فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب في المسح على الجوربين والنعلين

رقم الحديث 99 [99] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ سُفْيَانَ) هُوَ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ ( عَنْ أَبِي قَيْسٍ) اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ الْأَوْدِيُّ مَشْهُورٌ بكنيته وثقه بن مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ يُخَالِفُ فِي أَحَادِيثِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ كَذَا فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ صَدُوقٌ رُبَّمَا خَالَفَ ( عَنْ هُزَيْلِ) بِالتَّصْغِيرِ ( بْنِ شُرَحْبِيلَ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ الْكُوفِيِّ ثِقَةٌ مُخَضْرَمٌ .

     قَوْلُهُ  ( تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ) تَثْنِيَةُ الْجَوْرَبِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْجَوْرَبُ لِفَافَةُ الرِّجْلِ ج جَوَارِبَةٌ وَجَوَارِبُ وَتَجَوْرَبَ لَبِسَهُ وَجَوْرَبْتُهُ أَلْبَسْتُهُ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الْجَوْرَبُ غِشَاءٌ لِلْقَدَمِ مِنْ صُوفٍ يُتَّخَذُ لِلدِّفْءِ وَهُوَ التِّسْخَانُ وَفِي تَفْسِيرِ الْجَوْرَبِ أَقْوَالٌ أُخْرَى وَسَتَقِفُ عَلَيْهَا ( النَّعْلَيْنِ) تَثْنِيَةُ النَّعْلِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ النَّعْلُ مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ مِنَ الْأَرْضِ كَالنَّعْلَةِ مؤنثة نِعَالٍ بِالْكَسْرِ انْتَهَى وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ النَّعْلُ مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُلْبَسُ فِي الْمَشْيِ تُسَمَّى الْآنَ تَاسُومَةً انْتَهَى قَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالنَّعْلَيْنِ هُوَ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَبِسَ النَّعْلَيْنِ فَوْقَ الْجَوْرَبَيْنِ وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ قُلْتُ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الظَّاهِرُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ تَحْتَهُمَا جَوْرَبَانِ وَكَانَ قَاصِدًا بِمَسْحِهِ ذَلِكَ إِلَى جَوْرَبَيْهِ لَا نَعْلَيْهِ وَجَوْرَبَاهُ لَوْ كَانَا عَلَيْهِ بِلَا نَعْلَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا فَكَانَ مَسْحُهُ ذَلِكَ مَسْحًا أَرَادَ بِهِ الْجَوْرَبَيْنِ فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ فَكَانَ مَسْحُهُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ هُوَ الَّذِي تَطْهُرُ بِهِ وَمَسْحُهُ عَلَى النَّعْلَيْنِ فضل انتهى كلام الطحاويوأما قول بن مَلِكٍ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَالنَّعْلَيْنِ أَيْ وَنَعْلَيْهِمَا فَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِمَا انْتَهَى وَكَذَا قَوْلُ أَبِي الْوَلِيدِ إِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ منعلين لا أنه جورب على الانفراد ونعل على الانفراد انتهى فبعيد قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي تَهْذِيبِ السُّنَنِ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ أَبِي الْوَلِيدِ هَذَا مَا لَفْظُهُ هَذَا التَّأْوِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مَسْحُ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ الْمَلْبُوسَيْنِ عليهما نعلان مُنْفَصِلَانِ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ فَإِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَهُمَا شَيْئَيْنِ وَلَوْ كَانَا جَوْرَبَيْنِ مُنَعَّلَيْنِ لَقَالَ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ الْمُنَعَّلَيْنِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجِلْدَ فِي أَسْفَلِ الْجَوْرَبِ لَا يُسَمَّى نَعْلًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَلَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ أَحَدٌ هَذَا الِاسْمَ وَأَيْضًا الْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى سُيُورِ النَّعْلِ الَّتِي عَلَى ظَاهِرِ الْقَدَمِ مَعَ الْجَوْرَبِ فأما أسفله وعقبة فلا انتهى كلام بن الْقَيِّمِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَضَعَّفَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ والحديث أخرجه أبو داود والنسائي وبن ماجه وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ( وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب وبن مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو أُمَامَةَ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وبن عباس انتهى وقال الحافظ بن القيم في تهذيب السنن قال بن الْمُنْذِرِ يُرْوَى الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي وعمار وأبي مسعود الأنصاري وأنس وبن عُمَرَ وَالْبَرَاءِ وَبِلَالٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو أُمَامَةَ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا انْتَهَى كَلَامُ بن الْقَيِّمِ قُلْتُ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُتُبَ الْحَدِيثِ لِأَقِفَ عَلَى أَسَانِيدِ جَمِيعِ هَذِهِ الْآثَارِ وَأَلْفَاظِهَا فَلَمْ أَقِفْ إِلَّا عَلَى بَعْضِهَا فَأَقُولُ أَمَّا أَثَرُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ زِبْرِقَانَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا بَالَ فَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي.
وَأَمَّا أَثَرُ بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ بن مَسْعُودٍ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ وَيَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ أَمَّا أَثَرُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ وَأَمَّا أَثَرُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عنأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ.
وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ شَعْرٍ وَنَعْلَيْهِ وسنده صحيح وأما أثر بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ عَنْ أَبِي خلاس عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ كَذَا ذَكَرَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْآثَارِ وَأَلْفَاظَهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَسَانِيدِ بَقِيَّةِ الْآثَارِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ( وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَالُوا يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَعْلَيْنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَوْرَبَيْنِ نَعْلَيْنِ أَيْ مُنَعَّلَيْنِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا نَعْلَيْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ أَرَادَ بِقَوْلِهِ نَعْلَيْنِ مُنَعَّلَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُنَعَّلَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ أَحْمَدُ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَالْمُنَعَّلُ مِنَ التَّنْعِيلِ وَهُوَ مَا وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَسْفَلِهِ ( إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ) أَيْ غَلِيظَيْنِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ ثَخُنَ كَكَرُمَ ثُخُونَةً وَثِخَنًا كَعِنَبٍ غَلُظَ وَصَلُبَ انْتَهَى وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْأَرَبِ ثَوْبٌ ثَخِينُ النَّسْجِ جامة سطيرياف ثَخُنَ كَكَرُمَ ثُخُونَةً وَثَخَانَةً وَثِخَنًا كَعِنَبٍ سطبر وسخت كرديد ثَخِينٌ كَأَمِينٍ نعت است ازان انْتَهَى وَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَبِقَوْلِهِمْ قَالَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ أَبُو يُوسُفَ ومحمد وقوله ( وفي الباب عن أبي موسى) وأخرجه بن مَاجَهْ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الحديث وههنا مَبَاحِثُ عَدِيدَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ نَذْكُرُهَا إِفَادَةً لِلطُّلَّابِ الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ.
اعْلَمْ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ حَسَّنَ حَدِيثَ الْبَابِ وَصَحَّحَهُ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ضَعَّفُوهُ قَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ أَبَا قَيْسٍ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالصَّحِيحُ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ وَرَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَلَيْسَ بِالْمُتَّصِلِ وَلَا بِالْقَوِيِّ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ هَذَا.

     وَقَالَ  إِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ ضَعَّفَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَعَلَيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَالْمَعْرُوفُ عَنِ الْمُغِيرَةِ حَدِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَيُرْوَى عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ فَعَلُوهُ قَالَ النَّوَوِيُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَؤُلَاءِ لَوْ انْفَرَدَ قُدِّمَ عَلَى التِّرْمِذِيِّ مَعَ أَنَّ الْجَرْحَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ قَالَ وَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ إِنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ أَبُو قَيْسٍ الْأَوْدِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنَ مَنْصُورٍ قَالَ رَأَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ ضَعَّفَ هَذَا الْخَبَرَ.

     وَقَالَ  أَبُو قَيْسٍ الْأَوْدِيُّ وَهُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ لَا يحتملان وخصوصا مع مخالفتهماالأجلة الَّذِينَ رَوَوْا هَذَا الْخَبَرَ عَنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالُوا مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَالُوا لَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ أَبِي قَيْسٍ وَهُزَيْلٍ قَالَ فَذَكَرْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنْ مُسْلِمٍ لِأَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيِّ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنَ شَيْبَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا قُدَامَةَ السَّرَخْسِيَّ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ.

قُلْتُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ لَوْ حَدَّثْتَنِي بِحَدِيثِ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلٍ مَا قِبْلَتُهُ مِنْكَ فَقَالَ سُفْيَانُ الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ ثُمَّ أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ لَيْسَ يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ وَأَبَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  هُوَ مُنْكَرٌ وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قال قَالَ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي الْمَسْحِ رَوَاهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وَرَوَاهُ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنِ الْمُغِيرَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ فَخَالَفَ النَّاسَ وَأَسْنَدَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ النَّاسُ كُلُّهُمْ يَرْوُونَهُ عَلَى الْخُفَّيْنِ غَيْرَ أَبِي قَيْسٍ قَالَ الشَّيْخُ وَمَنْ يُصَحِّحُهُ يَعْتَمِدُ بَعْدَ تَعْدِيلِ أَبِي قَيْسٍ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ مُخَالَفَةً مُعَارِضَةً بَلْ هُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا رَوَوْهُ وَلَا يُعَارِضُهُ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ طَرِيقٌ مُسْتَقِلٌّ بِرِوَايَةِ هُزَيْلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ لَمْ يُشَارِكْ الْمَشْهُورَاتِ فِي سَنَدِهَا انْتَهَى كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ص 75 ج 1 قُلْتُ .

     قَوْلُهُ  بَلْ هُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا رَوَوْهُ إِلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ رَوَوْا عَنِ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَبُو قَيْسٍ يُخَالِفُهُمْ جَمِيعًا فَيَرْوِي عَنْ هُزَيْلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى مَا رَوَوْا بَلْ خَالَفَ مَا رَوَوْا نَعَمْ لَوْ رَوَى بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ لَصَحَّ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ رَوَى أَمْرًا زَائِدًا عَلَى مَا رَوَوْهُ وَإِذْ لَيْسَ فَلَيْسَ فَتَفَكَّرْ فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا كُلَّهُ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَكَمُوا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا غَافِلِينَ عَنْ مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ الثِّقَةِ فَحُكْمُهُمْ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مُقَدَّمٌ عَلَى حُكْمِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الْبَابِ حَدِيثَانِ آخَرَانِ حديث بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ بِلَالٍ وَهُمَا أَيْضًا ضَعِيفَانِ لَا يَصْلُحَانِ لِلِاحْتِجَاجِ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سِنَانٍ عَنِ الضَّحَّاكِبْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ على جوربيه ونعليه وأخرجه أيضا بن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ سِنَانٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ حَكَمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُتَّصِلِ وَلَا بِالْقَوِيِّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ لَهُ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي مُوسَى وَالثَّانِيَةُ أَنَّ عِيسَى بْنَ سِنَانٍ ضَعِيفٌ انْتَهَى قُلْتُ أَبُو سِنَانٍ الَّذِي وَقَعَ فِي سَنَدِ الطَّحَاوِيِّ هُوَ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ الْأَثْرَمُ.

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَبُو سِنَانٍ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ فَضَعَّفَهُ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ عَنِ بن معين لين الحديث وقال جماعة عن بن مَعِينٍ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  أَبُو زُرْعَةَ مُخَلِّطٌ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِقَوِيٍّ في الحديث وقال الْعِجْلِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ وقال بن خِرَاشٍ صَدُوقٌ.

     وَقَالَ  مَرَّةً فِي حَدِيثِهِ نَكِرَةٌ وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالُ الْكِنَانِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ فَإِنْ قُلْتَ قَالَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْمَارِدِينِيُّ إِنَّ التَّضْعِيفَ بِعَدَمِ ثُبُوتِ سَمَاعِ عِيسَى بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي مُوسَى وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَشْتَرِطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتَ السَّمَاعِ قَالَ ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْكَمَالِ سَمِعَ الضَّحَّاكُ من أبي موسى قال وبن سنان وثقه بن مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَنَائِزِ حَدِيثًا فِي سَنَدِهِ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ هَذَا وَحَسَّنَهُ انْتَهَى كَذَا نَقَلَ بَعْضُ مُجَوِّزِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبِ مُطْلَقًا فِي رِسَالَتِهِ وَأَقَرَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى حَسَنٌ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ قُلْتُ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَذْكُورِ عِلَّتَيْنِ لِضَعْفِهِ الْأُولَى الِانْقِطَاعُ وَالثَّانِيَةَ ضَعْفُ عِيسَى بْنِ سِنَانٍ فَإِنْ ثَبَتَ سَمَاعُ الضَّحَّاكِ مِنْ أَبِي موسى تَرْتَفِعُ الْعِلَّةُ الْأُولَى وَتَبْقَى الثَّانِيَةُ وَهِيَ كَافِيَةٌ لِضَعْفِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا قَوْلُ المارديني وبن سنان وثقه بن معين وضعفه غيره ففيه أن بن مَعِينٍ أَيْضًا ضَعَّفَهُ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ ضعفه أحمد وبن مَعِينٍ وَهُوَ مِمَّا يُكْتَبُ عَلَى لِينِهِ إِلَخْ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ يَعْقُوبُ بن شيبة عن بن معين لين الحديث وقال جماعة عن بن مَعِينٍ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ كَمَا عَرَفْتَ آنِفًا قُلْتُ وَلِضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ عِلَّةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ أَنَّ عِيسَى بْنَ سِنَانٍ مُخَلِّطٌ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ مُخَلِّطٌ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ كَمَا عَرَفْتَ آنِفًا فِي كَلَامِ الْحَافِظِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمَارِدِينِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَنَائِزِ حَدِيثًا فِي سَنَدِهِ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ وَحَسَّنَهُ فَمِمَّا لَا يُصْغَى إِلَيْهِ فَإِنَّ التِّرْمِذِيَّ قَدْ يُحْسِنُ الْحَدِيثَ مَعَ تَصْرِيحِهِ بِالِانْقِطَاعِ وَكَذَا مَعَ تَصْرِيحِهِ بِضَعْفِ بَعْضِ رُوَاتِهِ ثُمَّ تَسَاهُلُ التِّرْمِذِيِّ مَشْهُورٌوَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالٍ فَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ طَرِيقِ بن أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ بِلَالٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نحوه ويزيد بن أبي زياد وبن أَبِي لَيْلَى مُسْتَضْعَفَانِ مَعَ نِسْبَتِهِمَا إِلَى الصِّدْقِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ قُلْتُ فِي سَنَدِهِ الْأَوَّلِ الْأَعْمَشُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنِ الْحَكَمِ بِالْعَنْعَنَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ سَمَاعَهُ مِنْهُ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَةِ الْأَعْمَشِ رُبَّمَا دَلَّسَ عَنْ ضَعِيفٍ لَا يَدْرِي بِهِ فَإِنْ قَالَ حَدَّثَنَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قَالَ عَنْ تَطَرَّقَ إِلَيْهِ الِاحْتِمَالُ إِلَّا فِي شُيُوخٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ كَإِبْرَاهِيمَ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ فَإِنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ هَذَا الصِّنْفِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاتِّصَالِ انْتَهَى وَفِي سَنَدِهِ الثَّانِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ ضَعِيفٌ كَبِرَ فَتَغَيَّرَ وَصَارَ يَتَلَقَّنُ وَكَانَ شِيعِيًّا انْتَهَى فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ قُلْتُمْ إِنَّ حَدِيثَ بِلَالٍ ضَعِيفٌ وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ وَفِي الْبَابِ عَنْ بِلَالٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدَيْنِ رِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ انْتَهَى وَأَرَادَ بِرِجَالِ أَحَدِهِمَا رِجَالَ السَّنَدِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ رِجَالَ السَّنَدِ الْأَوَّلِ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَلَكِنْ فِيهِمْ الْأَعْمَشُ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنِ الْحَكَمِ بِالْعَنْعَنَةِ وَعَنْعَنَةُ الْمُدَلِّسِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ رِجَالِ السَّنَدِ ثِقَاتٍ صِحَّةُ الْحَدِيثِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثِقَةٌ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهُ عَنْ شَيْخِهِ الثِّقَةِ بِالْعَنْعَنَةِ أَوْ يَكُونَ فِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَافِظَ ذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ حَدِيثَ الْعِينَةِ الَّذِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الأعمش عن عطاء عن بن عمر وذكر أن بن الْقَطَّانِ صَحَّحَهُ ثُمَّ قَالَ مَا لَفْظُهُ وَعِنْدِي أن الإسناد الذي صححه بن القطان معلول لأنه لا يلزم من كونه رِجَالِهِ ثِقَاتٍ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لِأَنَّ الْأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ وَلَمْ يَذْكُرْ سَمَاعَهُ مِنْ عَطَاءٍ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ في بحث الجهر بالبسملة نقلا عن بن الْهَادِي وَلَوْ فَرَضَ ثِقَةَ الرِّجَالِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ صِحَّةُ الْحَدِيثِ حَتَّى يَنْتَفِيَ مِنْهُ الشُّذُوذُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ خَالٍ عَنِ الْكَلَامِ هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْجَوْرَبِ وَبَيَانِ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ قَالَ مَجْدُ الدِّينِ الْفَيْرُوزُآبَادِي فِي الْقَامُوسِ الْجَوْرَبُ لِفَافَةُ الرِّجْلِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  أَبُو الْفَيْضِ مُرْتَضَى الزَّبِيدِيُّ فِي تَاجِ الْعَرُوسِ الْجَوْرَبُ لِفَافَةُ الرِّجْلِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَوْرَب وَأَصْلُهُ كورباوَمَعْنَاهُ قَبْرُ الرِّجْلِ انْتَهَى وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْجَوْرَبُ لِفَافَةُ الْجِلْدِ وَهُوَ خُفٌّ مَعْرُوفٌ مِنْ نَحْوِ السَّاقِ انْتَهَى وَكَذَلِكَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْخُفُّ نَعْلٌ مِنْ أُدْمٍ يُغَطِّي الْقَدَمَيْنِ وَالْجَرْمُوقُ أَكْبَرُ مِنْهُ وَالْجَوْرَبُ أَكْبَرُ مِنَ الْجَرْمُوقِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ فِي اللُّمَعَاتِ الْجَوْرَبُ خُفٌّ يُلْبَسُ عَلَى الْخُفِّ إِلَى الْكَعْبِ لِلْبَرْدِ وَلِصِيَانَةِ الْخُفِّ الْأَسْفَلِ مِنَ الدَّرَنِ وَالْغُسَالَةِ انْتَهَى وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ الْجَوْرَبُ غِشَاءٌ لِلْقَدَمِ مِنْ صُوفٍ يُتَّخَذُ لِلدِّفْءِ انْتَهَى وَقَالَ الحافظ بن تَيْمِيَّةَ فِي فَتَاوَاهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ كَوْنِ هَذَا مِنْ صُوفٍ وَهَذَا مِنْ جُلُودٍ انْتَهَى وَقَالَ الْعَيْنِيُّ الْجَوْرَبُ هُوَ الَّذِي يَلْبَسُهُ أَهْلُ الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ الشَّدِيدَةِ الْبَرْدِ وَهُوَ يُتَّخَذُ مِنْ غَزْلِ الصُّوفِ الْمَفْتُولِ يُلْبَسُ فِي الْقَدَمِ إِلَى مَا فَوْقَ الْكَعْبِ انْتَهَى قُلْتُ وَيُتَّخَذُ مِنَ الشَّعْرِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ شَعْرٍ فَتَفْسِيرُ الْمَجْدِ الْفَيْرُوزِآبَادِي عَامٌّ يَشْمَلُ كُلَّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لِفَافَةُ الرِّجْلِ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْجِلْدِ أَوْ الصُّوفِ أَوْ الشَّعْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ ثَخِينًا أَوْ رَقِيقًا بَلْ هُوَ شَامِلٌ لِلْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي غُنْيَةُ الْمُسْتَمْلِي شَرْحُ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي بَعْدَ ذِكْرِ تَفْسِيرِ الْمَجْدِ مَا لَفْظُهُ كَأَنَّ تَفْسِيرَهُ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ لَكِنَّ الْعُرْفَ خَصَّ اللِّفَافَةَ بِمَا لَيْسَ بِمَخِيطٍ وَالْجَوْرَبَ بِالْمَخِيطِ ونحوه الَّذِي يُلْبَسُ كَمَا يُلْبَسُ الْخُفُّ انْتَهَى وَتَفْسِيرُ الطِّيبِيِّ وَالشَّوْكَانِيِّ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْحَقِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَوْرَبَ يُتَّخَذُ مِنَ الْجِلْدِ وَأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْخُفِّ وَأَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنْهُ وَتَفْسِيرُ بن العربي وبن تَيْمِيَّةَ وَالْعَيْنِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُتَّخَذُ مِنَ الصُّوفِ.

     وَقَالَ  شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَهُوَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوْرَبُ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمِرْعِزَّى ومن الغزل والشعر والجلد الرقيق والكبرباس ذَكَرَهُ نَجْمُ الدِّينِ الزَّاهِدِيُّ عَنْهُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِيهَا أَنَّ الْمِرْعِزَّى الزَّغَبُ الَّذِي تَحْتَ شَعْرِ الْعَنْزِ وَالْغَزْلُ مَا غُزِلَ مِنَ الصُّوفِ وَالْكِرْبَاسُ مَا نُسِجَ مِنْ مَغْزُولِ الْقُطْنِ قَالَ الْحَلَبِيُّ وَيُلْحَقُ بِالْكِرْبَاسِ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ نَوْعِ الْخَيْطِ كَالْكَتَّانِ وَالْإِبْرَيْسَيمِ أَيْ الْحَرِيرِ انْتَهَى مَا فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ فَالِاخْتِلَافُ فِي تَفْسِيرِ الْجَوْرَبِ مِنْ جِهَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ وَمِنْ جِهَةِ مِقْدَارُهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ أَبُو الطَّيِّبِ شَمْسُ الْحَقِّ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا لَفْظُهُ فَهَذَا الِاخْتِلَافُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِمَّا لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ وَإِمَّا لِكَوْنِ الْجَوْرَبِ مُخْتَلِفَ الْهَيْئَةِ وَالصَّنْعَةِ فِي الْبِلَادِ الْمُتَفَرِّقَةِ فَفِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ يُصْنَعُ مِنَ الْأَدِيمِ وَفِي بَعْضِهَا مِنْ صُوفٍ وَفِي بَعْضِهَا مِنْ كُلِّ الْأَنْوَاعِ فَكُلُّ مَنْ فَسَّرَهُ إِنَّمَا فَسَّرَهُ عَلَى هَيْئَةِ بِلَادِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِكُلِّ مَا يُوجَدُ فِي الْبِلَادِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ انْتَهَى كَلَامُهُ قُلْتُ يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ الْمُخْتَلِفَةِ بِأَنَّ الْجَوْرَبَ هُوَ لِفَافَةُ الرِّجْلِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُالْقَامُوسِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَأَمَّا تَقْيِيدُهُمْ بِالْجِلْدِ وَالصُّوفِ وَالشَّعْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَعَلَى حَسَبِ صَنْعَةِ بِلَادِهِمْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي تَحْرِيرِ الْمَذَاهِبِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَبَيَانِ مَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ ص 995 ج 1 إِنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ قَدْ قَالَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَا صَفِيقَيْنِ وَيَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ فَيَكُونَا كَالْخُفَّيْنِ انْتَهَى وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ مِنْ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَوْ جَوْرَبَيْهِ الثَّخِينَيْنِ أَيْ بِحَيْثُ يُسْتَمْسَكَانِ عَلَى السَّاقِ بِلَا شَدٍّ مُنَعَّلَيْنِ أَوْ مُجَلَّدَيْنِ حَتَّى إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ غَيْرَ مُنَعَّلَيْنِ أَوْ مُجَلَّدَيْنِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَعَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِمَا وَبِهِ يُفْتِي انْتَهَى مَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَالْمُنَعَّلُ مِنَ التَّنْعِيلِ مَا وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَسْفَلِهِ كَالنَّعْلِ لِلْقَدَمِ وَالْمُجَلَّدُ مِنَ التَّجْلِيدِ مَا وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كِلَيْهِمَا وَحَاصِلُ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ إِنْ كَانَ مُنَعَّلَيْنِ أَوْ مُجَلَّدَيْنِ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا بِاتِّفَاقِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُنَعَّلَيْنِ أَوْ مُجَلَّدَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مُوَاظَبَةُ الْمَشْيِ فِيهِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُنَعَّلًا أَوْ مُجَلَّدًا فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى الْخُفِّ وَجَوَّزَهُ صَاحِبَاهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ ثَخِينًا يُمْكِنُ فِيهِ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فَشَابَهُ الْخُفَّ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا ثَخِينَيْنِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا كَذَا فِي عُمْدَةِ الرِّعَايَةِ وَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ فَكَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَدِيمِ.
وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فَقَدْ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُنَعَّلَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْجَدِيدُ وَقَوْلُ صَاحِبَيْهِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَاحِدٌ وَهُوَ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ القديم قال بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا إِلَّا أَنْ يُنْعَلَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِمَا فَلَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا كَالرَّقِيقَيْنِ انْتَهَى وقال بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إِذَا كَانَا مُجَلَّدَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ قَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا الثَّانِي إِنْ كَانَ صَفِيقًا جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجَلَّدًا إِذَا كَانَ لَهُ نَعْلٌ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَذْهَبَهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحَكَاهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ الثَّالِثُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَعْلٌ وَلَا تَجْلِيدٌ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ كُلُّهُ فَإِنْ كَانَا مُجَلَّدَيْنِ رَجَعَا خُفَّيْنِ وَدَخَلَا تَحْتَ أَحَادِيثِ الْخُفِّ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ مَلْبُوسٌ فِي الرِّجْلِ يَسْتُرُهَا إِلَى الْكَعْبِ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ فَجَازَ الْمَسْحُ وَوَجْهُ الثَّالِثِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ أصلا انتهى كلام بن العربي وقال بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَفِيقًا مُنَعَّلًا وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَنَقَلَ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ مُجَلَّدِي الْقَدَمَيْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَائِرُ الْمَحَلِّ الْفَرْضِ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ انتهى كلام بن رَسْلَانَ فَإِنْ قُلْتَ قَدْ وَقَعَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ لَفْظُ الْجَوْرَبَيْنِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقُيُودِ الَّتِي قَيَّدَهُمَا بِهَا هَؤُلَاءِ الأئمة فما بالهم قيدوهما بها واشرطوا جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا بِتِلْكَ الْقُيُودِ فَبَعْضُهُمْ بِالتَّجْلِيدِ وبعضهم بالتنعيل وبعضهم بالصفاقة والثخونة قلت الأصل هُوَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْعُدُولُ عَنْهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ اتَّفَقَ عَلَى صِحَّتِهَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ كَأَحَادِيثِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَجَازَ الْعُدُولُ عَنْ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا أَحَادِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ فَفِي صِحَّتِهَا كَلَامٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْفَنِّ كَمَا عَرَفْتَ فَكَيْفَ يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ مُطْلَقًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ مُسْلِمٌ بِقَوْلِهِ لَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ أَبِي قَيْسٍ وَهُزَيْلٍ انْتَهَى فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اشْتَرَطُوا جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِتِلْكَ الْقُيُودِ لِيَكُونَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ وَيَدْخُلَا تَحْتَ أَحَادِيثِ الْخُفَّيْنِ فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا مُجَلَّدَيْنِ كَانَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُمَا إِذَا كَانَ مُنَعَّلَيْنِ كَانَا فِي مَعْنَاهُمَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمَا إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ ثَخِينَيْنِ كَانَا فِي مَعْنَاهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ وَلَا مُنَعَّلَيْنِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَإِنْ قُلْتَ قَدْ ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَمَعَ تَضْعِيفِهِ قَدْ قَالَ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقُيُودِ كَمَا يَظْهَرُ من كلام بن الْعَرَبِيِّ قُلْتُ قَدْ قَيَّدَهُمَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا بِقَيْدِ الثُّخُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي قَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُجْزِيهِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ حَتَّى يَكُونَ جَوْرَبًا صَفِيقًا يَقُومُ قَائِمًا فِي رِجْلِهِ لَا يَنْكَسِرُ مِثْلَ الْخُفَّيْنِ إِنَّمَا مَسَحَ الْقَوْمُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخُفِّ فِي رِجْلِ الرَّجُلِ يَذْهَبُ فِيهِ الرَّجُلُ وَيَجِيءُ انْتَهَى كَلَامُهُ وَقَدْ قَالَ قَبْلَ هَذَا سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ جَوْرَبِ الْخِرَقِ يُمْسَحُ عَلَيْهِ فَكَرِهَ الْخِرَقَ وَلَعَلَّ أَحْمَدَ كَرِهَهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا الْخِفَّةُ وَأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِأَنْفُسِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ جَوْرَبِ الصُّوفِ فِي الصَّفَاقَةِ وَالثُّبُوتِ فَلَا فَرْقَ انْتَهَى كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى حَدِيثِ الْجَوْرَبَيْنِ بَلْ اعْتَمَدَ عَلَى آثَارِ الصحابة رضي الله عنهم قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي تَلْخِيصِ السُّنَنِ قَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَعَلَّلَ رِوَايَةَ أَبِي قَيْسٍ وَهَذَا مِنْ إِنْصَافِهِ وَعَدْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا عُمْدَتُهُ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ وَصَرِيحُ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ بَيْنَ الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ فَرْقٌ مؤثريَصِحُّ أَنْ يُحَالَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ انْتَهَى كَلَامُ بن الْقَيِّمِ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  لَا يَظْهَرُ بَيْنَ الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ إِلَخْ فَفِيهِ أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا مِنْ غَيْرِ الْجِلْدِ وَكَانَا ثَخِينَيْنِ صَفِيقَيْنِ بِحَيْثُ يُسْتَمْسَكَانِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ بِلَا شَدٍّ وَيُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِمَا فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ.
وَأَمَّا إِذَا كانا رقيقين بحيث لا يستمسكان على القدمين بِلَا شَدٍّ وَلَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِمَا فَهُمَا لَيْسَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخُفَّيْنِ فَرْقًا مُؤَثِّرًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْخُفَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ النَّعْلَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ وِجْدَانِهِمَا يَذْهَبُ الرَّجُلُ فِيهِمَا وَيَجِيءُ وَيَمْشِي أَيْنَمَا شَاءَ فَلَابِسُ الْخُفَّيْنِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نَزْعِهِمَا عِنْدَ الْمَشْيِ فَلَا يَنْزِعُهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَةً بل أياما وليالي فهذا يشق عليه نزعمها عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ بِخِلَافِ لَابِسِ الْجَوْرَبَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَمْشِيَ يَحْتَاجُ إِلَى النَّزْعِ فَيَنْزِعُهُمَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً وَهَذَا لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ نَزْعُهُمَا عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَهَذَا الْفَرْقُ يَقْتَضِي أَنْ يُرَخِّصَ لِلَابِسِ الْخُفَّيْنِ دُونَ لَابِسِ الْجَوْرَبَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ فَقِيَاسُ هَذَا عَلَى ذَلِكَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَعَدَمُ ظُهُورِ الْفَرْقِ الْمُؤَثِّرِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخُفَّيْنِ مَمْنُوعٌ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخُفَّيْنِ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ ليس دَاخِلَيْنِ تَحْتَ أَحَادِيثِ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّ الْجَوْرَبَ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْخُفِّ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا إِلَّا مُجَرَّدُ الْقِيَاسِ وَلَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بِمُجَرَّدِ الْقِيَاسِ أَلْبَتَةَ فَإِنْ قُلْتَ قَدْ أجاب الحافظ بن الْقَيِّمِ عَنْ قَوْلِ مُسْلِمٍ لَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ أَبِي قَيْسٍ وَهُزَيْلٍ فَقَالَ جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ لَا يَنْفِي الْمَسْحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِلَّا كَمَا يَنْفِي الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمَا كَانَ الْجَوَابُ عَنْ مَوَارِدِ الْإِجْمَاعِ فَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ الثَّانِي الَّذِينَ سَمِعُوا الْقُرْآنَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرَفُوا تَأْوِيلَهُ مَسَحُوا عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَهُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَمُرَادِ اللَّهِ مِنْهُ انْتَهَى قُلْتُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ مِنَ الْجَوَابِ نَظَرٌ أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى صِحَّتِهَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَرَكُوا ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَعَمِلُوا بِهَا.
وَأَمَّا الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدِيثٌ أُجْمِعَ عَلَى صِحَّتِهِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ فَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَقَالِ فَكَيْفَ يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَيُعْمَلُ بِهِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي فَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْجَوَارِبَةَ الَّتِي كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَمْسَحُونَ عَلَيْهَا كَانَتْ رَقَائِقَ بِحَيْثُ لَا تَسْتَمْسِكُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَلَا يُمْكِنُ لَهُمْ تَتَابُعُ الْمَشْيُ فِيهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ صَفِيقَةً ثَخِينَةً فَرَأَوْا أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْخِفَافِ وَأَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ أَحَادِيثِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَقَدْ عَرَفْتَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إِنَّمَا مَسَحَ الْقَوْمُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخُفِّإِلَخْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَسْحِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْجَوَارِبَةِ الَّتِي كَانُوا يَمْسَحُونَ عَلَيْهَا جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ مُطْلَقًا ثَخِينَيْنِ كَانَا أَوْ رَقِيقَيْنِ فَتَفَكَّرْ وَالرَّاجِحُ عِنْدِي أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا رقيقين ثَخِينَيْنِ فَهُمَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ بِحَيْثُ لَا يستمسكان على القدمين بلا شد ولا يمكن المشي فيهما فهما ليسا في معنى الخفين وَفِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا عِنْدِي تَأَمُّلٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ أَنَّ الْعَلَّامَةَ أَبَا الطَّيِّبِ شَمْسَ الْحَقِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدِ اخْتَارَ قَوْلَ مَنِ اشْتَرَطَ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ التَّجْلِيدَ حَيْثُ قَالَ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَذَاهِبِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَفْظُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ الْجَوْرَبَ يُتَّخَذُ مِنَ الْأَدِيمِ وَكَذَا مِنَ الصُّوفِ وَكَذَا مِنَ الْقُطْنِ وَيُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا إِنَّهُ جَوْرَبٌ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذِهِ الرُّخْصَةَ بِهَذَا الْعُمُومِ الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَيْهَا تِلْكَ الْجَمَاعَةُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بعد أن يثبت أن الجوربين الذين مَسَحَ عَلَيْهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَا مِنْ صُوفٍ سَوَاءٌ كَانَا مُنَعَّلَيْنِ أَوْ ثَخِينَيْنِ فَقَطْ وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا قَطُّ فَمِنْ أَيْنَ عُلِمَ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ غَيْرِ الْمُجَلَّدَيْنِ بَلْ يُقَالُ إِنَّ الْمَسْحَ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ الْمُجَلَّدَيْنِ لَا غَيْرَهُمَا لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْخُفِّ وَالْخُفُّ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ أَدِيمٍ نَعَمْ إِنْ كَانَ الْحَدِيثُ قَوْلِيًّا بِأَنْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْسَحُوا عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ لَكَانَ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ بِعُمُومِهِ عَلَى كُلِّ أَنْوَاعِ الْجَوْرَبِ وَإِذْ لَيْسَ فَلَيْسَ فَإِنْ قُلْتَ لَمَّا كَانَ الْجَوْرَبُ مِنَ الصُّوفِ أَيْضًا احْتَمَلَ أن الجوربين الذين مَسَحَ عَلَيْهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَا مِنْ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ إِذْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّاوِي.

قُلْتُ نَعَمْ الِاحْتِمَالُ فِي كُلِّ جَانِبٍ سَوَاءٌ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُمَا مِنْ صُوفٍ وَكَذَا مِنْ قُطْنٍ لَكِنْ تَرَجَّحَ الْجَانِبُ الْوَاحِدُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ أَدِيمٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ فِي مَعْنَى الْخُفِّ وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ قَطْعًا وَأَمَّا الْمَسْحُ عَلَى غَيْرِ الْأَدِيمِ فَثَبَتَ بِالِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي لَمْ تَطْمَئِنَّ النَّفْسُ بِهَا وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ انْتَهَى كَلَامُهُ قُلْتُ كَلَامُهُ هَذَا حَسَنٌ طَيِّبٌ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ اللَّذَيْنِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَا مُجَلَّدَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا قَطُّ فَمِنْ أَيْنَ عُلِمَ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ الْمُجَلَّدَيْنِ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْجَوْرَبَيْنِ الْمُجَلَّدَيْنِ فِي مَعْنَى الْخُفِّ فَلَا يُجْدِي نَفْعًا فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ الثَّخِينَيْنِ فَقَطْ يَقُولُونَ أَيْضًا إِنَّهُمَا لِثُخُونَتِهِمَا وَصَفَاقَتِهِمَا فِي مَعْنَى الْخُفِّ فَتَفَكَّرْ تَنْبِيهٌ قَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مُجَوِّزِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ مُطْلَقًا ثَخِينًا كَانَ أَوْ رَقِيقًا بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ بَعَثَرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمْ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا إِلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَرْدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وقال قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْعَصَائِبُ هِيَ الْعَمَائِمُ لِأَنَّ الرَّأْسَ يُعْصَبُ بِهَا وَالتَّسَاخِينُ كُلُّ مَا يَسْخُنُ بِهِ الْقَدَمُ مِنْ خُفٍّ وَجَوْرَبٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا قَالَ وَرِجَالُ هَذَا الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ مَرْضِيُّونَ انْتَهَى قُلْتُ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ رَاشِدَ بْنَ سَعْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ثَوْبَانَ قَالَ الحافظ بن أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ ص 22 أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَا كتب إلى قال قال أحمد يعني بن حَنْبَلٍ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ثوبان انتهى وقال الحافظ بن حَجَرٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَالْحَرْبِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ثَوْبَانَ.

     وَقَالَ  الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْهُ انْتَهَى عَلَى أَنَّ التَّسَاخِينَ قَدْ فَسَّرَهَا أهل اللغة بالخفاف قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فِي حَرْفِ التَّاءِ مَا لَفْظُهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى التَّسَاخِينِ هِيَ الْخِفَافُ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَقِيلَ وَاحِدُهَا تِسْخَانٌ وَتِسْخِينٌ وَتِسْخَنٌ وَالتَّاءُ فِيهَا زَائِدَةٌ وَذَكَرْنَاهَا هُنَا حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهَا قَالَ حَمْزَةُ الْأَصْفَهَانِيُّ أَمَّا التِّسْخَانُ فَتَعْرِيبُ تَشْكَن وَهُوَ اسْمُ غِطَاءٍ مِنْ أَغْطِيَةِ الرَّأْسِ كَانَ الْعُلَمَاءُ والموابذة يأخذونه على رؤوسهم خَاصَّةً وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْعَمَائِمِ وَالتَّسَاخِينِ فَقَالَ مَنْ تَعَاطَى تَفْسِيرَهُ هُوَ الْخُفُّ حَيْثُ لَمْ يَعْرِفْ فَارِسِيَّتَهُ انْتَهَى وَقَالَ فِي حَرْفِ السِّينِ إِنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْمَشَاوِذِ وَالتَّسَاخِينِ التَّسَاخِينُ الْخِفَافُ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَقِيلَ وَاحِدُهَا تِسْخَانٌ وَتِسْخِينٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ.

     وَقَالَ  حَمْزَةُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمُوَازَنَةِ التِّسْخَانُ تَعْرِيبُ تَشْكَن إِلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي حَرْفِ التَّاءِ وَكَذَا فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ التَّسَاخِينَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ هِيَ الْخِفَافُ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ مُطْلَقًا ثَخِينَيْنِ كَانَا أَوْ رَقِيقَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ التَّسَاخِينَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ هِيَ كُلُّ مَا يُسْخَنُ بِهِ الْقَدَمُ مِنْ خُفٍّ وَجَوْرَبٍ وَنَحْوِهِمَا فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ التِّسْخَانُ تَعْرِيبُ تَشْكَن وَهُوَ اسْمُ غِطَاءٍ مِنْ أَغْطِيَةِ الرَّأْسِ كَمَا عَرَفْتَ وَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ لِلسَّيُوطِيِّ قَالَ حَمْزَةُ التِّسْخَانُ مُعَرَّبُ تَشْكَن وَهُوَ اسْمُ غِطَاءٍ مِنْ أَغْطِيَةِ الرَّأْسِ كَانَ الْعُلَمَاءُ وَالْقُضَاةُ يأخذونه على رؤوسهم خَاصَّةً وَوَهَمَ مَنْ فَسَّرَهُ بِالْخُفِّ انْتَهَى فَحَصَلَ لِلتَّسَاخِينِ ثَلَاثَةُ تَفَاسِيرَ الْأَوَّلُ إِنَّهَا هِيَ الْخِفَافُ وَالثَّانِي إِنَّهَا هِيَ كُلُّ مَا يُسْخَنُ بِهِ القدم الثالث إِنَّهَا هِيَ تَعْرِيبُ تَشْكَن وَهُوَ اسْمُ غِطَاءٍ مِنْ أَغْطِيَةِ الرَّأْسِ فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ الْمُرَادَ بهافِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ الْمَذْكُورِ كُلُّ مَا يُسْخَنُ بِهِ الْقَدَمُ دُونَ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ بَيَانُ الدَّلِيلِ الصَّحِيحِ وَدُونَهُ خَرْطُ الْقَتَادِ تَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَ الحافظ بن تَيْمِيَّةَ فِي فَتَاوَاهُ مَا لَفْظُهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَ يَمْشِي فِيهِمَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُجَلَّدَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فَفِي السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ إِنَّمَا هُوَ كَوْنُ هَذَا مِنْ صُوفٍ وَهَذَا مِنْ جُلُودٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفَرْقِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الشَّرِيعَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جُلُودًا أَوْ قُطْنًا أَوْ كَتَّانًا أَوْ صُوفًا كَمَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ سَوَادِ اللِّبَاسِ فِي الْإِحْرَامِ وَبَيَاضِهِ وَغَايَتُهُ أَنَّ الْجِلْدَ أَبْقَى مِنَ الصُّوفِ وَهَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ كَمَا لَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الْجِلْدِ قَوِيًّا بَلْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى مَا يَبْقَى وَمَا لَا يَبْقَى وَأَيْضًا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا كَالْحَاجَةِ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ وَمَعَ التَّسَاوِي فِي الْحِكْمَةِ وَالْحَاجَةِ يَكُونُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَهَذَا خِلَافُ الْعَدْلِ وَالِاعْتِبَارِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ كُتُبَهُ وَأَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ انْتَهَى كَلَامُهُ قُلْتُ كَلَامُ الْحَافِظِ بن تَيْمِيَّةَ هَذَا لَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا اخْتَرْنَا مِنْ أَنَّ الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ صَفِيقَيْنِ يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَيَّدَ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِقَوْلِهِ إِذَا كَانَ يَمْشِي فِيهِمَا وَظَاهِرٌ أَنَّ تَتَابُعَ الْمَشْيِ فِيهِمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِمَا إِلَّا إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَمَعَ التَّسَاوِي فِي الْحِكْمَةِ وَالْحَاجَةِ يَكُونُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إِذَا كَانَ الْجَوْرَبَانِ ثَخِينَيْنِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِمَا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِمَا فَلَا كَمَا عَرَفْتَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَقِيَاسُ الْجَوْرَبَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ74 - ( باب ما جاء في المسح على الجوربين والْعِمَامَةِ) فِي نُسْخَةٍ قَلَمِيَّةٍ عَتِيقَةٍ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَلَيْسَ فِيهَا لَفْظُ الْجَوْرَبَيْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ