21) أي إنهم مع وفائهم بعهد الله وميثاقه والقيام بما أمر الله به من صلة الرحم يخشون ربهم، والخشية خوف يشوبه تعظيم، وإنما يكون ذلك على علم ما يخشى به منه: { ويخافون سوء الحساب} ( الرعد: 21) قال إبراهيم النخعي: هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء.
( وقال تعالى) : ( { ووصينا الإنسان بوالديه حسناً} ) أي براً وعطفاً، والمعنى: ووصينا الإنسان أن يحسن بوالديه إحساناً، وهذه الآية هي التي في العنكبوت ونزلت في سعد بن أبي وقاص وأمه حمنة بنت أبي سفيان لما أسلم وكان بارّاً بأمه، فقالت أمه: ما هذا الدين وا لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت، فمكثت كذلك أياماً فجاءها سعد فقال: يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني، فكلي إن شئت أو اتركي فلما أيست منه أكلت وشربت، فأنزل اهذه الآية، وأمر بالبرّ بوالديه والإحسان إليهما وأن لا يطيعهما في الشرك.
( وقال تعالى) : ( { وقضى ربك} ) أي أمر قاله ابن عباس.
وقيل: معناه أوجب.
وحكى عن الضحاك: أنه قرأ ووصى ربك وقال: إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافاً، وهي قراءة علي وابن مسعود.
قال الإمام فخر الدين الرازي: هذا القول بعيد جداً، لأنه يفتح بابي التغيير والتحريف في القرآن، ولو جوّزنا ذلك لارتفع الأمان عن القرآن، وذلك يخرجه عن كونه حجة، ولا شك أنه طعن عظيم في الدين ( { ألا تعبدوا إلا إياه} ) فيه وجوب عبادته والمنع من عبادة غيره، إذ هي نهاية التعظيم، ولا تليق إلا بالمنعم المتفضل، وليس ذلك لسواه ( و) أن تحسنوا أو تفعلوا ( { بالوالدين إحساناً} ) أي برّا بهما وعطفاً عليهما وإحساناً إليهما ( { إما} ) هما إن الشرطية وما الزائدة للتأكيد، ولذا أكد الفعل في قوله: ( { يبلغن عندك الكبر} ) مفعول مقدم ( { أحدهما} ) فاعل ( { أو كلاهما} ) معناه أن يبلغ الكبر أحدهما أو كلاهما عندك فيصير في الضعف والعجز كما كنت أنت عندهما كذلك أولاً ( { فلا تقل لهما أفّ} ) وهي كلمة تضجر وكراهة، وقيل أصل هذه الكلمة أنه إذا سقط عليك شيء من تراب أو رماد نفخته لتنزيله بقول أفّ، ثم توسعوا بذكر هذه الكلمة عند كل مكروه يصل الإنسان.
وفي الآية تحريم إيذائهما بالقياس الأولوي، وفي أفّ أربعون لغة ذكرها في الارتشاف، وحاصلها أن الهمزة إما أن تكون مضمومة أو مكسورة أو مفتوحة، فإن كانت مضمومة فاثنتان وعشرون لغة، وحاصل ضبطها أنها إما مجردة عن اللواحق أو ملحقة بزوائد، والمجردة إما أن يكون آخرها ساكناً أو متحركاً والمتحرك الآخر إما مشددة أو مخففة وكل منهما مثلث الآخر مع التنوين، وعدمه فهذه اثنا عشرة لغة في المتحركة والساكنة إما مشددة أو مخففة فهذه أربع عشرة واللاحق لها من الزوائد إما هاء السكت أو حرف المد، فإن كان هاء السكت فالفاء مثلثة مشددة فهذه سبع عشرة لغة، وإن كان حرف مد فهو إما واو أو ألف أو ياء والفاء فيهن مشددة، والألف إما مفخمة أو بالإمالة المحضة أو بين بين، فهذه خمس أخرى مع السبع عشرة، وإن كانت مكسورة فإحدى عشرة مثلثة الفاء مخففة مع التنوين وعدمه، فهذه ست، وفتح الفاء وكسرها بالتشديد فيهما مع التنوين وعدمه فهذه أربع لغات، والحادية عشرة، أوفي بالإمالة، وإن كانت مفتوحة فالفاء مشددة مع الفتح والكسر والتنوين وعدمه، والخامسة أفّ بالسكون، والسادسة أفي بالإمالة، والسابعة أفاه بهاء السكت، فهذه السبعة مكملة للأربعين.
نقله الأزهري في «شرح التوضيح» ، قال الحافظ في «فتح الباري» : وإن استعمل القياس فيها بلغت السبعين لغة ( { ولا تنهرهما} ) أي تزجرهما عما يتعاطيانه مما لا يعجبك، يقال: نهره وانتهره بمعنى، ووجه الجمع بينه وبين ما قبله مع أنه يدل على هذا أن ذاك للمنع من إظهار الضجر القليل والكثير، وهذا للمنع من إظهار المخالفة في القول على سبيل الرد ( { وقل لهما قولاً كريماً} ) أي حسناً جميلاً ليناً كما يقتضيه حسن الأدب معهما، وقيل هو قول يا أباه، يا أماه ولا يسميهما باسمهما ولا بكناهما، وقيل هو أن يقول لهما كقول العبد الذليل للسيد الفظ الغليظ ( { واخفض لهما جناج الذلّ} ) أي ألن لهما جناحك واخفضه لهما حتى لا تمتنع من شيء أحباه ( { من الرحمة} ) أي الشفقة عليهما لكبرهما وافتقارهما إليك الآن كما كنت مفتقراً إليهما قبل ( وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً) أي وادع الله أن يرحمهما رحمته الباقية، وأراد إذا كانا مسلمين أما الكافران فالدعاء منسوخ في حقهما، قال تعالى: { ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} ( التوبة: 113) الآية.
وقيل يدعو لهما بالهداية للإسلام فإذا هديا إليه رحما.
( وقال تعالى) : ( { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن} ) أي شدة على شدة، وقيل إن المرأة إذا حملت توالى عليها الضعف والمشقة، وذلك أن الحمل ضعف والطلق ضعف والوضع ضعف ( { وفصاله} ) أي فطامه ( { في عامين} ) أي سنتين ( { أن اشكر لي ولوالديك} ) قال ابن عيينة في هذه الآية: من صلى الصوات الخمس فقد شكرالله، ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات فقد شكر لهما.