فهرس الكتاب

حاشية السندى - باب إتيان النساء قبل إحداث الغسل

رقم الحديث 632 [632] مقفل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ زمَان رُجُوعه بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء متنكبون أَي معرضون يُقَالُ نَكَّبَ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا عَدَلَ عَنْهُ وتنكب أَي تنحى وَأعْرض فظلنا بِكَسْر لَام أولى أَي فَكُنَّا نحكيه أَي صَوت الْمُؤَذّن ونهزأ بِهِ أَي نحكيه استهزاء بِهِفَسمع أَي وَقت الْحِكَايَة الصَّوْت أَي صوتنا بِالْأَذَانِ حَتَّى وقفنا بِتَقْدِيم الْقَاف على الْفَاء ثمَّ قَالَ ارْجع فامدد صَوْتك هَذَا صَرِيح فِي أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أمره بالترجيع فَسقط مَا توهمه النفاة أَنه كَرَّرَه لَهُ تَعْلِيما فَظَنهُ ترجيعا فَأَعْطَانِي صرة اسْتدلَّ بِهِ بن حِبَّانَ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَعَارَضَ بِهِ الحَدِيث الْوَارِد فِي النَّهْي عَنهُ ورده بن سيد النَّاس بِأَن حَدِيث أبي مَحْذُورَة مُتَقَدم على إِسْلَامِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الرَّاوِي لِحَدِيثِ النَّهْي فَحَدِيثه مُتَأَخّر وَالْعبْرَة بالمتأخر فَإِنَّهَا وَاقِعَةٌ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ بَلْ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَاتِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّأْلِيفِلحداثة عَهده بِالْإِسْلَامِ كَمَا أعْطى يَوْمئِذٍ غَيْرَهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إِذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَلَبَهَا الِاسْتِدْلَالَ لِمَا يَبْقَى فِيهَا من الْإِجْمَال قَوْله وبرك بتَشْديد الرَّاء أَي قَالَ بَارك الله عَلَيْك أَو فِيك أَو لَك فِي الأولى من الصُّبْح أَي فِي المناداة الأولى وَفِي نُسْخَة فِي الأول أَيتؤذن الْآنَ بِهَا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَخْ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فَائِدَةُ الْأَذَانِ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ وَتَجْدِيدِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهَا تَرْجَمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ تَرَاجِمَ لَا يُؤَلِّفُهَا إِلَّا اللَّهُ وَطَرْدُ الشَّيْطَانِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ.
اعْلَمْ أَنَّ الْأَذَانَ كَلِمَاتٌ جَامِعَةٌ لِعَقِيدَةِ الْإِيمَانِ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى نَوْعَيْهِ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ وَالسَّمْعِيَّاتِ فابتداء بِإِثْبَاتِ الذَّاتِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْكَمَالِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ أَضْدَادِهَا الْمُضَمَّنَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى قلَّة كلمتها وَاخْتِصَارِ صِيغَتِهَا مُشْعِرَةٌ بِمَا قُلْنَاهُ لِمُتَأَمِّلِهِ ثُمَّ صَرَّحَ بِإِثْبَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ وَنَفْيِ ضِدِّهَا مِنَ الشَّرِكَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ فِي حَقِّهِ وَهَذِهِ هِيَ عُمْدَةُ الايمان والتوحيد لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ الْجَائِزَةِ الْوُقُوعِ وَتِلْكَ الْمُقَدِّمَاتُ مِنْ بَابِ الْوَاجِبَاتِ وَهُنَا كَمَّلَ تَرَاجِمَ العقائد العقليات فِيمَا بِالصَّلَاةِ ورتبها بَعْدَ إِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ إِذْ مَعْرِفَةُ وُجُوبِهَا مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ الصّلَاةُ والسَّلَامُ لَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ ثُمَّ دَعَا إِلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ واليقاء فِي التَّنْعِيمِ الْمُقِيمِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَهِيَ آخِرُ تَرَاجِمِ الْعَقَائِدِ الاسلامية ثمَّ كرر ذَلِك عِنْدفِي النداء الأول وَالْمرَاد الْأَذَان دون الْإِقَامَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأذنا فِي الْمجمع أَي ليؤذن أَحَدكُمَا ويجيب الآخر اه يُرِيد أَن اجْتِمَاعهمَا فِي الْأَذَان غير مَطْلُوب لَكِن مَا ذكر من التَّأْوِيل يسْتَلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فَالْأولى أَن يُقَال الْإِسْنَاد مجازي أَي ليتَحَقَّق بَيْنكُمَا أَذَان وَإِقَامَة كَمَا فِي بَنو فلَان قتلوا وَالْمعْنَى يجوز لكل مِنْكُمَا الْأَذَان وَالْإِقَامَة أيكما فعل حصل فَلَا يخْتَص بأكبر كالامامة وَخص الْأَكْبَر بِالْإِمَامَةِ لمساواتهما فِي سَائِر الْأَشْيَاء الْمُوجبَة للتقدم كالأقرئية والأعلمية بِالنِّسْبَةِ لمساواتهما فِي الْمكْث والحضور عِنْده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ يسْتَلْزم الْمُسَاوَاة فِي هَذِه الصِّفَات عَادَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله شببة بالفتحات جمع شَاب قَوْله رَفِيقًا من الرِّفْق أَو من الرقةقَوْله بَادر أَي كل مِنْهُم أَرَادو اأن يسْبقُوا غَيرهم بِالْإِسْلَامِ بِإِسْلَام أهل حوائنا الحواء بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَالْمَدِّ بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَاءٍ أَي ذهب بِأَن أهل قريتنا أَسْلمُوا إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ من عِنْده فَلَمَّا قدم قريته قَوْله يُؤذن بلَيْل أَي الْأَذَان الْمَعْرُوف فِي الشَّرْع إِذْ هُوَ الْمُتَبَادر من إِطْلَاق اللَّفْظ الشَّرْعِيّ وَأَيْضًا لَا يحسن قَوْله فَكُلُوا وَاشْرَبُوا الا حِينَئِذٍ وَهَذَا الْأَمر للْإِبَاحَة والرخصة وَبَيَان بَقَاء اللَّيْل بعد أَذَان بِلَال قَوْله