فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور

رقم الحديث 3 [3] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَقُتَيْبَةُ) تَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُمَا ( وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ) الْعَدَوِيُّ مَوْلَاهُمْ الْمَرْوَزِيُّ أَبُو أَحْمَدَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْأَثَرِ حَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَالْفَضْلِ بْنِ مُوسَى السِّينَانِيِّ وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَأَبِي عَوَانَةَ وَوَكِيعٍ وَخَلْقٍ وَعَنْهُ الْجَمَاعَةُ سِوَى أَبِي دَاوُدَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَعْرَفُ بِالْحَدِيثِ صَاحِبُ سُنَّةٍ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ كَذَا فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ تُوُفِّيَ سَنَةَ 239 تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ ( قَالُوا نَا وَكِيعٌ) تَقَدَّمَ ( عَنْ سُفْيَانَ) هُوَ الثَّوْرِيُّ وَهُوَ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ فَقِيهٌ عَابِدٌ إِمَامٌ حُجَّةٌ مِنْ رؤوس الطَّبَقَةِ السَّابِعَةِ وَكَانَ رُبَّمَا دَلَّسَ مَاتَ سَنَةَ 161 إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ 77 سَبْعٍ وَسَبْعِينَ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَالْخُلَاصَةِ.

قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي طَبَقَاتِ الْمُدَلِّسِينَ وَهُمْ أَيْ الْمُدَلِّسُونَ عَلَى مَرَاتِبَ الْأُولَى مَنْ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ إِلَّا نَادِرًا كَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ الثَّانِيَةُ مَنْ اِحْتَمَلَ الْأَئِمَّةُ تَدْلِيسَهُ وَأَخْرَجُوا لَهُ فِي الصَّحِيحِ لِإِمَامَتِهِ وَقِلَّةِ تَدْلِيسِهِ فِي جَنْبِ مَا رَوَى كَالثَّوْرِيِّ أَوْ كَانَ لَا يُدَلِّسُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ كَابْنِ عُيَيْنَةَ انْتَهَى ( وثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) لَقَبُهُ بُنْدَارٌ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ النُّونِ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ بُنْدَارٌ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ النَّسَّاجُ كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ الْبَصْرَةِ مُتْقِنًا مُجَوِّدًا لَمْ يَرْحَلْ بِرًّا بِأُمِّهِ ثُمَّ اِرْتَحَلَ بَعْدَهَا سَمِعَ مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَغُنْدُرًا وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَطَبَقَتَهُمْ حَدَّثَ عَنْه الْجَمَاعَةُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ.

     وَقَالَ  الْعِجْلِيُّ ثِقَةٌ كثير الحديث حائك قال بن خُزَيْمَةَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ لَهُ حَدَّثَنَا إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي الْعِلْمِ وَالْأَخْبَارِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ الذَّهَبِيُّ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ ضَعَّفَهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 252 اِثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْخَزْرَجِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيُّ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدُ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِبُنْدَارٍ انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ ( نا عبد الرحمن) بن مَهْدِيِّ بْنِ حَسَّانٍ الْأَزْدِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ اللُّؤْلُؤِيُّ الْحَافِظُ الْعِلْمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ وَعِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ وَشُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وخلق وعنه بن المبارك وبن وهب أكبر منه وأحمد وبن معين قال بن المديني أعلم الناس بالحديث بن مَهْدِيٍّ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ إِمَامٌ ثِقَةٌ أَثْبَتُ مِنْ الْقَطَّانِ وَأَتْقَنُ مِنْ وَكِيعٍ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ إذا حدث بن مَهْدِيٍّ عَنْ رَجُلٍ فَهُوَ حُجَّةٌ.

     وَقَالَ  الْقَوَارِيرِيُّ أملى علينا بن مهدي عشرين ألفا من حفظه قال بن سَعْدٍ مَاتَ سَنَةَ 891 ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ بِالْبَصْرَةِ عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَكَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ) بفتح العين بن أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ أبيه وخاله محمد بن الحنفية وعنه بن عَجْلَانَ وَالسُّفْيَانَانِ وَسَيَجِيءُ كَلَامُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ ( عن محمد بن الْحَنَفِيَّةِ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أُمُّهُ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الْحَنَفِيَّةُ نُسِبَ إِلَيْهَا رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ بَنُوهُ إِبْرَاهِيمُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَخَلْقٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَكْثَرَ وَلَا أَصَحَّ مِمَّا أَسْنَدَ مُحَمَّدُ بن الْحَنَفِيَّةِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

     وَقَالَ  فِي التَّقْرِيبِ ثِقَةٌ عَالِمٌ مِنْ الثَّانِيَةِ مَاتَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ .

     قَوْلُهُ  مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ بِالضَّمِّ وَيُفْتَحُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الطهور مفتاحا مجاز لِأَنَّ الْحَدَثَ مَانِعٌ مِنْ الصَّلَاةِ فَالْحَدَثُ كَالْقُفْلِ مَوْضُوعٌ عَلَى الْمُحْدِثِ حَتَّى إِذَا تَوَضَّأَ اِنْحَلَّ الْغَلْقُ وَهَذِهِ اِسْتِعَارَةٌ بَدِيعَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا النُّبُوَّةُ وَكَذَلِكَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ مُغْلَقَةٌ يَفْتَحُهَا الطَّاعَاتُ وَرُكْنُ الطَّاعَاتِ الصلاة قاله بن الْعَرَبِيِّ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ قَالَ الْمُظْهِرِيُّ سَمَّى الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ تَحْرِيمًا لِأَنَّهُ يُحَرِّمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَغَيْرَهُمَا عَلَى الْمُصَلِّي فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ مُقَارِنًا بِهِ النِّيَّةَ انْتَهَى قال القارىء وَهُوَ رُكْنٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَشَرْطٌ عِنْدَنَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِالتَّكْبِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ وَفِي قَوْلِهِ تعالى وربك فكبر هُوَ التَّعْظِيمُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ خُصُوصِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَفَادَهُ التَّعْظِيمُ وَالثَّابِتُ بِبَعْضِ الْأَخْبَارِ اللَّفْظُ الْمَخْصُوصُ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ حَتَّى يُكْرَهَ لِمَنْ يُحْسِنُهُ تَرْكُهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْقِرَاءَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَفِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ التعديل كذا في الكافي قال بن الْهُمَامِ وَهَذَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ ظَاهِرًا وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُوَاظَبَةِ الَّتِي لَمْ تَقْتَرِنْ بِتَرْكٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى هَذَا انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ قال بن الْعَرَبِيِّ .

     قَوْلُهُ  تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ خِلَافًا لِسَعِيدٍ وَالزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ إِنَّ الْإِحْرَامَ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَقَولُهُ التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي اِخْتِصَاصَ إِحْرَامِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ صِفَاتِ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَلَالِهِ وَهُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وذكر اسم ربه فصلى فَخَصَّ التَّكْبِيرَ بِالسُّنَّةِ مِنْ الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ فِي الْقُرْآنِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ اِتَّصَلَ فِي ذَلِكَ فِعْلُهُ بِقَوْلِهِ فَكَانَ يُكَبِّرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ يجوز بكل لفظ فيه تعظيم الله تعالى لِعُمُومِ الْقُرْآنِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ ضَعِيفٌ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بِقَوْلِكَ اللَّهُ الْأَكْبَرُ.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ بِقَوْلِكَ اللَّهُ الْكَبِيرُ أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ زِيَادَةٌ لَمْ تُخِلَّ بِاللَّفْظِ وَلَا بِالْمَعْنَى.
وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَتَعَلَّقَ بِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ التَّكْبِيرُ قُلْنَا لِأَبِي يُوسُفَ إِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ اللَّفْظِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْفِعْلُ فَفَسَّرَ الْمُطْلَقَ فِي الْقَوْلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي الْعِبَارَاتِ الَّتِي يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا التَّعْلِيلُ وَبِهَذَا يَرُدُّ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فَإِنَّ الْعِبَادَاتِ إِنَّمَا تُفْعَلُ عَلَى الرَّسْمِ الْوَارِدِ دُونَ نَظَرٍ إِلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَعْنَى قَالَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا .

     قَوْلُهُ  تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي اِخْتِصَاصَ التَّكْبِيرِ بِالصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الَّذِي هُوَ بَابٌ شَأْنُهُ التَّعْرِيفُ كَالْإِضَافَةِ وَحَقِيقَةُ الْأَلِفِ وَاللَّامِإِيجَابُ الْحُكْمِ لِمَا ذُكِرَ وَنَفْيُهُ عَمَّا لَمْ يُذْكَرْ وَسَلْبُهُ عَنْهُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الْحَصْرُ قَالَ وَقَولُهُ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ مِثْلُهُ فِي حَصْرِ الْخُرُوجِ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى التَّسْلِيمِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ الْمُنَاقِضَةِ لِلصَّلَاةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ يَرَى الْخُرُوجَ مِنْهَا بِكُلِّ فِعْلٍ وَقَوْلٍ يُضَادُّ كَالْحَدَثِ وَنَحْوِهِ حَمْلًا عَلَى السَّلَامِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ وَهَذَا يَقْتَضِي إِبْطَالَ الْحَصْرِ انتهى كلام بن العربي ملخصا قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ في الصلاة بقوله إذا أقيمت الصلاة فكبر وَقَولُهُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَقَولُهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صلاة أحدكم حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر وهي نصوص فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَرُدَّتْ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ تعالى وذكر اسم ربه فصلى انْتَهَى وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ التَّحْلِيلُ جَعْلُ الشَّيْءِ الْمُحَرَّمِ حلال وَسُمِّيَ التَّسْلِيمُ بِهِ لِتَحْلِيلِ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمُصَلِّي لِخُرُوجِهِ عَنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ وَاجِبٌ قال بن الْمَلَكِ إِضَافَةُ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ إِلَى الصَّلَاةِ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ أَيْ سَبَبِ كَوْنِ الصَّلَاةِ مُحَرَّمَةً مَا لَيْسَ مِنْهَا التَّكْبِيرُ وَمُحَلَّلَةً التَّسْلِيمُ أَيْ إِنَّهَا صَارَتْ بِهِمَا كَذَلِكَ فَهُمَا مَصْدَرَانِ مُضَافَانِ إِلَى الْفَاعِلِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ.

     وَقَالَ  الحافظ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ كَأَنَّ الْمُصَلِّيَ بِالتَّكْبِيرِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ صَارَ مَمْنُوعًا مِنْ الْكَلَامِ وَالْأَفْعَالِ الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالِهَا فَقِيلَ لِلتَّكْبِيرِ تَحْرِيمٌ لِمَنْعِهِ الْمُصَلِّي مِنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا سُمِّيَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ أَيْ الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ.

     وَقَالَ  .

     قَوْلُهُ  تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ أَيْ صَارَ الْمُصَلِّي بِالتَّسْلِيمِ يَحِلُّ لَهُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ الْكَلَامِ وَالْأَفْعَالِ الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالِهَا كَمَا يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ انْتَهَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ وَإِحْرَامُهَا التَّكْبِيرُ وَإِحْلَالُهَا التَّسْلِيمُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا الْحَدِيثُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ) هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيَّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وبن السكن من حديث عبد اللهبن محمد بن عقيلة عن بن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الْبَزَّارُ لَا يُعْلَمُ عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

     وَقَالَ  أبو نعيم تفرد به بن عقيل عن بن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ.

     وَقَالَ  الْعَقِيلِيُّ فِي إِسْنَادِهِ لِينٌ وَهُوَ أَصْلَحُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ انْتَهَى ( وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ هُوَ صَدُوقٌ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُأَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ) قَالَ أَبُو حاتم وغيره لين الحديث وقال بن خزيمة لا يحتج به وقال بن حِبَّانَ رَدِيءُ الْحِفْظِ يَجِيءُ بِالْحَدِيثِ عَلَى غَيْرِ سُنَنِهِ فَوَجَبَتْ مُجَانَبَةُ أَخْبَارِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ.

     وَقَالَ  أَبُو زُرْعَةَ يُخْتَلَفُ عَنْهُ فِي الْأَسَانِيدِ.

     وَقَالَ  الْفَسَوِيُّ فِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ وَهُوَ صَدُوقٌ كَذَا فِي الْمِيزَانِ ( وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ) يَعْنِي الْبُخَارِيَّ ( يَقُولُ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَالْحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ) هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْدِيلِ وَتَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ الْجَارِحِينَ وَالْمُعَدِّلِينَ حَدِيثُهُ فِي مَرْتَبَةِ الْحَسَنِ انْتَهَى فَالرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ الْمَذْكُورَ حَسَنٌ يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى كُلُّهَا يَشْهَدُ لَهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ) أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَرْمٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ وَأَبُو يحيى القتات ضعيف وقال بن عدي أحاديثه عندي حسان وقال بن الْعَرَبِيِّ حَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ كَذَا قَالَ وَقَدْ عَكَسَ ذَلِكَ الْعَقِيلِيُّ وَهُوَ أَقْعَدُ مِنْهُ بِهَذَا الْفَنِّ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو سُفْيَانَ طَرِيفٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ عَلِيٍّ أَجْوَدُ إِسْنَادًا مِنْ هَذَا كَذَا فِي التَّلْخِيصِ قُلْتُ قَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ وَتَحْلِيلِهَا.

     وَقَالَ  بَعْدَ إِخْرَاجِهِ حَدِيثُ عَلِيِّ بن أبي طالب أَجْوَدُ إِسْنَادًا وَأَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ انْتَهَى وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زيد وبن عباس وغيرهما ذكر أحاديثهم الحافظ بن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ وَالْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الراية

رقم الحديث 5 [5] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَهَنَّادٌ قَالَا نَا وَكِيعٌ) تَقَدَّمَ تَرَاجِمُ هَؤُلَاءِ ( عَنْ شُعْبَةَ) بن الْحَجَّاجِ بْنِ الْوَرْدِ الْعَتْكِيِّ مَوْلَاهُمْ أَبُو بِسِطَامٍ الْوَاسِطِيُّ ثُمَّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ مُتْقِنٌ كَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَّشَ بِالْعِرَاقِ عَنْ الرِّجَالِ وَذَبَّ عَنْ السُّنَّةِ وَكَانَ عَابِدًا كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَانَ شُعْبَةُ أُمَّةً وَحْدَهُ فِي هَذَا الشَّأْنِ يَعْنِي فِي الرِّجَالِ وَبَصَرهُ بِالْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ لَوْلَا شُعْبَةُ لَمَا عُرِفَ الْحَدِيثُ بِالْعِرَاقِ وُلِدَ شُعْبَةُ سَنَةَ 28 ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمَاتَ سَنَةَ 61 سِتِّينَ وَمِائَةٍ كَذَا فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ ( عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ) الْبُنَانِيِّ بُنَانَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ مَوْلَاهُمْ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَشَهْرٍ وَعَنْهُ شعبة والحمادان وثقه أحمد قال بن قَانِعٍ مَاتَ سَنَةَ 31 ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ( عَنْ أَنَسِ بن مالك) بن النَّضْرِ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ مَاتَ سَنَةَ 29 39 اِثْنَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَقَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ) أَيْ مَوْضِعَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَبْيِينَ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ أَيْ كَانَ يَقُولُ هَذَا الذِّكْرَ عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّخُولِ لَا بعده قال الحافظ في الفتح الكلام ها هنا فِي مَقَامَيْنِ الْأَوَّلُ هَلْ يَخْتَصُّ هَذَا الذِّكْرُ بِالْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَحْضُرُهَا الشَّيَاطِينُ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي السُّنَنِ أَوْ يَشْمَلُ حَتَّى لَوْ بَالَ فِي إِنَاءٍ مَثَلًا فِي جَانِبِ الْبَيْتِ الْأَصَحُّ الثَّانِي مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ الْمَقَامُ الثَّانِي مَتَى يَقُولُ ذَلِكَ فَمَنْ يَكْرَهُ ذِكْرَ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُفَصّلُ أَمَّا فِي الْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ فَيَقُولُ قُبَيْلَ دُخُولِهَا.
وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَقُولُهُ فِي أَوَّلِ الشُّرُوعِ كَتَشْمِيرِ ثِيَابِهِ مَثَلًا وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَالُوا فِي مَنْ نَسِيَ يَسْتَعِيذُ بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ وَمَنْ يُجِيزُ مُطْلَقًا لَا يَحْتَاجُ إِلَىتَفْصِيلٍ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قُلْتُ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ المنصور هوما ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ ( قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بك) أي ألوذ والتجيء قال بن الْأَثِيرِ عُذْتُ بِهِ عَوْذًا وَمَعَاذًا أَيْ لَجَأْتُ إليه والمعاذ المصدر والمكان الزمان ( قَالَ شُعْبَةُ وَقَدْ قَالَ) أَيْ عَبْدُ الْعَزِيزِ ( مَرَّةً أُخْرَى أَعُوذُ بِاللَّهِ) أَيْ مَكَانَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ يَعْنِي قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَرَّةً اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ.

     وَقَالَ  مَرَّةً أُخْرَى أَعُوذُ بِاللَّهِ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ القارىء وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ وَهْبٍ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ وَهُوَ يَشْمَلُ كُلَّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ قَوْلِهِ أَعُوذُ بِكَ أَسْتَعِيذُ بِكَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ انْتَهَى.

قُلْتُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَنْوَاعِ الِاسْتِعَاذَةِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ ثَبَتَ زِيَادَةُ بِسْمِ اللَّهِ مَعَ التَّعَوُّذِ فَرَوَى الْعُمَرِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ بِلَفْظِ إِذَا دَخَلْتُمْ الْخَلَاءَ فَقُولُوا بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ( مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبِيثِ أَوْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبِيثِ أَوْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ هَكَذَا عَلَى الشَّكِّ الْأَوَّلُ بِالْإِسْكَانِ مَعَ الْإِفْرَادِ وَالثَّانِي بِالتَّحْرِيكِ مَعَ الْجَمْعِ أَيْ مِنْ الشَّيْءِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْ الشَّيْءِ الْمَذْمُومِ أَوْ مِنْ ذُكْرَانِ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثِهِمْ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قُلْتُ وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَعَامَّةِ الرِّوَايَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ قَالَ الْحَافِظُ تَحْتَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْخُبُثُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كَذَا فِي الرِّوَايَةِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إِسْكَانُ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِمَّا جَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَكُتْبٍ وَكُتُبٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّ الْبَاءَ هُنَا سَاكِنَةٌ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ تَرْكَ التَّخْفِيفِ أَوْلَى لِئَلَّا يُشَبَّهُ بِالْمَصْدَرِ وَالْخُبُثِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ يريد ذكر أن الشياطين وإناثهم قاله الخطابي وبن حبان وغيرهما ووقع في نسخة بن عَسَاكِرَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيْ الْبُخَارِيُّ وَيُقَالُ الْخُبْثُ أَيْ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُخَفَّفَةً عَنْ الْمُحَرَّكَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ وَإِنْ كانت بمعنى المفرد فمعناه كما قال بن الْأَعْرَابِيِّ الْمَكْرُوهُ قَالَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْكَلَامِ فَهُوَ الشَّتْمُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِلَلِ فَهُوَ الْكُفْرُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الطَّعَامِ فَهُوَ الْحَرَامُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّرَابِ فَهُوَ الضَّارُّ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْخَبَائِثِ الْمَعَاصِي أَوْ مُطْلَقُ الْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَةِ لِيَحْصُلَ التَّنَاسُبُ وَلِهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الترمذي وغيره إلى آخر ما نقلت عباراته آنِفًا .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وجابر وبن مسعود) أما حديث علي فأخرجه الترمذيوبن مَاجَهْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَأَخْرَجَهُ أبو داود وبن مَاجَهْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وأما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُعْجَمِهِ قَالَ الْعَيْنِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْغَائِطَ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ .

     قَوْلُهُ  ( وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا .

     قَوْلُهُ  ( وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي إِسْنَادِهِ اِضْطِرَابٌ) يَعْنِي رَوَى بَعْضُ رُوَاتِهِ عَلَى وَجْهٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لَهُ ( رَوَى هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ إِلَخْ) هَذَا بَيَانُ الِاضْطِرَابِ وَالدَّسْتُوَائِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى دَسْتُوَاءَ بِفَتْحِ الدَّالِ كُورَةٍ مِنْ الْأَهْوَازِ أَوْ قَرْيَةٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَتَوْضِيحُ الِاضْطِرَابِ عَلَى مَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ لِلْعَلَّامَةِ أَبِي الطَّيِّبِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ أَنَّ هِشَامًا وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ وَشُعْبَةَ وَمَعْمَرًا كُلَّهُمْ يَرْوُونَ عَنْ قَتَادَةَ عَلَى اِخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَبَيْنَ قَتَادَةَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَاسِطَةُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ وَلَيْسَتْ هِيَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ وَرَوَى شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ثُمَّ اِخْتَلَفَ فَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ فَالِاضْطِرَابُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ فِي شَيْخِ قَتَادَةَ فَفِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ أَنَّ قَتَادَةَ يَرْوِيهِ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ أَنَّهُ يَرْوِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ أَنَّهُ يَرْوِيهِ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالثَّانِي فِي شَيْخِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ فَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّضْرَ يَرْوِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ أَنَّهُ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ انْتَهَى مَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ ( قَالَ أَبُو عِيسَى سَأَلْتُ مُحَمَّدًا) يَعْنِيالْبُخَارِيَّ ( عَنْ هَذَا) أَيْ عَنْ هَذَا الِاضْطِرَابِ ( فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَتَادَةُ رَوَى عَنْهُمَا جَمِيعًا) قَالَ الْعَلَّامَةُ أَبُو الطَّيِّبِ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ أَيْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَتَادَةُ سَمِعَ مِنْ الْقَاسِمِ وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَأَخْطَأَ مَنْ أَرْجَعَ الضَّمِيرَ مِنْ مُحَشِّي التِّرْمِذِيِّ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ انْتَهَى قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ إِرْجَاعُ ضَمِيرِ عَنْهُمَا إِلَى الْقَاسِمِ وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هُوَ الْحَقُّ.
وَأَمَّا إِرْجَاعُهُ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ فخطأ قال العلامة العيني في عمدة القارىء شَرْحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي إِسْنَادِهِ اِضْطِرَابٌ وَأَشَارَ إِلَى اِخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِيهِ وَسَأَلَ التِّرْمِذِيُّ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَقَالَ لَعَلَّ قَتَادَةَ سَمِعَهُ مِنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ انْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ هَكَذَا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلخ قَالَ السُّيُوطِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ إِلَخْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ هكذا رواه معمر عن قتادة وبن عُلَيَّةَ وَأَبُو الْجُمَاهِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَجَمَاعَةٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ أَبُو عِيسَى.

قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ أَيُّ الرِّوَايَاتِ عِنْدَكُمْ أَصَحُّ فَقَالَ لَعَلَّ قَتَادَةَ سَمِعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَلَمْ يَقْضِ فِي هَذَا بِشَيْءٍ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ وَقِيلَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ وَهْمٌ انْتَهَى فَثَبَتَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ إِرْجَاعَ ضَمِيرٍ عَنْهُمَا إِلَى الْقَاسِمِ وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْعَيْنِيِّ لَعَلَّ قَتَادَةَ سَمِعَهُ مِنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ لَعَلَّ قَتَادَةَ سَمِعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ لَفْظَ عَنْ أَنَسٍ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْعَيْنِيِّ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ فَتَأَمَّلْ فَإِنْ قُلْتَ لَا يَنْدَفِعُ الِاضْطِرَابُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَتَادَةُ رَوَى عَنْهُمَا جَمِيعًا قُلْتُ نَعَمْ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ قَتَادَةَ رَوَى عَنْهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَرَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مِنْغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ فَوَهْمٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ