فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب كراهية البول في الماء الراكد

رقم الحديث 70 [70] قوله ( عن طاووس) بن كَيْسَانَ الْيَمَانِيِّ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ مَوْلَاهُمْ الفارسي يقال اسمه ذكوان وطاووس لَقَبٌ ثِقَةٌ فَقِيهٌ فَاضِلٌ مِنَ الثَّالِثَةِ رَوَى عن أبي هريرة وعائشة وبن عباس وزيد بن ثابت وغيرهم قال طاووس أَدْرَكْتُ خَمْسِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَنْهُ مُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ وخلق قال بن عباس إني لأظن طاووسا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

     وَقَالَ  عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ما رأيت مثله وقال بن حِبَّانَ حَجَّ أَرْبَعِينَ حَجَّةً مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ .

     قَوْلُهُ  ( مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ) وَفِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ جَدِيدَيْنِ ( فَقَالَ إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ) أَيْ إِنَّ صَاحِبَيْ الْقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَنْ يُقَالَ أَعَادَهُ عَلَى الْقَبْرَيْنِ مَجَازًا وَالْمُرَادُ مَنْ فِيهِمَا قَالَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي المقبورين فقيل كانا كافرين وبه حزم أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ مِنْ حديث جابر بسند فيه بن لَهِيعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ هَلَكَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَمِعَهُمَا يُعَذَّبَانِ فِي الْبَوْلِ وَالنَّمِيمَةِ قَالَ أَبُو مُوسَى هَذَا وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ لَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لَمَا كَانَ لِشَفَاعَتِهِ إِلَى أَنْ تَيْبَسَ الْجَرِيدَتَانِ مَعْنًى وَلَكِنَّهُ لَمَّا رَآهُمَا يُعَذَّبَانِ لَمْ يَسْتَجِزْ لِلُطْفِهِ وَعَطْفِهِ حِرْمَانَهُمَا مِنْ إِحْسَانِهِ فَشَفَعَ لَهُمَا إِلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْحَافِظُ الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ أَبُو مُوسَى ضَعِيفٌ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ سَبَبُ التَّعْذِيبِ فهو من تخليط بن لَهِيعَةَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ الَّذِي قَدَّمْنَا أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِمَا كَافِرَيْنِ فِيهِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِهِ أَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَفِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ جَدِيدَيْنِ فَانْتَفَى كَوْنُهُمَا فِي الجاهليةوَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ من دفنتم اليوم ها هنا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ لِأَنَّ الْبَقِيعَ مَقْبَرَةُ الْمُسْلِمِينَ وَالْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ يَتَوَلَّاهُ مَنْ هُوَ مِنْهُمْ وَيُقَوِّي كَوْنَهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ رِوَايَةُ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَبَلَى وَمَا يُعَذَّبَانِ إِلَّا فِي الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ فَهَذَا الْحَصْرُ يَنْفِي كَوْنَهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَإِنْ عُذِّبَ عَلَى تَرْكِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْكُفْرِ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى ( وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ) أَيْ فِي أَمْرٍ كَانَ يكبر عليهما ويشق فعله لو أراده لَا أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ كَبِيرٍ كَيْفَ وَهُمَا يُعَذَّبَانِ فِيهِ فَإِنَّ عَدَمَ التَّنَزُّهِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَالنَّمِيمَةَ سَعْيٌ بِالْفَسَادِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ والمجمع وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَيْ إِنَّهُ سَهْلٌ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يُرِيدُ التَّوَقِّيَ عَنْهُ وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ صَغِيرٌ مِنَ الذُّنُوبِ غَيْرُ كَبِيرٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْحَدِيثِ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ فَيُحْمَلُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَكَبِيرٌ عَلَى كِبَرِ الذَّنْبِ وَقَولُهُ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ عَلَى سُهُولَةِ الدَّفْعِ وَالِاحْتِرَازِ.
وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ أَيْ لَا يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَوْلِهِ سُتْرَةً يَعْنِي لَا يَتَحَفَّظُ مِنْهُ وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ لَا يَسْتَتِرُ وَقَدْ وَقَعَ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ كَانَ لَا يَتَوَقَّى وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ مُلَابَسَةِ الْبَوْلِ وَيَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ مِنَ النَّجَاسَاتِ.
وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ هِيَ نَقْلُ كَلَامِ الْغَيْرِ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ وَهِيَ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ.

     وَقَالَ  الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ هِيَ نَقْلُ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ عَلَى جِهَةِ الْإِفْسَادِ والشر وقد تم الْحَدِيثَ يَنِمُّهُ وَيَنُمُّهُ نَمًّا فَهُوَ نَمَّامٌ وَالِاسْمُ النَّمِيمَةُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي بَكْرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ) أَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ في الأوسط بمعنى حديث الباب وأخرجه بن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِلَفْظِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبول قاعدا قد جافى بين فخديه حَتَّى جَعَلْتُ آوِيَ لَهُ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ الْحَدِيثَ قَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَكَانَ كَثِيرَ الْخَطَأِ وَالْغَلَطِ وَيُنَبَّهُ عَلَى غَلَطِهِ فَلَا يَرْجِعُ وَيَحْتَقِرُ الْحُفَّاظَ انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عبد الرحمن بن حسنة فأخرجه بن ماجه وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِالزَّوَائِدِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  ( وَرَوَى مَنْصُورٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مجاهد عن بن عباس) منصور هذا هو بن الْمُعْتَمِرِ ( وَرِوَايَةُ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ) أَيْ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ بذكر طاووس بين مجاهد وبن عَبَّاسٍ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْصُورٍ ثُمَّ بَيَّنَ التِّرْمِذِيُّ وَجْهَ كَوْنِهَا أَصَحَّ بِقَوْلِهِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلَخْ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي صَحِيحِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ يَقْتَضِي صِحَّتَهُمَا عِنْدَهُ فيحمل على أن مجاهد اسمعه من طاووس عن بن عباس ثم سمعه من بن عَبَّاسٍ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ الْعَكْسَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ في سياقه عن طاووس زيادة على ما في روايته عن بن عباس وصرح بن حِبَّانَ بِصِحَّةِ الطَّرِيقَيْنِ مَعًا.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ انْتَهَى قُلْتُ.

     وَقَالَ  الْبُخَارِيُّ أَيْضًا إِنَّ رِوَايَةَ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا أَيُّهُمَا أَصَحُّ فَقَالَ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الطَّرِيقَيْنِ أَنَّ شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ رَوَاهُ عَنِ الأعمش كما رواه منصور ولم يذكر طاووسا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ ( وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَانٍ) بِفَتْحِ هَمْزَةٍ وَخِفَّةِ مُوَحَّدَةٍ وَبِنُونٍ بِالصَّرْفِ وَتَرْكِهِ وَالصَّرْفُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ هَذَا لَقَبُهُ حَمْدَوَيْهَ وَكَانَ مستملى وكيع ثقة حافظ روى عن بن عُيَيْنَةَ وَغُنْدُرٍ وَطَبَقَتِهِمَا وَعَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ والترمذي والنسائي وبن ماجه وغيرهم قال بن حِبَّانَ كَانَ مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ مَاتَ بِبَلْخٍ سَنَةَ 144 أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ53 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي نَضْحِ بَوْلِ الْغُلَامِ قَبْلَ أَنْ يُطْعَمَ)