فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب منه أيضا

رقم الحديث 959 [959] قوله ( عن بن عُبَيْدِ) بِالتَّصْغِيرِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( بْنِ عُمَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ أَيْضًا ( عَنْ أَبِيهِ) عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ يُكَنَّى أَبَا عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ الْحِجَازِيِّ قَاضِي أَهْلِ مَكَّةَ وُلِدَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُقَالُ رَآهُ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي كِبَارِ التَّابِعِينَ مَاتَ قبل بن عمر رضي الله عنه قوله ( أن بن عُمَرَ كَانَ يُزَاحِمُ) أَيْ يُغَالِبُ النَّاسَ ( عَلَى الرُّكْنَيْنِ) أَيْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِي ( زِحَامًا) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ زِحَامًا عَظِيمًا وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي جَمِيعِ الْأَشْوَاطِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فَإِنَّهُمَا آكَدُ أَحْوَالِهَا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَلَا أُحِبُّ الزِّحَامَ فِي الِاسْتِلَامِ إِلَّا فِي بَدْءِ الطَّوَافِ وَآخِرِهِ لَكِنَّ الْمُرَادَ ازْدِحَامٌ لَا يَحْصُلُ فِيهِ أَذًى لِلْأَنَامِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعُمَرَ إِنَّك رَجُلٌ قَوِيٌّ لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ وَهَلِّلْ وَكَبِّرْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ( يُزَاحِمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وقَدْ جَاءَ أَنَّهُ رُبَّمَا دَمِيَ أَنْفُهُ مِنْ شِدَّةِ تَزَاحُمِهِ وَكَأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَذَى فَالِاقْتِدَاءُ بِفِعْلِهِمْ سِيَّمَا هَذَا الزَّمَانُ أولى قاله القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قُلْتُ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ رَأَيْتُ بن عُمَرَ يُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنِ حَتَّى يَدْمَى ومِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هَوَتْ الْأَفْئِدَةُ إِلَيْهِ فَأُرِيدُ أَنْ يَكُونَ فُؤَادِي مَعَهُمْ ورَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ كَرَاهَةَ الْمُزَاحِمَةِ.

     وَقَالَ  لَا يُؤْذِي كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي ( إِنْ أَفْعَلْ) أَيْ هَذَا الزِّحَامَ فَلَا أُلَامُ فَإِنْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَزَاءُ مُقَدَّرٌ وَدَلِيلُ الْجَوَابِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الخ قاله القارىء وقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي اللُّمَعَاتِ أَيْ إِنْ أُزَاحِمْ فَلَا تُنْكِرُوا عَلَيَّ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في فَضْلِ اسْتِلَامِهِمَا فَإِنِّي لَا أُطِيقُ الصَّبْرَ عَنْهُ( وَسَمِعْتُهُ) أَيْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا ( سُبُوعًا) كَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ بِلَا أَلِفٍ وَوَقَعَ فِي الْمِشْكَاةِ أُسْبُوعًا بِالْأَلِفِ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ طَافَ أُسْبُوعًا أَيْ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَالْأُسْبُوعُ الْأَيَّامُ السَّبْعَةُ وَسُبُوعٌ بِلَا ألف لغة انتهى وقال القارىء أَيْ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ ( فَأَحْصَاهُ) قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ بِزِيَادَةٍ أو نقص وقال القارىء بِأَنْ يُكْمِلَهُ وَيُرَاعِيَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الطَّوَافِ من الشروط والآداب ( لايضع) أَيْ الطَّائِفُ ( إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا) أَيْ إِلَّا وَضَعَ اللَّهُ وَمَحَا عَنِ الطَّائِفِ بكل قدم 09 - باب

رقم الحديث 960 [96] .

     قَوْلُهُ  ( الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ) احْتِرَازٌ مِنْ الطَّوَافِ بين الصفا والمروة ( مثل الصلاة) بالرفع عَلَى الْخَبَرِيَّةِ وَجُوِّزَ النَّصْبُ أَيْ نَحْوَهَا ( إِلَّا أن تتكلمون فيه) أي في الطواف قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ تَعْتَادُونَ الْكَلَامَ فِيهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ مِثْلُهَا فِي كُلِّ مُعْتَبَرٍ فِيهَا وُجُودًا وَعَدَمًا إِلَّا التَّكَلُّمَ يَعْنِي وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْمُنَافِيَاتِ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَإِمَّا مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ رُخِّصَ لَكُمْ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْعُدُولِ عَنْ قَوْلِهِ إِلَّا الْكَلَامَ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ لَا تَخْفَى ويُعْلَمُ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَدَمُ شَرْطِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ وَلَيْسَ لِأَصْلِ الطَّوَافِ وَقْتٌ مَشْرُوطٌ وَبَقِيَ بَقِيَّةُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنَ الطَّهَارَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَالْحَقِيقِيَّةِ وَسِتْرِ الْعَوْرَةِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَالصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتٌ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مِثْلِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ مِنَ الْآحَادِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ مَعَ الِاتِّفَاقِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنِ النَّجَاسَةِ الَّتِي بالمطافإذ شَقَّ اجْتِنَابُهَا لِأَنَّ فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَزَمَنِ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ تَزَلْ فِيهِ نَجَاسَةُ زَرْقِ الطُّيُورِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَحَدٌ مِنَ الطَّوَافِ بِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَلَا أَمَرَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ بِتَطْهِيرِ مَا هُنَالِكَ ( فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِفَادَةِ عِلْمٍ وَاسْتِفَادَتِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُشَوِّشُ عَلَى الطَّائِفِينَ قوله ( وقد روى عن بن طاوس وغيره عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ رواه الترمذي والحاكم والدارقطنى من حديث بن عباس وصححه بن السكن وبن خزيمة وبن حِبَّانَ وقَالَ التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَلَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ وَمَدَارُهُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَرَجَّحَ الْمَوْقُوفَ النسائي والبيهقي وبن الصلاح والمنذري والنووي وزاذ أَنَّ رِوَايَةَ الرَّفْعِ ضَعِيفَةٌ وَفِي إِطْلَاقِ ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ صَدُوقٌ وَإِذَا رُوِيَ عَنْهُ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا تَارَةً وَمَوْقُوفًا أُخْرَى فَالْحُكْمُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ لِلرَّفْعِ وَالنَّوَوِيُّ مِمَّنْ يَعْتَمِدُ ذَلِكَ وَيُكْثِرُ مِنْهُ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى تَعْلِيلِ الْحَدِيثِ بِهِ إِذَا كَانَ الرَّافِعُ ثِقَةً فَيَجِيءُ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ صَحِيحٌ فَإِنِ اعْتُلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ اخْتَلَطَ وَلَا تُقْبَلُ إِلَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ قبل اختلاطه وأجيب بِأَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ وَالثَّوْرِيُّ مِمَّنْ سَمِعَ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ كَانَ الثَّوْرِيُّ قَدْ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ فَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ تُقَدَّمُ رِوَايَةُ الرَّفْعِ أَيْضًا والْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ مَوْقُوفٌ وَوَهِمَ عَلَيْهِ مَنْ رَفَعَهُ وقَدْ بَسَطَ الْحَافِظُ الكلام ها هنا مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى التَّلْخِيصِ ص 74 1 - باب

رقم الحديث 961 [961] قوله ( أخبرنا جرير) هو بن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ قُرْطٍ الضَّبِّيُّ ثِقَةٌ ( عَنِ بن خُثَيْمٍ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مُصَغَّرًا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ القارىء الْمَكِّيُّ أَبُو عُثْمَانَ ثِقَةٌ.

     قَوْلُهُ  ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجَرِ) أَيْ فِي شَأْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَوَصْفِهِ ( لَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ) أَيْ لَيُظْهِرَنَّهُ ( لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا) فَيَعْرِفُ مَنَ اسْتَلَمَهُ ( يَشْهَدُ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ عَلَى هذا بمعنى اللام وفي رواية أحمد والدارمي وبن حِبَّانَ يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَلَمَهُ قَالَ وَالْبَاءُ فِي بحق يحتمل تعلقها بيشهد أو باستلمه كَذَا فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي وقَالَ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعَاتِ كَلِمَةُ عَلَى بِاعْتِبَارِ تَضْمِينِ مَعْنَى الرَّقِيبِ والحفيظ وقوله بحق متعلق باستلمه أَيْ اسْتَلَمَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بيشهد وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إِيجَادِ الْبَصَرِ وَالنُّطْقِ فِي الْجَمَادَاتِ فَإِنَّ الْأَجْسَامَ مُتَشَابِهَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ يَقْبَلُ كُلٌّ منها ما يقبل الاخر من الأعراض ويأوله الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغُ التَّفَلْسُفِ وَيَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ تَحْقِيقِ ثَوَابِ الْمُسْتَلِمِ وَإِنَّ سَعْيَهُ لَا يَضِيعُ وَالْعَجَبُ مِنَ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْأَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُرَادَ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ حَمْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا عَجِبَ فَإِنَّهُ مَجْبُولٌ عَلَى التَّفَلْسُفِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَشَرْحِ الْأَحَادِيثِ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وأخرجه بن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي صحيح بن خزيمة عن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِنَّ لِهَذَا الْحَجَرِ لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ يَشْهَدَانِ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَقٍّ وَصَحَّحَهُ أيضا بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَيْضًا انْتَهَى ولَوْ أَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ فَضْلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَكَانَ أَحْسَنَ