فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

رقم الحديث 3174 [3174] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ سَعِيدِ) بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ( أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضْرِ) الْأَنْصَارِيَّةَ الْخَزْرَجِيَّةَ عَمَّةَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صَحَابِيَّةٌ ( كَانَ أُصِيبَ) أَيْ قُتِلَ ( أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ) أَيْ لَا يُعْرَفُ رَامِيهِ أَوْ لَا يُعْرَفُ مِنْ أَيْنَ أَتَى أَوْ جَاءَ عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ مِنْ رَامِيهِ قَالَهُ الْحَافِظُ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ أَيْ لَا يُعْرَفُ رَامِيهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَبِالْإِضَافَةِ وَالْوَصْفِ وَقِيلَ بِالسُّكُونِ إِذَا أَتَاهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي وَبِالْفَتْحِ إِذَا رَمَاهُ فَأَصَابَ غَيْرَهُ انْتَهَى ( لَئِنْ كَانَ أَصَابَ خَيْرًا احْتَسَبْتُ وَصَبَرْتُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ ( وَإِنْ لَمْ يُصِبِ الْخَيْرَ اجْتَهَدْتُ فِي الدُّعَاءِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَقَرَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ قَالَ الْحَافِظُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ النَّوْحِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ كَانَ عَقِبَ غَزْوَةِ أُحُدٍ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ كَانَتْ عَقِبَ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ اجْتَهَدْتُ فِي الدُّعَاءِ بَدَلَ قَوْلِهِ فِي الْبُكَاءِ وَهُوَ خَطَأٌ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ دُونَ بَعْضٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ الْآتِيَةِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ مِنَ الرِّقَاقِ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى صِحَّةِ الرِّوَايَةِ بِلَفْظِ الْبُكَاءِ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ هَذِهِ وَإِلَّا فَسَتَرَى مَا أَصْنَعُ وَنَحْوَهُ فِيرِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عِنْدَ أَحْمَدَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي جَنَّةٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبَانٍ عِنْدَ أَحْمَدَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ فِي جَنَّةٍ وَفِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إِنَّهَا جِنَانٌ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ هِيَ الْعَرَبُ تَقُولُ مَا شَاءَتْ وَالْقَصْدُ بذلك التفخيم وَالتَّعْظِيمُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ وَجِنَانٌ مُبْتَدَأٌ وَالتَّنْكِيرُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ وَالْمُرَادُ بِالْجِنَانِ الدَّرَجَاتُ فِيهَا لِمَا وَرَدَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا ( وَالْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ) أَيْ أَرْفَعُهَا وَالرَّبْوَةُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ ( وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا) الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ هُنَا الْأَعْدَلُ وَالْأَفْضَلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ جعلناكم أمة وسطا فَعَطَفَ الْأَفْضَلَ عَلَيْهِ لِلتَّأْكِيدِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ البخاري والنسائي وبن خُزَيْمَةَ

رقم الحديث 3175 [3175] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الْخَيْرَانِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ ولم يدرك عائشة قوله والذين يؤتون أي يعطون ما آتوا أَيْ مَا أَعْطَوْا مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وقلوبهم وجلة أَيْ خَائِفَةٌ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ وَبَعْدَهُ أنهم إلى ربهم راجعون أَيْ لِأَنَّهُمْ يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ إِلَى اللَّهِ صَائِرُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ كَذَا فِي هذه الرواية وفي القرآن أولئك يسارعون أَيْ يُبَادِرُونَ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَهُمْ لَهَا سابقون أَيْ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَقِيلَ أَيْ لِأَجْلِ الْخَيْرَاتِ سَابِقُونَ إِلَى الْجَنَّاتِ أَوْ لِأَجْلِهَا سَبَقُوا الناس وقال بن عَبَّاسٍ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ وَحَدِيثُ عائشة هذا أخرجه أيضا أحمد وبن أَبِي حَاتِمٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَهْبٍ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ السَّابِقِ ( عن أبي حازم) اسمه سلمان الأشجعي

رقم الحديث 3176 [3176] بْنُ سَمْعَانَ السَّهْمِيُّ ( عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ) اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الْعُتْوَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَهُمْ فِيهَا كالحون أَيْ عَابِسُونَ وَقَدْ بَدَتْ أَسْنَانُهُمْ وَتَقَلَّصَتْ شِفَاهُهُمْرِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عِنْدَ أَحْمَدَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي جَنَّةٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبَانٍ عِنْدَ أَحْمَدَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ فِي جَنَّةٍ وَفِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إِنَّهَا جِنَانٌ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ هِيَ الْعَرَبُ تَقُولُ مَا شَاءَتْ وَالْقَصْدُ بذلك التفخيم وَالتَّعْظِيمُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ وَجِنَانٌ مُبْتَدَأٌ وَالتَّنْكِيرُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ وَالْمُرَادُ بِالْجِنَانِ الدَّرَجَاتُ فِيهَا لِمَا وَرَدَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا ( وَالْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ) أَيْ أَرْفَعُهَا وَالرَّبْوَةُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ ( وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا) الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ هُنَا الْأَعْدَلُ وَالْأَفْضَلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ جعلناكم أمة وسطا فَعَطَفَ الْأَفْضَلَ عَلَيْهِ لِلتَّأْكِيدِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ البخاري والنسائي وبن خُزَيْمَةَ

رقم الحديث 3177 [3177] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ) النَّخَعِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو مَالِكٍ الخزاز صدوق قال بن حِبَّانَ كَانَ يُخْطِئُ مِنَ السَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي الْمَرْثَدِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَبَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ الْغَنَوِيُّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا نُونٌ مَفْتُوحَةٌ صَحَابِيٌّ بَدْرِيٌّ اسْتُشْهِدَفي عهد النبي سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ ( وَكَانَ) أَيْ مَرْثَدٌ ( يَحْمِلُ الْأَسْرَى) جَمْعُ الْأَسِيرِ ( بَغِيٌّ) أَيْ فَاجِرَةٌ وَجَمْعُهَا الْبَغَايَا ( وَكَانَتْ صَدِيقَةً لَهُ) أَيْ حَبِيبَةً لِمَرْثَدٍ ( يَحْمِلُهُ) أَيْ أَنْ يَحْمِلَهُ ( فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ) أَيْ مُضِيئَةٍ ( سَوَادَ ظِلِّي) أَيْ شَخْصَهُ ( فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَيَّ) أَيْ بَلَغَتْ إِلَيَّ ( عَرَفَتْ) أَيْ عَرَفَتْنِي ( فَقَالَتْ مَرْثَدٌ) أَيْ أَنْتَ مَرْثَدٌ ( فَقُلْتُ مَرْثَدٌ) أَيْ نَعَمْ أَنَا مَرْثَدٌ ( هَلُمَّ) أي تعالى ( فَبِتْ) أَمْرٌ مِنْ بَاتَ يَبِيتُ بَيْتُوتَةً ( حَرَّمَ الله الزنى) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَبِيتَ عِنْدَكِ ( يَا أَهْلَ الْخِيَامِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ الْخَيْمَةِ ( هَذَا الرَّجُلُ يَحْمِلُ أُسَرَاءَكُمْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وفتح السِّينِ جَمْعُ أَسِيرٍ وَالْمَعْنَى تَنَبَّهُوا يَا أَهْلَ الْخِيَامِ وَخُذُوا هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي يَذْهَبُ بِأُسَارَاكُمْ ( سَلَكْتُ الْخَنْدَمَةَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ مَكَّةَ ( إِلَى غَارٍ أَوْ كَهْفٍ) الْكَهْفُ كَالْبَيْتِ الْمَنْقُورِ فِي الْجَبَلِ جَمْعُهُ كُهُوفٌ أَوْ كَالْغَارِ فِي الْجَبَلِ إِلَّا أَنَّهُ وَاسِعٌ فَإِذَا صَغُرَ فَغَارٌ ( فَظَلَّ بَوْلُهُمْ عَلَى رَأْسِي) أَيْ صَارَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ ( وَعَمَّاهُمُ اللَّهُ) مِنَ التَّعْمِيَةِ أَيْ صَيَّرَهُمْ عُمْيَانًا ( إِلَى صَاحِبِي) أَيِ الَّذِي كُنْتُ وَعَدْتُ أَنْ أَحْمِلَهُ ( حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْإِذْخِرِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَلَمَّا انْتَهَتْ بِهِ إِلَى الْأَرَاكِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِذْخِرِ وَالْأَرَاكِ هُنَا مَكَانٌ خَارِجَ مَكَّةَ يَنْبُتُ فِيهِ الْأَرَاكُ وَالْإِذْخِرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِذْخِرِ أَذَاخِرَ وَهُوَ مَوْضِعٌ قُرْبَ مَكَّةَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ( فَفَكَكْتُ) أَيْ أَطْلَقْتُ ( أَكْبُلَهُ) جَمْعُ قِلَّةٍ لِلْكَبْلِ وَهُوَ قَيْدٌ ضَخْمٌ ( وَيُعْيِينِي) مِنَ الأعياء أي يكلني ( أنكح عناقا) بحذف همزة الاستفهام ( فأمسك رسول الله) وَفِي رِوَايَةِ أَبِيدَاوُدَ فَسَكَتَ عَنِّي ( فَلَا تَنْكِحْهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالزَّوَانِي وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِي آخِرِهَا وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المؤمنين فإنه صريح في التحريم قال بن الْقَيِّمِ.
وَأَمَّا نِكَاحُ الزَّانِيَةِ فَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ بِتَحْرِيمِهِ فِي سُورَةِ النُّورِ وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ نَكَحَهَا فَهُوَ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَلْتَزِمَ حُكْمَهُ تَعَالَى وَيَعْتَقِدَ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَإِنِ الْتَزَمَهُ وَاعْتَقَدَ وُجُوبَهُ وَخَالَفَهُ فَهُوَ زَانٍ ثُمَّ صَرَّحَ بِتَحْرِيمِهِ فَقَالَ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المؤمنين.
وَأَمَّا جَعْلُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ وَحُرِّمَ ذَلِكَ إلى الزنى فَضَعِيفٌ جِدًّا إِذْ يَصِيرُ مَعْنَى الْآيَةِ الزَّانِي لَا يَزْنِي إِلَّا بِزَانِيَةٍ أَوْ مُشْرِكَةٍ وَالزَّانِيَةُ لَا يَزْنِي بِهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُصَانَ عَنْهُ الْقُرْآنُ ولا يعارض ذلك حديث بن عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ قَالَ غَرِّبْهَا قَالَ أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي قَالَ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا فَإِنَّهُ فِي الِاسْتِمْرَارِ عَلَى نِكَاحِ الزَّوْجَةِ الزَّانِيَةِ وَالْآيَةُ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى نِكَاحِ مَنْ زَنَتْ وَهِيَ تَحْتَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالزَّانِيَةِ انْتَهَى وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْآيَةِ الْقَوْلُ فِيهَا كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ النَّاسِخُ لها وأنكحوا الأيامى منكم فَدَخَلَتِ الزَّانِيَةُ فِي أَيَامَى الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَالثَّانِي أَنَّ النكاح ها هنا الْوَطْءُ وَالْمُرَادُ أَنَّ الزَّانِيَ لَا يُطَاوِعُهُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُشَارِكُهُ فِي مُرَادِهِ إِلَّا زَانِيَةٌ أَوْ مُشْرِكَةٌ وَالثَّالِثُ أَنَّ الزَّانِيَ الْمَجْلُودَ لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً مَجْلُودَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَكَذَا الزَّانِيَةُ وَالرَّابِعُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي نِسْوَةٍ كَانَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ إِحْدَاهُنَّ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ مما كسبته من الزنى وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ وَالْخَامِسُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ عَلَى الْعَفِيفِ وَالْعَفِيفِ عَلَى الزَّانِيَةِ انْتَهَى قُلْتُ هَذَا الْقَوْلُ الْخَامِسُ هُوَ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ وَبِهِ قَالَ الإمام أحمد وغيره قال الحافظ بن كَثِيرٍ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مِنَ الرَّجُلِ الْعَفِيفِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَغِيِّ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ حَتَّى تُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَتْ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْعَفِيفَةِ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ الْمُسَافِحِ حَتَّى يَتُوبَ تَوْبَةً صَحِيحَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَحُرِّمَ ذلك على المؤمنين انْتَهَى وَقَدْ بَسَطَ صَاحِبُ فَتْحِ الْبَيَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِ الْبَحْثِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ تَزَوُّجِ الرَّجُلِ بِامْرَأَةٍ قَدْ زَنَى هُوَ بِهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ بجواز ذلك وروى عن بن عباس وعمر وبنمسعود وجابر أنه لا يجوز قال بن مَسْعُودٍ إِذَا زَنَى الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُمَا زَانِيَانِ أَبَدًا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ

رقم الحديث 3178 [3178] .

     قَوْلُهُ  ( سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي إِمَارَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ فِي بَابِ اللِّعَانِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَرْحُهُ.

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدَّةِ الْيَاءِ ( قَذَفَ امْرَأَتَهُ) أَيْ نَسَبَهَا إلى الزنى الْبَيِّنَةَ بِالنَّصْبِ أَيْ أَقِمِ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ تُقِمِ الْبَيِّنَةَ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ أَيْ يَثْبُتُ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ ( أَيَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ) الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِبْعَادِ ( إِنَّهُ) أيْ هِلَالٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِنِّي وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ( الصَّادِقُ) أَيْ فِي الْقَذْفِ ( وَلْيُنْزِلَنَّ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الزَّايِ الْمُخَفَّفَةِ وَفِي آخِرِهِ نُونٌ مُشَدَّدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ مِنَ الْإِنْزَالِ وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ الذي يحتمل أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ مِنَ النُّزُولِ وَفَاعِلُهُ مَا يُبَرِّئُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَلْيُنْزِلَنَّ اللَّهُ ( مَا يُبَرِّئُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ مِنَ التَّبْرِئَةِ أَيْ مَا يَدْفَعُ وَيَمْنَعُ ( فَأَرْسَلَ) أَيِ النَّبِيُّ ( إِلَيْهِمَا) أَيْ إِلَى هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَزَوْجَتِهِ ( فشهد) أي لاعن والنبي يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ صُدُورِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا ( فَشَهِدَتْ) أَيْ لَاعَنَتْ أن غضب الله عليها جَعَلَ الْغَضَبَ فِي جَانِبِهَا لِأَنَّ النِّسَاءَ يَسْتَعْمِلْنَ اللَّعْنَ كَثِيرًا كَمَا وَرَدَ الْحَدِيثُ فَرُبَّمَا يَجْتَرِئْنَ عَلَى الْإِقْدَامِ لِكَثْرَةِ جَرْيِ اللَّعْنِ عَلَى أَلْسِنَتِهِنَّ وَسُقُوطِ وُقُوعِهِ عَنْ قُلُوبِهِنَّ فَذَكَرَ الْغَضَبَ فِي جَانِبِهِنَّ لِيَكُونَ رَادِعًا لَهُنَّ إِنَّهَا أَيِ الْخَامِسَةَ مُوجِبَةٌ أَيْ لِلْعَذَابِ الْأَلِيمِ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً ( فَتَلَكَّأَتْ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ تَوَقَّفَتْ يُقَالُ تَلَكَّأَ فِي الْأَمْرِ إِذَا تَبَطَّأَ عَنْهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ ( وَنَكَسَتْ) أَيْ خَفَضَتْ رَأْسَهَا وَطَأْطَأَتْ إِلَى الْأَرْضِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ نَكَصَتْ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ رجعت وتأخرتوَالْمَعْنَى أَنَّهَا سَكَتَتْ بَعْدَ الْكَلِمَةِ الرَّابِعَةِ ( أَنْ) مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ أَيْ أَنَّهَا ( سَتَرْجِعُ) أَيْ عَنْ مَقَالِهَا فِي تَكْذِيبِ الزَّوْجِ وَدَعْوَى الْبَرَاءَةِ عَمَّا رَمَاهَا بِهِ ( سَائِرَ الْيَوْمِ) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَأَبَدَ الدَّهْرِ أَوْ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْأَيَّامِ بِالْإِعْرَاضِ عَنِ اللِّعَانِ وَالرُّجُوعِ إِلَى تصديق الزوج وأريد اليوم الْجِنْسُ وَلِذَلِكَ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْعَامِّ وَالسَّائِرِ كَمَا يُطْلَقُ لِلْبَاقِي يُطْلَقُ لِلْجَمِيعِ أَبْصِرُوهَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْإِبْصَارِ أَيِ انْظُرُوا وَتَأَمَّلُوا فِيمَا تَأْتِي بِهِ مِنْ وَلَدِهَا ( بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ ( أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ) أَيِ الَّذِي يَعْلُو جُفُونَ عَيْنِهِ سَوَادٌ مِثْلُ الْكُحْلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ ( وَسَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ) تَثْنِيَةُ الْأَلْيَةِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهِيَ الْعَجِيزَةُ أَوْ مَا رَكِبَ الْعَجُزَ مِنْ شَحْمٍ أَوْ لَحْمٍ أَيْ تامهما وَعَظِيمَهَا مِنْ سُبُوغِ النِّعْمَةِ وَالثَّوْبِ ( خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُهْمَلَةٍ وَلَامٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحَاتٍ وَبِالْجِيمِ أَيْ عَظِيمَهَا ( فَهُوَ) أَيِ الْوَلَدُ ( فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ فِي إِتْيَانِ الْوَلَدِ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ هُنَا وَفِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مُعْجِزَةٌ وَإِخْبَارٌ بِالْغَيْبِ وَلَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ من بيان لما أَيْ لَوْلَا مَا سَبَقَ مِنْ حُكْمِهِ بِدَرْءِ الْحَدِّ عَنِ الْمَرْأَةِ بِلِعَانِهَا ( لَكَانَ لَنَا وَلَهَا شَأْنٌ) أَيْ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا إِثْرَ الْمَعْنَى لَوْلَا أَنَّ الْقُرْآنَ حَكَمَ بِعَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَعَدَمِ التَّغْرِيرِ لَفَعَلْتُ بِهَا مَا يَكُونُ عِبْرَةً لِلنَّاظِرِينَ وَتَذْكِرَةً لِلسَّامِعِينَ تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ أن حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آيَةَ اللِّعَانِ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَحَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ الْعِجْلَانِيِّ وَلَفْظُهُ فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَأَمَرَهُمَا رسول الله بِالْمُلَاعَنَةِ قَالَ الْحَافِظُ قَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عُوَيْمِرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ هِلَالٍ وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ هِلَالٌ وَصَادَفَ مَجِيءَ عُوَيْمِرٍ أَيْضًا فَنَزَلَتْ فِي شَأْنِهِمَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَقَدْ جَنَحَ النَّوَوِيُّ إِلَى هَذَا وَسَبَقَهُ الْخَطِيبُ فَقَالَ لَعَلَّهُمَا اتَّفَقَ كَوْنُهُمَا جَاءَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا مانع أن تتعدى الْقِصَصُ وَيَتَّحِدَ النُّزُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النُّزُولَ سَبَقَ بِسَبَبِ هِلَالٍ فَلَمَّا جَاءَ عُوَيْمِرٌ وَلَمْ يَكُنْ علم بما وقع لهلال أعلمه النبي بِالْحُكْمِ وَلِهَذَا قَالَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَفِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فيك فيأول .

     قَوْلُهُ  قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ أَيْ وَفِيمَنْ كان مثلك وبهذا أجاب بن صَبَّاغٍ فِي الشَّامِلِ وَجَنَحَ الْقُرْطُبِيُّ إِلَى تَجْوِيزِ نُزُولِ الْآيَةِ مَرَّتَيْنِ قَالَ وَهَذِهِالِاحْتِمَالَاتُ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْلَى مِنْ تَغْلِيطِ الرُّوَاةِ الْحُفَّاظِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُلَخَّصًا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ ( وَهَكَذَا رَوَى عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ

رقم الحديث 3180 [318] .

     قَوْلُهُ  (لَمَّا ذُكِرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (مِنْ شَأْنِي) بَيَانٌ مقدم لقوله (الذي ذكر) وهو نَائِبُ الْفَاعِلِ (وَمَا عَلِمْتُ بِهِ) مَا نَافِيَةٌ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (فِيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ فِي شَأْنِي أَشِيرُوا عَلَيَّ مِنَ الْإِشَارَةِ أَبَنُوا أَهْلِي مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ مِنَ الْأَبَنِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ التُّهْمَةُ أَيِ اتَّهَمُوا أَهْلِي وَرَمَوْا بِالْقَبِيحِ وَأَبَنُوا بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ هُوَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ (فقام سعد بن معاذ فقال ائْذَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ) اسْتَشْكَلَ ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ هُنَا بِأَنَّ حَدِيثَ الْإِفْكِ كَانَ سَنَةَ سِتٍّ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَسَعْدٌ مَاتَ مِنَ الرَّمْيَةِ الَّتِي رُمِيَهَا بِالْخَنْدَقِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَيْسِيعِ فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وكذلك الخندق وقد جزم بن إِسْحَاقَ بِأَنَّ الْمُرَيْسِيعَ كَانَتْ فِي شَعْبَانَ وَالْخَنْدَقُ فِي شَوَّالٍ وَإِنْ كَانَتَا فِي سَنَةٍ فَلَا يمتنع أن يشهدها بن مُعَاذٍ لَكِنِ الصَّحِيحُ فِي النَّقْلِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ الْمُرَيْسِيعَ سَنَةَ خَمْسٍ فَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَالرَّاجِحُ أَيْضًا أَنَّ الْخَنْدَقَ أَيْضًا سَنَةَ خَمْسٍ فيصبح الجواب (أن تضرب أَعْنَاقَهُمْ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِأَنَّهُ كَانَ سَيِّدَ الْأَوْسِ فَجَزَمَ بِأَنَّ حُكْمَهُ فِيهِمْ نَافِذٌ (وَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ (وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ) اسْمُ أُمِّ حَسَّانٍ الْفُرَيْعَةُبِنْتُ خَالِدِ بْنِ خُنَيْسٍ وَكَانَتْ بِنْتَ عَمِّ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِنْ فَخِذِهِ (أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (إِنْ لَوْ كَانُوا) كَلِمَةُ إِنْ زَائِدَةٌ (حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِي الْمَسْجِدِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَتَشَاوَرَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا ورسول الله قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ (وَمَا عَلِمْتُ بِهِ) أَيْ بِمَا جَرَى فِي الْمَسْجِدِ (وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَبَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَاتٌ وَاسْمُهَا سَلْمَى وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَاسْمُ أَبِي رُهْمٍ أُنَيْسٌ (فَعَثَرَتْ) بِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَاتِ مِنَ الْعَثْرَةِ وَهِيَ الزَّلَّةُ يُقَالُ عَثَرَ فِي ثَوْبِهِ يَعْثُرُ بِالضَّمِّ عِثَارًا بِالْكَسْرِ وفي رواية البخاري فعثرت أم سطح فِي مِرْطِهَا (تَعِسَ مِسْطَحٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا بَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ كُبَّ لِوَجْهِهِ أَوْ هَلَكَ أَوْ لَزِمَهُ الشَّرُّ أَوْ بَعُدَ أَقْوَالٌ (أَيْ أُمَّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ) بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا (فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ) أَيْ إِلَّا لِأَجْلِكِ (فَقَالَتْ) أَيْ أُمُّ مِسْطَحٍ (فَبَقَرَتْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ وَالرَّاءِ أَيْ فَتَحَتْ وَكَشَفَتْ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أو لم تَسْمَعِي مَا قَالَ.

قُلْتُ وَمَا قَالَ قَالَتْ كَذَا وَكَذَا فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ (قُلْتُ وَقَدْ كَانَ هَذَا) بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَكَانَ تَامَّةٌ (كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَمْ أَخْرُجْ) أَيْ كَأَنَّ الْحَاجَةَ الَّتِي خَرَجْتُ لَهَا لَمْ أَخْرُجْ لَهَا (لَا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا) عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهَا قَالَ الْعَيْنِيُّ مَعْنَاهُ إِنِّي دَهِشْتُ بِحَيْثُ مَا عَرَفْتُ لِأَيِّ أَمْرٍ خَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ (وَوُعِكْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْوَعْكِ أَيْ صِرْتُ مَحْمُومَةً (فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ) أَيْ لَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ (فَأَرْسَلَ مَعِيَ الْغُلَامَ) قَالَ الْحَافِظُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الْغُلَامِ (فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ) تَعْنِي أُمَّهَا قَالَ الكروماني وَاسْمُهَا زَيْنَبُ (فِي السِّفْلِ) مِنَ الْبَيْتِ وَهُوَ بِكَسْرِ السِّينِ وَبِضَمِّهَا (فَإِذَا هُوَأَيِ الْحَدِيثُ (لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي) أَيْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا مِثْلَ مَا أَثَّرَ فِيَّ (خَفِّفِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَوِّنِي عَلَيْكِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ خَفِّضِي بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (لَهَا ضَرَائِرُ) جَمْعُ ضَرَّةٍ وَقِيلَ لِلزَّوْجَاتِ ضَرَائِرُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ يَحْصُلُ لَهَا الضَّرَرُ مِنَ الْأُخْرَى بِالْغَيْرَةِ (وَقِيلَ فِيهَا) أَيْ مَا يَشِينُهَا (فَإِذَا هِيَ) أَيْ أُمُّ رُومَانَ (لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا) أَيْ لَمْ يُؤَثِّرِ الْحَدِيثُ فِيهَا (مَا بَلَغَ مِنِّي) أَيْ مِثْلُ مَا أَثَّرَ فِيَّ (وَاسْتَعْبَرْتُ) أَيْ جَرَى دَمْعِي قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعَبْرَةُ الدَّمْعَةُ وَاسْتَعْبَرَ جَرَتْ عَبْرَتُهُ وَحَزِنَ (الَّذِي ذُكِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ يَا بُنَيَّةُ إِلَّا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ) هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ إِلَّا فَعَلْتِ أَيْ مَا أَطْلُبُ مِنْكِ إِلَّا رُجُوعَكِ إِلَى بَيْتِ رسول الله (وَسَأَلَ عَنِّي خَادِمَتِي) الْمُرَادُ بِهَا بَرِيرَةُ وَفِي رواية البخاري فدعا رسول الله بَرِيرَةَ فَقَالَ أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَاسْتَشْكَلَ هُنَا .

     قَوْلُهُ  بَرِيرَةُ بِأَنَّ قِصَّةَ الْإِفْكِ قَبْلَ شِرَاءِ بَرِيرَةَ وَعِتْقِهَا لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ قَبْلَهُ لِأَنَّ حَدِيثَ الْإِفْكِ كَانَ فِي سَنَةِ سِتٍّ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِتْقُ بَرِيرَةَ كَانَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ أَوِ الْعَاشِرَةِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ بِأَجْوِبَةٍ أَحْسَنُهَا احْتِمَالُ أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ عَائِشَةَ قَبْلَ شِرَائِهَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ دَعْوَى الْإِدْرَاجِ وَتَغْلِيظِ الْحُفَّاظِ انْتَهَى كَلَامُهُ مُخْتَصَرًا (إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَتَهَا أَوْ عَجِينَتَهَا) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ وَفِي رِوَايَةِ مِقْسَمٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَالطَّبَرَانِيِّ مَا رَأَيْتُ مُذْ كُنْتُ عِنْدَهَا إِلَّا أَنِّي عَجَنْتُ عَجِينًا لِي فَقُلْتُ احْفَظِي هَذِهِ الْعَجِينَةَ حَتَّى أَقْتَبِسَ نَارًا لِأَخْبِزَهَا فَغَفَلَتْ فَجَاءَتِ الشَّاةُ فَأَكَلَتْهَا (وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ) أَيْ زَجَرَهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ عند أبي عوانة والطبراني أن النبي قَالَ لِعَلِيٍّ شَأْنَكَ بِالْجَارِيَةِ فَسَأَلَهَا عَلِيٌّ وَتَوَعَّدَهَا فَلَمْ تُخْبِرْهُ إِلَّا بِخَيْرٍ ثُمَّ ضَرَبَهَا وَسَأَلَهَافَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ سُوءًا (حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ) أَيْ سَبُّوهَا وَقَالُوا لَهَا مِنْ سَقَطِ الْكَلَامِ وَهُوَ رَدِيئُهُ بِسَبَبِ حَدِيثِ الْإِفْكِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (فَقَالَتْ) أَيِ الْخَادِمَةُ (سُبْحَانَ اللَّهِ) قَالَتْهَا اسْتِعْظَامًا أَوْ تَعَجُّبًا (وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ) أَيْ كَمَا لَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ إِلَّا الْخُلُوصَ مِنَ الْعَيْبِ فَكَذَلِكَ أَنَا لَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا الْخُلُوصَ مِنَ الْعَيْبِ وَالتِّبْرُ بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَا كَانَ مِنَ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فَإِذَا ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ وَلَا يُقَالُ تِبْرٌ إِلَّا لِلذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيْضًا (فَبَلَغَ الْأَمْرُ) أَيْ أَمْرُ الْإِفْكِ (ذَلِكَ الرَّجُلَ) وَهُوَ صَفْوَانُ (الَّذِي قِيلَ لَهُ) أَيْ عَنْهُ مِنَ الْإِفْكِ مَا قِيلَ فَاللَّامُ هُنَا بِمَعْنَى عَنْ كَمَا هِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كان خيرا ما سبقونا إليه أَيْ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا أَوْ بِمَعْنَى فِي أَيْ قِيلَ فِيهِ فَهِيَ كَقَوْلِهِ يَا لَيْتَنِي قدمت لحياتي أَيْ فِي حَيَاتِي (وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ) الْكَنَفُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالنُّونِ وَهُوَ الْجَانِبُ وَأَرَادَ بِهِ الثَّوْبَ يَعْنِي مَا جَامَعْتُهَا فِي حَرَامٍ وَكَانَ حَصُورًا (فَقُتِلَ) أَيْ صَفْوَانُ (شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فِي غَزْوَةِ أَرْمِينِيَّةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ كَمَا قاله بن إِسْحَاقَ (أَكْتَنِفُ أَبَوَايَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ اكْتَنَفُوا فُلَانًا أَحَاطُوا بِهِ (إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا) مِنَ الْمُقَارَفَةِ أَيْ كَسَبْتِهِ أَوْ ظَلَمْتِ نَفْسَكِ (فقلت) أي لرسول الله (مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ) أَيِ الْأَنْصَارِيَّةِ (أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا) أَيْ عَلَى حَسْبِ فَهْمِهَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِ حُرْمَتِكَ (فَقُلْتُ أَجِبْهُ) أَيْ أَجِبْ رَسُولَ الله عني (قالت أقول ماذا) قال بن مَالِكٍ فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ إِذَا رُكِّبَتْ مَعَ ذَا لَا يَجِبُ تَصْدِيرُهَا فَيَعْمَلُ فِيهَا مَا قَبْلَهَا رَفْعًا وَنَصْبًا (إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ) أَيْ مَا قِيلَ فِي شَأْنِي وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ فِي مَا أَقُولُ مِنْ بَرَاءَتِي مَا ذَاكَ بِنَافِعِي بِالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِنَافِعٍ بِغَيْرِ الْإِضَافَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ أَيْ بِالْإِفْكِ (وَأُشْرِبَتْ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَأُشْرِبَتْهُ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ يَرْجِعُ إِلَى الْإِفْكِ (قُلُوبُكُمْ) مَرْفُوعٌ بِأُشْرِبَتْ (قَدْ بَاءَتْ) أَيْ أَقَرَّتْ وَاعْتَرَفَتْ بِهَا (أَيْ بِقِصَّةِ الْإِفْكِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِهِ أَيْ بِأَمْرِ الْإِفْكِ (وَالْتَمَسْتُ) مِنَ الِالْتِمَاسِ أَيْ طَلَبْتُ (اسْمَ يَعْقُوبَ) عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَالَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أَيْ هُوَ أَجْمَلُ وَهُوَ الَّذِي لَا شَكْوَى فِيهِ إِلَى الْخَلْقِ على () مَا تَصِفُونَ أَيْ عَلَى احْتِمَالِ مَا تَصِفُونَهُ (وَإِنِّي لَأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ) أَيْ أَعْرِفُهُ (وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ) أَيْ مِنَ الْعَرَقِ أَبْشِرِي بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الشَّهَادَاتِ يَا عَائِشَةُ احْمَدِي اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ (فَكُنْتُ أَشَدَّ) بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ (مَا كُنْتُ غَضَبًا أَيْ فَكُنْتُ حين أخبر بِبَرَاءَتِي أَقْوَى مَا كُنْتُ غَضَبًا) مِنْ غَضَبِي قَبْلَ ذَلِكَ (أَمَّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ (فَعَصَمَهَا اللَّهُ) أَيْ حَفِظَهَا وَمَنَعَهَا (بِدِينِهَا) أَيِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى دِينِهَا وَمُجَانَبَةِ مَا تَخْشَى سُوءَ عَاقِبَتِهِ (فَلَمْ تَقُلْ) أَيْ فِيَّ (فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ) أَيْ حُدَّتْ فِيمَنْ حُدَّ أَوْ أَثِمَتْ مَعَ مَنْ أَثِمَ لِخَوْضِهَا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ لِتَخْفِضَ مَنْزِلَةَ عَائِشَةَ وَتَرْفَعَ مَنْزِلَةَ أُخْتِهَا زَيْنَبَ (وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ) أَيِ الْإِفْكِ (وكان يستوشيه) أَيْ يَسْتَخْرِجُ الْحَدِيثَ بِالْبَحْثِ عَنْهُ ثُمَّ يَفْتِشُهُ وَيُشِيعُهُ وَلَا يَدَعُهُ يَخْمُدُ (وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) أَيْ تَحَمَّلَ مُعْظَمَهُ فَبَدَأَ بِالْخَوْضِ فِيهِ (ينافق أَبَدًا) أَيْ بَعْدَ الَّذِي قَالَ عَنْ عَائِشَةَولا يأتل أَيْ لَا يَحْلِفُ مِنَ الْأَلِيَّةِ وَهِيَ الْقَسَمُ أولو الفضل منكم أَيْ فِي الدِّينِ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ وَالسَّعَةِ يعني في المال أن يؤتوا أَلَّا يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سبيل الله صِفَاتٌ لِمَوْصُوفِ وَاحِدٍ وَهُوَ مِسْطَحٌ لِأَنَّهُ كَانَ مسكينا مهاجرا بدريا وليعفوا وليصفحوا أَيْ عَنْ خَوْضِ مِسْطَحٍ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ ألا تحبون خطاب لأبي بكر أن يغفر الله لكم عَلَى عَفْوِكُمْ وَصَفْحِكُمْ وَإِحْسَانِكُمْ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إليكم والله غفور رحيم فَتَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِهِ تَعَالَى (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) أَيْ لما قرأ عليه النبي هَذِهِ الْآيَةَ (وَعَادَ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ (لَهُ) أَيْ لِمِسْطَحٍ (بِمَا كَانَ يَصْنَعُ) أَيْ إِلَى مِسْطَحٍ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا (وَقَدْ رَوَى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَعْمَرٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

رقم الحديث 3181 [3181] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ) بْنِ محمد بن عمرو بن حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ .

     قَوْلُهُ  ( لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي) أَيِ الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى بَرَاءَتِهَا شَبَّهَتْهَا بِالْعُذْرِ الَّذِي يُبَرِّئُ الْمَعْذُورَ مِنَ الْجُرْمِ ( قَامَ رَسُولُ اللَّهِ) أَيْ خَطِيبًا ( فَذَكَرَ ذَلِكَ) أَيْ عُذْرِي ( وَتَلَا القرآن) تعني قوله تعالى إن الذين جاؤوا بالإفك إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ ( فَلَمَّا نَزَلَ) أَيْ رَسُولُ الله مِنَ الْمِنْبَرِ ( أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ) أَيْ بِحَدِّهِمَا أَوْ بِإِحْضَارِهِمَا وَهُمَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ ( وَامْرَأَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى رَجُلَيْنِ وَهِيَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ ( فَضُرِبُوا) مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ ( حَدَّهُمْ) أَيْ حَدَّ الْقَاذِفِينَ هُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ فحدوا حدهماعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِيمَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْهَدْيِ فَأَبْدَى الْحِكْمَةَ فِي تَرْكِ الْحَدِّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَفَاتَهُ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ ذُكِرَ أَيْضًا فِيمَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَنْ حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ صَحَّحَ أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّهُمْ مُسْتَنِدًا إِلَى أَنَّ الْحَدَّ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ إِنَّهُ حَدَّهُمْ وَمَا ضَعَّفَهُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه 6 - ( باب وَمِنْ سُورَةِ الْفُرْقَانِ) مَكِّيَّةٌ إِلَّا وَالَّذِينَ لَا يدعون مع الله إلها آخر إِلَى رَحِيمًا فَمَدَنِيٌّ وَهِيَ سَبْعٌ وَسَبْعُونَ آيَةً

رقم الحديث 3182 [3182] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ ( عَنْ وَاصِلِ) بْنِ حَيَّانَ الْأَحْدَبِ الْأَسَدِيِّ الْكُوفِيِّ بَيَّاعُ السَّابِرِيَّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنْ أَبِي وَائِلٍ) هُوَ شَقِيقُ بن سَلَمَةَ ( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ) هُوَ الْهَمْدَانِيُّ ( عن عبد الله) هو بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  ( أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ نِدًّا بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ مِثْلًا وَنَظِيرًا وَهُوَ خَلَقَكَ الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنْ فَاعِلِ أَنْ تَجْعَلَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا اسْتَحَقَّ بِهِ تَعَالَى أَنْ تَتَّخِذَهُ رَبًّا وَتَعْبُدَهُ فَإِنَّهُ خَلَقَكَ أَوْ إِلَى مَا بِهِ امْتِيَازُهُ تَعَالَى عَنْ غَيْرِهِ فِي كَوْنِهِ إِلَهًا أَوْ إِلَى ضَعْفِ النِّدِّ أَيْ أَنْ تَجْعَلَ لَهُ نِدًّا وَقَدْ خَلَقَكَ غَيْرُهُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِ شَيْءٍ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ أَيْ مِنْ جِهَةِ إِيثَارِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يَكْفِي أَوْ مِنْ جِهَةِ الْبُخْلِ مَعَ الْوُجْدَانِ أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ أيبِزَوْجَتِهِ مِنْ حَلَّ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ إِذْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَلَالٌ لِلْآخَرِ أَوْ مِنْ حَلَّ يَحُلُّ بِالضَّمِّ لِأَنَّهَا تَحُلُّ مَعَهُ وَيَحُلُّ مَعَهَا .

     قَوْلُهُ  ( أخبرنا عبد الرحمن) هو بن مهدي .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

رقم الحديث 3183 [3183] قوله ( قال) أي بن مَسْعُودٍ ( وَتَلَا) أَيْ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حرم الله إلا بالحق أَيْ لَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي هِيَ مَعْصُومَةٌ فِي الْأَصْلِ إِلَّا مُحِقِّينَ فِي قَتْلِهَا وَمَنْ يفعل ذلك أي واحدا من الثلاثة يلق أثاما قِيلَ مَعْنَاهُ جَزَاءَ إِثْمِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْخَلِيلِ وسيبيويه وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ عُقُوبَةً قَالَهُ يُونُسُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ جَزَاءً قاله بن عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ.

     وَقَالَ  أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ أَوْ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ عَافَانَا اللَّهُ منها قاله النووي يضاعف له العذاب أَيْ يُكَرَّرُ عَلَيْهِ وَيُغَلَّظُ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا حال أَيْ حَقِيرًا ذَلِيلًا وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَافِظُ هَكَذَا قَالَ بن مَسْعُودٍ وَالْقَتْلُ وَالزِّنَا فِي الْآيَةِ مُطْلَقَانِ وَفِي الْحَدِيثِ مُقَيَّدَانِ أَمَّا الْقَتْلُ فَبِالْوَلَدِ خَشْيَةَ الْأَكْلِ معه وأما الزنى فَبِزَوْجَةِ الْجَارِ وَالِاسْتِدْلَالُ لِذَلِكَ بِالْآيَةِ سَائِغٌ لِأَنَّهَا وإن وردت في مطلق الزنى وَالْقَتْلِ لَكِنَّ قَتْلَ هَذَا وَالزِّنَا بِهَذِهِ أَكْبَرُ وَأَفْحَشُ .

     قَوْلُهُ  ( لِأَنَّهُ زَادَ) أَيْ سُفْيَانُ وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ ( رَجُلًا) وَهُوَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ.
وَأَمَّا شُعْبَةُ فَأَسْقَطَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَتَفَرَّدْ شُعْبَةُ بِالْإِسْقَاطِ بَلْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ فِي شَرْحِ هذا الحديث في تفسير سورة الفرقان 7سُورَةُ الشُّعَرَاءِ مَكِّيَّةٌ إِلَّا ( وَالشُّعَرَاءُ ) إِلَى آخِرِهَا فَمَدَنِيٌّ وَهِيَ مِائَتَانِ وَسَبْعٌ وَعِشْرُونَ آيَةً

رقم الحديث 3184 [3184] .

     قَوْلُهُ  إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أَيْ لَا تَتَّكِلُوا عَلَى قَرَابَتِي فَإِنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ مَكْرُوهٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِكُمْ وَسَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ إِنْذَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ مِنْ كِتَابِ الزُّهْدِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ علي وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ تَبَّتْ وَالنَّسَائِيُّ