فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في كراهية البيع والشراء وإنشاد الضالة والشعر في المسجد

رقم الحديث 1482 [1482] .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى كَانَ لَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ قَتَلَ وَزَغًا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ سَبَبُ تَكْثِيرِ الثَّوَابِ فِي قَتْلِهِ أَوَّلَ ضَرْبَةٍ الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِقَتْلِهِ وَالِاعْتِنَاءُ بِهِ وَالْحِرْصُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَوْ فَاتَهُ رُبَّمَا انْفَلَتَ وَفَاتَ قَتْلُهُ وَالْمَقْصُودُ انْتِهَازُ الْفُرْصَةِ بِالظَّفْرِ عَلَى قَتْلِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عن بن مَسْعُودٍ وَسَعْدٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ شَرِيكٍ) أَمَّا حَدِيثُ بن مسعود فأخرجه أحمد وبن حِبَّانَ عَنْهُ مَرْفُوعًا مَنْ قَتَلَ حَيَّةً فَلَهُ سَبْعُ حَسَنَاتٍ وَمَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فَلَهُ حَسَنَةٌ وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهَا مَرْفُوعًا مَنْ قَتَلَ وَزَغًا كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعَ خَطِيئَاتٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ شَرِيكٍ فَأَخْرَجَهُ عَنْهَا الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ.

     وَقَالَ  كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مسلم14 - ( باب ما جاء في قتل الْحَيَّاتِ) جَمْعُ حَيَّةٍ

رقم الحديث 1483 [1483] .

     قَوْلُهُ  ( اُقْتُلُوا الْحَيَّاتِ) أَيْ كُلَّهَا عُمُومًا ( وَاقْتُلُوا) أَيْ خُصُوصًا ( ذَا الطُّفْيَتَيْنِ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ صَاحِبَهُمَا وَهِيَ حَيَّةٌ خَبِيثَةٌ عَلَى ظَهْرِهَا خَطَّانِ أَسْوَدَانِ كَالطُّفْيَتَيْنِ وَالطُّفْيَةُ بِالضَّمِّ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ خُوصَةُ الْمُقْلِ وَالْخُوصُ بِالضَّمِّ وَرَقُ النَّخْلِ الْوَاحِدَةُ بِهَاءٍ وَالْمُقْلُ بِالضَّمِّ صَمْغُ شَجَرَةٍ وَفِي النِّهَايَةِ الطُّفْيَةُ خُوصَةُ الْمُقْلِ شُبِّهَ بِهِ الْخَطَّانِ اللَّذَانِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ فِي قَوْلِهِ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ ( وَالْأَبْتَرَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى ذَا قِيلَ هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ الْمَقْطُوعَ الذَّنَبَ لِقِصَرِ ذَنَبِهِ وَهُوَ مِنْ أَخْبَثِ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ ( فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ) أَيْ يَطْلُبَانِهِ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ وَيُعْمِيَانِ الْبَصَرَ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا لِخَاصِّيَّةِ السُّمِّيَّةِ فِي بَصَرِهِمَا ( وَيُسْقِطَانِ) مِنَ الْإِسْقَاطِ ( الْحَبَلَ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْجَنِينَ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا بِالْخَاصَّةِ السُّمِّيَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ جَعَلَ مَا يَفْعَلَانِ بِالْخَاصَّةِ كَاَلَّذِي يُفْعَلُ بِقَصْدٍ وَطَلَبٍ وَفِي خَوَاصِّ الْحَيَوَانِ عجائب لا تنكر وقد ذكر في خَوَاصَّ الْأَفْعَى أَنَّ الْحَبَلَ يَسْقُطُ عِنْدَ مُوَافَقَةِ النَّظَرَيْنِ وَفِي خَوَاصِّ بَعْضِ الْحَيَّاتِ أَنَّ رُؤْيَتَهَا تُعْمِي وَمِنَ الْحَيَّاتِ نَوْعٌ يُسَمَّى النَّاظُورُ مَتَى وَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى إِنْسَانٍ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ وَنَوْعٌ آخَرُ إِذَا سَمِعَ الْإِنْسَانُ صَوْتَهُ مَاتَ قوله ( وفي الباب عن بن مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) أما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهَا إِلَّا الْجَانَّ الْأَبْيَضَ الَّذِي كَأَنَّهُ قَضِيبُ فِضَّةٍ وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ وأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أبو داود وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ يَعْنِي الْحَيَّاتِ وَمَنْ تَرَكَ قَتْلَ شَيْءٍ مِنْهُنَّ خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا وَلَهُ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي هَذَا الْبَابِ ذَكَرَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ( وقد روى عن بن عُمَرَ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ) بِضَمِّ اللَّامِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ ( نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جَانٍّ الْحَيَّةُ الدَّقِيقَةُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ أَيْ صَوَاحِبِهَا لِمُلَازَمَتِهَا ( وَهِيَ) أَيْ جِنَّانُ الْبُيُوتِ ( الْعَوَامِرُ) أَيْ لِلْبُيُوتِ حَيْثُ تَسْكُنُهَا وَلَا تُفَارِقُهَا وَاحِدَتُهَا عَامِرَةٌ وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِهَا لِطُولِ عُمُرِهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ عُمَّارُ الْبُيُوتِ وَعَوَامِرُهَا سُكَّانُهَا مِنَ الْجِنِّ وَأَخْرَجَ هذه الرواية الشيخان في حديث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً أَقْتُلُهَا نَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ لَا تَقْتُلْهَا فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فَقَالَ إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وهن العوامر قوله ( ويروى عن بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا) زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ هَذَا هُوَ أَخُو عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَكَانَ زَيْدُ أَسَنَّ مِنْ عُمَرَ وَأَسْلَمَ قَبْلَهُ وَكَانَ طَوِيلًا بَائِنَ الطُّولِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ لَهُ فِي الْكُتُبِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قُلْتُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ

رقم الحديث 1484 [1484] .

     قَوْلُهُ  ( إِنَّ لِبُيُوتِكُمْ عُمَّارًا) أَيْ سِوَاكِنَ ( فَحَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ ثَلَاثًا) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ ضَيِّقُوا أَيْ قُولُوا لَهَا أَنْتِ فِي حَرَجٍ أَيْ ضِيقٍ إِنْ عُدْتِ إِلَيْنَا فَلَا تَلُومِينَا أَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْكِ بِالتَّتَبُّعِ وَالطَّرْدِ وَالْقَتْلِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ القاضي عياض روى بن الْحَبِيبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ أَنْشَدْتُكُمْ بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنْ لَا تُؤْذُونَا وَلَا تَظْهَرُوا لَنَا وَنَحْوِهِ عَنْ مَالِكٍ ( فَإِنْ بَدَا) أَيْ ظَهَرَ ( بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بعد التحريج ( فاقتلوه) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ قَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ فَلَيْسَ بِجِنِّيٍّ مُسْلِمٍ بَلْ هُوَ إِمَّا جِنِّيٌّ كَافِرٌ وَإِمَّا حَيَّةٌ وَإِمَّا وَلَدٌ مِنْ أَوْلَادِ إِبْلِيسَ أَوْ سَمَّاهُ شَيْطَانًا لِتَمَرُّدِهِ وَعَدَمِ ذَهَابِهِ بِالْإِيذَانِ وَكُلُّ مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالدَّابَّةِ يُسَمَّى شَيْطَانًا وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِذَا لَمْ يَذْهَبْ بِالْإِنْذَارِ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ وَلَا مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنَ الْجِنِّ بَلْ هُوَ شَيْطَانٌ فَلَا حُرْمَةَ لَهُ فَاقْتُلُوهُ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ سَبِيلًا إِلَى الْإِضْرَارِ بِكُمْ .

     قَوْلُهُ  ( وَرَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ هَذَا الْحَدِيثَ) رَوَاهُ فِي آخِرِ الْمُوَطَّأِ ( وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِقِصَّتِهِ

رقم الحديث 1485 [1485] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى) أَنْصَارِيٌّ وُلِدَ لِسِتِّ سِنِينَ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَقُتِلَ بِدُجَيْلٍ وَقِيلَ غَرِقَ بِنَهْرِ الْبَصْرَةِ وَقِيلَ فُقِدَ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وثمانين في وقعة بن الْأَشْعَثِ حَدِيثُهُ فِي الْكُوفِيِّينَ سَمِعَ أَبَاهُ وَخَلْقًا كثيرا من الصحابة ومنه الشعبي ومجاهد وبن سِيرِينَ وَخَلْقٌ وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ تَابِعِي الْكُوفِيِّينَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي حَرْفِ العين وقال في حرف اللام بن أَبِي لَيْلَى اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى يَسَارٌ الْأَنْصَارِيُّ وُلِدَ إِلَخْ ثُمَّ قَالَ وقد يقال بن أَبِي لَيْلَى أَيْضًا لِوَلَدِهِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَاضِي الْكُوفَةِ إِمَامٌ مَشْهُورٌ فِي الْفِقْهِ صَاحِبُ مَذْهَبٍ وقول وإذا أطلق المحدثون بن أَبِي لَيْلَى فَإِنَّمَا يَعْنُونَ أَبَاهُ وَإِذَا أَطْلَقَ الفقهاء بن أَبِي لَيْلَى فَإِنَّمَا يَعْنُونَ مُحَمَّدًا وَوُلِدَ مُحَمَّدٌ هَذَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ ( قَالَ قَالَ أَبُو لَيْلَى) الْأَنْصَارِيُّ صَحَابِيٌّ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ .

     قَوْلُهُ  ( إِنَّا نَسْأَلُكَ بِعَهْدِ نُوحٍ) وَلَعَلَّ الْعَهْدَ كَانَ حِينَ إِدْخَالِهَا فِي السَّفِينَةِ ( أَنْ لَا تُؤْذِيَنَا) هَذِهِ الْيَاءُ يَاءُ الضَّمِيرِ لَا يَاءُ الْكَلِمَةِ فَإِنَّهَا سَقَطَتْ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ فَتَكُونُ سَاكِنَةً سَوَاءٌ قُلْنَا إن أنمَصْدَرِيَّةٌ وَلَا نَافِيَةٌ وَالتَّقْدِيرُ نَطْلُبُ مِنْك عَدَمَ الْإِيذَاءِ أَوْ مُفَسِّرَةٌ وَلَا نَاهِيَةٌ لِأَنَّ فِي السُّؤَالِ مَعْنَى الْقَوْلِ أَيْ لَا تُؤْذِينَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ اعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ فِي قَتْلِ الْحَيَّاتِ أَحَادِيثُ مُخْتَلِفَةٌ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى قَتْلِ الْحَيَّاتِ أَجْمَعَ فِي الصَّحَارِيِ وَالْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا نَوْعًا وَجِنْسًا وَلَا مَوْضِعًا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَحَادِيثَ جَاءَتْ عَامَّةً .

     وَقَالَتْ  تُقْتَلُ الْحَيَّاتُ أَجْمَعُ إِلَّا سَوَاكِنَ الْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُنَّ لَا يُقْتَلْنَ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَزَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِنَّ بَعْدَ الْأَمْرِ بِقَتْلِ جَمِيعِ الْحَيَّاتِ .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ تُنْذَرُ سَوَاكِنُ الْبُيُوتِ فِي الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ بَدَيْنَ بَعْدَ الْإِنْذَارِ قُتِلْنَ وَمَا وُجِدَ مِنْهُنَّ فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ وَقَالَ مَالِكٌ يُقْتَلُ مَا وُجِدَ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ لَا تُنْذَرُ إِلَّا حَيَّاتُ الْمَدِينَةِ فَقَطْ.
وَأَمَّا حَيَّاتُ غَيْرِ الْمَدِينَةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ وَالْبُيُوتِ فَتُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ يُقْتَلُ الْأَبْتَرُ وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِنْذَارِ سَوَاكِنَ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَلِكُلِّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَجْهٌ قَوِيٌّ وَدَلِيلٌ ظَاهِرٌ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ لِلْمُنْذِرِيِّ 5 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ)

رقم الحديث 1486 [1486] .

     قَوْلُهُ  ( لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَخْ) يَأْتِي شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الباب عن بن عُمَرَ وَجَابِرٍ وَأَبِي رَافِعٍ وَأَبِي أَيُّوبَ) أَمَّا حديث بن عمرفَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ تَقْدُمُ مِنَ الْبَادِيَةِ بِكَلْبِهَا فَنَقْتُلُهُ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا.

     وَقَالَ  عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي النُّقْطَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا أَبَا رَافِعٍ اقْتُلْ كُلَّ كَلْبٍ بِالْمَدِينَةِ الْحَدِيثَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارِمِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِزِيَادَةٍ ( وَيُرْوَى فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ شَيْطَانٌ) وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ وَذَكَرْنَا لَفْظَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو لَيْلَى فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ إِنَّهُ شَيْطَانٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ الْكَلْبِ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فِي الْإِبِلِ إِنَّهَا جِنٌّ وَهِيَ مَوْلُودَةٌ مِنَ النُّوقِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّشْبِيهِ لَهُمَا بِالشَّيْطَانِ وَالْجِنِّ لِأَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ شَرُّ الْكِلَابِ وَأَقَلُّهَا نَفْعًا وَالْإِبِلُ شِبْهُ الْجِنِّ فِي صُعُوبَتِهَا وَصَوْلَتِهَا وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قِيلَ فِي تَخْصِيصِ كِلَابِ الْمَدِينَةِ بِالْقَتْلِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَهْبِطَ الْمَلَائِكَةِ بِالْوَحْيِ وَهُمْ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَجَعَلَ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ شَيْطَانًا لِخَبَثِهِ فَإِنَّهُ أَضَرُّ الْكِلَابِ وَأَعْقَرُهَا وَالْكَلْبُ أَسْرَعُ إِلَيْهِ مِنْهُ إِلَى جَمِيعِهَا وَهِيَ مَعَ هَذَا أَقَلُّهَا نفعا وأسوأها حِرَاسَةً وَأَبْعَدُهَا مِنَ الصَّيْدِ وَأَكْثَرُهَا نُعَاسًا وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَحِلُّ صَيْدُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ الْعَقُورِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهَا كُلِّهَا ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ إِلَّا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ ثُمَّ اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ جَمِيعِ الْكِلَابِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهَا حَتَّى الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ انْتَهَى 6 - ( باب مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا مَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ)

رقم الحديث 1487 [1487] .

     قَوْلُهُ  ( مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا) يُقَالُ اقْتَنَى الشَّيْءَ إِذَا اتَّخَذَهُ لِلِادِّخَارِ أَيْ حَبَسَ وَأَمْسَكَ ( أَوِ اتخذكَلْبًا) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( لَيْسَ بِضَارٍ) بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ الْمُنَوَّنَةِ أَيْ لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ الضَّارِي مِنَ الْكِلَابِ مَا يَهِيجُ بِالصَّيْدِ يُقَالُ ضَرَا الْكَلْبُ بِالصَّيْدِ ضَرَاوَةً أَيْ تَعَوَّدَهُ انتهى وقال الحافظ ضرا الكلب وَأَضْرَاهُ صَاحِبُهُ أَيْ عَوَّدَهُ وَأَغْرَاهُ بِالصَّيْدِ ( وَلَا كلب ماشية) هو ما يُتَّخَذُ مِنَ الْكِلَابِ لِحِفْظِ الْمَاشِيَةِ عِنْدَ رَعْيِهَا ( نقص) بصيغة المجهول قال القارىء وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي الْمِشْكَاةَ بِالْمَعْلُومِ وَهُوَ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا اللُّزُومُ أَيِ انْتَقَصَ ( كُلَّ يَوْمٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ ( قِيرَاطَانِ) فاعل أو نائبه قال القارىء أَيْ مِنْ أَجْرِ عَمَلِهِ الْمَاضِي فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مَحْمُولًا عَلَى التَّهْدِيدِ لِأَنَّ حَبْطَ الْحَسَنَةِ بِالسَّيِّئَةِ لَيْسَ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَقِيلَ أَيْ من ثواب عمله المتقبل حِينَ يُوجَدُ وَهَذَا أَقْرَبُ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا نَقَصَ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهِ وَلَا يَكْتُبُ لَهُ كَمَا يَكْتُبُ لِغَيْرِهِ مِنْ كَمَالِ فَضْلِهِ لَا يَكُونُ حَبْطًا لِعَمَلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اقْتَنَى النَّجَاسَةَ مَعَ وُجُوبِ التَّجَنُّبِ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ وَجَعَلَهَا وَسِيلَةً لِرَدِّ السَّائِلِ وَالضَّعِيفِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُقْصَانِ الْأَجْرِ بِاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ فَقِيلَ لِامْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ وَقِيلَ لِمَا يَلْحَقُ الْمَارِّينَ مِنَ الْأَذَى مِنْ تَرْوِيعِ الْكَلْبِ لَهُمْ وَقَصْدِهِ إِيَّاهُمْ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ لَهُمْ لِاِتِّخَاذِهِمْ مَا نُهِيَ عَنِ اتِّخَاذِهِ وَعِصْيَانِهِمْ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لِمَا يُبْتَلَى بِهِ وُلُوغُهُ فِي الْأَوَانِي عِنْدَ غَفْلَةِ صَاحِبِهِ وَلَا يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَ حَدِيثَهُمَا التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ ( وَسُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ) أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كل يوم قيراط قوله ( حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ) رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ وَسُفْيَانُ بْنُ أَبِي زُهَيْرٍ

رقم الحديث 1488 [1488] .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَهُ زَرْعٌ) أراد بن عُمَرَ بِذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ حِفْظِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ صَاحِبُ زَرْعٍ دُونَهُ وَمَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِشَيْءٍ احْتَاجَ إِلَى تَعَرُّفِ أَحْكَامِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ وَكَانَ صَاحِبَ حَرْثٍ وَقَدْ وَافَقَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى ذِكْرِ الزَّرْعِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ كَمَا أَخْرَجَهُ الترمذي في هذا الباب وسفيان بن أبي زُهَيْرٍ كَمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

رقم الحديث 1489 [1489] .

     قَوْلُهُ  ( لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ) أَيْ جِنْسَهَا ( أُمَّةٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ ( مِنَ الْأُمَمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) ( فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ) أَيْ خَالِصَ السَّوَادِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ إِفْنَاءَ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ وَإِعْدَامَ جِيلٍ مِنَ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ مَا مِنْ خَلْقٍ لِلَّهِ تَعَالَى إِلَّا وَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْحِكْمَةِ وَضَرْبٌ مِنَ الْمَصْلَحَةِ يَقُولُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا وَلَا سَبِيلَ إِلَى قَتْلِهِنَّ فَاقْتُلُوا شِرَارَهُنَّ وَهِيَ السُّودُ الْبُهْمُ وَأَبْقُوا مَا سِوَاهَا لِتَنْتَفِعُوا بِهِنَّ فِي الْحِرَاسَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أمثالكم) أَيْ أَمْثَالُكُمْ فِي كَوْنِهَا دَالَّةً عَلَى الصَّانِعِ وَمُسَبِّحَةً لَهُ قَالَ تَعَالَى ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) أَيْ يُسَبِّحُ بِلِسَانِ الْقَالِ أَوِ الْحَالِ حَيْثُ يَدُلُّ عَلَى الصَّانِعِ وَعَلَى قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ فَبِالنَّظَرِ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهَا بِالْقَتْلِ وَالْإِفْنَاءِ وَلَكِنْ إِذَا كَانَ لِدَفْعِ مَضَرَّةٍ كَقَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ كَذَبْحِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَأْكُولَةِ جَازَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى

رقم الحديث 1490 [149] .

     قَوْلُهُ  ( إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّرْدِيدِ ( اُنْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قيراط) وفي رواية بن عُمَرَ الْمُتَقَدِّمَةِ قِيرَاطَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي اخْتِلَافِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ فَقِيلَ الْحُكْمُ لِلزَّائِدِ لِكَوْنِهِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ الْآخَرُ أَوْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِنَقْصِ قِيرَاطٍ وَاحِدٍ فَسَمِعَهُ الرَّاوِي الْأَوَّلُ ثُمَّ أَخْبَرَ ثَانِيًا بِنَقْصِ قِيرَاطَيْنِ زِيَادَةً فِي التَّأْكِيدِ وَالتَّنْفِيرِ مِنْ ذَلِكَ فَسَمِعَ الرَّاوِي الثَّانِي وَقِيلَ يَنْزِلُ عَلَى حالين فنقص القراطين بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْإِضْرَارِ بِاِتِّخَاذِهَا وَنَقْصُ الْقِيرَاطِ بِاعْتِبَارِ قِلَّتِهِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ نَقْصُ الْقِيرَاطَيْنِ بِمَنِ اتَّخَذَهَا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ خَاصَّةً وَالْقِيرَاطُ بِمَا عَدَاهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي الْقِيرَاطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا هَلْ هُمَا كَالْقِيرَاطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَاتِّبَاعِهَا فَقِيلَ بِالتَّسْوِيَةِ وَقِيلَ اللَّذَانِ فِي الْجِنَازَةِ مِنْ بَابِ الْفَضْلِ وَاَللَّذَانِ هُنَا مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ وَبَابُ الْفَضْلِ أَوْسَعُ مِنْ غَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّهُ رَخَّصَ فِي إِمْسَاكِ الْكَلْبِ وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ) إِذَا أَمْسَكَهُ لِحِفْظِ الشَّاةِ الواحدة فإنه كلب ماشية قال بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَكَذَلِكَ لِلزَّرْعِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ حَافِظٍ وَكَرَاهَةُ اتِّخَاذِهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مَعْنَىالصَّيْدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ اتِّخَاذُهَا لِجَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ قِيَاسًا فَتَمَحَّضَ كَرَاهَةَ اتِّخَاذِهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْوِيعِ النَّاسِ وَامْتِنَاعِ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي الْكِلَابُ فِيهِ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِهَا لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ لِأَنَّ مَا كَانَ اتِّخَاذُهُ مُحَرَّمًا امْتَنَعَ اتِّخَاذُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ نَقَصَ الْأَجْرُ أَمْ لَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذَهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ كَذَا فِي النَّيْلِ

رقم الحديث 1491 [1491] .

     قَوْلُهُ  ( إِنَّا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا) لَعَلَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ بِخَبَرٍ أَوْ بِقَرِينَةٍ وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى بِضَمِّ الْمِيمِ مُخَفَّفٌ مَقْصُورٌ جَمْعُ مُدْيَةٍ بِسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ وَهِيَ السِّكِّينُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مُدَى الْحَيَوَانِ أَيْ عُمُرَهُ وَالرَّابِطُ بَيْنَ قَوْلِهِ نَلْقَى الْعَدُوَّ وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَقُوا الْعَدُوَّ وَصَارُوا بِصَدَدِ أَنْ يَغْنَمُوا مِنْهُمْ مَا يَذْبَحُونَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى ذَبْحِ مَا يَأْكُلُونَهُ لِيَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ إِذَا لَقُوهُ ( مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) أَيْ أَسَالَهُ وَصَبَّهُ بِكَثْرَةِ شِبْهِهِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ قَالَ عِيَاضٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ بِالرَّاءِ وَذَكَرَهُ أَبُو ذَرٍّ بِالزَّايِ.

     وَقَالَ  النَّهْزُ بِمَعْنَى الدَّفْعِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَمَا مَوْصُولَةٌ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهَا فَكُلُوا وَالتَّقْدِيرُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَهُوَ حَلَالٌ فَكُلُوا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً ( وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِذْنَ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الْإِنْهَارُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى شَيْئَيْنِ لَا يُكْتَفَى فِيهِ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَيَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا ( مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ أَوْ ظُفْرٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ بِالرَّفْعِ وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ وَفِي بَعْضِهَا سِنًّا أَوْ ظُفْرًا بِالنَّصْبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ) اخْتُلِفَ فِي هَذَا هَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَرْفُوعِ أَوْ مُدْرَجٌ ( أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ هُوَ قِيَاسٌ حُذِفَتْ مِنْهُ الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ لِشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ وَالتَّقْدِيرُ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَكُلُّ عَظْمٍ لَا يَحِلُّ الذَّبْحُ بِهِ وَطَوَى النَّتِيجَةَ لدلالة الاستثناء عليها وقال بن الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ قَرَّرَ كَوْنَ الذَّكَاةِ لَا تَحْصُلُ بِالْعَظْمِ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فَعَظْمٌ قَالَ وَلَمْ أَرَ بَعْدَ الْبَحْثِ مَنْ نَقَلَ الْمَنْعَ مِنَ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ مَعْنًى يعقل وكذا وقع في كلام بن عَبْدِ السَّلَامِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ لَا تَذْبَحُوا بِالْعِظَامِ فَإِنَّهَا تُنَجَّسُ بِالدَّمِ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ تَنْجِيسِهَا لِأَنَّهَا زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وقال بن الْجَوْزِيِّ فِي الْمُشْكِلِ هَذَايَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذَّبْحَ بِالْعَظْمِ كَانَ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ إِنَّهُ لَا يُجْزِي وَقَرَّرَهُمِ الشَّارِعُ عَلَى ذَلِكَ ( وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ) أَيْ وَهُمْ كُفَّارٌ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ قَالَهُ بن الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَقِيلَ نَهَى عَنْهُمَا لِأَنَّ الذَّبْحَ بِهِمَا تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ وَلَا يَقْطَعُ بِهِ غَالِبًا إِلَّا الْخَنْقُ الَّذِي هُوَ عَلَى صُورَةِ الذَّبْحِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ الذَّبْحُ بِالسِّكِّينِ وَسَائِرِ مَا يَذْبَحُ بِهِ الْكُفَّارُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الذَّبْحَ بِالسِّكِّينِ هُوَ الْأَصْلُ.
وَأَمَّا مَا يَلْحَقُ بِهَا فَهُوَ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّشَبُّهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنْ جَوَازِ الذَّبْحِ بِغَيْرِ السِّكِّينِ وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ السِّنُّ إِنَّمَا يُذَكَّى بِهَا إذا كانت منتزعة فَأَمَّا وَهِيَ ثَابِتَةٌ فَلَوْ ذَبَحَ بِهَا لَكَانَتْ مُنْخَنِقَةً يَعْنِي فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّذْكِيَةِ بِالسِّنِّ الْمُنْتَزِعَةِ بِخِلَافِ مَا نُقِلَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ جَوَازِهِ بِالسِّنِّ الْمُنْفَصِلَةِ قَالَ.
وَأَمَّا الظُّفْرُ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ ظُفْرَ الْإِنْسَانِ لَقَالَ فِيهِ مَا قَالَ فِي السِّنِّ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الظُّفْرَ الَّذِي هُوَ طِيبٌ مِنْ بِلَادِ الْحَبَشَةِ وَهُوَ لَا يَقْوَى فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْخَنْقِ كَذَا فِي النَّيْلِ قُلْتُ هُوَ جِسْمٌ صُلْبٌ كَالصَّدَفِ أَحَدُ طَرَفَيْهِ رَقِيقٌ مُحَدَّدٌ يُقَالُ لَهُ أَظْفَارُ الطِّيبِ قَالَ فِي بَحْرِ الْجَوَاهِرِ أَظْفَارُ الطِّيبِ أَقْطَاعٌ صَدَفِيَّةٌ فِي مِقْدَارِ الظُّفْرِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعِطْرِ انْتَهَى قُلْتُ وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنْ مِقْدَارِ الظُّفْرِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  ( لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ وَالِدُ سُفْيَانَ ( فِيهِ) أَيْ فِي حَدِيثِهِ ( عَنْ عَبَايَةَ عَنْ أَبِيهِ) بَلْ ذَكَرَ عَنْ عَبَايَةَ عَنْ رَافِعٍ وَتَرَكَ ذِكْرَ أَبِيهِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ 8 - ( باب مَا جَاءَ فِي الْبَعِيرِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) إِذَا ند فصار وحشيا يرمى بسمكم أَمْ لَا