فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ

رقم الحديث 516 [516] .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) بْنِ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ الْكِنْدِيِّ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي نَسَبِهِ وَيُعْرَفُ بِابْنِ أُخْتِ النَّمِرِ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ لَهُ أَحَادِيثُ قَلِيلَةٌ وَحُجَّ بِهِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ بن سَبْعِ سِنِينَ وَوَلَّاهُ عُمَرُ سُوقَ الْمَدِينَةِ مَاتَ سَنَةَ 19 إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ لِلْخُطْبَةِ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ( أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْمَطْبُوعَةِ فِي الْهِنْدِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ وَإِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي رواية أبي عامر عن بن أبي ذئب عند بن خُزَيْمَةَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ وَإِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وكذا للبيهقي من طريق بن أبي فديك عن بن أَبِي ذِئْبٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْمَعْنَى كَانَ الْأَذَانُ فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَذَانَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَجُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالثَّانِي حِينَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ فِي عَهْدِهِمُ الْأَذَانَانِ فَقَطْ وَلَمْ يَكُنِ الْأَذَانُ الثَّالِثُ وَالْمُرَادُ بِالْأَذَانَيْنِ الْأَذَانُ الْحَقِيقِيُّ وَالْإِقَامَةُ وَفِي رواية وكيع عن بن أبي ذئب عند بن خُزَيْمَةَ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أذانين يوم الجمعة قال بن خُزَيْمَةَ .

     قَوْلُهُ  أَذَانَيْنِ يُرِيدُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ يَعْنِي تَغْلِيبًا أَوْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِعْلَامِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي ( فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ) أَيْ خِلَافَتُهُ أَوْ كَانَ خَلِيفَةً ( زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ) قَالَ الحافظ في رواية وكيع عن بن أَبِي ذِئْبٍ فَأَمَرَ عُثْمَانُ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ وَنَحْوُهُ لِلشَّافِعِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَزِيدًا يُسَمَّى ثَالِثًا وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جُعِلَ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ يُسَمَّى أَوَّلًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ التَّأْذِينَ بِالثَّانِي أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ وَتَسْمِيَتُهُ ثَانِيًا أَيْضًا مُتَوَجِّهٌ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَذَانِ الْحَقِيقِيِّ لَا الْإِقَامَةِ ( عَلَى الزوراء) بفتح الزاء وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا رَاءٌ مَمْدُودَةٌ قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ الزَّوْرَاءُ مَوْضِعٌ بِالسُّوقِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ الْحَافِظُ مَا فَسَّرَ بِهِ الْبُخَارِيُّ هُوَ المعتمد وجزم بن بَطَّالٍ بِأَنَّهُ حَجَرٌ كَبِيرٌعِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي رواية بن إسحاق عن الزهري عند بن خزيمة وبن مَاجَهْ بِلَفْظِ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى دَارٍ فِي السُّوقِ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ وَفِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى دَارٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ فَكَانَ يُؤَذَّنُ لَهُ عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَأُذِّنَ بِالزَّوْرَاءِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ حَضَرَتْ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ أيضا زاد أبو عامر يعني بن خزيمة عن بن أَبِي ذِئْبٍ فَثَبَتَ ذَلِكَ حَتَّى السَّاعَةِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ يَعْنِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ فَثَبَتَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّاسَ أَخَذُوا بِفِعْلِ عُثْمَانَ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ إِذْ ذَاكَ لِكَوْنِهِ خَلِيفَةً مُطَاعَ الْأَمْرِ لَكِنْ ذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ بِمَكَّةَ الْحَجَّاجُ وَبِالْبَصْرَةِ زِيَادٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ الْمَغْرِبِ الْأَدْنَى الْآنَ لَا تَأْذِينَ عِنْدَهُمْ سِوَى مَرَّةٍ وروى بن أبي شيبة من طريق بن عُمَرَ قَالَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِدْعَةٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ يُسَمَّى بِدْعَةً لَكِنْ مِنْهَا مَا يَكُونُ حَسَنًا وَمِنْهَا مَا يَكُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَتَبَيَّنَ بِمَا مَضَى أَنَّ عُثْمَانَ أَحْدَثَهُ لِإِعْلَامِ النَّاسِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فَأَلْحَقَ الْجُمُعَةَ بِهَا وَأَبْقَى خُصُوصِيَّتَهَا بِالْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ انْتَهَى تَنْبِيهٌ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْأَذَانُ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ وُجُودًا إِذَا كَانَتْ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِاجْتِهَادِ عُثْمَانَ وَمُوَافَقَةِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ لَهُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ صَارَ أَمْرًا مَسْنُونًا نَظَرًا إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ انْتَهَى قُلْتُ لَيْسَ المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وسلم قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي أَيْ بِطَرِيقَتِي الثَّابِتَةِ عَنِّي وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا إِلَّا بِسُنَّتِي فَالْإِضَافَةُ إِلَيْهِمْ إِمَّا لِعَمَلِهِمْ بِهَا أَوْ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ وَاخْتِيَارِهِمْ إِيَّاهَا انتهى كلام القارىء وَقَالَ صَاحِبُ سُبُلِ السَّلَامِ أَمَّا حَدِيثُ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ وأخرجه أحمد وبن ماجه وبن حِبَّانَ وَلَهُ طَرِيقٌ فِيهَا مَقَالٌ إِلَّا أَنَّهُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِسُنَّةِ الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَمِنْ جِهَادِ الْأَعْدَاءِ وَتَقْوِيَةِ شَعَائِرِ الدِّينِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْحَدِيثَ عَامٌّ لِكُلِّ خَلِيفَةٍ رَاشِدٍ لَا يَخُصُّ الشَّيْخَيْنِ وَمَعْلُومٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِخَلِيفَةٍ رَاشِدٍ أَنْ يُشَرِّعَ طَرِيقَةً غَيْرَ مَا كَانَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ هَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَفْسُهُ الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ سَمَّى مَا رَآهُ مِنْ تَجْمِيعِ صَلَاتِهِ لَيَالِيَ رَمَضَانَ بِدْعَةً وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهَا سُنَّةٌ فَتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ خَالَفُوا الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ وَمَسَائِلَ فَدَلَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ مَا قَالُوهُ وَفَعَلُوهُ حُجَّةٌ وَقَدْ حَقَّقَ الْبِرْمَاوِيُّ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اتَّفَقَ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى قَوْلٍ كَانَ حُجَّةً لَا إِذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ لَيْسَ هُوَ التَّقْلِيدُ بَلْ هُوَ غَيْرُهُ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَافِلِ فِي بَحْثِ الْإِجْمَاعِ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ السُّبُلِ فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّهُ لَيْسَ المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لِطَرِيقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاحَ لَكَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى كَوْنِ الْأَذَانِ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُجْتَهَدَاتِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أمرا مسنونا ليس بتام ألا ترى أن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِدْعَةٌ فَلَوْ كَانَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ تَامًّا وَكَانَ الْأَذَانُ الثَّالِثُ أَمْرًا مَسْنُونًا لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ لَفْظَ الْبِدْعَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ غَيْرِ الْإِنْكَارِ فَإِنَّ الْأَمْرَ الْمَسْنُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْبِدْعَةِ بِأَيِّ مَعْنًى كَانَ فَتَفَكَّرْ 1 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَلَامِ بَعْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ مِنْ الْمِنْبَرِ)