فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور

رقم الحديث 71 [71] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ المهملتين آخره نُونٌ هِيَ أُخْتُ عُكَّاشَةَ صَحَابِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ طَالَ عُمُرُهَا بِدَعْوَةٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ امْرَأَةً عَمَّرَتْ مَا عَمَّرَتْ .

     قَوْلُهُ  ( لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ) صِفَةٌ لِابْنٍ ( فَبَالَ عَلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَرَشَّهُ عَلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ نَضَحَ بِالْمَاءِ قَالَ الْحَافِظُ وَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْ بَيْنَ نَضَحَ وَرَشَّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ الِابْتِدَاءَ كَانَ بِالرَّشِّ وَهُوَ تَنْقِيطُ الْمَاءِ وَانْتَهَى إِلَى النَّضْحِ وَهُوَ صَبُّ الْمَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامٍ فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ وَلِأَبِي عَوَانَةَ فَصَبَّهُ عَلَى الْبَوْلِ يُتْبِعُهُ إِيَّاهُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وفي الباب عن علي وعن عائشة وَزَيْنَبَ وَلُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ وَهِيَ أُمُّ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبِي السَّمْحِ وعبد الله بن عمرو وأبي ليلى وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيَّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَفْظُهُ يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ مَوْقُوفًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ قَالَهُ الْحَافِظُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَلَفْظُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ زَادَ مُسْلِمٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْنَبَ وَهِيَ بِنْتُ جَحْشٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مُطَوَّلًا وَفِيهِ أَنَّهُ يُصَبُّ مِنَ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ مِنَ الْجَارِيَةِ وَفِي إِسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ وَقَالَ الْحَافِظُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِوأما حديث لبابة فأخرجه أبو داود وبن ماجه وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْكَجِّيُّ فِي سُنَنِهِ وَلَفْظُهُ قَالَتْ كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَالَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ الْبَسْ ثَوْبًا وَأَعْطِنِي إِزَارَكَ حَتَّى أَغْسِلَهُ قَالَ إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا فِي سُنَنِهِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَالطَّحَاوِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي السَّمْحِ فَأَخْرَجَهُ أبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ قَالَ كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ وَأَبُو السَّمْحِ لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ كَذَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَقِيلَ اسْمُهُ إِيَادٌ أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَيْهِ فَنَضَحَهُ وَأُتِيَ بِجَارِيَةٍ فَبَالَتْ عَلَيْهِ فَغَسَلَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي لَيْلَى فَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ في شرح الآثار وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ قَالَ أَصَابَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِلْدَهُ بَوْلُ صَغِيرٍ وَهُوَ صَغِيرٌ فَصَبَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا كَانَ مِنَ الْبَوْلِ قَالَ الْحَافِظُ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ أَصَحُّهَا الِاكْتِفَاءُ بِالنَّضْحِ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ لَا الْجَارِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ والزهري وإسحاق وبن وَهْبٍ وَغَيْرِهِمْ وَالثَّانِي يَكْفِي النَّضْحُ فِيهِمَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَخَصَّصَ بن العربي النقل في هذا بماإذا كَانَا لَمْ يَدْخُلْ أَجْوَافَهُمَا شَيْءٌ أَصْلًا وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ وَبِهِ قَالَ الحنفية والمالكية قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ اتَّبَعُوا فِي ذَلِكَ الْقِيَاسَ وَقَالُوا الْمُرَادُ بِقَوْلِهَا وَلَمْ يَغْسِلْهُ أَيْ غَسْلًا مُبَالَغًا فِيهِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَيُبْعِدُهُ مَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا أَوْجُهٌ مِنْهَا مَا هُوَ رَكِيكٌ وَأَقْوَى ذَلِكَ مَا قِيلَ إِنَّ النُّفُوسَ أَعْلَقُ بِالذُّكُورِ مِنْهَا بِالْإِنَاثِ يَعْنِي فَحَصَلَتِ الرُّخْصَةُ فِي الذُّكُورِ لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ انْتَهَى قُلْتُ احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ الْقَائِلُونَ بِالِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ لَا الْجَارِيَةِ بِأَحَادِيثِ الْبَابِوَهِيَ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمَذْهَبُ الثَّانِي فَلَمْ أَقِفْ عَلَى دَلِيلِهِ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّهُ وَأَمَّا الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَوْلِ الصَّبِيِّ وَبَوْلِ الصَّبِيَّةِ فِي النَّجَاسَةِ فَهُمَا نَجِسَانِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ وَأَجَابُوا عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّشِّ وَالنَّضْحِ فِيهِمَا الْغَسْلُ فَإِنَّهُ قَدْ يُذْكَرُ النَّضْحُ وَيُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ وَكَذَلِكَ قَدْ يُذْكَرُ الرَّشُّ وَيُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَمَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ أَيْ الْمَذْيَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَلْيَنْضَحْ الْغَسْلُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فيه بغسل ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ النَّضْحَ وَيُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الْغَسْلَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ فَقَالَ يَكْفِيَكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ يُرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ فَإِنَّ المراد بالنضح ها هنا الْغَسْلُ.
وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الرَّشَّ قَدْ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ فَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ ثُمَّ رُشِّيهِ وَصَلِّي فِيهِ أَرَادَ اغْسِلِيهِ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ النَّضْحَ وَالرَّشَّ يُذْكَرَانِ وَيُرَادُ بِهِمَا الْغَسْلُ وَجَبَ حَمْلُ مَا جَاءَ فِي الْبَابِ مِنَ النَّضْحِ وَالرَّشِّ عَلَى الْغَسْلِ هَكَذَا أَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ قَدْ يُذْكَرُ النَّضْحُ وَيُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ وَكَذَلِكَ الرَّشُّ لَكِنْ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْهُ بَلْ يَكُونُ هُنَاكَ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالنَّضْحِ أَوْ الرَّشِّ الْغَسْلُ كَمَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَحَدِيثِ أَسْمَاءَ الْمَذْكُورَيْنِ.
وَأَمَّا فيما نحن فيه فليس ها هنا دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالرَّشِّ أَوْ النضح الغسل بل ها هنا دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إِرَادَةِ الْغَسْلِ فَفِي حَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَ.

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يَغْسِلْهُ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّضْحِ أَوْ الرَّشِّ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الْغَسْلَ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ لُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ فِي جَوَابِ لُبَابَةَ حِينَ قَالَتِ الْبَسْ ثَوْبًا وَأَعْطِنِي إِزَارَكَ حَتَّى أَغْسِلَهُ أَيْضًا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِالنَّضْحِ أَوْ الرَّشِّ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الْغَسْلُ وَأَيْضًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّضْحِ الْغَسْلَ وَإِلَّا لَكَانَ الْمَعْنَى يُغْسَلُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَهُوَ كَمَا تَرَى فَجَوَابُهُمْ بِأَنَّ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ النَّضْحِ وَالرَّشِّ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَسْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنْ قِيلَ قَالَ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ الْمُرَادُ بِالنَّضْحِ وَالرَّشِّ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الْغَسْلُمِنْ غَيْرِ عَرْكٍ وَبِالْغَسْلِ الْغَسْلُ بِعَرْكٍ أَوْ الْمُرَادُ بِهِمَا الْغَسْلُ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ فِيهِ وَبِالْغَسْلِ الْغَسْلُ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ قُلْنَا .

     قَوْلُهُ مْ هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ ظَاهِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ يُبْطِلُهُ فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالرَّشِّ وَالنَّضْحِ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الصَّبُّ وَإِتْبَاعُ الْمَاءِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ هِشَامٍ فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ وَلِأَبِي عَوَانَةَ فَصَبَّهُ عَلَى الْبَوْلِ يَتْبَعُهُ إِيَّاهُ وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ بِلَفْظِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَيْهِ فَأَتْبَعَهُ الْمَاءَ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ إِنَّمَا يُصَبُّ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَإِتْبَاعُ الْمَاءِ وَالصَّبُّ نَوْعٌ مِنَ الْغَسْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَسْلِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ عَذِرَةٌ فَأَتْبَعَهَا الْمَاءَ حَتَّى ذَهَبَ بِهَا أَنَّ ثَوْبَهُ قَدْ طَهُرَ انْتَهَى فَثَبَتَ أَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ وَبَوْلَ الْجَارِيَةِ هُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ قُلْنَا سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّضْحِ وَالرَّشِّ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ إِتْبَاعُ الْمَاءِ وَالصَّبُّ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُطْلَقَ الصَّبِّ وَإِتْبَاعِ الْمَاءِ نَوْعٌ مِنَ الْغَسْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَسْلِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ عَذِرَةٌ فَأَتْبَعَهَا الْمَاءَ وَصَبَّ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَذْهَبْ بِهَا لَا يَطْهُرُ ثَوْبُهُ وَقَدْ وُجِدَ إِتْبَاعُ الْمَاءِ وَالصَّبُّ وَالْعَجَبُ مِنَ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ كَيْفَ قَالَ إِتْبَاعُ الْمَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَسْلِ وَقَدْ رَوَى هُوَ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِلَفْظِ فَأَتْبَعَهُ الْمَاءَ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَأَيْضًا رَوَاهُ بِلَفْظِ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَأَيْضًا رَوَى هُوَ حَدِيثَ أُمِّ قَيْسٍ بِلَفْظِ فَدَعَا فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ النَّضْحُ أَوْ الرَّشُّ أَوْ الصَّبُّ أَوْ إِتْبَاعُ الْمَاءِ مُقَيَّدًا بِالذَّهَابِ بِالْبَوْلِ أَوْ بِأَثَرِ الْبَوْلِ أَعْنِي لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ فَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتَّى ذَهَبَ بِهِ أَوْ حَتَّى ذَهَبَ بِأَثَرِهِ أَوْ فَنَضَحَهُ أَوْ رَشَّهُ حَتَّى ذَهَبَ بِهِ أَوْ بِأَثَرِهِ بَلْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مُطْلَقَةً وَأَيْضًا لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بيان مقدار الماء إلا في حديث بن عَبَّاسٍ فَفِيهِ فَصَبَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا كَانَ مِنَ الْبَوْلِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْتَ ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ بِقَدْرِهِ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ بِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ بَوْلُ الْغُلَامِ نَجِسٌ فَنَجَاسَتُهُ هِيَ مُوجِبَةٌ لِحَمْلِ النَّضْحِ وَالرَّشِّ وَصَبِّ الْمَاءِ وَإِتْبَاعِ الْمَاءِ عَلَى الْغَسْلِ فَإِنَّ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ إِذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَيَّةُ نَجَاسَةٍ كَانَتْ لَا يَطْهُرُ إِلَّا بِالْغَسْلِ قُلْنَا نَجَاسَةُ بَوْلِ الْغُلَامِ لَا تُوجِبُ حَمْلَ النَّضْحِ وَالرَّشِّ وَغَيْرَهُمَا عَلَى الْغَسْلِ وَقَوْلُكُمْ إِنَّالثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ إِذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَيَّةُ نَجَاسَةٍ كَانَتْ لَا يَطْهُرُ إِلَّا بِالْغَسْلِ مَمْنُوعٌ أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ الثَّوْبَ إِذَا أَصَابَهُ الْمَنِيُّ وَيَبِسَ كَفَى لِطَهَارَتِهِ الْفَرْكُ وَلَا يَجِبُ الْغَسْلُ مَعَ أَنَّ الْمَنِيَّ الْيَابِسَ نَجِسٌ كَمَا أَنَّ الْمَنِيَّ الرَّطْبَ نَجِسٌ فَنَقُولُ بَوْلُ الْغُلَامِ إِذَا أَصَابَ الْبَدَنَ أَوْ الثَّوْبَ كَفَى لِطَهَارَتِهِ النَّضْحُ وَالرَّشُّ وَلَا يَجِبُ الْغَسْلُ.
وَأَمَّا بَوْلُ الْجَارِيَةِ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَلَا يَطْهُرُ إِلَّا بِالْغَسْلِ مَعَ أَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ نَجِسٌ كَمَا أَنَّ بَوْلَ الْجَارِيَةِ نَجِسٌ فَتَفَكَّرْ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ بَيْنَ الْمَنِيِّ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فَرْقًا بِالرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَبَوْلِ الْغُلَامِ بِوَجْهٍ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَبَوْلِ الْجَارِيَةِ بِوَجْهٍ قَالَ الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ.
وَأَمَّا غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وَنَضْحُهُ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ إِذَا لَمْ يَطْعَمَا فَهَذَا لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُمَا يُغْسَلَانِ جَمِيعًا وَالثَّانِي يُنْضَحَانِ وَالثَّالِثُ التَّفْرِقَةُ وَهُوَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَتَمَامِ حِكْمَتِهَا وَمَصْلَحَتِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا كَثْرَةُ حَمْلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِلذَّكَرِ فَتَعُمُّ الْبَلْوَى بِبَوْلِهِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ غَسْلُهُ وَالثَّانِي أَنَّ بَوْلَهُ لَا يَنْزِلُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بَلْ ينزل متفرقا ها هنا وههنا فَيَشُقُّ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ كُلَّهُ بِخِلَافِ بَوْلِ الْأُنْثَى الثَّالِثُ أَنَّ بَوْلَ الْأُنْثَى أَخْبَثُ وَأَنْتَنُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ وَسَبَبُهُ حَرَارَةُ الذَّكَرِ وَرُطُوبَةُ الْأُنْثَى فَالْحَرَارَةُ تُخَفِّفُ مِنْ نَتْنِ الْبَوْلِ وَتُذِيبُ مِنْهَا مَا يَحْصُلُ مِنْ رُطُوبَةٍ وَهَذِهِ مَعَانٍ مُؤَثِّرَةٌ يَحْسُنُ اعْتِبَارُهَا فِي الْفَرْقِ انْتَهَى كَلَامُهُ فَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ أَصَحَّ الْمَذَاهِبِ وَأَقْوَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَذْهَبُ مَنْ قَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ وَبِوُجُوبِ الْغَسْلِ فِي بَوْلِ الجارية والله تعالى أعلم قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا لَفْظُهُ فَرَدَّتْ هَذِهِ السُّنَنُ بِقِيَاسٍ مُتَشَابِهٍ عَلَى بَوْلِ الشَّيْخِ وَبِعُمُومٍ لَمْ يَرِدْ بِهِ هَذَا الْخَاصُّ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالدَّمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ غَيْرُ ثَابِتِ بْنِ حَمَّادٍ وَأَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ وَمَعْلُولَاتٌ وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثَيْنِ وَلَا يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَيَكُونُ الْبَوْلُ فِيهِ مَخْصُوصًا بِبَوْلِ الصَّبِيِّ كَمَا خَصَّ مِنْهُ بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بِأَحَادِيثَ دُونَ هَذِهِ فِي الصِّحَّةِ وَالشُّهْرَةِ انْتَهَى.

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا جَمِيعًا) لِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَوْلُ الْغُلَامِ الرَّضِيعِ يُنْضَحُ وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ قَالَ قَتَادَةُ وَهَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا جَمِيعًا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَدِيثٌ حَسَنٌ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ .

     قَوْلُهُ  بَوْلُ الْغُلَامِ الرَّضِيعِ هَذَا تَقْيِيدٌ لِلَفْظِ الْغُلَامِ بِكَوْنِهِ رَضِيعًا وَهَكَذَا يَكُونُ تَقْيِيدًا لِلَفْظِ الصَّبِيِّ وَالصَّغِيرِ وَالذَّكَرِ الْوَارِدَةِ فِي بَقِيَّةِ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا قَالَ يغسل بول الجارية ينضح وبول الْغُلَامِ مَا لَمْ يَطْعَمْ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ إِنَّهَا أَبْصَرَتْ أُمَّ سَلَمَةَ تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَطْعَمْ فَإِذَا طَعِمَ غَسَلَتْهُ وَكَانَتْ تَغْسِلُ بَوْلَ الْجَارِيَةِ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ سَنَدُهُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا مَوْقُوفًا أَيْضًا وَصَحَّحَهُ انْتَهَى وَفِي حَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ دَخَلْتُ بِابْنٍ لِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِالطَّعَامِ مَا عَدَا اللَّبَنَ الَّذِي يَرْتَضِعُهُ وَالتَّمْرَ الَّذِي يُحَنَّكُ بِهِ وَالْعَسَلَ الَّذِي يَلْعَقُهُ لِلْمُدَاوَاةِ وَغَيْرِهَا فَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الِاغْتِذَاءُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا أَنَّهُ لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يَشْرَبْ غَيْرَ اللَّبَنِ.

     وَقَالَ  فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَغَيْرَ مَا يُحَنَّكُ بِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ وحمل الموفق الحموي في شرح التنبيه قول ما لم يأكل على ظاهر فَقَالَ مَعْنَاهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِجَعْلِ الطَّعَامِ فِي فيه والأول أظهر وبه جزم الموفق بن قدامة وغيره وقال بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَوَّتْ بِالطَّعَامِ وَلَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنِ الرَّضَاعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَتْ بِهِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ لِيُحَنِّكَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحْمَلُ النَّفْيُ عَلَى عُمُومِهِ انْتَهَى 4 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ)