فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الصلاة على الخمرة

رقم الحديث 1782 [1782] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ) بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ فِيهِ لِينٌ مِنَ التَّاسِعَةِ ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ) السَّكْسَكِيُّ الْحُبْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ ضَعِيفٌ مِنَ الْخَامِسَةِ ( سَمِعْتُ أَبَا كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ مَنْسُوبٌ إِلَى أَنْمَارَ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيُّ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو أَوْ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَقِيلَ عُمَرُ أَوْ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ صَحَابِيٌّ نَزَلَ الشَّامَ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ انْتَهَى ( وَكَانَتْ كِمَامُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِكَسْرِ الْكَافِ جَمْعُ كُمَّةٍ بِالضَّمِّ كَقِبَابٍ وَقُبَّةٍ وَهِيَ الْقَلَنْسُوَةُ الْمُدَوَّرَةُ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا تُغَطِّي الرَّأْسَ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ وَفِي رِوَايَةٍ أَكِمَّتُهُ هُمَا جَمْعُ كَثْرَةٍ وَقِلَّةٍ لِلْكُمَّةِ الْقَلَنْسُوَةِ يَعْنِي أَنَّهَا كَانَتْ مُنْبَطِحَةً غَيْرَ مُنْتَصِبَةٍ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْكُمَّةُ بِالضَّمِّ الْقَلَنْسُوَةُ الْمُدَوَّرَةُ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ الْكُمَّةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْقَلَنْسُوَةُ الصَّغِيرَةُ ( بُطْحًا) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ فَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ بَطْحَاءَ أَيْ كَانَتْ مَبْسُوطَةً عَلَى الرَّأْسِ غَيْرَ مُرْتَفِعَةٍ عَنْهَا وَقِيلَ هِيَ جَمْعُ كُمٍّ بِالضَّمِّ لِأَنَّهُمْ قَلَّمَا كَانُوا يَلْبَسُونَ الْقَلَنْسُوَةَ وَمَعْنَى بَطْحَاءَ حِينَئِذٍ أَنَّهَاكَانَتْ عَرِيضَةً وَاضِحَةً وَاسِعَةً فَهُوَ جَمْعُ أَبْطَحَ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْأَرْضِ الْمُتَّسِعَةِ بَطْحَاءُ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَا كَانَتْ ضَيِّقَةً رُومِيَّةً أَوْ هِنْدِيَّةً بَلْ كَانَ وُسْعُهَا بِقَدْرِ شِبْرٍ كَمَا سَبَقَ كَذَا قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا سَبَقَ إِلَى مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يستحب اتساع الكم بقدر شبر وقال بن حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ الْمَكِّيُّ.
وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنَ اتِّسَاعِ الْكُمِّ فَمَبْنِيٌّ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ الْأَكْمَامَ جَمْعُ كُمٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ جَمْعُ كُمَّةٍ وَهِيَ مَا يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ كَالْقَلَنْسُوَةِ فَكَأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مِنَ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ اتِّسَاعُ الْكُمَّيْنِ انتهى قال القارىء مُتَعَقِّبًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى السَّعَةِ الْمُفْرِطَةِ وَمَا نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيَّنٌ انْتَهَى قُلْتُ الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَاخْتَارَ التِّرْمِذِيُّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ حَيْثُ فَسَّرَ قَوْلَهُ بُطْحًا بِقَوْلِهِ يَعْنِي وَاسِعَةً وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَعْنَى بُطْحًا وَاسِعَةً فَالْمُرَادُ السَّعَةُ الْغَيْرُ الْمُفْرِطَةِ كما قال القارىء فَإِنَّ الِاتِّسَاعَ الْمُفْرِطَ فِي الْأَكْمَامِ مَذْمُومٌ بِلَا شك قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ.
وَأَمَّا الْأَكْمَامُ الْوَاسِعَةُ الطِّوَالُ الَّتِي هِيَ كَالْأَخْرَاجِ فَلَمْ يَلْبَسْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْبَتَّةَ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِسُنَّتِهِ وَفِي جَوَازِهَا نَظَرٌ فَإِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْخُيَلَاءِ انْتَهَى وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَقَدْ صَارَ أَشْهَرُ النَّاسِ بِمُخَالَفَةِ هَذِهِ السُّنَّةِ فِي زَمَانِنَا هَذَا الْعُلَمَاءُ فَيُرَى أَحَدُهُمْ وَقَدْ يَجْعَلُ لِقَمِيصِهِ كُمَّيْنِ يَصْلُحُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ جُبَّةً أَوْ قَمِيصًا لِصَغِيرٍ مِنْ أَوْلَادِهِ أَوْ يَتِيمٍ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْفَائِدَةِ إِلَّا الْعَبَثُ وَتَثْقِيلُ الْمُؤْنَةِ عَلَى النَّفْسِ وَمَنْعُ الِانْتِفَاعِ بِالْيَدِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَنَافِعِ وَتَشْوِيهِ الْهَيْئَةِ وَلَا الدِّينِيَّةِ إِلَّا مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ وَالْإِسْبَالُ وَالْخُيَلَاءُ انْتَهَى وَأَمَّا الْأَكْمَامُ الضَّيِّقَةُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ كَمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ جُبَّةً رُومِيَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ وَتَرْجَمَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ هَذَا فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ بَابُ مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ لُبْسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُبَّةَ الضَّيِّقَةَ إِنَّمَا كَانَ لِحَالِ السَّفَرِ لِاحْتِيَاجِ الْمُسَافِرِ إِلَى ذَلِكَ وَأَنَّ السَّفَرَ يُغْتَفَرُ فِيهِ لُبْسُ غَيْرِ الْمُعْتَادِ فِي الْحَضَرِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَخْ) قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بسر الجبراني الْحِمْصِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ الصَّحَابِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ رأيته وليس بشيء روي عن بن بسر وأبي راشد الجبراني وقال أبوحَاتِمٍ وَغَيْرُهُ ضَعِيفٌ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ ثم ذكر الذهير حَدِيثَ الْبَابِ فِي مَنَاكِيرِهِ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ ضعفه القطان والنسائي والدارقطني ووثقه بن حبان انتهى 1 -

رقم الحديث 1783 [1783] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ ( عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نُذَيْرٍ) بِالنُّونِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا ويقال بن يَزِيدَ كُوفِيٌّ يُكْنَى أَبَا عِيَاضٍ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ ( بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْعَضَلَةُ مُحَرَّكَةً وَكَسَفِينَةٍ كُلُّ عَصَبَةٍ مَعَهَا لَحْمٌ غَلِيظٌ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَعَضَلَةُ السَّاقِ هُوَ الْمَحَلُّ الضَّخْمِ مِنْهُ ( هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مَوْضِعُ الْإِزَارِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ ( فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلُ) كَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَرَّةً واحدة ووقعت في رواية بن مَاجَهْ مَرَّتَيْنِ هَكَذَا فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلُ وَقَولُهُ فَأَسْفَلُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَقَدْ سَفُلَ كَكَرُمَ وَعَلِمَ وَنَصَرَ سِفَالًا وَسُفُولًا وَتَسَفَّلَ وَسَفُلَ فِي خُلُقِهِ وَعِلْمِهِ كَكَرُمَ سَفْلًا وَيُضَمُّ وَسِفَالًا كَكِتَابٍ وَفِي الشَّيْءِ سُفُولًا بِالضَّمِّ نَزَلَ مِنْ أَعْلَاهُ إِلَى أَسْفَلِهِ انْتَهَى ( فَإِنْ أَبَيْتَ فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَإِنْ أَبَيْتَ فَمِنْ وَرَاءِ السَّاقِ وَلَا حَقَّ لِلْكَعْبَيْنِ فِي الْإِزَارِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْإِزَارِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ وَيَجُوزُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ غَيْرُ حَدِيثِ الْبَابِ فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُرَيٍّ رَفَعَهُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ وَارْفَعْ إِزَارَك إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ فَإِنَّهُ مِنَ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ في النار وللطبراني من حديث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ كُلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فِي النَّارِ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَفَعَهُ أَزِرَةُ الْمُؤْمِنَ الَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَرَجٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن ماجه وصححه الحاكم كذا في الفتح42 -

رقم الحديث 1784 [1784] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْقَلَانِيِّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَجْهُولٌ ( عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رُكَانَةَ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَجْهُولٌ ( أَنَّ ركانة) بضم أوله وتخفيف الكاف بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْمُطَّلِبِيِّ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ ثُمَّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ وَمَاتَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ ( صَارَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ فِي الصُّرَاحِ مصارعه كشتى كرفتن يُقَالُ صَارَعْتُهُ فَصَرَعْتُهُ أَصْرَعُهُ صَرْعًا بِالْفَتْحِ لِتَمِيمٍ وَبِالْكَسْرِ لِقَيْسٍ ( فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ غَلَبَهُ فِي الْمُصَارَعَةِ وَطَرَحَهُ عَلَى الْأَرْضِ ( إِنَّ فَرْقَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ) جَمْعُ قَلَنْسُوَةٍ أَيِ الْفَارِقُ بَيْنَنَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ لُبْسُ الْعَمَائِمِ فَوْقَ الْقَلَانِسِ فَنَحْنُ نَتَعَمَّمُ عَلَى الْقَلَانِسِ وَهُمْ يَكْتَفُونَ بِالْعَمَائِمِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الشُّرَّاحِ وَتَبِعَهُمَا بن الْمَلَكِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَقَالَ الْعَزِيزِيُّ فَالْمُسْلِمُونَ يَلْبَسُونَ الْقَلَنْسُوَةَ وَفَوْقَهَا الْعِمَامَةُ وَلُبْسُ الْقَلَنْسُوَةِ وَحْدَهَا زِيُّ الْمُشْرِكِينَ انْتَهَى وَكَذَا نَقَلَ الْجَزَرِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ في شرح الترمذي وقال بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَكَانَ يَلْبَسُهَا يَعْنِي الْعِمَامَةَ وَيَلْبَسُ تَحْتَهَا الْقَلَنْسُوَةَ وَكَانَ يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ بِغَيْرِ عِمَامَةً وَيَلْبَسُ الْعِمَامَةَ بِغَيْرِ قَلَنْسُوَةٍ انْتَهَى وفي الجامع الصغير برواية الطبراني عن بن عُمَرَ قَالَ كَانَ يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ قَالَ العزيزي إسناده حسن وفيه برواية الروياني وبن عساكر عن بن عَبَّاسٍ كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ تَحْتَ الْعَمَائِمِ وَبِغَيْرِ الْعَمَائِمِ وَيَلْبَسُ الْعَمَائِمَ بِغَيْرِ قَلَانِسَ وَكَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ الْيَمَانِيَّةَ وَهُنَّ الْبِيضُ الْمُضَرَّبَةُ وَيَلْبَسُ الْقَلَانِسَ ذَوَاتِ الْآذَانِ فِي الْحَرْبِ وَكَانَ رُبَّمَا نَزَعَ قَلَنْسُوَتَهُ فَجَعَلَهَا سُتْرَةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي الْحَدِيثَ قُلْتُ لَمْ أَقِفْ عَلَى إِسْنَادِ رِوَايَةِ بن عَبَّاسٍ هَذِهِ فَلَا أَدْرِي هَلْ هِيَ صَالِحَةٌ لِلِاحْتِجَاجِ أَمْ لَا.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ( وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَائِمِ إِلَخْ) فِيهِ ثَلَاثَةُ مَجَاهِيلَ كما عرفت 3 -

رقم الحديث 1785 [1785] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ) السُّلَمِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو طَيْبَةَ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ الْمَرْوَزِيُّ قَاضِيهَا صَدُوقٌ يهم من الثامنة ( مالي أرى عليك) مقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَنَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُخَاطَبُ أَيْ مالك ( حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ زِينَةَ بَعْضِ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا أَوْ زِينَتَهُمْ فِي النَّارِ بِمُلَابَسَةِ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ وَتِلْكَ فِي الْمُتَعَارَفِ بَيْنَنَا مُتَّخَذَةٌ مِنَ الْحَدِيدِ وَقِيلَ إِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَجْلِ النَّتْنِ ( وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ صُفْرٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ يُقَالُ لَهُ بِالْهِنْدِيَّةِ بيتل وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَعَلَيْهِ خاتم من شبه قال القارىء بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ شَيْءٌ يُشْبِهُ الصُّفْرَ وَبِالْفَارِسِيَّةِ يُقَالُ لَهُ برنج سُمِّيَ بِهِ لِشَبَهِهِ بِالذَّهَبِ لَوْنًا وَفِي الْقَامُوسِ الشَّبَهُ مُحَرَّكَةً النُّحَاسُ الأصفر ويكسر انتهى كلام القارىء ( مالي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ) لِأَنَّ الْأَصْنَامَ تُتَّخَذُ من الصفر قاله الخطابي وغيره ( ارم عنك حِلْيَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) يَعْنِي أَنَّ خَاتَمَ الذَّهَبِ مِنْ حِلْيَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَخَتَّمُونَ بِهِ فِيهَا.
وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ ( قَالَ مِنْ وَرِقٍ) أَيِ اتَّخِذْهُ مِنْ فِضَّةٍ وَالْوَرِقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْفِضَّةُ ( وَلَا تُتِمُّهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ نَهَى عَنِ الْإِتْمَامِ أَيْ لَا نُكْمِلُهُ ( مِثْقَالًا) أَيْ لَا نُكْمِلُ وزن الخاتم من الورق مثقالا قال بن الْمَلَكِ تَبَعًا لِلْمَظْهَرِ هَذَا نَهْيُ إِرْشَادٍ إِلَى الْوَرَعِ فَإِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْخَاتَمُ أَقَلَّ مِنْ مِثْقَالٍ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ السَّرَفِ وَذَهَبَ جَمْعٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى تَحْرِيمِ مَا زَادَ عَلَى الْمِثْقَالِ لَكِنْ رَجَّحَالْآخَرُونَ الْجَوَازَ مِنْهُمُ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فَإِنَّهُ حَمَلَ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ عَلَى التَّنْزِيهِ قاله القارىء ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَفِي سَنَدِهِ أَبُو طَيْبَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ يكتب حديثه ولا يحتج به وقال بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا حُمِلَ الْمَنْعُ عَلَى مَا كَانَ حَدِيدًا صِرْفًا وَقَدْ قَالَ التِّيفَاشِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْجَارِ خَاتَمُ الْفُولَاذِ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ إِذَا لُوِيَ عَلَيْهِ فِضَّةٌ فَهَذَا يُؤَيِّدُ الْمُغَايَرَةَ فِي الْحُكْمِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قَالَ فِي عَوْنِ الْمَعْبُودِ شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ ضَعْفِهِ يُعَارِضُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بالفضة فالعبوا بها أخرجه أبو داود وإسناده صَحِيحٌ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ وَأَنَّ فِي تَحْرِيمِ الْفِضَّةِ عَلَى الرِّجَالِ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ فِي تَحْرِيمِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمُ اسْتِعْمَالُ الْفِضَّةِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ دَلِيلٌ.

     وَقَالَ  قَدِ اسْتَدَلَّ الْعَلَّامَةُ الشَّوْكَانِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْوَشْيُ الْمَرْقُومُ فِي تَحْرِيمِ حِلْيَةِ الذَّهَبِ عَلَى الْعُمُومِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى إِبَاحَةِ اسْتِعْمَالِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ فَالْعَبُوا بِهَا.

     وَقَالَ  إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ حدثني أسيد بن أبي أسيد عن بن أبي موسى عن أبيه أو عن بن أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَلِّقَ حَبِيبَتَهُ حَلْقَةً مِنْ نَارٍ فَلْيُحَلِّقْهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُسَوِّرَ حَبِيبَتَهُ سِوَارًا مِنْ نَارٍ فَلْيُسَوِّرْهَا سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ وَلَكِنِ الْفِضَّةُ فَالْعَبُوا بِهَا لَعِبًا انْتَهَى وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُسَوِّرَ وَلَدَهُ سِوَارًا مِنْ نَارٍ فَلْيُسَوِّرْهُ سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ وَلَكِنِ الْفِضَّةُ فَالْعَبُوا بِهَا كيف شئتم قَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ انْتَهَى قُلْتُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى إِبَاحَةِ اسْتِعْمَالِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ فَالْعَبُوا بِهَا عِنْدِي نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِاللَّعِبِ بِالْفِضَّةِ التَّحْلِيَةُ بِهَا لِلنِّسَاءِ مِنَ التَّحْلِيقِ وَالتَّسْوِيرِ بِهَا لَهُنَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اللَّعِبَ بِهَا لِلرِّجَالِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صَدْرُ الْحَدِيثِ أَعْنِي قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَلِّقَ حَبِيبَتَهُ حَلْقَةً مِنْ نَارٍ فَلْيُحَلِّقْهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُسَوِّرَ حَبِيبَتَهُ سِوَارًا مِنْ نَارٍ فليسورهاسِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنْ لَا تُحَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ وَلَا تُسَوِّرُوهُنَّ سِوَارًا مِنَ الذَّهَبِ وَلَكِنِ الْعَبُوا لَهُنَّ بِالْفِضَّةِ مِنَ التَّحْلِيقِ وَالتَّسْوِيرِ بِهَا لَهُنَّ أَوْ مَا شِئْتُمْ مِنَ التَّحْلِيَةِ بِهَا لَهُنَّ هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ 4 -

رقم الحديث 1786 [1786] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ) بْنِ شِهَابِ بْنِ الْمَجْنُونِ الْجَرْمِيِّ الْكُوفِيِّ صَدُوقٌ رُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَسِّيِّ) تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْقَسِّيِّ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ( وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ) هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وسكون التحتانية وفتح المثلثة بعدها راء ثم هاء ولا همز فيها وأصلها من الوثارة أَوِ الْوِثْرَةِ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْوَثِيرُ هُوَ الْفِرَاشُ الْوَطِيءُ وَامْرَأَةٌ وَثِيرَةٌ كَثِيرَةُ اللَّحْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْمِيثَرَةِ فِي بَابِ رُكُوبِ الْمَيَاثِرِ ( وَأَنْ أَلْبَسَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ وَفِي هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ جَعْلُ خَاتَمِ الرَّجُلِ فِي الْخِنْصَرِ.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَتَّخِذُ خَوَاتِيمَ فِي أَصَابِعَ قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِ فِي الْخِنْصَرِ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الِامْتِهَانِ فِيمَا يُتَعَاطَى بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ طَرَفًا لِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُ الْيَدَ عَمَّا تَنَاوَلَتْهُ مِنَ اشْتِغَالِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ جَعْلُهُ فِي الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ45 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي أَحَبِّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

رقم الحديث 1787 [1787] قوله ( كان أحب الثياب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَنْ يَلْبَسَهَا بِزِيَادَةِ أَنْ فَ.

     قَوْلُهُ  يَلْبَسُهَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ صِفَةٌ لِأَحَبُّ أَوِ الثِّيَابِ وَخَرَجَ بِهِ مَا يَفْرِشُهُ وَنَحْوُهُ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لِلثِّيَابِ أَوْ لِأَحَبُّ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَلْبَسَهَا فَقِيلَ بَدَلٌ مِنَ الثِّيَابِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ مُتَعَلِّقٌ بِأَحَبُّ أَيْ كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ لِأَجْلِ اللُّبْسِ ( الْحِبَرَةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَأَحَبُّ اسْمُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْعَكْسِ وَالْحِبَرَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ نَوْعٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ وَرُبَّمَا تَكُونُ بِخُضْرٍ أَوْ زُرْقٍ فَقِيلَ هِيَ أَشْرَفُ الثِّيَابِ عِنْدَهُمْ تُصْنَعُ مِنَ الْقُطْنِ فَلِذَا كَانَ أَحَبَّ وَقِيلَ لِكَوْنِهَا خَضْرَاءَ وَهِيَ مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ أَحَبُّ الْأَلْوَانِ إِلَيْهِ الْخُضْرَةَ عَلَى مَا رواه الطبراني في الأوسط وبن السُّنِّيِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ سُمِّيَتْ حِبَرَةً لِأَنَّهَا تُحَبِّرُ أَيْ تُزَيِّنُ وَالتَّحْبِيرُ التَّحْسِينُ قِيلَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَتْ هِيَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ زِينَةٍ وَلِأَنَّهَا أَكْثَرُ احْتِمَالًا لِلْوَسَخِ قَالَ الْجَزَرِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ لُبْسِ الْحِبَرَةِ وَعَلَى جَوَازِ لُبْسِ الْمُخَطَّطِ قَالَ مَيْرُكُ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ والنسائي23 - كِتَاب الْأَطْعِمَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( باب ما جاء عَلَى مَا كَانَ يَأْكُلُ النَّبِيِّ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

رقم الحديث 1720 [172] .

     قَوْلُهُ  ( حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى لِبَاسُ الْحَرِيرِ ( عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي) وَالذُّكُورُ بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ أَيْضًا لَكِنَّهُمْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ حُرِّمَ عَلَى مَنْ ألبسهم والمراد بالذهب حلية وإلا فالأولى مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَرَامٌ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَكَذَا حُلِيُّ الْفِضَّةِ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ لِلرِّجَالِ مِنَ الْخَاتَمِ وَغَيْرِهِ ( وَأُحِلَّ) أَيْ مَا ذُكِرَ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِإِنَاثِهِمْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِإِنَاثِ أُمَّتِي .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأُمِّ هَانِئٍ وَأَنَسٍ وَحُذَيْفَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وجابر وأبي ريحانة وبن عمر والبراء) أما حديث عمر وأنس وبن الزُّبَيْرِ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فَفِي الْمِشْكَاةِ وَعَنْ عُمَرَ وأنس وبن الزُّبَيْرِ وَأَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ انْتَهَى وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ والنسائي وبن ماجه وبن حِبَّانَ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذهبا فجعله في شماله ثم قال إن هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَالْبَرَاءِ فَأَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ الْإِفْرِيقِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي رَيْحَانَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ أَبُو حَاتِمٍ إِنَّهُ لَمْ يَلْقَهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ لَمْ يَسْمَعْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ مِنْ أَبِي موسى وقال بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى مَعْلُولٌ لَا يَصِحُّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ ذَكَر ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى نَافِعٍ فَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدٍ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى كَذَا فِي النَّيْلِ

رقم الحديث 1721 [1721] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ كُنْيَتُهُ أَبُو أُمَيَّةَ الْجُعْفِيُّ مُخَضْرَمٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ دُفِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مُسْلِمًا فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَلَهُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً كَذَا فِي التَّقْرِيبِ .

     قَوْلُهُ  ( بِالْجَابِيَةِ) بِالْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مَدِينَةٌ بِالشَّامِ إِلَّا مَوْضِعَ ( أُصْبُعَيْنِ) أَيْ مِقْدَارَ أُصْبُعَيْنِ ( أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ) أَوْ ها هنا لِلتَّنْوِيعِ وَالتَّخْيِيرِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَالَ قَاضِي خَانْ رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ إِذَا كَانَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ دُونَهَا وَلَمْ يَحْكِ فِيهَاخلافا كذا قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِبَاحَةُ الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ مَالِكٍ رواية بمنعه وعن بعض أصحابه بِإِبَاحَةِ الْعَلَمِ بِلَا تَقْدِيرٍ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ بَلْ قَالَ يَجُوزُ وَإِنْ عَظُمَ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَرْدُودَانِ بِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّرِيحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ لُبْسَ الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ إِذَا كَانَ فِي الثَّوْبِ وَخَصَّهُ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَجَازَ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ مُطْلَقًا وَلَوْ زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ مُطْلَقًا وهو ثابت عن الحسن وبن سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا مَنَعُوهُ وَرَعًا وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ.

     وَقَالَ  لَمْ يَرْفَعْهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ إِلَّا قَتَادَةُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ بَيَانٌ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ سُوَيْدٍ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَكَذَا قَالَ شُعْبَةُ عَنِ الحكم عن خيثمة عن سويد وقاله بن عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سُوَيْدٍ وَأَبُو حُصَيْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سُوَيْدٍ هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ انْفَرَدَ بِهَا مُسْلِمٌ لَمْ يَذْكُرْهَا الْبُخَارِيُّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الثِّقَةَ إِذَا انْفَرَدَ بِرَفْعِ مَا وَقَفَهُ الْأَكْثَرُونَ كَانَ الْحُكْمُ لِرِوَايَتِهِ وَحُكِمَ بِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَمُحَقِّقُو الْمُحَدِّثِينَ وَهَذَا مِنْ ذَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى قُلْتُ لَمْ يُجِبِ النَّوَوِيُّ عَنْ تَدْلِيسِ قَتَادَةَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ.
اعْلَمْ أَنَّ مَا في الصحيحين عن المدلسين بعن ونحوهما فَمَحْمُولٌ عَلَى ثُبُوتِ السَّمَاعِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَقَدْ جَاءَ كَثِيرٌ مِنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِالطَّرِيقَيْنِ جَمِيعًا فَيَذْكُرُ رِوَايَةَ الْمُدَلِّسِ بِعَنْ ثُمَّ يَذْكُرُهَا بِالسَّمَاعِ وَيَقْصِدُ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْتُهُ انتهى

رقم الحديث 1722 [1722] .

     قَوْلُهُ  ( شَكَيَا الْقَمْلَ) قَالَ فِي الصُّرَاحِ قَمْل سبس قَمْلَة يكي انْتَهَى ( فَرَخَّصَ لَهُمَا في قمصالْحَرِيرِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمِيمِ جَمْعُ قَمِيصٍ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ بِهِمَا وَرَجَّحَ بن التِّينِ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا الْحَكَّةُ.

     وَقَالَ  لَعَلَّ أَحَدَ الرُّوَاةِ تَأَوَّلَهَا فَأَخْطَأَ وَجَمَعَ الدَّاوُدِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ.

     وَقَالَ  بن العربي قد ورد أنه أرخص لكل منها فَالْإِفْرَادُ يَقْتَضِي أَنَّ لِكُلٍّ حِكْمَةً قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْحَكَّةَ حَصَلَتْ مِنَ الْقَمْلِ فَنُسِبَتِ الْعِلَّةُ تَارَةً إِلَى السَّبَبِ وَتَارَةً إِلَى سَبَبِ السَّبَبِ انْتَهَى وَقَدْ تَرْجَمَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابُ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ وَرَوَى فِيهِ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ خَمْسِ طُرُقٍ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرَ شَكَيَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي الْقَمْلَ فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الْحَرِيرِ فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ.
وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِالْحَرْبِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فِي السَّفَرِ مِنْ حَكَّةٍ وَجَعَلَ الطَّبَرِيُّ جَوَازَهُ فِي الْغَزْوِ مُسْتَنْبَطًا مِنْ جَوَازِهِ لِلْحَكَّةِ فَقَالَ دَلَّتِ الرُّخْصَةُ فِي لُبْسِهِ بِسَبَبِ الْحَكَّةِ أَنَّ مَنْ قَصَدَ بِلُبْسِهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ أَذَى الْحَكَّةِ كَدَفْعِ سِلَاحِ الْعَدُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَقَدْ تَبِعَ التِّرْمِذِيُّ الْبُخَارِيَّ فَتَرْجَمَ لَهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنِ الْقَائِلِينَ بِالْجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ وَعَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يَخْتَصُّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْخُصُوصِيَّةَ بِالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا تَصِحُّ تِلْكَ الدَّعْوَى قَالَ الْحَافِظُ قَدْ جَنَحَ إِلَى ذَلِكَ عُمَرُ فروى بن عساكر من طريق بن عوف عن بن سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ رَأَى عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَمِيصَ حَرِيرٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَذَكَر لَهُ خَالِدٌ قِصَّةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فقال وأنت مثل عبد الرحمن أولك مِثْلُ مَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَمَرَ مَنْ حَضَرَهُ فَمَزَّقُوهُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي لِبَاسِهِ فَمَنَعَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يوسف بالجواز للضرورة وحكى بن حبيب عن بن الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْحَرْبِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ لِبَاسُهُ فِي الْحَرْبِ لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ وَهُوَ مِثْلُ الرُّخْصَةِ فِي الِاحْتِيَالِ فِي الْحَرْبِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبُرُودَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَرِيرَ حَارٌّ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ لِخَاصَّةٍ فِيهِ لِدَفْعِ مَا تَنْشَأُ عَنْهُ الْحَكَّةُ كَالْقَمْلِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ3 - باب

رقم الحديث 1723 [1723] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَبَكَى) أَيْ أَنَسٌ ( وَقَالَ إِنَّكَ لَشَبِيهٌ بِسَعْدٍ) أَيْ سَعْدِ بن معاذ ( وإن سعدا) أي بن مُعَاذٍ ( كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ) أَيْ رُتْبَةً ( وَأَطْوَلَ) أَيْ جِسْمًا ( وَإِنَّهُ بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٌ فِيهَا الذَّهَبُ) الضَّمِيرُ فِي أَنَّهُ لِلشَّأْنِ وبعث بصيغة المجهول وجبة بالرفع نائب لفاعل وَمَنْسُوجٌ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِجُبَّةٍ وَاَلَّذِي بَعَثَهَا هُوَ أُكَيْدِرُ دُومَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ رَوَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةَ سُنْدُسٍ أَوْ دِيبَاجٍ قَبْلَ أَنْ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ فَلَبِسَهَا فَتَعَجَّبَ النَّاسُ عنها فَقَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ( فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ هَذَا قَبْلَ النَّهْيِ عَنِ الْحَرِيرِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أحمد المذكورة ( فقام أو قعد) فشك مِنَ الرَّاوِي أَيْ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ( لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ) جَمْعُ مِنْدِيلٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا يُحْمَلُ فِي الْيَدِ لِلْوَسَخِ وَالِامْتِهَانِ ( خَيْرٌ مِمَّا تَرَوْنَ) يَعْنِي الْجُبَّةَ أَشَارَ بِهِ إِلَى عَظِيمِ رُتْبَتِهِ أَيْ أَدْنَى ثِيَابِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْأَوْسِيِّ خَيْرٌ مِنْ هَذِهِ الْجُبَّةِ وَخَصَّهُ لِكَوْنِ مِنْدِيلِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الثَّوْبِ لَوْنًا أَوْ كَانَ الْحَالُ يَقْتَضِي اسْتِمَالَةَ قَلْبِهِ أَوْ كَانَ يُحِبُّ ذَلِكَ الْجِنْسَ أَوْ كَانَ اللَّامِسُونَ الْمُتَعَجِّبُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جبة طيالسةكِسْرُوَانِيَّةٍ لَهَا لَبِنَةُ دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ .

     وَقَالَتْ  هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِي بِهَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ ( بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ)